اوقدوا شمعة بدلا من لعن الظلام / بقلم عصمت رجب

 

 

كما هو معلوم بأن مصطلح المعارضة السياسية يعنى جماعة أو مجموعة أفراد يختلفون مع الحكومة على اسس ثابتة في الجوهر العقائدي ، وأن تكون المعارضة هي العين التي لا تنام في المراقبة والإشراف وبقصد التفعيل والتطوير، وعليها ان تملك المنبر الأكثر تأثيرا في الدولة وتكون صاحب السلطة الأقوى في البرلمان الذي تنبثق منه الحكومة وكل الفعاليات التنفيذية في هرم السلطة ، والكل ((المعارضة والحكومة)) عليها ان تتفانى في سبيل تحقيق الأفضل للوطن والمواطن لكي تنال ثقته في السباقات الانتخابية القادمة وهذا هو الطريق الواضح والصريح في تكوين معظم الكتل والأحزاب السياسية.

ولا شك اِنَّ على المعارضة أن تثري الحياة السياسية، وخاصةً لدى الاشخاص او الاحزاب الذين يفهمون حقيقة المعارضة ودورها الفعال في مسيرة العمل الديمقراطي، ونعتقد بأن المعارضة النقية البناءة لها وظيفتان أساسيتان في العملية السياسية؛ الوظيفة الأولى: أنها تقدم نفسها للمجتمع على أساس كونها بديلاً ممكنًا لنموذج تنفيذي سائد ترفضه لأسباب منطقية حقيقية واقعية، والوظيفة الثانية أنها تعمل على تصحيح مسار النظام القائم في حالة خروجه عن الصواب. ومن خلال هاتين الوظيفتين يتبين لنا أهمية المعارضة في الحياة السياسية لأية دولة او اقليم او مدينة تدعي النهج الديمقراطي الحقيقي.

لكن في مدينتنا( محافظة نينوى) المعارضة لها وظيفة أخرى فهي معارضة ثم رفض ثم عدم قبول وبعدها صيحات على الفضائيات وانفعالات مفتعلة هدفها ايقاف العمل ، وهي لا تقيّم عملاً يصدر من الجهة التنفيذية تقييمًا موضوعيًّا، ولكنها رافضة لكل ما يصدر عنها حتى لو كان صوابًا مطلقًا ، والدليل رفض انشاء المصفى النفطي في المحافظة من قبل شركة كار كروب العراقية وانسحاب بعض الاعضاء من المجلس لكسر النصاب ، كما صيحاتهم على الفضائيات حول استثمار احدى الشركات لبناء فندق داخل مدينة الموصل .

والمعارضة بمفهوم بعض الاخوة اعضاء مجلس محافظتنا تعني التحدث بصوت عالِ والانفعال الدائم واعلان السخط على كل شي واثارة الفتن وقلب الحقائق، وهي بتصور هؤلاء الشلة ( مع الاسف) ظاهرة صوتية لا تحمل رؤى حقيقية حول واقع العمل الحقيقي في المحافظة.

كأنما كتب الله لهذه المدينة الشقاء الأبدي بفعل وعقوق، ابناءها مِن مَن يسمون انفسهم معارضة في مجلسها التشريعي، فما أن تلمح بارقة امل لبناء او تطوير المدينة او عمل يفضي الي شيء ملموس للتطور ، ليكون نقطة بداية لأنهاء قسم من معاناة اهلها، إلا وتُوأد في مهدها وتتكالب عليها الطعنات الخطابات والاعتراضات والانسحاب من الجلسة كي لا يكتمل النصاب ، ليبقى حال المدينة كما هو، وكل هذا الاعتراض (من قبل الاخوة المعارضين) ظهر نتيجة خلاف محافظ نينوى اثيل النجيفي مع الحكومة الاتحادية لأسباب مطالبته بتحقيق العدل والتوازن بين مكونات الشعب العراقي، وعودة قائمة نينوى المتاخية بعد مقاطعتها المجلس، وسحب رئاسة بعض اللجان منهم ومنحها للمتاخية كأستحقاق انتخابي للقائمة، كما العلاقة الطيبة بين المحافظ واقليم كوردستان التي لا تروق الحكومة الاتحادية ، على اثر ازمات متكررة بين الاقليم والاتحادية، بسبب اخلال الاتحادية بالاتفاقات المبرمة بينهما، والابتعاد عن تطبيق الدستور من قبل الاتحادية، هذا من جانب.

ومن جانب اخر العلاقة الطيبة بين من يسمون انفسهم معارضة في مدينة الموصل وقائمة دولة القانون التي تدفع لمن يؤيدها في مجلس المحافظة للوقوف بالمرصاد لأي عمل او مشروع تحاول الجهة التنفيذية في المحافظة تنفيذه ليقفوا ضده، دون الاهتمام باهالي المدينة او بالجماهير التي انتخبتهم ، مبررين فعلتهم لمصلحة المدينة.

اننا في الحزب الديمقراطي الكوردستاني ومعنا كل وطني شريف في المحافظة نسعى الى دفع الكيانات السياسية التي لها تأثير في المجتمع الموصلي ، بأن تتبادل الأدوار والتوجهات بما يتناسب مع المرحلة في البناء والتطور، وفتح الأفق الواسع للعملية الاستثمارية والخدمية والسياسية والثقافية والاقتصادية، وان نكون أكثر جرأة في كشف الذين يتسترون بغطاء السياسية من اجل تنفيذ أجندات العداء والتمزيق للوحدة الوطنية واللعب على جراحات ابناء المحافظة، والتغني بالماضي التعيس الذي لم يجلب لنا سوى الدمار والقمع والتنكيل.

في الختام نقول بأن الاصوات العالية والمتشددة والمتطرفة على الفضائيات والتي هدفها مصالح شخصية، وكسب انتخابي من خلال رث الرماد في العيون، لا تبني المحافظة، بل يبنيها التكاتف والحوار والتعايش والجلوس على طاولة واحدة والاتفاق والعمل الحقيقي ، ورفض التعامل مع من يريدون الشر لمحافظتنا العزيزة،والتوقف عن التهجم من خلال الاعلام وخاصة الفضائية الموصلية الموقرة.

وعلينا ان نوقد شمعة بدلا من لعن الظلام .

عصمت رجب

 

 

 

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *