الوزارة الكوردية الجديدة تهميش واضح للأيزيدية والشعب الكلداني

كُلف مؤخراً الأستاذ نيجرفان البارزاني بتشكيل وزارة الكابينة السابعة لأقليم كوردستان ، وكان الأمل يغمرنا نحن الكلدان ان يكون تشكيل هذه الوزارة فاتحة خير لمكونات الشعب الكوردستاني دون تفرقة او تمييز ، لا سيما ما يتعلق بالشعب الكلداني الذي همشت حقوقه القومية والسياسية بشكل واضح وعلى مدة عقدين من الزمن وتجلت معالم هذا التهميش بعد سقوط النظام في نيسان 2003 م . حيث ان الشعب الكلداني الذي يشكل القومية الثالثة في الوطن العراقي هو المكون الوحيد الذي طاله الظلم والإهمال وتهميش حقوقه في عمومالوطن    العراقي وفي اقليم كوردستان على حد سواء ، ومن المؤسف ان يكون للقيادة الكوردية هذا الموقف السلبي من حقوق الشعب الكلداني في اقليم كوردستان الذي ينبغي ان يكون خيمة لكل المكونات ويجري التعامل معها على اسس ومبادئ من العدالة والمساواة .

في الكابينة السابعة قد شاهدنا ايضاً غياب وزير من المكون الأيزيدي  رغم تمثيل هذا المكون الأصيل في الكابينات السابقة ، ولقد قرأت مقالات احتجاج من الأخوة كتاب الأيزيدية ومنهم مقال للكاتبة سندس سالم النجار وهو بعنوان :

نرفض بشدة ان نعامل كأننا (خوارج) ياسيادة الرئيس .

ورغم ان الأحتجاج كان من الكتّاب الأيزيدية بشكل رئيسي ، لكن من الملاحظة الأيجابية في هذا السياق كان مقال بقلم كاتب مسلم يؤشر الى هذه الحالة السلبية بحق الأقليات  وهو  الأستاذ الجليل عبد الغني علي يحي والمقال تحت عنوان :

خلو الحكومة الكردستانية من الايزيديين لماذا؟

وكان يجدر بالأستاذ عبد الغني علي يحي ان يذكر المكون الكلداني المهمش في اقليم كوردستان بشكل واضح وغير منصف ، ولا يليق بأقليم كوردستان الذي نصفه بأنه واحة للتعايش بين الأطياف العراقية على اختلاف تنوعاتها الأثنية والدينية والقومية ..

وفي سياق تهميش الكلدان كان الزميل الدكتور عبد الله مرقس رابي قد القى محاضرة في ندوة مشيكن بتاريخ 09 / 03 / 12 برعاية المنبر الديمقراطي الكلداني الموحد ، وكانت محاضرته تحت عنوان : من يقف وراء تهميش الكلدان

وماهي الخيارات السياسية لشعبنا؟

تناول فيها مختلف اوجه هذا الأهمال والتهميش لابناء ثالث قومية عراقية وهي القومية الكلدانية .

نحن حينما ننشد الخير والأستقرار لأقليم كوردستان ونتمنى تقدمه وتطوره في معارج  العلم والبناء ، وتحقيق الديمقراطية والمجتمع المدني المبني على اسس التعددية في إطار التعايش والتسامح . إن هذه الآمال والتمنيات لا تقف حائلاً دون المطالبة بحقوق مكون عراقي اصيل يعيش على هذه التربة منذ سحيق الأزمنة وهو الشعب الكلداني .

ارجو ان اكون مخطئاً وهو ان تهميش المكون الكلداني والأيزيدي في هذه الظروف التي تمر بها المنطقة وهي التعاطف مع تيار الأسلام السياسي الذي يجتاح المنطقة ، وإنه تماشياً مع ذلك التيار يجري تهميش الأيزيدية والكلدان ، وهو مكون مسيحي ، أي ان التهميش كان لأسباب دينية ، وكما قلت ارجو ان اكون مخطئاً بتصوري هذا .

إن عقود القرن الماضي قد حفلت بالنضال المشترك بين الشعبين الكوردي والكلداني والمكونات العراقية الأخرى وشكلت درس تاريخي تمخض عن انبثاق شجرة باسقة اهم ثمارها نيل الشعب الكوردي حقوقه ، وقد روت جذور تلك الشجرة دماء وتضحيات شهداء الشعبين الكوردي والكلداني وبقية شهداء الأمة العراقية فلا يمكن التعامل مع هذه الشعب بلا مبالاة وتحريمه من حقوقه القومية والسياسية .

إن تعيين وزير كلداني كان يشكل مبادرة طيبة في الطريق الصحيح ، بجهة تحقيق الحقوق القومية والسياسية للشعب الكلداني في اقليم كوردستان ، وهذه الحقوق يمكن تلخيصها في بعض النقاط وهي :ـ

اولاً : ـ إعادة الإشارة الى القومية الكلدانية في مسودة الدستور الكوردستاني بشكل واضح ومستقل وكما كان قبل تسليط ضغوط وتأثيرات الأحزاب الآشورية التي قررت وضع تسمية هجينة لا منطقية، لا تدل على اي مكون قومي او اثني ، وهي ( كلداني سرياني آشوري ) هذا الخلط في اسم قوم هو عمل متعمد لتهميش الأسم القومي الكلداني ، إننا نطالب بكتابته كما هو مذكور في الدستور العراقي الذي صوتت عليه الملايين من الشعب العراقي ، فليس معقولاً ان يقوم الدستور العراقي باحترام القومية الكلدانيــــــــة ويلجأ الدستور الكوردستاني الى التنكر لهذه القومية تحت تأثير الاحزاب الآشورية .

ثانياً : ـ التعامل مع الشعب الكلداني ونخبه من منطلقات قومية وليس منطلقات دينية ، وأن تمنح مستحقات الشعب الكلداني من الثروات بشكل عادل كالتي تمنح للاشوريين، فالأحزاب الكلدانيــــــــــــــــــة ومنظمات المجتمع المدني الكلدانية محرومة من حصصها ومستحقاتها ، فيما تمنح هذه المعونات للاحزاب والمنظمات الآشورية ببذخ ودون حساب ، وتمنع عن الكلدان ، اللهم إلا المنظمات والأحزاب الكلدانية التي تعلن ولائها وتبعيتها للاحزاب الآشورية المهيمنة على مصائر المكون المسيحي في هذه المرحلة .

إن المساعدات ينبغي ان تمنح للمنظمات والأحزاب الكلدانيـــــــــــــة التي تتمتع باستقلاليتها وترفض الخضوع لتلك الأحزاب ، هكذا تكون الشفافية وتحقيق العدالة والمساواة ، وهذا يتطابق مع لوائح حقوق الأنسان في الحرية والكرامة الأنسانية .

ثالثاً : ـ إن الوزارة كانت من استحقاق الكلدانيين إذا اردنا نحترم مكانتهم في الأقليم وان نعيد جزء من وفائهم لكوردستان طيلة سنين النضال والمعارك والحصار والقمع ، لحد اليوم لم يجري التعامل مع الكلدانيين بشكل مباشر ومستقل  بمنأى عن مظلة الأحزاب الآشورية ، فلم يمنح اي منصب رفيع لكلداني ولا يوجد شخصية كلدانيـــــــــة ممثلة في الحكومة الكوردية او في القيادة الكوردية او في الحزب الديمقراطي الكوردستاني ، إن تمثيل شخصية كلدانيـــــة هو الطريق الصحيح لكي تقف القيادة الكوردية على هموم الشعب الكلداني وتتعامل مع مشاكله ومع حقوقه بشكل مباشر . إنه إجحاف بحق الشعب الكلداني حينما يعامل وكأنه تحت وصاية احزاب مكون قومي آخر .

إن بعض الكتاب الكلدان الراكبين لموجة الأحزاب الآشورية ، يرون في عدم الفوز في الأنتخابات للقوائم الكلدانية وكأنه يشكل سبباً ان نسكت عن المطالبة بحقوق شعبنا الكلداني ، ويجب علينا ان نغيب عن الساحة السياسية ، وإنهم وحدهم والأحزاب المتنفذة وحدها يملكون حق التكلم والأنفراد في الساحة السياسية لشعبنا بل يستكثرون علينا التكلم باسم شعبنا والدفاع عن حقوقه المهضومة  .

وأنا اقول لهؤلاء الكتاب القريبين من مصادر صنع القرار :

الزمن دوار  ولو دامت لغيركم لما وصلت اليكم ، وهكذا ان الشعب الكلداني ينبغي ان يتبوأ مكانته الشريفة اللائقة بمنزلته كشعب اصيل ولا يمكن ان تبقى حقوقه مهضومة ، وإن الكتاب المخلصون لشعبهم عليهم ان يبقوا مع الشعب وقت الضيق ، لا ان يتركوه من اجل المنافع المادية والمعنوية ، فمن المؤسف ان يكون احدهم بالأمس يتغنى بالقومية الكلدانية واليوم يكيل النعوت والمثالب بمن يفتخرون بانتمائهم الكلداني .

نحن نناشد القيادة الكوردية ان تتخذا قراراً شجاعاً وان تسعى الى تمثيل الأخوة الأيزيدية والشعب الكلداني في الوزارة الجديدة ، وان تفتح صفحة جديدة مع الشعب الكلداني وأن تقف معه كما وقف هذا الشعب مع الشعب الكوردي اعوام نضاله التحرري القومي .


حبيب تومي / عنكاوا في 15 / 04 / 12

You may also like...