المتعصبون وخططهم لتدمير الثقافة والمجتمع

المتعصبون فكرياَ سواء كانواافراد ام جماعات يتخيلون انهم يمتلكون الحقيقة والراي الصحيح , وما عداهم من الآخرين على خطأ , فهم لا يؤمنوا بالديمقراطية كفكر وسلوك ويتجنبوا الحوار , لانهم لا يمتلكوا قوة البرهان و يمارسوا الاستبداد , ولاجل تمرير مشروعهم  ومن المحسوبين على الاسلام السياسي يوحوا هؤلاء المتعصبون للجمهور بان رأيهم يستند الى القدسية , وبهذا فهم يحاكوا الموروث المقدس لدى الجماهير للتأثير فيهم وتعبأتهم في مشروعهم  .

 

المتعصبون يستخدمون العنف لفرض آرائهم وافكارهم على المجتمع :

المتعصبون يسعون دائماَ لمهاجمة افكار الآخرين ويستخدمون عملية الهدم لتدمير الفكر الآخر , فهم غير واقعيون اولاَ وثانياَ ينسبون كل ما هو مشرق في ثقافة وفكر الآخرين ونضالاتهم ضد الدكتاتورية و الظلم والاستبداد ومن اجل خير الشعب والوطن و الحداثة والتنويروالديمقراطية ينسبوه لهم , وكل ما هو زائف ومشين في تأريخهم ينسبوه للآخرين لغرض هدم فكرهم ومشروعهم التنويري الحداثي الديمقراطي , وثالثاَ انهم مصابون بالجمود الفكري , فهم منغلقون منعزلون فكرياَ وان حججهم دائماَ هشة وضعيفة , و بهذا لا يستطيعوا مقاومة الفكر التنويري والحداثة والثقافة والفكر الديمقراطية , فيلجئون لممارسة العنف بكل انواعه بما فيها تطويع ومخالفة القانون لفرض ارادتهم ومحاربة الآخر .

 

الوسائل التي يلجئون لها لممارسة العنف :

1- من خلال فرض فكرهم على المجتمع بكافة الوسائل المتاحة لهم , وبهذا يعملوا على جعل فكرهم مهيمن ومسيطر في المجتمع , ويهددوا الآخرين بانهم قادرون على تحريك الشارع ضدهم من منطلق انهم يمتلكون سلطة قوية شرعية شعبية مطلقة .

2- يستخدموا المقدس في غير محلة , بالتعاون والتنسيق مع بعض رجال الدين المتعصبين فكرياَ , لانهم يدركون تماماَ ان المجتمع يحترم رجال الدين ولهم مكانتهم الخاصة في المجتمع , ولهم قدسية ومن خلال التقليد ايضاَ والتبعية المطلقة لدى المقلدين وبهذا يلجؤوا الى رجال الدين المتعصبين لتحريكهم لمواجهة الفكر الآخر , كما حصل في الاعتداء اللاقانوني على صرح الثقافة العراقية ( الاتحاد العام لكتاب وادباء العراق ) من قبل مجلس محافظة بغداد , ولاعطاء غطاء ديني لاعتدائهم هذا نسقوا مع رجل الدين ( آية الله محمد اليعقوبي ) واصدر بيانه الهجومي ضد مثقفي العراق , رغم انها غلطة كبيرة ارتكبها السيد آية الله محمد اليعقوبي , إلا انه من وجهة نظري ان الرجل قد زج في معركة لا يعرف اولياتها ودوافعها فقد ورط من قبل المتعصبين في هذا العدوان المخطط على الثقافة والمثقفون  . واخيراَ زيارة وزير التعليم العالي ( لآية اللة النجفي) للارتكاز على المقدس لغرض اخذ اجراء قانوني للفصل بين الجنسيين في صفوف الدراسة والمعرفة في الجامعات العراقية .

3- استخدام القانون كوسيلة للعنف ومصادرة الحريات , مثلما استخدمه مجلس محافظة بابل بالغاء مهرجان الموسيقى , ومجلس محافظة البصرة بالغاء السيرك ومجلس محافظة بغداد بالهجوم العسكري على اتحاد الادباء واغلاق النادي الاجتماعي , وما نشرته وسائل الاعلام من قرار وزارة التربية باغلاق التدريس في مادتي المسرح والموسيقى في معهد الفنون الجميلة وازالة التماثيل من مدخل بناية المعهد . فهم يتشبثوا بكل الوسائل لمحاصرة ومحاربة الفكر الآخر .

 

المتعصبون دائماَ  غير واقعيون ويعملون وفق رغباتهم :

اكدت تجربة العراق ان المتعصبون  من احزاب الاسلام السياسي اولاَ ومن بعض القوميون المتطرفون ثانياَ هم لا يتعاملوا مع الواقع العراقي المتعدد القوميات والاديان والثقافات والحضارات والافكار والاتجاهات الفكرية , بل يتعاملوا وفق رغباتهم , وهذا منطق  في التفكيرخطير وخطير جداَ, وهو نهج تدميري يقود الى تراجع المجتمع ويؤدي الى تخلفة ومصادرة الحقوق والحريات والغاء الآخر . لان هذا النوع من التفكير المرتكز على  الرغبات انه لا يمثل مشروعاَ ديمقراطياَ ولا يمتلك افقاَ مستقبلياَ , أي بمعنى آخر لا يعبر عن الحرص على الثقافة الديمقراطية ولا يستند على ممارسة ديمقراطية , وبنفس الوقت لا يعبر عن مصالح المجتمع والوطن وتطورهما للاسباب التالية :

1- ان مشاريعهم وخططهم الذين ينوون تنفيذها في المجتمع , هي رسمت من وحي افكارهم ورغباتهم المتعصبة , وبهذا فان الحياة اكدت وتؤكد دائماَ ان هكذا رغبات هي قائمة على تلبية مصالح ومطامح  ذاتية انانية واهداف فئوية ذات صبغة تدميرية بحق الفكر الديمقراطي والتنوع الفكري والاثني والمعرفة  والفن والابداع في المجتمع فهم يعملون لذاتهم وليس للصالح العام .

2- ان تجربة العراق اكدت ان هؤلاء المتعصبون اصحاب الراي القائم على الرغبة الذاتية أو (الفكر الرغباتي) من الاسلام السياسي والقوميون المتعصبون المهيمنون على العملية السياسية , شرعوا قوانين حسب رغباتهم الذاتية , وواحد من قوانينهم الذاتية الذي شرع حسب الرغية والمصلحة هو التعديل الاخير لقانون الانتخابات البرلمانية في 7-3-2010 لاجل الغاء الآخر ( ولكن من هوالآخر هنا هو الفكر اليساري والديمقراطي وحتى الليبرالي والمستقل ومنع ممثليهم من الوصول للبرلمان ) لاجل هيمنتهم على عرش العراق وتفصيل مستقبل العراق وشعبه وثرواته حسب مقاساتهم .

3- ما اكدته تجربة العراق ان الفكر الرغباتي منبعه الفكر المتشدد الديني الطائفي والقومي المتطرف , الذي لا يتردد باستخدام كل الوسائل لمصادرة حق الآخر , ومن الوسائل التي لجؤوا اليها في الانتخابات مثلاَ , حيث ما رسوا التضليل الاعلامي لسيادة فكرهم في الشارع وارغام الجماهير وبكافة الوسائل التي يعرفها الجميع لتبني وجهة نظرهم والتصويت لهم , اي انهم يمارسون الخداع الجماعي بوسائل عدة ويعتبرونه سلاح بايديهم لمواجهة الآخر  , ما اكدته تجربة العراق ان المتعصبون ليس لديهم ثقافة وسلوك ديمقراطي .

ملاحظة : ان المقالة لم تشر الى الارهابيون والتكفيريون واعمالهم الارهابية , ولكن تناولت موضوعة المتعصبون الذي يتمبز بهم المشهد السياسي العراقي .

 

الخلاصة والاستنتاج :

1- المتعصبون جميعاَ يعادون الثقافة والفنون فهم جهله اولاَ واستبدايون ثانياَ ويشكلون آفة فكرية في المجتمع مدمرة ثالثاَ , ورابعاَ هم احد اسباب ازمات البلد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعلمية والثقافية وذلك عندما يكونوا في مركز صنع القرار السياسي .

2- المتعصبون يعملون بنفس طويل ويعولون على الاستسلام لمشاريعهم الذاتية وبالذات عندما يربطون مشاريعهم بالمقدس لتضليل المجتمع , فهنا يكون اول المستسلمون هم الفئات الاقل تعلماَ وثقافة والاقل وعياَ فكرياَ وحتى الضعفاء نفسياَ واللاهثون وراء الذات .

3- اخطر حالات الاستسلام هو عندما يستسلم المثقفون والفئات الواعية في المجتمع لخطط المتعصبين , وهذا هو اخطر حالات الاستسلام , لانه يعجز عن مواجهة المتعصبون ويساعدهم في تنفيذ مشروعهم التدميري اللاديمقراطي .

4- أكدت تجارب التاريخ القديم والحديث , وان كان من مثال هنا ( هو هتلر وحزبه وموسوليني وحكم الدكتاتورية في العراق ) . ان هؤلاء اعداء الثقافة الديمقراطية هم كانوا متعصبون فكرياَ واستبداديون هذا اولاَ وثانياَ ان افكارهم كانت خاطئة , دمرت الثقافة والشعوب والاوطان . وما رسوا دورهم التدميري بحكم تضليلهم اعلامياَ للمجتمعات وتوظيفهم لمشاعر الناس البسطاء , واستخدموا العنف لتركيع المجتمع لخططهم ومشاريعهم الذاتية الانانية .

5- تجربة العراق تؤكد الحذر من المتعصبين الجدد وتصحيح اخطائهم وهي لا تزال في المهد ومقاومة مشاريعهم المعادية للديمقراطية وللثقافة والفن والحريات والحقوق وعدم الاستسلام لهم والا يفرضوا سيطرتهم على المجتمع ويغيروا القوانين لصالح اهدافهم التدميرية الذاتية .

6- اكدت تجربة العراق ان المتعصبين يهدفون الى تشويه ثقافتنا الوطنية , لتحل محلها ثقافة الجهل والطاعة لفكرهم , فهم يسعون لالغاء الحوار واستخدام اساليب الخوف والترغيب والترهيب ومحاربة النقد والاحتجاج وذلك لفرض حالة الاستسلام الطوعية لمشاريعهم .

7- اكدت تجربة العراق ان المتعصبين ليس فقط معادين للثقافة وانما هم يناصبون الديمقراطية و الفكر الديمقراطي واليساري العداء لهذا عند افتعالهم للازمة وشن الهجوم العسكري والاعلامي على اتحاد الادباء , بشكل أوبآخر وجههوا حقدهم الاعلامي ضد الحزب الشيوعي العراقي لماذا ؟

8- لانهم يدركون تماماَ ان الشيوعيين وكل اليساريين والديمقراطيين هم حملة المشروع الثقافي هذا اولاَ وثانياَان الحزب الشيوعي العراقي بالذات هو حاضنة للثقافة الوطنية الديمقراطية . وثالثاَ ليسهل هجومهم على الثقافة والفن فلا بد من الاسائة للحزب الشيوعي العراقي , معتمدين بذلك على ارث تكفيري مشين لا يحترمه شعبنا ولا يقره الدستور العراقي وهذا الفكرالمشين المعادي للديمقراطية وحقوق الانسان والحريات هو من جلب المآسي والدمار والحروب لشعبنا منذ عام 1963 في شباط الاسود الى الآن, فان هؤلاء المتعصبون يريدون اعادة عجلة التاريخ الى الوراء لانهم يحملون فكراَ تدميرياَ هداماَ معادي لمصالح الشعب والوطن . ورابعاَ انهم يهدفون من ربط هجمتهم السوداء بالمقدس لغرض اضعاف دور الشيوعيين في مقاومة مشروعهم , لانهم يدركون تماماَ ان الشيوعيين في العراق هم قوة منظمة عابرة للقوميات والاديان وحزبهم حزب وطني ديمقراطي قادر على تعبأة الراي العام الداخلي والخارجي لافشال مشروعهم , ولكنهم ما لايدركوه تماماَ انهم لن يتعضوا بعد من تجارب سوداء سابقة اسقطها الشعب واسقط رموزها هذا اولاَ وثانياَ ان الهجوم على الحزب الشيوعي العراقي هو هجوم على كل ما هو ديمقراطي من تنظيم وفكر وثقافة وحقوق وحريات وبهذا سيكونوا في مأزق وهم لا يدركون .

9- ان المتعصبين في كل زمان ومكان , لايدركوا الواقع الاجتماعي فهم غير واقعيون , وهذه هي نقاط ضعفهم تحركهم رغباتهم ويغوصوا في حلم عميق , وكانهم امتلكوا اجنحة وطاروا  واصبحوا فوق الجميع  ولكن سرعان ما يتهاوا ويتساقطون , فهم في وهم دائماَ لهذا لم يستفادوا من تجارب سابقة في محاربة الثقافة والفن والديمقراطية والفكر الديمقراطي .

10- ان المتعصبين  يعملون على خلق حالة الفرقة وشق الصفوف ورصد الاموال لاضعاف جبهة التيار الديمقراطي .

11- يخضعون كل شيئ للمحاصصة ويتصورون انهم سيربطون هجومهم على الثقافة وعلى الفكر الديمقراطي وعلى الحزب الشيوعي العراقي , بالمحاصصة الطائفية والقومية , وان سكتت بعض القيادات المتطرفة في التحالف الكوردستاني وفي القائمة العراقية من منطلقات ذاتية , فهذا لا يعني انهم كسبوا تاييد  الكتلتين لهم في هجومهم هذا , ان قواعد هذه الكتل وبعض قياداتها التي تؤمن بالديمقراطية وجماهير الشعب ستقول كلمتها وتعلن موقفها من الهجوم على الثقافة والفن والفكر الديمقراطي .

12- الحكومة العراقية أولاَ ومجلس النواب ثانياَ والمحكمة الاتحادية ثالثاَ , يتحملون المسؤولية التاريخية لهذا الهجوم الاسود من قبل المتعصبين فكرياَ على الثقافة والفن والموسيقى و على الحريات الشخصية وعلى الفكر الديمقراطي , وبما انهم المسؤولين عن حماية الدستور وصون الحقوق الحريات الواردة في الباب الثاني من الدستور فهم الآن امام الشعب في اختبار ليؤكدوا مصداقيتهم في حماية الدستور .

13- الواقع العراقي الآن وازمات البلد تؤكد ان التحضيرات الجارية لتشكيل تيار ديمقراطي واسع في البلاد عابر للقوميات والاديان هي صحيحة والحاجة الى الاسراع بتشكيل القطب الديمقراطي المرتقب .

14- ضرورة ان يمتلك التيار الديمقراطي احد عناصر القوة , وهذا حق مكفول له ضمنه الدستور وهو امتلاك اعلام جماهيري فعال ومؤثر وذلك بتاسيس قناة تلفزيونية تدافع عن الفكر الديمقراطي على طول البلاد وعرضها وتسهم في التوعية والتربية والتعليم وتحتضن الثقافة والفن والموسيقى والغناء , وتساعد في نشر الثقافة الديمقراطية , وتدافع عن حاجات الشعب وتطلعاته , وتكون احد ادوات التغيير في المجتمع من خلال خلق راي عام ضاغط لمواجهة المتعصبون والمتطرفون والاستبداديون والارهابيون وثقافتهم الاحادية المنغلقة التي تلغي الآخر .

4-1-2011

 

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *