بابل بهاء الممالك وزينة فخر الكلدانيين / بقلم عبدالاحد قلو


هذا العلم يجب ان يترفرف في مسيراتكم !

بهذه الاية الكريمة من الكتاب المقدس التي وردت على لسان النبي اشعيا (12:1 ) والتي انطلق منها لتهنئة الشعب العراقي عامة ومسيحيي العراق خاصة، وذلك على اطلالة رأس السنة الكلدانية البابلية (اكيتو) التي مرت عليها 7312 ك (كلدانية) والذي يعود تاريخ هذا الاحتفال منذ السلالة البابلية الاولى المتمثلة بالسلالة العمورية التي تنحدرعن الكلدان الاوائل . وقد كان الوسط جنوبيون يحتفلون بعيد اكيتو منذ عهد الكلدان الاوائل في اريدو قبل 5300 ق.م وعند اضافة 2012 ميلادي فيصبح المجموع 7312 كلداني مضت على بدء الاحتفالات بعيد رأس السنة الكلدانية – اكيتو والى يومنا هذا.

لقد كان احتفال رأس السنة الجديدة قد ابتدأ اصلا في مدينة اور الكلدانية في عهد شروكين(سرجون) الكلدي الكبير الذي كان امبرطور مملكة اكد في حينها. ولكن مع هيمنة العموريين المنحدرين عن الكلدان الاوائل، فقد اتخذوا صفة الاحتفال برأس السنة الاكدية الكلدية الاصل، بحيث صار الاحتفال الرسمي الوحيد للبابليين الذي اصبح مركز اقامته في بابل. وكان هذا الاحتفال ايضا يقام في مناطق اخرى من وادي الرافدين وخاصة في اقليم شوبارو/آشور ولكن في تواريخ لاحقة تأتي بعد الانتهاء من احتفالات العراق القديم المركزي في بابل. ويمكن معرفة تفاصيل هذا الاحتفال من حيث نشأته وطرق الاحتفال به من مقالة الكاتب المؤرخ الاستاذ عامر فتوحي المذكورة في الرابط المذكور ادناه، والتي اقتبست بعض المعلومات التاريخية المذكورة منها في هذه المقالة.

وبالعودة الى عنوان مقالتنا لهذه الاية التي امتدحت الكلدانيين الذين بالرغم من اسرهم وسبيهم لليهود بعد ان دحر الكلدانيون امبراطورية الاشوريين في سنة 612 ق.م، والذين اعادوا احياء الشعب الكلداني الى اصوله ومنها احيائهم لمناسباتهم، حيث بالاضافة الى الاحتفال بعيد اكيتو الذي يمثل الاعتدال الربيعي، فكان لهم احتفالا اخر يسمى زاموك وهو بمعنى الاعتدال الخريفي الذي يتم فيه جني التمور عند بداية السنة . وعليه كان الاول من نيسان هو الاحتفال بالعيدين (اكيتو و زاموك) معا. وقد اختص الكلدان بكثير من العلوم وبالاخص علم الفلك ودراسة الظواهر الطبيعية وعملوا انجازات اخرى منها مسلّة حمو رابي الرائعة والمكتوبة عليها قوانين سنّها حمورابي لوضع نظام واسس وتشريعات لخدمة المجتمع. وكذلك فقد قسموا الوقت ومنها السنة الى 365 يوما واليوم الى 24 ساعة والساعة الى 60 دقيقة والدقيقةالى 60 ثانية والمسمى بالتوقيت الستيني. وكذلك اعطوا التسميات لأشهر السنة مبتدئين سنتهم بشهر نيسان وكما يلي:

(نيسانو، ايارو، سيمانو، دوزو، آبو، اولولو، تشريتو، ارخمسنا، كسليمو، طيبيتو، شباطو، وادارو).

ان الكلدانيين بالاضافة الى اشتهارهم بالعلوم المختلفة المتعلقة بنواحي الحياة العامة فأنهم كانو يعتنون ايضا بأسراهم ولايخفى علينا بأحتلال نبوخذنصر الكلداني لفلسطين لوجود تحدي مسبق بينهما للسيطرة على المناطق ونتيجة الحروب الطاحنة فيما بينهم انتصر الكلدانيون واخذوا اسرى من اليهود الى بابل ولكنهم لم يبددوهم في مناطق مختلفة من العراق وكما فعل قبلهم الاشوريون حين نشروهم في اعالي الجبال لعزلهم عن الحياة العامة. بينما الكلدانيون ابقوا عليهم في بابل وعلموهم مهنة الزراعة وحرف اخرى ابدعوا فيها . ومن كتاب الدكتور احمد سوسة( ملامح من التاريخ القديم ليهود العراق) فقد ذكر بقيام اليهود في بابل في عهد نبوخذنصر بتأسيس عدة مدارس دينية وازدهرت عندهم الدراسات الفقهية على اثر انتقال علمائهم من فلسطين وكونوا لهم مجتمعا يهوديا ذو امكانات سياسية واقتصادية واجتماعية يحسب له حساب في العلاقات الدولية. وبالعودة الى التلمود البابلي نجده مليئا بأخبار يهود وتنظيماتهم الدينية والاجتماعية مع اخبار علمائهم ومدارسهم وما الى ذلك من اوصاف عن حياتهم اليومية(انتهى الاقتباس). لذلك اطلق النبي اشعيا آيته الشهيرة بالرغم من أسر ابناء شعبه في بابل بقوله: (بابل بهاء الممالك وزينة فخر الكلدانيين).

ومع ذلك فأن أسر الاشوريين لليهود وبالرغم من المآسي التي مروا بها من الذين سبيوا (من السبي) الى الجبال العالية في شمال العراق، كان ذلك لهم بالفائدة في ان يصبحوا مسيحيين بعد تبشيرهم من قبل تلاميذ المسيح الاولين ومنهم مار ماري ومار ادي الذين اصبحوا من الاوائل الذين اهتدوا للمسيحية، ومنهم من تدرجوا في السلك الكهنوتي واصبحوا كهنة ومطارنة ورؤساء اساقفة ليعم تبشيرهم بالمسيحية لمعظم اليهود الذين كانوا في شمال العراق. ولكن في القرن الخامس الميلادي دخلوا في المذهب النسطوري الى حين تحول القسم الاكبر منهم الى الكاثوليكية في منتصف القرن السادس عشر، والمتبقين منهم على المذهب النسطوري اطلق عليهم الانكليز لقب التسمية الاثورية وبعدها الاشورية وذلك في نهاية القرن التاسع عشر وذلك لغاية ما في نفس يعقوب وكما يقول المثل، وبسبب سياسة الانكليز المراوغة والقيادة السياسية والدينية الضعيفة المتمثلة بالبطاركة الصغار عمرا والمتوارثين للسلالة الشمعونية ادت الى تفتيتهم وتشريدهم في ارجاء مختلفة من العالم . والقلة المتبقية منهم في يومنا هذا يحاولون تشتيت المتبقي من مسيحي العراق لتنفيذ اجندة معدة لهم لايفقهون لما يفعلوه، وذلك ليس بالغريب عليهم لتوارثهم اساليب الغدر والخيانة من قبل قياداتهم السابقين لأبناء شعبهم عبر التاريخ. ولنا مقالة اخرى حول تذكيرهم بأصولهم الكلدانية الاصيلة النابعة من ابينا ابراهيم القادم من اور الكلدانية والتي ستكون تكملة للمقالة (الى الداعين بأنتمائهم القومي)، بعد ان اثبتت الشواهد والمدونات التاريخية بأن تسميتهم بالاشورية كانت بدعة ليس الاّ.

رابط الاستاذ عامر فتوحي حول اكيتو وكيفية حسابه :

http://www.kaldaya.net/2011/Articles/03_March2011/27_Mar22_AmirFatouhi.html

عبدالاحد قلو

You may also like...