بغديدا في وجدان الحق

كانت الاخبار السريعة التي وردتنا من وسائل اعلامنا في العراق بخصوص انفجار بغديدا الاخير لم تكن مفاجئة لنا ولكل المتابعين على ما يجري للعراقيين الاصلاء من قتل منظم لتمرير اجندة سياسية اصبحت معروفة ومكشوفة بنسبة كبيرة لا تحتاج الى تسليط النور وليس الضوء عليها الا قليل من الشجاعة والحنكة السياسية بعد توفر شروط تهيئة الظرف الخاص والعام، اي الظرف الذاتي “المسيحي” والظرف الموضوعي “العلاقات الضبابية بين الاحزاب العراقية (الكردية والعربية) وبين تقاسيم وتشرذم شعبنا الاصيل بكنائسه واحزابه ومنظماته بحيث امسى كل شيئ مباحاً الذي كان في الزمن القريب خط احمر! من ناحية القيم والاخلاق والمبادئ والايمان والروح

لا نحملهم كل ما جرى لشعبنا وما يجري اليوم وكان اخرها (نتمنى ان يكون الاخير) ما تعرضوا له ابناء العلم والمعرفة في بغديدا الحبيبة التي هي القوش وعينكاوة وزاخو وعقرة وكرملش وباطنايا وتللسقف وباقوفة والبصرة والموصل واربيل وكركوك، انها شعب وحقوقه، كل قطرة دم نزفت من شهيدة المعرفة “سالي” هي حبة حنطة وقعت في ارض خصبة، تنبت مئات والاف السنابل، مثلها مثل دماء شهدائنا الـ 822، ولكن حتماً يوافقنا الرأي الاكثرية عندما نؤكد ان السبب الرئيسي بما آلت ايه احوالنا (كمسيحيين) وأصلاء هو العلة التي بداخلنا! العلة المزمنة المعروفة والمرض الآني والدخيل الذي يتجلى بعبادة الدولار والقيصر والابتعاد عن الله الذي اصبح “اي الرب” ضحية التمذهب والقوميات وهو بريئ منها براءة الذئب من دم يوسف، لأن الرب لم يَقُلْ أيها السياسيين ورجال الدين وبعد اكثر من الفين سنة من ولادتي أسجنوني في تهمكم وتلفيقاتكم وشخصنتكم وريائكم وكبريائكم وطائفتكم وقومياتكم لأني لم ولن اكون يوماً قومياً ولا طائفياً ولا مذهبياً بل “أنا هو أنا” فهل فتهمتم ايها الناس

ان بغديدا الحبيبة وطلابها وشهدائها وناسها اصبحوا مادة في مختبر السياسة بين الجنوب والشمال، بين أجندة وطنية واخرى قومية، بين التطرف الديني والمصالح الخاصة، انه سيناريو يتكرر كل دورة معينة، كانت هناك درب صليب مسيحيي الموصل لمرحلتين : الاولى كانت في 2008 والثانية في 2010 ولا زالت اثارها مستمرة، وبعدها كانت فرض واقع بالقوة في كرملش ولحد الان اثارها مستمرة، وهكذا لا زالت الاثار مستمرة من الجنوب الى الشمال ومن الشرق الى الغرب وخاصة فيما يسمى بسهل نينوى! ولنقرب الحالة وبمبادرة من موقع باطنايا قسم المضطهدين حيث نقرأ قصص الاستشهاد والاضطهادات في العراق والوطن العربي والافريقي! وكذلك نقرأ في موقع عينكاوة حول قصص اضطهاد المسيحيين ومنهم قصة “نبيل” المنشورة على الصفحة الرئيسية للموقع المذكور والذي نستشف منها مشاركة واتفاق بين الاخوة الاعداء (بعض الاحزاب والشخصيات العربية والكردية وقضائها) هذا الاتفاق كنا نتمنى ان يكون من اجل خير وامان واستقرار العراق وبشكل خاص امن واستقرار الموصل وضواحيها بدلاً من استغلال طيبة ومحبة شعبنا الاصيل من المسيحيين واضطهادهم بوضعهم تحت سندان بعض العشائر العربية وسندان قسم من الشخصيات الكردية المتنفذة وتسخير رجال الامن والشرطة والقضاء لصالح الاقوى وليس لصالح الحق، اذن نحن امام مجموعة كبيرة من مطالب بغديدات (بالجمع) اي ان مطالب بغديدا وطلابها ورجال اعمالها هي مطالب كل المسيحيين في العراق، ولا يمكن ان يكون هناك تحقيق لهذه المطالب الا في:

1- ان تساهم جميع منظمات المجتمع المدني وحقوق الانسان العاملة في الداخل خاصة من اجل تنسيق جهودها من خلال عقد مؤتمر عام مع المسؤولين الحكوميين والامم المتحدة والاتحاد الاوربي لترجمة الاقوال والشعارات الى واقع ملموس لانه يكفي القول والتعهد امام الاعلام وعمل عكس ذلك داخل البيوت المغلقة

2- لابد ويجب ان كان لنا ذرة من الغيرة المسيحية ونحمل قيم المحبة حقاً ان نلم شملنا داخل الكنيسة الواحدة وبتالي الرجوع الى روحية كنيسة المشرق ان لم نقل “كنيسة المشرق الواحدة” عندها لا يكون هناك حديث حول الحقوق لانها تُنْتزع حتماً من خلال وحدتنا ونكون الاقوى في اكثريتنا

3- كفى ان يتفرع كل حزب الى احزاب او حزبين واكثر، والمصيبة الكبرى ان كل فرع او حتى حزب لا يتعدى عدد اعضائه اصابع اليد كما يُقال، وكما هو معروف ان خبرتنا السياسية هي (مُشْ ولا بُدْ) وبالتالي كانت احزابنا نقمة وليست نعمة لشعبنا والدليل هو واقع حالنا اليوم، والمطلوب هنا شيئين: الشجاعة ونكران الذات فقط!

ويكون لنا حزب ومنظمة سياسية عندها نفرض احترامنا وموقعنا المتميز كأصلاء كما كنا سابقاً وقد فقدناها اليوم بتصرفاتنا واحتضان رجال ديننا لمعظم احزابنا ان كان مباشراً او غير مباشر وامام العالم نقول: هذه سياسة لا نتقرب عليها!!! وخلف الابواب المغلقة ندعمها ونتعاطاها حتى حزبياً ولا نكتفي بالسياسة العامة التي هي في كل مفاصل حياتنا، اذن ارفعوا اياديكم عن الاحزاب والمنظمات يا رجال الدين

كل هذا يبقى مجرد احلام اليقظة او تمنيات كما كانت ألت عليه قرارات المؤتمر الكلداني الاول واصبحت مجرد امنيات وعدنا الى ما قبل المربع الاول اي قبل 1995 بكثير، ولو كانت تلك الفترة تسمى “الفترة الذهبية” ولن تعود ما دامت هناك دكتاتورية مزمنة تغذيها الدولارات المسروقة وسيطرة الفساد على زمام الامور بدل القيم والاخلاق والحقوق

shabasamir@yahoo.com

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *