الوساطة والمحسوبية تحولان مؤسسات العراق إلى إقطاعيات عائلية

توظيف أقارب المسؤولين يثير سخط المواطنين

وسيم باسم

الواسطة في التوظيف تثير سخط العراقيين

باتت تعيينات أقارب المسؤولين العراقيين في دوائر الدولة تشكل ظاهرة تنال كل يوم قسطها من انتقدات المواطنين، وتساهم في شيوع الفساد الإداري وتراجع الأداء الوظيفي للدوائر بسبب تفضيل الولاء على الخبرة.
بغداد: ينزعج العراقيون من ظاهرة تعيين أقارب المسؤولين في دوائر الدولة المختلفة لتصبح الواسطة والمحسوبية المعيار الأول في شغل الوظائف، لاسيما الأماكن الحساسة التي غالبا ما تكون في متناول نائب أو وزير.
والملفت في الأمر، أن بعض أولئك يستلمون مناصب ليست عادية حتى يتمكن المواطن من غض النظر عنها، بل يتم تعيين الكثير منهم في مناصب قيادية وحساسة وان كانوا عديمي الكفاءة وحتى فاسدين، طالما أن المهارات والخبرات ليست معيارا لشغل تلك المناصب.
ويقول المهندس كريم حسن الذي خدم في التصنيع العسكري نحو عقدين، إن مسؤولي العهد الحالي كانوا يعيبون على مسؤولي النظام السابق تعيينهم الأقارب في المناصب المهمة، لكنهم تجاوزوهم الى بمراحل.
ويتابع: كانت الدولة العراقية قبل عام 2003 تقاد في أغلب مؤسساتها ومرافقها الحيوية من قبل تكنوقراط وأكاديميين، لكن الذي يحدث الآن أن أشخاصا من أقارب وأبناء المسؤولين يتقلدون مناصب قيادية.
الوظائف لأقارب المسؤولين
و يعترف مكي حسين، عضو مجلس بلدي سابق في الديوانية ( 100 كم جنوبي بغداد ) أن ظاهرة تعيين أقارب المسؤولين في مؤسسات الدولة، يؤثر على آداء الموظفين وقدرتهم على تقديم الخدمات.
وكانت تقارير نشرتها وسائل الإعلام تتحدث عن منح أكثر من 75% من الدرجات الوظيفية لأقارب المسؤولين بحسب مصدر في الحكومة العراقية، فيما أكد أن الحكومة تبحث عن آلية لمنع احتكار أصحاب النفوذ لتلك الدرجات.
وانتشرت في الكثير من دوائر العراق الرسمية ظاهرة توريث الوظائف أو منحها إلى الأقارب والأبناء حيث يثير ذلك القلق من تحول مؤسسات الدولة الى شبكات علاقات تعتمد المحسوبية والمجاملات أكثر من اعتمادها على الكفاءة والعدالة في تخليص معاملات المواطنين.
ويشير أحمد حسن المتخرج من معهد المعلمين منذ أربع سنوات، أن الذين يتم تعيينهم في المقام الأول هم من أصحاب الواسطة وممن لديهم معارف في الجهات المعنية. ويتابع: أنهم يعترفون بأنفسهم بذلك .
وبسبب هذه الظاهرة، لا يجد الكثير من أصحاب الكفاءات والخريجين فرصة عمل.
وينظر الكثير من العراقيين ممن التقيناهم الى الوظيفة او المنصب على أنه إقطاعية يملكها المسؤول وأقاربه.
ويرى المهندس لطيف كامل، الذي يعمل لدى إحدى المنشآت بعقد لمدة سنة، أن مبدأ تكافؤ الفرص بين الجميع دون النظر إلى الواسطة او المحسوبية، أمر بعيد المنال في الكثير من الوظائف الشاغرة التي تنتظر الشخص الكفوء الذي سيشغلها.
جماعات ضغط
وتقر الموظفة كريمة محمد أن الكثير من المؤسسات المهمة تضم موظفين تربطهم علاقات قرابة أو علاقات خاصة، حيث يشجعهم ذلك على الاتفاق على سلبية معينة، او مشكلين جماعات ضغط داخل الدوائر نفسها.
الموظف المتقاعد احمد البياتي يسمي ثلاث ظواهر هي الوساطة، المحسوبية والرشوة، تلعب دورا رئيسيا في التوظيف والتعيين لدى دوائر الدولة .
ويتابع: بل أن هذه لها القول الفصل في الدرجات الوظيفية التي تتم في بيئة فاسدة لا يمكن الوثوق بها.
ويضيف:هناك تدخلات حزبية وعشائرية في توزيع الوظائف والعيينات التي لا ينال منها الإنسان العادي إلا النزر اليسير .
سعد كامل الذي عايش عن كثب عمليات التعيين في مديريات التربية، يقول إن الفساد وصل إلى حد أن
الواسطة باتت تفوق في أغلب الأحيان عدد الدرجات الوظيفية بمجرد الإعلان عن إطلاقها.
وبحسب كامل ففي الكثير من الأحيان يتم منح قسم الى الأقارب وأصحاب الواسطة حتى قبل الإعلان عنها، ليصبح الإعلان عنها في وسائل الاعلام مجرد إجراء شكلي لإبعاد تهم التحايل والفساد.
وكان النائب في البرلمان العراقي عن حزب الأمة العراقية مثال الآلوسي حذر من ظاهرة تعيين المسؤولين لأقاربهم في دوائر الدولة مما يترب عليه دولة قائمة على “أسس عائلية” .
أحمد كامل، مهندس وعاطل عن العمل يوضح ان سياسة المسؤولين المعنيين جعلتهم نسخة طبق الأصل
عن أسلافهم في زمن النظام السابق بل أنهم تجاوزوهم في اعتماد الوساطة وإيثار الأقرباء بالمناصب والوظائف.
أحد الأمثلة على ذلك بحسب كامل، النواب الذين تتألف أفراد حمايتهم من الأخوة والأقرباء فقط حيث يشكلون ميليشيات عائلية تكلف الدولة سنويا ملايين الدولارت.
الجدير بالذكر أن مجلس النواب صوت بدورته الأولى على مشروع قانون مجلس الخدمة المدني الاتحادي لتنظيم شؤون الوظيفة العامة وتحريرها من التسييس والتحزب تطبيقا للمادة (107) من الدستور .
ويرى المحامي إسماعيل جعاز أن اعتماد المحسوبية في تعيين الأقارب أتاح انتشار الفساد الوظيفي والإداري الذي يمارسه المتنفذون في الوظيفة العامة، حيث يعتقدون أن لهم (ظهرا) يحميهم من المساءلة والحساب.
ويتابع جعاز الذي عمل محاميا في ملفات النزاهة المقدمة أمام المحاكم أن محاسبة أقارب المسؤولين الذين يشغلون مناصب أصبح غير ممكن، لأن ذلك يثير ردود عاطفية من قبل عائلاتهم وعشائرهم ضد المؤسسات العراقية.
ويتابع: بموجب قانون في هيئة النزاهة يعاقب المسؤول الذي يعين أقاربه في مؤسسات الدولة.
ويعتبر الكاتب شمخي الجابري الفساد الوظيفي، أحد روافد الإرهاب المبطن مما يستدعي تشكيل فرق حماية شعبية لمكافحته يتبناها عامة المجتمع لتعزيز الدور الرقابي .
وكانت منظمة الشفافية الدولية أفادت في تقرير لها أن العراق يقبع في المرتبة 178 أي المرتبة قبل الأخيرة في انتشار الفساد، تأتي بعده الصومال و ميانمار.

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *