ايها الديمقراطيون احذروا بين قادتكم لصوص!

13

تمر المنطقة العربية بربيع غريب مملوء من الثورات والبراكين في السياسة وسقوط الانظمة على يدي الشباب المتعطشين الى الحرية والخبز بعد قرن كامل تقريبا من استقلالها من الامبراطورية العثمانية بعد خسارتها في حرب العالمية الاولى.

خلال هذه الفترة جربت المنطقة العربية ومحيطها ثلاثة انواع من الانظمة هي القومية والاشتراكية والملكية ولكن لم تفلح اي منها في تحقيق المساواة والعدالة والاخاء شعارات الثورة الفرنسية لشعوبها. ولم يحصل اي تقدم فيها بموازات ما حصل في الدول الاوربية او الاسيوية.

في نهاية العقد الاخير قفز العالم الى مدار جديد من التقدم والتطور بعد ظهور النظام الاقتصادي العالمي الموحد ( العولمة) ولكن الدول العربية وغير العربية  في المنطقة عادت الى قواعدها القديمة الا وهي الاصولية الدينية او التيار الديني المسيس كما كان سابقا لقرون طويلة.

من ضمن هذه التيارات المشاركة في هذه الثورات هناك حركات ديمقراطية وعلمانية وتقدمية ووطينة وقومية ودينية معتدلة كلهم يدعون او يرتدون اثواب منقوشة عليها اعلام وشعرات ديمقراطية مشكوكة فيها فأحذروا منها.

فما حصل في العراق يعد افضل درس يجب ان يتعلم منه كل الشعوب واقوام المنطقة بل العالم، ولا تحصل الحرية والتقدم والامان بدون ثمن، بل الغريب والقريب من الاصدقاء لم يأتوا الا للتطفل وسرقة اموال العامة،  يجب ان لا تغري هؤلاء الشباب التيارات شعارات الديمقراطية البراقة والرنانة لان تراب المنطقة ليس مطهر من الانظمة الفاسدة لحد الان كي تنبت بذور الديمقراطية الحقيقة فيها وان كان العالم بدأ يفحص النظام الديمقراطي نفسه(1) . والدليل لنا مرة اخرى هو ما حدث في العراق، هذا البلد الغني بثرواته وموارده الطبيعة و لكن شعبه فقير يقع في اسفل قائمة المحتاجين والمصابين بأمراض السرطان في العالم، هذا الوطن الغني بعطائه التاريخي والمتصحر المتخلف بحاضره المشؤوم بسبب النظام السياسي فيه. هذا الوطن الذي انتقل من مدارات اعلى الى الادنى خلال قرن كامل عكس حركة التاريخ والمنطق تماما.

لان كل نظام  جديد جاء   في العراق عبر مئة سنة الاخيرة كان اسوء من القديم الذي سبقه، والنظام الفدرالي اللامركزي الحاكم الان هو الاسوء من بين الجميع، لانه اعطى الصلاحية  التامة والمصانة  للمسؤولين فرصة ان يسرقوا بقدر ما يستطيعون دون خجل اوخوف اوشعور بالمسؤولية حتى ان  اكبر عمليات سرقة بنوك  في التاريخ على يد العصابة الايطالية مافيا الشهيرة لم تكن مثلها.

الان نأتي الى عنوان المقال الذي يحذر السياسيون الديمقراطيون من رؤسائهم لعل بعضهم حرامية. لان في العراق  حاليا تقارير موثقة منشورة في الاعلام اليومي تشير بوضوح الى ان معظم قادة السياسين الذين جاءوا مع امريكا اللعينة بأسم الديمقراطية والوطنية وتحقيق العدالة انكشفوا انهم حرامية.

لا اعرف ما الفرق بين وزراء اليوم ووزراء ايام صدام حسين والبعثيين، بل ما الذي استفاد العراقيون من النظام الديمقراطي الحالي مقارنة بنظام الطاغية صدام حسين ؟ او الانظمة الديمقراطية الحقيقة في مواقع اخرى من  العالم؟

هل الوزراء الحاليين اكثر امانة واخلاص مثلا من قبلهم؟ ومن سرق اكبر كمية من اموال الشعب امام انظار العراقيين؟ هل هناك رادع لهم، بالعكس اعضاء هيئة النزاهة مهددين بالقتل بل رئيسهم لاقى حتفه على يد المجهولين والشك يذهب بنا الى من قتله كان المتضرر من عمل هذا الشخص ومؤسسته.

هل ان السلم والامن الذي ساد خلال هذه الفترة كان افضل من  زمن حروب الخاسرة الثلاثة التي قادها  القائد المهزوم؟ كم

شخص يُقتل يوميا بصورة عشوائية في العراق اليوم؟.

هل السرقات والتعدي على شرف واموال وحياة الناس الذي كان يحدث في ايام المقبور عدي كانت اكثر من التي تحصل اليوم؟

من يقوم اليوم بحرق ملفات الوزارات والبنوك ويهرب المجرمين الدوليين؟ من يسأل عن مسببيها واين دور القانون  والدستور في حماية الشعب وثرواته؟

اخيرا هل الاحزاب الحاكمة او المشاركة في الحكم هي اكثر وطنية واخلاص من الحزب البعث العربي الاشتراكي السيء الصيت؟؟

الا ينطبق المثل الشعبي على وضع العراقيين الان ( تيتي تيتي مثل ما رحتِ جيتِ)

فإذن ايها الديمقراطيون احذروا  من قادتكم لان معظم قادة هذه الايام هم حرامية ولصوص!.

…………………

1-   ان العالم المتقدم يبحث عن طرق جديدة لتطوير حتى الديمقراطية الغربية من خلال هيئات في البرلمانات مثل هيئات المراقبة او الفرص المتساوية، ولجان الانتخابات المستقلة وعشرات الهيئات الاخرى التي لا يستطيع حتى البرلمان ايقاف اعمالها بسبب حماية الدستور لها.

بقلم يوحنا بيداويد

ملبورن/ استراليا

13تموز 2011

You may also like...