الموقف الصريح والجريء لنيافة الكاردينال يستحق الثناء والتقدير

 

أستبشر العراقيون خيرا لأنهاء الأستبداد في العراق بشكل عاطفي، بعد التغيير عام 2003، لكن وللاسف الحقيقة والواقع المقروء هو العكس، لأسباب عديدة منها التغيير الحاصل كان خارجيا، احتلاليا، شرع بموجب قرار صادر من الامم المتحدة، المرقم 1483 في ايار 2003 وقرار آخر في تشرين الاول من نفس السنة المرقم1511، وتشكيل قوة متعددة الجنسيات شرع وجودها، بموجب قرارها المرقم 1637 في 2005 وقرارها الآخر المرقم 1723 في 2006 اسنادا الى الفصل السابع الذي لا يزال ساري المفعول على العراق، كونه يهدد السلم والامن الدوليين، وهذا ما يجعل العراق ناقص السيادة، وخاضع للوصاية الدولية.

ومع كل هذا وذاك، الساسة العراقيون يتقاتلون على الكعكة العراقية، والبترول مباح للسراق والجناة، والاقتصاد مشلول والخيرات غير مسترشدة، والبلد يعاني من التضخم الذي تجاوز 7%، والعملية السياسية أصبحت مشلولة وتعاني التدهور، اذا استمر الوضع الآني على ما هو عليه، والمواطن يدفع الثمن الغالي جدا، في كل المجالات بما فيها ضريبة الدم الساري بسلاسة مستمرة، ونزيف الهجرة قائمة تنخر الجسد العراقي، والعوانس والمطلقات والارامل ويتامى الاطفال في تشرد، والفساد في تزايد متواصل والنسبة في تصاعد والتضخم قائم، والخدمات مفقودة والصحة لا وجود لها، والامن والامان غائب كما هي الدولة بمؤسساتها لا وجود لها، والمحسوبية والمسوبية متواجدة مع غياب القانون، والعدالة لا وجود لها، والدراسة ومستلزماتها ولوازمها مشلولة وهلم جرا.

موقف الكاردينال الوطني والقومي:

بيان البطريركية الكلدانية المؤرخ في 15 – كانون الثاني -2012 كان واضحا ودقيقا، في معالجة الواقع المؤلم الأليم للعراق وشعبه، وهو موجه بالاساس الى المسؤولين في الحكومة العراقية، لمعالجة ما يمكن معالجته، للاوضاع المتردية الدامية، التي تنخر الوجود الشعبي العراقي، وخصوصا جزء من الشعب العراقي الاصيل المتمثل في الكلدان تحديدا، هؤلاء الشريحة القومية الانسانية الوطنية، كانت ولا زالت وستبقى وطنية حيّة نزيهة لمبادئها وأصالتها العراقية، من دون مزايدات على اي مكون عراقي آخر، وللاسف الشديد هذا المكون الاصيل همش وبتعمد واضح ومدروس سلفاّ، من قبل الحاكم الامريكي بول بريمر، وليكملوا هذا الدور الهزيل سياسيوا العراق المتنفذين، ابتداءاّ من العنصريين والشوفينيين المراوغين والدجالين والمحتالين على شعبنا الكلداني الوطني المسالم، مستغلين سياسة الفن الممكن، والكوتا المسيحية الطائفية المقيتة، والمطلوب قلعها من القاموس العراقي، لأحلال محلها مكونات قومية قائمة بذاتها، وهو ما اقره الدستور العراقي الدائم بعد الاستفتاء عليه عام 2005، ضمن حق الكلدان القومي الى جانب بقية مكونات المجتمع العراقي الاصيل، معتبراّ تصرفات وتحركات يونادم كنا وجماعته، مدانة من قبل الكلدان كونها تناقض الدستور، وهو حق مشروع وتاريخي يملي على القيادة الكنسية، التحرك الجاد لوقف التطاول على الشعب الكلداني الاصيل ، مطلوب من البرلمان العراقي ، تعديل القانون الانتخابي وحذف الكوتا المسيحية الطائفية، وتبديلها بكوتا قومية اصيلة، تشمل جميع القوميات والمكونات للمجتمع العراقي، وعليه الابتعاد والكف من زرع بذور الشر الطائفية المقيتة الهدامة لأواصر المجتمع والعراق الحديث.

كل الدلائل تشير الى المؤامرات المستمرة ضد الكلدان قومياّ، من خلال تصريحات كنا والمواقف المتشنجة للباطريرك مار دنخا الرابع، ومعهم المجلس اللاشعبي بقيادة وتوجيه سركيس الآشوري الذي تبنى التسمية الهزيلة الفاركونية القطارية المؤدلجة، لضرب الكلدان قوميا ووطنيا، من خلال تهميش وجودهم ودورهم التاريخي الاصيل، المعروف من قبل الداني والقاصي، وهم دائما كانوا في المقدمة منخرطين مع قوى واحزاب عراقية تحررية وطنية ديمقراطية، متشككين حتى في نضالهم ودورهم الوطني والقومي، والمناضلون الكلدان معروفون للجميع، من خلال مسيرتهم ودورهم الهادف لبناء الوطن والانسان العراقي معا سابقا وحالياّ ومستقبلاّ، وهم ساندوا ودعموا كنا وحزبه زوعا، لسنوات عديدة ومتواصلة في النضال من اجل العراق وشعبه، وبالضد من الدكتاتورية والأستبداد، وللاسف هؤلاء بدأوا بالانقلاب بضغينة، حتى لمن ساعدهم وآواهم وجعلهم مناضلين، ليطعنوا أخيراّ بظهر المناضلين الوطنيين الكلدان … هذا هو جزاء الاحسان؟؟؟!!!.

نقدر عاليا المسؤولية التاريخية والموقف الجاد والمطلوب، من قبل نيافة الكاردينال عمانوئيل الثالث دلي، وسيادة المطران شليمون وردوني المعاون البطريركي، والقائمين بأدارة الكنيسة من أمثال المهندس نامق جرجيس مثالا وليس حصراّ، ودورهم الواضح تجاه شعبهم، الذي يقدر عاليا دورهم المسؤول المبني على أحترام الشعب العراقي ووجوده الشعبي والتاريخي على ارضه الوطنية العراقية، والمضي قدماّ لاحقاق الحقوق القومية الوطنية الانسانية لشعبنا الاصيل.

 

ناصر عجمايا

 

You may also like...