ا لـــمـــســــيـــحـــيــون ا لــبــــصـــــر يـــــــو ن … أ يـــــــــن هــــــم

ابن البصره
من يتابع احتفالات مسيحيوا العراق اليوم ليشعر بعظم الكارثه فقد شاهدنا على شاشات التلفزيون احتفالات تلك الشريحه المهمه في العراق والتي قامت حضارة هذا البلد شهودا على رسوخهم .. الاحتفالات كانت متواضعه يشوبها الخوف والقلق وقد غابت ملامح الفرحه في تلك الفترة المعتمه في تاريخ العراق المعاصر .. لقد شهدنا ايام الخير روعة تلك الاحتفالات وشاركنا اخواننا المسيحيون في البصره فرحتهم ومظاهر اعتزازهم بهذه المناسبةحيث يزهو الشباب والشابات وحتى كبار السن بأبهى ملابسهم ويقيموا الزينات ويتبادلون التهاني وكانت الحلويات تصل الى الجميع دون تمييز .. اليوم وحينما يبحث البصري عن هولاء ويتطلع الى بيوتهم التي كانت تشع بالانوار في اعياد الميلاد ورأس السنه فلا يشاهد الا اعلاما سوداء تشرح كآبة المواطن العراقي من شمال الوطن حتى جنوبه في الوقت الذي من المفروض ان يفرح الاخوة المسيحيون البصريون بهذه المناسبه تعلن حكومة العار ان المسيحيون قرروا عدم احياء هذه المناسبة المفرحه كونها تتوافق مع مراسم عاشوراء التي يصر احفاد الطوسي على جعل استشهاد الحسين مناسبة حزن ودك ولطم وزنجيل وتطبير الهامات بالقامات وهم لايعلمون ان استشهاد الحسين كانت مناسبة انتصار الحق على الباطل ومقارعة حفيد رسول الله الظلم وحريا بنا ان نجعل من هذه المناسبه ثورة حسينيه ضد البغي والظلم الذي تمارسه حكومة الاحتلالين لكن لقد بلغ الجهل والتخلف وتسلط اصحاب العمائم المشبوهه لغسل ادمغة هذاالشعب المغيب.
كان المسيحيون في البصره وفي العراق كافة مواطنون لا رعايا .. ليس كما قال رئيس وزارة الاحتلالين ان المسيحيون هم جالية عراقيه وياليت هذا الاحمق يستطيع التمييز بين المواطنين وبين الجاليات ومن الظلم ان يساوى هذا الرجل الذي جعله الاحتلال زعيما اوحدا ونقله من ارصفة السيده زينب الى سدة الحكم وجعله يذيق هذا الشعب سوء العذاب فليس المسيحي العراقي ابن هذا الارض وسليل حضاراتها مثل ذلك الوافد الكردي الفيلي الذي شهدت اسواق الشورجه كيف كان هولاء الغرباء يحملون البضائع على ظهورهم ويتحدثون بلغتهم الايرانيه الواضحه ثم يصبحون مواطنين بينما يصبحالمواطنون المسيحيون جاليات .. الله اكبر على من طغى وتجبــــــر.
البصره كانت تحتضن ابنائها المسيحيون احتضانة ألأم الرؤوم لأبنائها فقد كانوا ولايزالون صفوة المجتمع العراقي وابناؤها ألشرفاء في كل عهد وكانت صفحات تاريخهم بيضاء كبياض ملابس اطفالهم في جوقات الكنيسه يرتلون تراتيلهم.
المسيحيون البصريون انعشوا اقتصاد تلك المدينه وعاشوا متحابين متآخين مع كافة اطياف المجتمع فهناك برز الكثيرمن رجال الاعمال مثل عائلة حنا الشيخ وجويده وفتح الله ومارو وبيت اصفر ومارين الذين اشتهرت طريقة تعبئة التموربطريقة فنيه دلت على باعهم الطويل في الذوق والاحتراف .. نشأت اعمال كثيره وتجارة واسعه لعوائل عريقه مثل بيت انكورلي وصادق وزيا وعائلة القس وسالاني وسلومي الذي انشأ مجيد سلومي اول سينما في البصره.
كانت محلات بيع الملابس والازياء محط الانظار مثل حسو اخوان وبشير عبودي وكانوا يستوردون ارقى الماركات العالميه ويستقبلون زبائنهم بصدور رحبه فكانت رائحة العطور الباريسيه احد معالم تلك المحلات التي تعج بالمشترين كون العراقيمشهور بحبه للظهور بمظهر فريد اضافة الى حبه للطعام الفاخر .. لقد كان مطعم حداد مكانا لتناول اجود انواع الطعام الشهي والنظيف .. كان محل سلومي معلما من معالم احدث واجود مواد النجاره يرتاده الحرفيين لشراء لوازمهم من اشهر الماركاتالعالميه .. مصانع الكاشي كانت تدار معظمها من ابناء البصره المسيحيون التي تمتاز بذوق رفيع ونقوش رائعه .. كان هناك سوبر ماركت هو احدث ما فتح من قبل فيليب رفي الذي يملك مصنعا لتعبئة النامليت قبل ان نعرف الكوكاكولا والببسي كولا.
وعاش في ارجائها اطباء مهره امثال جوزيف مارو وتوما هندو وطبيب الاسنان داود سكر كما عاش غرباء مثل الدكتور  الهندي بوران سنك اخصائي العيون اضافة الى العراقي المشهور فرحان سيف .. صيدليات تحتوى احدث الادويه مثل صيدلية ددي وابراهيم ريحان كانت تدار من قبل صيادله مسيحيين بصريين .. وقد عرف هواة الصيد حينها محل صموئيل عنتر الذي يبيع بنادق الصيد وعتاده ويقبل عليه الصيادون لجودة عتاده البريطاني رغم انه كان معروفا بمزاجه البرتقالي وعبوسه الدائم لكنه يصبح منطلق الاسارير حينما نشتري منه كمية من العتاد ونفرغ محافظنا من محتوياتها .. لقد كان كبير السن عصبي المزاج .. لقد تبوأ المسيحيون البصريون وظائف حساسه في اجهزة الدوله وخاصة في شركات النفط كمهندسين واداريينفأبدعوا في مجال عملهم .. خرج منهم فنانون تشكيليون منهم موريس حداد فابرعوا في فنهم وبرز عازف الكمان لويس الذي حينما كنا صغارا نجلس أمام نافذة بيته لنسمع عزفه الفريد وكان يترك نافذة غرفته مفتوحه وفي زمهرير الشتاء ليستمع جمهوره من الاطفال الى عزفه الرائع .. اليوم اتفقد اطلال هولاء المواطنين فلا ارى انوار عيد الميلاد تشع في بيوتهم فقد ساد الظلام تلك البيوت التي كانت عامرة بأهلها .. يلتفت البصري المنكوب يمينا وشمالا يبحث عن وجه مسيحي مألوف فلا يجد سوى وجوه غريبه كالحه صفراء .. اين اورزدي باك الذي جعله المدراء المسيحيون مكانا يستقطب المشترين بحسن التنظيم واين حسو اخوان وبشير عبودي ؟ .. من يتصور ان المسيحيون العراقيون هم جاليات فهو غبي واحمق وهم اكثر اصالة وانتماء من المشبوهين اصحاب الدماء المختلطه والتاريخ يشهد مدى تغلغل جذورهم في تراب هذا الوطن ؟
اتساءل عن اخواننا مسيحيوا البصره .. اين هم ؟ وبكل حسرة وألم نراهم اليوم تتقاذفهم بلدان الاغتراب والمنافي بعد ان كانوا اعزة القوم وابناءه البرره .. لقد خسر العراق ثروة لاتقدر بمال هي نزوح ابناء الوطن المسيحيون في هجمة طائفيه اجراميه حيكت اطرافها في سراديب دول الجوار وخونة الامه من ادلاء الخيانة  فأمعنوا فيهم قتلا وتهجيرا وقد لاقى المسيحيون في البصره مصيرا اسودا حينما امتدت ايادي الغدر والجريمه فشردت عشرات الالاف من هولاء المواطنين الصالحين الذين لم يتركوا الاصفحات ناصعة البياض في تاريخ العراق المعاصر .. كيف يستعيد العراق هولاء الشرفاء الذين ارغموا على اللجوء شرقا وغربا تاركين وطنا وأهلا يجرعون كؤوس الذل والخوف من ان تجري عمليات تسفيرهم فمصيرهم في كف عفريت.

عودة هولاء الى احضان الوطن امر محفوف بالمخاطر لأنهم يتعرضون الى ابشع حملة تصفيات  لماذا تم استهداف المواطنون المسيحيون من بلدهم وارضهم ووجودهم وبأي جريمة ارتكبوها ليصبحوا لاجئين في بلدان الاغتراب .. مؤسف حقا ان يجد العراقي الشريف نفسه يبحث عن ملاذ يأويه بينما كان العراق ملاذا لكل الاعراق دون تمييز .. امنية عزيزة وغاليه ان نجد اليوم اهلنا المسيحيون من دهوك للبصره وقد عادوا بالاحضان الى بيوتهم واعمالهم لكن هل تتحقق هذه الامنيه في وضع اصبحت فيه الكلاب المسعوره تنهش لحوم ضحاياها وتشيع الرعب في ارجاء الوطن تحت شعار محاربة الارهاب وليس في العالم كله ارهابا يفوق ارهاب العراق اليوم  .. وقيم الركاع من ديرة عفك.

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *