اللقاء الكلداني الشهري!

لقد حبا الله الكلدان كاهناً شاباً غيوراً على كنيسته الكلدانية ومتفانياً في خدمة شعبها المؤمن هو الأب صميم باليوس. لم توكل إليه أية كنيسة من كنائس الكلدان في ولاية مشيكان العديدة إلا بعد مرور أكثر من ثلاث سنوات حيث عُين راعياً لأصغر وأفقر كنيسة شعبياً وبعد إحالة راعيها الى التقاعد، وكان يُعامَل من قبل راعي أية كنيسةٍ كضيف بالكاد يُسمح له إقامة الذبيحة الإلهية في أيام الآحاد والأعياد، وكثيراً ما أقام الذبيحة الإلهية في غير كنيسةٍ كلدانية،وكان صبوراً هلى هذه الحال وشبهَ مُحارَب مِن بعض إخوته الكهنة نتيجة الغيرة القاتلة.

وخلال سنواته التي سبقت تعيينه في كنيسته الصغيرة، دعا أبناء الشعب المسيحي الكلداني وبقية المسيحيين من المذاهب الأخرى الى حضور محاضراته الروحية والتفسيرية لنصوص الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد بإسلوب حديث متطور ومشوق، إنجذب إليه الحاضرون وازداد عددُهم حتى فاق الألف شخص من كُل الأجناس في كل محاضرة لمساء الثلاثاء من كُل إسبوع، ونتيجةً لهذه الزيادة في الحضور إضطر مراراً عديدة الى تغيير قاعة المحاضرات الى قاعات أكبر، وكانت تتخلل المحاضرات بالإضافة الى شرح لاهوتي وفلسفي للنصوص الكتابية إرشادات إجتماعية قيمة للحياة المسيحية اليومية، وانتقادات للسلوكيات الضارة التي لا تليق بالفرد المسيحي ولا سيما تلك التي يقوم بها العنصر الشبابي من كلا الجنسين كلعب القمار بكل أشكاله وتعاطي المخدرات والإتجار بها وممارسة الخلاعة والأفعال المحرمة، وندَّد بقوة بظاهرة انتشار الطلاق بين المجتمع المسيحي وهي آفة تنخر في بناء هذا المجتمع المفترض فيه إتباع الحياة المسيحية المثالية المتزنة .

وبعد استلامه لكنيسته الصغيرة كنيسة القلب الأقدس الواقعة في شارع الميل السابع بين شارعي وودوورد وجانار، فقد جعل منها كنيسة جاذبة تضيق بالمؤمنين القادمين إليها من كافة المناطق للحضور والمشاركة في الذبيحة الإلهية (القداس) التي يُقيمها أيام الآحاد والأعياد والإستماع الى الوعظ الذي يُلقيه على مسامعهم لفائدتهم الروحية. إن استلامه لكنيسته واهتمامه بشؤون رعيته زاده حماساً واندفاعاً الى زيادة مهامه كعنايته بالأطفال من حيث تعليمهم أسس التعليم المسيحي وإعدادهم للتناول الأول فضلاً عن تعليمه وإرشاده للكبار، ولم ينسَ القيام بزيارات مكوكية الى دور رعاية المسنين متفقداً لأوضاعهم وتقديم الخدمة الكنسية لهم، ناهيك عن اهتمامه بزيارة العوائل اللاجئة القادمة الى ولاية مشيكان والوقوف على أوضاعها وتقديم العون المستطاع لها، وبالإضافة لكُل هذه الأعمال المشار إليها، فقد كَرَّس جزءاً من وقته الثمين لتقديم برامج توعوية من خلال الإذاعة والتلفزيون يصغي إليها بشوق المسيحيون على اختلاف أصنافهم .

وعلاوةً على عطاءاته الكثيرة التي نوهنا عنها أعلاه، فقد أضاف إليها ما نحن بصددِه “اللقاء الكلداني الشهري” ففي مساء السبت المواق 8 تشرين الأول غَصَّت قاعة كنيسته بحضورالمئات من أبناء الجالية، يتبادلون التعارف فيما بينهم وبعد فترةْ وجيزة جلسوا حول موائد العشاء المُعَد للمناسبة، وما إن انتهى العشاء حتى بدأ الإحتفال باللقاءعلى أنغام موسيقية تُرافقها دبكات جميلة ورقصات شعبية فولكلورية تحت ظِلِّ العلم الكلداني المرفوع في القاعة للمرة الثانية بعد الإحتفال بيوم الأب المنصرم، ولشدة اعتزازهم برايتهم الكلدانية تناول البعض العلم وراحوا يلوحون به بفخر وفرح وهم مصطفون بصفوف الرقص الذي أخذ منهم عدة ساعات منتشين بالبهجة والفرح والمحبة العامرة بين أبناء الأمة الكلدانية والممتدة الى أبناء الطوائف المسيحية الأخرى المشاركة

إننا نناشد كافة القوى الكلدانية السياسية منها والإجتماعية والثقافية بتوحيد صفوفها وتوحيد خطابها من نيل حقوق أبناء الأمة الكلدانية المسلوبة من قبل الذين يَدَّعون بقرابتهم لهم ظاهراً ويسعون في الواقع الى تغييبهم بإنكارهم لوجودهم وتاريخهم ومنجزاتهم . وكذلك نطالب قادة إخوتنا الأكراد ونقول : بأن معاداتهم للكلدان هو عمل غير حكيم، فالكلدان هم عماد المسيحيين وليس هناك مَن يستطيع أن يُمثل دورهم في القضايا المصيرية، وإذا ظن أحد عكس ذلك يكون متوهماً وبعيداً عن الواقع، لأن الكلدان ذوو قومية عريقة وجذورها التاريخية عميقة، وليس هنالك مقارنة بينها وبين التسميات الأخرى التي أرادوا لها أن تكون نِدّاً للقومية الكلدانية، ولا يجوز الإلتفاف على القومية الكلدانية مهما كانت الأسباب الدافعة لذلك، لأن تلك الأسباب لا تتحقق إلا بالإعتراف بالقومية الكلدانية نقية مستقلة لا تشوبُها أية شائبةٍ غريبة، وعلى الأكراد أن لا ينسوا أن الكلدان كانوا السباقين الى تأييدهم في نيل حقوقهم المشروعة قولاً وفعلاً ، فليس من العدالة والإنصاف الإنقلاب عليهم بهذا الشكل السلبي بكل ما تعنيه الكلمة والإنحياز الى بعض الشراذم المعادية لهم، وإذا كانت حجتكم أيها الإخوة الأكراد بأن هنالك بعض الكلدان بين هذه الشراذم، فأنتم أكثر مَن يعلم بأن هؤلاء القلة مِن الكلدان هم انتهازيون ومشترون بالدولار،وقد شبهناهم بأكرادكم الذين انحازوا ضِدَّ ثورتكم الى جانب الحكومة التي كانت تضطهدكم، ولكنكم لا تريدون الإعتراف بالواقع وعسى أن يكون ذلك الوقت قريباً لتطبقوا الديمقراطية بحق الكلدان الأحرار وتعدلوا عن وضع القومية الكلدانية في بودقة التسمية المركبة الهجينة .

إننا نثمن خطوات الأب صميم يوسف باليوس ونقدر عالياً نشاطاته واهتماماته في خدمة الشعب المسيحي عامة وشعبه الكلداني المسيحي خاصةً على الصعيدين الديني والقومي، فبهمته التي لا حدود لها نتوقع خيراً ونهضة مباركة لأمتنا الكلدانية . وندرج أدناه بعض صور الإحتفال الذي التقطها الناشط الكلداني الكبير يوسف يوحانا، وهوكان اللولب الذي أدار هذا الإحتفال، إذ لم يكن باستطاعتي الحضور لأسباب عائلية خاصة.

الشماس د. كوركيس مردو
عضو المجلس الكلداني العالمي
في 11 / 10 / 2011

You may also like...