تصريحات السيد يونادم كنا الأستفزازية ضد الكلدان هل توحّد صفوف شعبنا المسيحي؟

habeebtomi@yahoo.no
نحن الكلدان مع الأثوريين والسريان والأرمن شعب مسيحي واحد ، ومع مكونات الشعب العراقي الآخرين الأثنية والعرقية والدينية نشكل الشعب العراقي الذي ينتمي الى الأمة العراقية . إن العراق الذي عرف باسم بلاد الرافدين او بلاد ما بين النهرين دجلة والفرات شكل ، منذ القدم ، نقطة انجذاب للاقوام ، لما فيه من مياه وافرة ومن خيرات كثيرة ، إن هذه العوامل وعوامل اخرى قد جعل من هذه البلاد مكاناً لاستقرار وتعايش اثنيات واعراق كثيرة ، وكما هي عليه اليوم الولايات المتحدة الأمريكية ، لكن الفرق ان شعوب الولايات المتحدة تتعايش تحت نظام ديمقراطي ودستور يضمن حقوق تلك الشعوب ، ونحن في العراق نعيش في غابة فيها الحقوق مضمونة للاقوياء فحسب .
 نحن الكلدان نفتخر دائماً بانتمائنا العراقي ، لكن مقابل ذلك فإنه الشعب الوحيد الذي سلبت حقوقه في وطنه العراقي ، وغالباً ما نقرأ عن التاريخ الكلداني وبكلمات واضحة تقول :
ان اول دولة قامت في العالم بعد الطوفان وتبلبل الألسنة كانت كلدانيــــــــــة وقال المؤرخ بيروس الكلداني انها قامت بستة وثمانين ملكاً .. كلدو وآثور ص21 . اما قاضي صاعد الاندلسي فيكتب في القرن الرابع الهجري في التعريف بطبقات الأمم ص142 بأن الأمة الثانية بعد الفرس هم الكلدانيـــــــون وهم السريانيون والبابليون وكانوا شعوباً منهم الكربانيون والآثوريـــــــــــــــون والأرمنيون والجرامقة وهم اهل الموصل والنبط وهم اهل سواد العراق بلادهم وسط المعمور ايضاً وهي العراق والجزيرة التي ما بين دجلة والفرات …. وعن علوم الكلدانييـــــن ورد في نفس المصدر ص164 بأن الكلدانييـــــن هم امة قديمة الرئاسة نبيهة الملوك وكان منهم النماردة والجبابرة .. ومن الكلدانييـــــن علماء جلة وحكماء وفضلاء يتوسعون في فنون المعارف من المهن التعليمية والعلوم الرياضية والإلهية وكانت لهم عناية بأرصاد النجوم … وهم نهجوا لأهل الغرب من معمور الأرض الطريق الى تدبير الهياكل لاستجلاب قوى الكواكب وإظهار طبائعها …. الخ
اجل بعد هذه المقدمة الطويلة يخرج رابي يونادم كنا من صمته ليقول كل آشوري يدخل الكنيسة الكاثوليكية يصبح كلدانياً ..!!!!!!!! عجيب امور غريب قضيــــــــــــــــة .
بصراحة إن  قراءتي الشخصية للسيد يونادم كنا تتلخص : بأنه لاعب محنك وبراغماتي بامتياز حيث اجتاز عدة اختبارات بنجاح واستطاع ان يلعب على عدة اوراق وهذا ليس إعجاب او إطراء بل ترجمة وتوصيف  لوقائع ملموسة كثيرة .
اولاً : ـ استطاع ان يقنع او يجبر الحاكم الأمريكي بول بريمر بأنه اللاعب الأقوى وتمكن من إزاحة ممثل الكلدان ، الذين يشكلون الأكثرية في المكون المسيحي العراقي ، من مجلس الحكم ، وفرض تعيينه ممثلاً للمكون المسيحي الذي كانت حصته مقعد واحد في مجلس الحكم حسب اعتراف بول بريمر في كتابه سنة في العراق .
ثانياً : ـ استطاع السيد يونادم كنا ان يعرّف ويقدم نفسه بشكل دائم كممثل للمسيحيين في العراق ، وقد ظهر ذلك في مقابلاته الكثيرة مع وكالات الأنباء والصحف والمؤتمرات . علماً ان الرجل كان يعمل لرفع الأسم القومي الآشوري فقط وتقوية حزب الزوعا .
ثالثاً : ـ استطاع الخروج من تهمة التي وجهت له بالعمل مع البعث او مع مخابرات صدام وخرج منها كما تخرج الشعرة من العجين دون اي تداعيات او تأثيرات على مركزه .
رابعاً : ـ استطاع تسوية اموره في اقليم كوردستان للخروج من التهمة في الفقرة السابقة .
خامساً : ـ تمكن بحنكته السياسية من ان يتبوأ المركز الأول والثاني والثالث في الحركة الديمقراطية الآشورية ، إذ لا ملامح لأي منافس حقيقي لمركزه الأول في قيادة الحركة ( الزوعا) ، إن هذه المكانة حرص عليها ان تسود تحت قبة البرلمان ايضاً فقد استطاع ان يختار طاقمه البرلماني من الحركة بأن يكون هو الأول ولا قريب من مركزه من منافسيه الحقيقيين الذين يمتلكون مواقع اجتماعية ومواهب سياسية منافسة له .
سادساً :ـ استطاع رابي يونادم من لعب الأوراق مع السنة والشيعة ومع الأكراد ومع جيران العراق ، انا شخصياً استطيع وصفه بأنه رجل يجيد العيش في كل المناخات السياسية وإن يركب كل الموجات ، إنه  يتقن فن السباحة مع كل التيارات او ضدها مع تفوقه في الحفاظ على شعرة معاوية دون ان تنقطع مع كل الأطراف .
سابعاً : ـ إن موضوع المحافظة المسيحية كان مرفوضاً من قبل الحركة لكن رابي يونادم استطاع ان يركب هذه الموجة وان يأخذ موقع القيادة فيما يطلق عليه تجمع احزاب شعبنا ، واستطاع ان يكون حزبه القطب المسيّر لهذا التجمع .
ثامناً : ـ هو دائم السفر والزيارات في الداخل والخارج وإطلاق التصريحات ، ولا ريب ان كثرة التصريحات توقعه في التباسات وزلات لسانية ، والغريب انه لا يلوي على النتائج الناجمة عن ذلك .
تاسعاً : ـ وهو في رحلاته وزيارته ونقاشاته ومقابلاته الدائمة مع وكالات الأنباء والصحف وغيرها ، فإنه يحرص فيها على شئ واحد فقط وهو الإقلال من شأن الكلدان وتبخيس تاريخهم ، والإصرار على حصرهم في إطار المذهب الكنسي الكلداني لا اكثر . لقد تجلى ذلك يوم دعوته في نادي في امريكا وكان معظم الحضور ، إن لم يكن جميعهم من الكلدان ، وامامهم تنكر للتاريخ الكلداني برمته .
وفي مناسبة اخرى قابل البطريرك عمانوئيل دلي واصفاً اياه برئيس الطائفة الكلدانية ، وفي وقتها كتبت مقالاً طلبت منه الأعتذار للشعب الكلداني لكن مع الأسف كان تطوع من قبل محامين كلدان للدفاع عنه . ثم كانت مقابلته مع قناة البغدادية حينما اطلق مقولته الشهيرة  في برنامج سحور سياسي الى اعتبار اي اشوري يتصل بروما سيصبح كلداني ..
اليوم قرأت في إحدى المقالات هذا الجملة الذهبية :
(عندما يصبح في ثقافتنا احترام الآخر نكون قد بلغنا جانب الحضارة ) . فهل السيد يونادم كنا يراعي هذا الجانب في احترام مشاعر الآخر وهو الأنسان الكلداني ؟
انا شخصياً تحيطني الدهشة والعجب من حركة الزوعا وغيرها من الأحزاب الآشورية ، إنهم غالباً ما كانوا يصدرون بحق الكلدان بأنهم يفتقرون الى مشاعر قومية كلدانية بدليل انهم لم يشكلوا احزاب سياسية قومية ، وإنهم كتبوا في استمارة الأحصاء انهم عرب ، ورغم ان هذه التهمة ساذجة وسطحية ، فإننا لجأنا الى تشكيل احزاب سياسية قومية كلدانية وشكلنا منظمات مجتمع مدني كلدانية ، وبدلاً من التعاون مع هذه الأحزاب والمنظمات شنت حملات على هذه المنظمات والأحزاب ناعتين اياهم بالأنفصالية والتقسيمية والخيانية … الخ .
 والله هذا امر عجيب ، إن عزفنا عن تشكيل احزاب ومنظمات كلدانية ، فنحن عديمي المشاعر القومية ونحبذ الانتماء العربي . أما إن أسسنا الأحزاب ودعينا للقومية الكلدانية ونشرنا الوعي القومي الكلداني بين ابناء شعبنا قيل لنا (انفصاليون ) ، وأكرر قولي وأقول عجيب امور غريب قضية مع هؤلاء البشر ، لقد كان جحا المسكين محقا بحيرته من حكم الناس .
إن نظرية إلغاء الآخر قد ولّى زمنها وأصبحت من الماضي غير المشرف ، وإن ترويج هذه النظرية بين ابناء شعبنا المسيحي تمتاز بالعجز على الفهم ، وهي تشكل نشاز فكري في ان نفكر بإلغاء الآخر وفرض الوصاية عليه في زمن نقف على مشارف الولوج  في العشرية الثانية من القرن الواحد والعشرين .
 اقول :
إن كان لرابي كنا حق الأختيار الهوياتي والمعتقدي والديني والقومي ، فمن حق الكلدان ايضاً ان يكون لهم نفس المقدار من فضاء الحرية في الأختيار الهوياتي والمعتقدي والديني والقومي والسياسي .. ومن حقهم ان يجاهروا بأن قوميتهم كلدانية لا غير .
إن مشعل نور الحرية ليس مخصصاً لإضاءة البيت الآشوري للسيد يونادم كنا فحسب ، بل هو من حق كل المكونات العراقية ان تستفيد من نور الحرية بما فيها شعبنا الكلداني ، ام ان نور الحرية لا يشمل البيت الكلداني ؟
 ثمة جانب مهم ينبغي مراعاته وهو اهم ما في هذه المقالة
وأقول لرئيس وأعضاء البرلمان العراقي  :
((( إن السيد يونادم كنا عضو في البرلمان العراقي ، ويترأس حزب سياسي عراقي  ، ولا اقول عن مسؤولياته الأخرى ، بل كعضو برلمان الا ينبغي ان يحترم معتقدات العراقيين برمتهم دون تفرقة ؟
 الا يحترم معتقدات وهويات العرب والأكراد والصابئة المندائيين والأزيدية والتركمان والسنة والشيعة والأرمن والكاكائية والشبك والسريان ؟
فلماذا يعطي لنفسه الحق في ان يستخف بالشعب الكلداني ؟ وأن يستهجن بكل ما يفتخرون ويعتزون به ؟ خادشاً مشاعرهم في كثير من المناسبات ، اليست هذه افكار عنصرية مقيتة لا يجوز ترويجها في العراق ؟
فلماذا يسمح للسيد يونادم كنا في ترويج  افكاره الإقصائية لمكون عراقي اصيل  دون ان تطاله اي محاسبة  قانونية او اخلاقية ؟ بأي شريعة يعطي لنفسه الحق في مسح تاريخ شعب وإقصاء هويته الكلدانية ؟ ولماذ يسكت البرلمان العراقي عن هذه الإساءة بحق مكون عراقي اصيل ؟ )))
حبيب تومي / اوسلو في 26 / 11 / 11 
 

You may also like...