الواقع السياسى الكلداني الراهن


في القرن الواحد والعشرين ، وما يشهده العالم من تقدم تكنولوجي في مجال المعلومات ، اصبح الوعي والمعرفة لم يعودا مقصورين على النخبة المثقفة فقط بل مكشوفين امام الجميع بفعل ظهور الانترنيت والقنوات الفضائية . ان الانسان الكلداني اخذ يميز ما يدور من حوله من امور في الساحة العراقية وأصبح له رؤى ودراية بفرز الايجابيات والسلبيات ، واخذ يترقب عن ما ستفعله التنظيمات السياسية الكلدانية نحو تصحيح مسار الغبن الذي لحق بالكلدان من خلال تقديم الحلول الناجعة لمعالجة المشاكل وقضاياهم المصيرية لمواكبة العملية السياسية في العراق ، على امل ان تزول لهجة النواح والندب والعويل على واقعنا المؤلم .
ان الشباب الكلداني ينقسم الى قسمين ، الاول يجهل السياسة والثاني له المعرفة في الامور الحاصلة في الساحة العراقية وتشوقه في الانخراط في العمل الحزبي ، ولكن يرى ان التنظيمات السياسية الكلدانية مصابة بحالة من الكسل الفكري والخمول السياسي وانخفاض مستوى المشاركة السياسية ، كما انها تعيش حالة التباعد بين القيادات السياسية والجماهير عن بعضها وعدم تجديد خطابها لمسايرة التطور على الساحة السياسية العراقية ، وعدم العمل على ترتيب اوضاعها وتقويم استراتيجتها أو مراجعة خطابها السياسي ، هذا بالإضافة الى عدم التجديد في طرق وأساليب عملها وبنائها التنظيمي ، وتنمو فيها ظواهر الانتهازية ومآرب شخصية لتحقيق مكاسب مادية ومعنوية ويشكل ظاهرة استفزازية تبعد الفرد الكلداني عن تأييد هذه التنظيمات السياسية.
يبدو أن غالبية قيادات هذه التنظيمات السياسية اصبحت تعيش شبه عزلة تنظيمية بعيدا عن قواعدها ، نتيجة غياب الديموقراطية في صفوفها والتي تعني قبول الاخر فكرا ورأيا ووجودا ، لذلك لا بد من العمل على السعي بكل جد واجتهاد على تشكيل تنظيمات سياسية جديدة من بطن الشعب الكلداني دون تبعية او الحاق ، وتصاغ وفق التصورات الجديدة واعتماد الاشكال الديموقراطية التي تتيح التفاعل الحر بين الافكار والتي تتيح اطلاق المبادرات والمصارحة مع الوسط الشعبي الكلداني ، وإعتاق العقل من القيود الجامدة والبحث عن البدائل الاخرى الممكنة لتحقيق نتائج افضل في ظل موازين القوى الراهنة.
ان برامج معظم التنظيمات السياسية الكلدانية قد تجاوزها الزمن بكثير ، ولم تعد تتلأم مع متطلبات عصرنا الحاضر الذي نعيشه ، ومن ثم فان هذه البرامج في حاجة الى المراجعة والتعديل والتجديد بما يجعلها تتناغم وتنسجم وتتعايش مع طبيعة القضايا المطروحة على الساحة السياسية ، فالحاجة ماسة وضرورية لأن يعمل كل تنظيم على اعادة النظر في برنامجه وتنقيحه من كل ما تجاوزه الزمن وتضمينه رؤى وأفكار جديدة تتناسب مع متغيرات وتحديات العصر ، حتى تستطيع هذه التنظيمات مواجهة التحديات في المرحلة الراهنة التي تحصل داخل الوطن ويعيشها الفرد الكلداني خصوصا ، وإضافة الى تحديث برامج التنظيمات فهي مطالبة ايضا بتحديث ادائها السياسي بحيث تؤسس لها قاعدة جماهيرية واسعة تتجاوز بها ما تعانيه من اوجه قصور مزمن في تنظيمها.
فلا يكفي أن تتضمن برامج التنظيمات السياسية الكلدانية مطالب معينة ، وإنما لابد من برنامج عمل وتواصل مستمر ومقنع لتحقيق ما تؤمن به من أفكار وأهداف ورؤى ، فالأفكار العظيمة لا تموت ولكنها قد لا تنتصر فورا بمجرد طرحها ، وإنما تحتاج الى وقت طويل لكي تختمر وتعطي ثمارها بعد عمل جاد وتخطيط سليم قام به القائمون عليها ضد قوى تقف دائما ضد ماقد يهدد مكانتها.
من هنا فان تلك التنظيمات السياسية مطالبة بان تخوض معارك صعبة لتعبر عن إرادتها .. طالما تغيرت الاوضاع السياسية وباتت ساحة مفتوحة امامهم لممارسة العمل السياسي والاحتجاج السلمي إلا ان يتم الاستجابة لمطالب الكلدان العادلة ورفع الغبن والتهميش عن شعبهم.

وديع زورا

5 أيلول 2012

You may also like...