المثقف والنرجسية

 

عندما يسقط المثقف في براثن النرجسية ، يسقط  في عيون الأغلبية  

   

كان ومـا يزال الطموح والحلم ، النجاح والتألق ، النجومية والنخبوية ، المكانة الاجتماعية ، الموقع السياسي ، الغنى المادي ، القـائد  الكبير،السياسي البارز ، الشـاعر النخبوي ، الفنـان المغمور، المهني ، المخترع المصمم  اللامع …. ألـخ  !  كلـهـا من الأمور الشرعية والتي هي أساس النجاح والتقدم لسائر البشر . ولا يوجد من يعارض أو مـا يتعارض أخلاقـيـاً في هذا الشأن البتة مع رغبة الأفراد في النجاح ، إن كان ذلك عـند حدود المعقول والممكن فلا ضرر فيه ، فتطور البشرية عبر التاريخ كان أحد أسباب نجاحهـا ورقيـها هو المنافسة والمنافسة الشريفة بالذات وحاجة الأنسان للاشياء التي تسهل حياتة وبقائهُ كانت السبب في إيجاد المخترعين والعلمـاء والأطباء والباحثين ، وهذا مـا يعطي للجميع الفرص من اجل النجاح وإثبات الذات .  وكل هذا يدخل في مجال المنافسة الحضارية من أجل الرقي الانساني العام  وخدمته .

ولكن حسبي من أن البعض أو ربمـا الكثيرين من الناجحين والمرموقين في مختلف المجالات يصابون بمرض أو داء كـمـا أسمّيه داء العظمة أو ( مرض الأفراط بالنرجسية ) ، وفي الحقيقة هنالك أمثلة حية كثيرة حولـنـا يومـيـاً وبالأخص في بلادنـا العربية ومن القادة والرؤساء الذين كان الغرور قد وصل بهم حـّد النرجسية القاتلة دكتاتورالعراق الساقط ، وآخية في المرض الهارب القذافي المجرم المهوس في العظمة والذي لم يدع لقبـاً من الالقاب إلا وسمى نفسهُ ، وأغلب القادة العرب المتبقيين يغوصون في وحـّل النرجسية لحد الأذنين . ( لكل واحد منـهم يحتار فرويد في علاجـهم بسبب لوثة الجنون والعظمة ) .

 وفي الحقيقة أن آفة النرجسية ليست فقط مرض العظمة الذي يصيب الرؤساء والقادة العرب فقد وإنـمـا هي مشكلة مستفحلة على نطاق واسع بين مجتمـعاتـنـا العربية  وعلى مختلف المستويات وكافة الأصعدة . ففي أول ظهور ….  أو سطوع نجم … كـائن من كـان في بلادنـا العربية ، تراه يستصغر الأقربين والاصدقاء وكل من حولة ، ومن حيث المبدأ يكون الفضل الأول والآخير لنجاحة وبلوغة النجومية لـهم .  

وبـتالي إن أصبح رئيس للبلاد فالبلاء أعظم ، وبأعتقادي أن المريدين له ُ والمتزلفين والنفعيين هم من يصنعون منه دكتاتوراً كمـا هو مـثال العراق مع صدام ، حينـما كان أكثر من نصف الشعب يتغنى ويتراقص على أنغام القائد الكارتوني ( كم كان في العراق مغفلين ومهرجين وقرقوزات للأسف ) ونفس القاعدة تتـكرر مع جميع قادة وملوك ورؤساء الأنظمة العربية الساقطة والتي في أنتظار السقوط  دون أستـثـناء أحداً منـهم وكذلك جميع المدراء العاميين أو المدراء أو القيادات الحزبية أنظرو إلى حزب اكبر حرامي في العالم مبارك … بالمناسبة  [ أني هـنا أود أن أحذر الشعوب العربية التي نجحت في تغير أنظمتـها من مغبة الوقوع  في الخطأ السابق الذي وقع برأس العراقيين وغيـرهم وأن لا تخلق من الرؤسائهم وقادتـهم الجدد دكتاتوريين ومجرمين وقتلة  كعلي عبدلله الطالح ومـا يسمـى أسد سوريـا ] ( أحبذ تسمية ثـعلب دمشق ) .  

 

أعلم بحكم قرائاتي للعالم النفساني سيجموند فرويـد الذائع الصيت ووصفه للأشخاص المصابين بهذا الداء أو المرض ,وهـنـا وأود أن أورد بعض تلك الخصائص علة تنفع لأيـقاف أو فرملة الأفاقـين المندفعين من اصحاب النفوذ والمال والشهرة عنـدمـا يـتأملـو ويستنـتجوا خيبـبـهم إلى أين ستوصلـهم !! وعلهم يتواضعوا ، وينزلوا بعض الشيئ إلى عالم الواقع والحقيقة التي مفادها [ إن الانسان العظيم والذي يخّـلد ] ، ليس بمـالهُ أو جاههُ ولا يقاس بمركزهُ أو مذهبة أو أسم عشيرتهُ أو لقبه أعتقد بأنهُ حان الوقت  …. بل بأفعالهُ وبعلمهُ وبـمـا يقدمه للأنسانية من عطاء وأبداع ورقي والتظحيات الجسـام .

يقول فـرويـد : –

1- النرجسي هو من ينغمس مع الآخريين ويندمج معهـم ولكـنهُ يـعتبرهم أدنى منـهُ مستوى .

2- للنرجسي شعـور طاغي بالعظمة والكبرياء .

3- يمتلك الأنسان النرجسي أحساساً بأنهُ شخص غير عـادي وبأنهُ نـادر الوجود وأن الخالق لم يـصنـع منه نسـخة . ( كسر القالب بـعد الخلق ).

4- الشعور بأنهُ عظيم وعلى الأخريين أحترامه ووضعهُ في مصاف … الأعلى والأفـهم والاكـثر ذكـاء .

5- يقول فرويـد بأن النرجسية هي المرحلة التي ينتقل فيـها الـحب العـام إلى حـب الـذات المـبـالغ بـه .

6- اغلب أصحاب اللوثة النرجسية يكونوا أبتزازيين متملقين وصوليين مخادعين أنتهازيين من أجل الوصول لأهدافهم وتحقيق طموحاتـهم الغير شرعية ( وهذا مـا أبتليـنـا به منذ تسلم البعث السلطة في العراق واليوم تزداد هذه الافة شراسة وأنتشار .

7- لا يحبذ النرجسي أن يـُنـتـقـد وإلا يعتبرهُ تـهجمـاً ضده شخصيـاً ، وبتالي يكرة كل المنتقدين لهُ بشدة ومع ذلك هو لا يـُظهر ذلك البغض  .

8- مـا من أحد آخر كالنرجسي يـحب المناصب والظهور ، ولكن ليس من أجل الآخرين بل خدمة لشخصهُ .

9- مشكلة الشخص النرجسي أنهُ يعتـقد جـازمـاً بأنهُ صـاحب أفضل الأفكـار والطروحات وأسلمـها وأصّحـهـا ، أمـا الآخرين فـهـم ليسوا إلا تـافهـون وأغبـياء .

10- أمـا الفضاضة وسوء معاملة الآخرين والحساسية المفرطة هي من مزايـا الأشخاص المرضى بداء النرجسية حتـماً .

 

أمـا منطق علم النفس حول الشخصية النرجسية فيركز على أنهُ ( آي النرجسي ) متمكن من السيطرة على عواطفهُ في خزانته الداخلية الذاتية ولا يحررهـا خارج تلك الخزانة حيث الآخرين ، ومنهم أقرب الناس أليه ، العائلة ، الاصدقاء ، الرفاق فهي تبقى مخزونة بمثابة وطنه وعالمه الذي يعيش فيه ، حيث لا يهتم إلا بـذاته ورغباته وتطلـعاتـه حتـى إن فشـل أقرب النـاس أليه فـهو لا يـهتم إذ يقوم بتـهديم كـافة جسور المودة والألفة والصداقة والأهتـمـام بـهم ويـبتعد فراسخ عـنهم رغم تظاهرهُ أمـامـهم بـعكـس ذلك .       

 

أني في الحقيقة أستحي وأخجل من  بعض الأشخاص الذين كنت أكـنُ لـهم الأحترام والمودة وأرتبطتُ معـهم بأواصر الصداقة والعمل السياسي والثقافي والأجتـمـاعي وغيرهـا من الأنشطة الأنسانية والوطنية على مدى أكثر من اربعين عـام ، وهم كـثـُر ومنـهم  قريبين مني …. ولكن الغالبية منـهم من حيث لا يدرون مصابين بداء النرجسية وهذا الذي أنـا خائف منه عليهم ومن نفسـهم ( يـا حبـذا لو ان كل منـا يراجع نفسه ويحـاسبـهـا على أفعالـهـا وأخطائـهـا تجاه الآخريين وتجاه المجتمع والوطن وهذا صـعب على الجميع في خضم هذا العالم المليئ بالمتناقضات والأوجاع والاضطرابات الأقتصادية وغيرهـا ، ولكن أعود لأقول انـها خمسة دقائق من الأربع والعشرين ساعة في اليوم ، ليجلس الفرد مـنا لوحدهُ ويتأمل مـع ذاته يومه في ركـن ساكـن وهادئ عله ُ ينفع لكي يتخلص من هذا المرض الأخبث من الـخبيث . والذي أودى بـنـا إالى هذا الـجـحيم من التـخلف والظلامية والقادم أكثر إن لم نتسامح مع ذواتـنـا وننقي أنفسـنـا من براثن المرض العصري الذي يجتـاحـنا . 

 

 

 خلاصة القول هذه هي بعض الصفاة الأساسية لكل نرجــسي فحذاري من الوقوع في فـخ يـفُـقِـدُك آلـقـك ومحـبـيـك أولـهم الآقربون    

1- أستغلالـهُ للـجمـيع .

2- لا يحب إلا ذاتهُ ويكره الآخريين خصوصـاً النـاجحين .

3- أنشغالهُ الدائم بالنجاح الغـير مـحدود على حسـاب الجـميع .

4- السـعي الحثـيث وراء الشـهرة .

5- الطموح الزائد عـن الحدود وبآي وسيـلة كانت .

6- الشعور بالعظمة والـنقـص مـعـاً .

7- الأهتـمام بشؤنه الخـاصة والداخلية من دون الأحساس بما يجلاي أو يشعر الآخرين .

8- الهـدوء المتـكلف والمصطـنع الذي يظهرهُ للـخارج .

أملي في تواضع الكبار من أجل تـعلم الصغار .

You may also like...