الوزاره والنصارى وبعض من هم في العقل قصارى / صباح ميخائيل برخو

 

يوم سقوط سلطة صدام في الموصل 2003 وكانت الموصل اخر مدينه في العراق سقطت فيها السلطه ، كنتُ حينها هناك ومقيم في منطقة الموصل الجديده ، صباح ذلك اليوم خرجتُ فوجدتُ الناس والماره بشكل شبه طبيعي وبعض المحلات مفتوحه ، والمنطقه ـ كما ذكرتُ ـ موصل الجديده وتحديدا قرب دورة عبو اليسي حيث يوجد هناك بنك حكومي ، وفجأة تقاطر المسلحين على البنك مع تجمهر بعض الناس على مسافه من البنك كمتفرجين وانا منهم ، مجموعه من هؤلاء المسلحين جاؤوا بسيارات دفع رباعي وبيكبات حديثه ومسلحين بأسلحه مختلفه ومنظمين (ومن خبرتي خمنتُ ان هذه مليشيا سياسيه ) ما ان زعقوا صارخين وضربوا احد المسلحين ويبدو غير تابع لهم وكان إنذار للجميع ، تنحى كل المسلحين الغير تابعين لهم جانبا وكسروا هؤلاء (الميليشيا )الباب وحملوا أكياس من الداخل لا أدري هل فيها حجاره أم اموال وولوا هاربين ، وجمهور المتفرجين يزداد مع الوقت ، ومن هنا وهناك بعض التعليقات المؤلمه أو الساخره أو الفجه الخ ،ثم مباشرةً بعد مغادره الوجبه الأولى ، أخذ دور الميليشيا مجموعه على ما يبدو هي عصابه قويه نحّت هي الأخرى بقية المسلحين بالتهديد جانباً ودخلت هذه المجموعه ايضا الى البنك وخرجوا محملين أيضاً بأكياس ولمحت اجهزة تبريد وما الى ذلك من الأشياء الثمينه وولوا هاربين ، وجاء دور بقية المسلحين وهؤلاء الاخيرين ايضاً دخلوا وحملوا مما تبقى ماخف وزنه وغلا ثمنه أو ما يرونه كذلك ، ولم يبقَ أمام البنك سوى مجموعه غير مسلحه تنتظر على مضض ومرغمه بعد أن أنسحبت ثلاث مجاميع والحق هؤلاء الاخيرين لم يكونوا قليلين وخاصة بعد أن أنضم بعض الجمهور وتسرب اليهم حيث أنه على ما يبدو استفاقت غريزة اللصوصيه عند بعضهم أو استحضروا فلسفة الغنائم عند البعض الأخر ، مهما يكن غالبية الجمهور بقى متفرج وانا أخمن ربما البعض لم يتقدم خجلاً لأنهم يعرفون بعضهم البعض وأبناء منطقه واحده أو لم يقدروا مزاحمة المسلحين أو أدركوا إن ما تبقى لا قيمه له ، وأكيد ككلمة حق الكثير منهم لهم مصدات ازاء النهب والسرقه ، المهم هجم هؤلاء (الباش بزوغ )الرعاع على ما تبقى من البنك ، وعلى ما يبدو لم يبق به سوى الاشياء التافهه والتي لا قيمه لها مثل الطبلات والكراسي ، ثم بدؤوا هؤلاء بالخروج وكل منهم حامل حاجه تافهه ، وفجأةً حدث ما لم يكن بالحسبان وكأنه زلزال بين المتفرجين وعلا الصراخ عند الجمهور لا بل عند البعض صعدت الهيستريا وعبارات مثل شوفوا النصراني الحرامي ومثل النصغاني البواق (وتعني النصراني اللص بلهجة المواصله الأقحاح ) وعلى ما يبدو إن موصل الجديده فيها من المواصله الذين يسمون المسيحي نصغاني وفيها من عرب الاطراف الذين يسمون المسيحي نصراني ، أستفسرتُ بهدوء من شيخ كبير واقف بجانبي عن هذا الهرج والمرج والأستنكار الشديد من الجمهور فأشار الشيخ الى رجل حامل بالضبط كرسي وقال هل ترى ذلك الكلب قلت له دون أضافه نعم فقال أنه نصراني حرامي ، يا للهول ثلاث مجاميع مسلحه سرقت البنك وما به نقود وربما ذهب وعمله صعبه وأشياء ثمينه ثم مجموعه رابعه كنست التوافه مما فضل من المجاميع المسلحه ،كل هؤلاء لم تثر ثائرة الناس بقدر شخص واحد حامل كرسي وهذا اللص مسيحي ، واذا قيمنا الكرسي لا يمثل جزء من واحد على مليار من قيمة ما سُرق ومع هذا حدث ما حدث ، حينها شكرتُ ربي الف مره أنني غريب ولا أحد يعرف إن العبد الفقير الواقف بين هذا الجمهور الغاضب نصراني أو (نصغاني ) ، لم أدع هذا المشهد الموصلي المثير والمقزز من ذاك اليوم يمر مرور الكرام وأنا الفضولي والنابش كي أصل لقاع ما يمر بي فكيف ادع شيء كهذا ،وخاصة وان به نصراني حرامي وثوره عارمه قامت عليه ، فبعد ساعات ووكان الموقف قد هدأ وبعد ان اصبح البنك قاع صفصاف ، ذهبت الى بقال قريب من البنك وأخذتُ أحاوره بحذر وطبعأ وأنا اتبضع منه كي يكون له رغبه ودافع بالأجابه على اسئلتي عن السرقه الصباحيه للبنك الى أن وضعت على لساني السؤال الكبير والعقده عن ( النصراني الحرامي ) وطلبت منه بأسلوب غير أستفزازي أن يجيبني بضميره ، فأجابني بنصف ابتسامه تحمل معاني (ربما خمن أنني مسيحي )أنه فعلاً من خرج حاملا الكرسي هو نصراني لكن الحق إن الرجل بنصف عقل وهو معروف ، تذكرت هذه الحكايه وقارنت بينها وبين بعض من تبوء الوزاره والمسؤوليه من (النصارى ) المسيحيين والطامه الكبرى تبوؤوها بأسم المسيحيين ، هل هم بنصف عقل أم أنهم عقلاء لكن الغرور وحب المال ذهب بنصف عقلهم ولم يعوا إن من تحالفوا معه أياً من يكون ومهما كانت الوعود بينهم إنهم في نهاية المطاف نصارى كما يسمينا البعض ومسيح كما يسمينا البعض الأخر و(فلا )كما يسمينا البعض الأخير، وعندما تبدأ مرسم تقديم القرابين فأن المسيحي هو أول كبش فداء يضحى به ، يا ليت وزيرنا الهمام وجماعته وهم منغمسين في لعبة السياسه والسرقه ادركوا هذه الحقيقه .

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *