المنبر الديمقراطي الكلداني الموحد رؤية تحليلية

من المعروف في السياق الاكاديمي ،لايمكننا الفصل بين النظرية والتطبيق الميداني الذي يعتمد على اسلوب المشاهدة والملاحظة المقننة .فاذا اعتمدنا على قياس الظاهرة الاجتماعية على الاساس النظري فقط ، حينها لا نتمكن من تحديد ملامحها وابعادها ما لم تقترن العملية بالممارسة الميدانية ،وكذلك اذا اقتصرنا على المشاهدة الميدانية دون قراءة الافكار النظرية والوقوف عليها ،لا جدوى من العمل الميداني أيضا .
احاول ربط ما تؤكد عليه هذه القاعدة المنهجية في تقديم رؤية انطباعية مدروسة عن تنظيم سياسي سبق وان قرأت عن فلسفته وافكاره ، ومنحتني فرصة المشاهدة والاتصال المباشر مع منتسبيه مؤخرا، تلك المشاهدة الميدانية التي رسخت من التفاعل بين الرؤية النظرية والميدانية للوقوف على حقيقة هذا التنظيم الذي ظهر في العمل السياسي انعكاسا للتغيير الذي حدث في العراق بعد عام 2003 ،وتزايد العدد السكاني للشعب الكلداني في بلدان المهجر.
وقد أدركت وشخصت من اتصالي المباشر مع النخبة السياسية للمنبر الديمقراطي الكلداني الموحد في الندوة التي اقامها في مدينة ديترويت الامريكية مؤخرا، العديد من الافكار والرؤى الشخصية الحقيقية لهذه النخبة . وعليه لمست منهم ميدانيا ،التوازن الفكري ،وعدم الانفعال في التعاطي مع من يخالفهم الرأي،بل قبول الاخر كما هو عليه لا كما يجب وفقا لتصوراتهم ،ويمتلكون نظرة ورؤية موضوعية للاحداث الجارية في العراق ،ومايخص الكلدان والاشوريين والسريان ،ويتعاملون بارادة وطنية ديمقراطية وقومية ،فهم في كل المناسبات يدعون الى الحوار البناء والتعاون بين المكونات الاثنية في العراق .
فما يخص شعبنا الكلداني ،تبين بوضوح اعتزازهم وتمسكهم بالهوية الكلدانية، وانها ليست موضع مساومات سياسية ابدا بالنسبة لهم . فهم يؤكدون دائما على بناء البيت الكلداني ،ويرون هناك حاجة كبيرة للحوار القومي بين الاحزاب والقوى السياسية الكلدانية من اجل تفعيل العمل السياسي لتحقيق الاهداف العامة لشعبنا الكلداني، ويتبنون مبدأ التعاون بين الكنيسة والمنظمات الكلدانية المدنية والسياسية لتبارك وتدعم النشاطات التي تقيمها تلك المنظمات لتحقيق المكاسب المنشودة. وعليه نرى دائما مشاركة كل المنظمات المدنية الكلدانية في النشاطات التي يقيموها بين فترة واخرى، فهم يسعون دائما الى تحقيق موقف كلداني موحد نحو القضايا الوطنية وتجاه علاقة الكلدان بالاشوريين والسريان.
يتخذ اعضاء المنبر مواقف صريحة وفعلية تجاه مسألة تهميش الكلدان منذ سقوط النظام السياسي الدكتاتوري عام 2003 ،فهم يرون ان الكلدان اقل من غيرهم نيلا لحقوقهم الوطنية والسياسية والاجتماعية في ظل الظروف الراهنة في العراق.فهم يسعون بجد واخلاص الى رفع هذا التهميش بكل الوسائل ،ولعل رغبتهم في وحدة البيت الكلداني لتكون السبيل الموضوعي لتحقيق الاهداف والطموحات السياسية والاجتماعية للشعب الكلداني، هي الغاية الاساسية في كل مناسباتهم ونشاطاتهم.فهم دائما جادون في تحقيق السبل الكفيلة لتمكنهم من خدمة شعبنا الكلداني في البلد الام والمهجر.
واما على المستوى العلائقي بين مكونات شعبنا الاثنية ،فهم يسعون دائما الى التنسيق والتعاون مع كل التنظيمات للعمل وتحقيق الاهداف والمثل العليا لشعبنا وفقا لمبدأ الاحترام المتبادل بعيدا عن التقوقع والانفعال والغاء الاخر،ويدركون تماما ان الوحدة بين الكلدان والسريان والاشوريين لايمكن تحقيقها الا باتخاذ موقف مشترك نحو هذه المبادىء لكل المكونات. وعليه يرفضون رفضا قاطعا اية تسمية مصطنعة كالتسمية التي استحدثت اخيرا(الكلدان السريان الاشوريين) التي تخل بمشاعر الفرد القومية والاجتماعية والنفسية.ولكن يؤكدون دائما على توحيد صفوف شعبنا لكي يكون قادرا لصد التهميش والاضطهاد الذي يتعرض له يوميا في بلده العراق.
تعبر فلسفة المنبر تجاه القضية الوطنية ،السعي الى بناء عراق ديمقراطي موحد يطبق الديمقراطية بنزاهة ومعبرة عن ارادة الشعب بكل اطيافه القومية والدينية ،وان يكون التعاطي المدني هو السائد في التداول السياسي والاجتماعي والثقافي بين هذه المكونات . ويؤكد على نشر ثقافة الولاء للوطن لتكون الهدف السامي لكل حزب سياسي وجماعة دينية وقومية.
ويمكن ايجاز نظرتهم ،بأنها نظرة موضوعية للاحداث ،ومواقف صريحة مبنية على التعاون والتفاعل الايجابي بين مكونات شعبنا ،فهم نخبة سياسية واعية ومدركة للوضع الراهن ،وتنادي لاعلاء شأن الامة الكلدانية وتفعيل الوحدة الكفيلة بالاحترام المتبادل بين الكلدان والسريان والاشوريين.فهم حلقة سياسية حرة مستقلة في مواقفها ورؤيتها ،ولايمكن التأثير على مبادئهم مهما كانت الاغراءات .
واخيرا اتمنى التقدم والمزيد من العطاء لمنتسبي هذا التجمع السياسي ،ولا احبذ ذكر الاسماء لانهم يمتلكون اسما مشتركا واحدا هو(المنبر الديمقراطي الكلداني الموحد ) الذي يعتزون به جميعهم.والمزيد من التلاحم والتعضيد المتبادل بين المنبر والاحزاب الكلدانية الاخرى لاسيما الحزب الديمقراطي الكلداني وحزب التجمع الوطني الكلداني ومنظمات المجتمع المدنية الاخرى الكلدانية ومنها الاتحاد العالمي لكتاب وادباء الكلدان والمجلس الكلداني العالمي وكافة المراكز الثقافية والجمعيات الكلدانية المنتشرة في بلدان المهجر والبلد الام.

الدكتور عبدالله مرقس رابي
استاذ وباحث اكاديمي


You may also like...