بعد إعلان نتائج الانتخابات البرلمانية تعقد وغموض المشهد السياسي العراقي  

طارق ماهر – بغداد – سكاي نيوز عربية

بدا المشهد السياسي في العراق أكثر غموضا من أي وقت مضى، بعد إعلان نتائج الانتخابات النيابية الثالثة، التي تصدرها ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي رئيس الحكومة المنتهية ولايتها.

ولم تأت هذه النتائج بتغيير في الخريطة السياسية الحالية، بل أمنت للمالكي فارقا كبيرا عن منافسيه الذين يتفق أغلبهم على معارضة ولايته الثالثة علنا، لكن كواليس المفاوضات تقول شيئا آخر تماما.

فالمالكي الذي تولى منصب رئيس الحكومة لثماني سنوات خلال دورتين، يمتلك أدوات لا يمتلكها خصومه، وقد بدأ عملية التفاوض مع أحزاب سياسية تؤيده وتعارضه حتى قبل إجراء الانتخابات، لاسيما أن له خبرة سابقة في تشكيل الحكومة عام 2010 وأيضا في التعامل مع خصومه الذين اتفقوا عام 2012 على سحب الثقة من حكومته، لكنهم لم يفلحوا.

في الوقت نفسه، فإن فوز المالكي بالانتخابات بـ92 مقعدا لا يعني بالضرورة أن يكون رئيس الوزراء المقبل، في ظل نظام توافقي يستند إلى فتوى المحكمة الاتحادية التي أفتت بأن التحالف الأكبر الذي يلتئم في البرلمان هو الذي يسمي رئيس الحكومة، وليس القائمة الفائزة.

لكن فرص المالكي في إقناع نظرائه الشيعة بقبول الولاية الثالثة، في ظل المشهد الحالي، تبدو أكثر صعوبة من إقناع القوى السنية والكردية، مما يفتح الباب على احتمالات مفتوحة للطريقة التي ستدار من خلالها المفاوضات، وكيفية ترشيح بدلاء للمالكي نفسه كمرشحي تسوية، وما إذا كان هؤلاء من داخل ائتلافه أو من خارجه، وأيضا توقيت طرح البدلاء، سواء في مرحلة التفاوض الأولية أو في المراحل النهائية.

وتفيد معلومات حصلت عليها “سكاي نيوز عربية” من داخل مكتب المالكي أنه حصل على موافقة قوائم سنية وكردية صغيرة بالانضمام له، في تشكيل تحالف يسعى لامتلاك 165 مقعدا في البرلمان، وهو ما يضمن له الأغلبية بالنصف زائد واحد داخل البرلمان، ويضمن له في نفس الوقت الضغط على أقطاب شيعية داخل التحالف الوطني مثل عمار الحكيم ومقتدى الصدر المعارضين لولايته الثالثة، بقبولها على مضض.

وتعزز نتائج الانتخابات التي أعلنت توقعات بطول مرحلة المفاوضات لتشكيل الحكومة المقبلة، وستسعى القوى السياسية الشيعية المؤلفة لـ”التحالف الوطني”، التي جمعت أكثر من 166 مقعدا في البرلمان الجديد، إلى الاتفاق أولا على البرنامج الداخلي للتحالف، وأسلوب اتخاذ القرار فيه، قبل أن تصل إلى مناقشة مسألة الولاية الثالثة للمالكي، وهو الموضوع الذي سيثير خلافات شديدة، ومن ثم الانتقال بعد الاتفاق على تسمية مرشح محدد، إلى عرضه على القوى السنية والكردية لضمان موافقتها، وهو السيناريو الذي تم في 2010.

والمفارقة أن الأحزاب السنية تنقسم إلى مؤيد ومعارض لحكومة الشراكة التي يطالب بها المالكي، وكذلك الأحزاب الكردية، وهو ما يفتح الباب أمام رئيس الحكومة لاستثمار الخلاف أو عدم الاتفاق داخل البيت الشيعي والسني والكردية لمصلحته.

بالمقابل تبدو سيناريوات تشكيل تحالفات عابرة للطائفية من قوى وقوائم تمثل مكونات مختلفة، مثل التيار الصدري و”المواطن” والقوى الكردية والسنية من جهة، أو “دولة القانون” وأطراف سنية وكردية من جهة أخرى، لإعلان “الكتلة الأكبر” مستبعدة جدا، لأنها ستعني بالضرورة إلغاء “التحالف الوطني” الشيعي، وهو أمر يلاقي معارضة شديدة من مرجعية النجف، ومن القوى السياسية الشيعية نفسها، على حد سواء، ناهيك عن النفوذ الإيراني الذي يعارض تشرذم التحالف الوطني الذي يجمع كل القوى الشيعية.

 

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *