اللامبالاة القومية


اللامبالاة كما يصفها الكتاب ، أو تعريفها ، هي حالة ذهنية شعورية تتلبّس الأفراد والجماعات وحتى الأمم ، فتتحول إلى بَلادة ، وخاصةً عندما تمر الأمم بأحوال وأوضاع تستوجب ليس فقط اليَقظة والإنتباه ، وإنما التعبير بالقول والفعل عن مواقفها وإرادتها الصحيحة ، وهو ما يسميه المؤرخ أرنولد توينبي ب ” التحدي والإستجابة “.

أيها الإخوة الكلدان ، إننا ما زلنا نعيش في أجواء الإخفاقات التي رافقت مسيرة جميع تنظيماتنا القومية والسياسية الكلدانية عدا ما جاء به المؤتمر الكلداني العام الذي يعتبر بحق وحقيقة نهضة قومية كبرى ، كما أنه جاء نتيجة حتمية لهذه الإخفاقات ولكل السلبيات التي رافقت عمل تنظيماتنا ، وفي وقتها كما لازلنا نلقي باللوم على قادة هذه التنظيمات وننعتهم بنعوت الإنزلاق والتهاون في سبيل تحقيق الأهداف المطلوبة ، لا بل دائماً ومن شان كل مجموعة مهما كان عددها ولأي سبب أجتمعت فإنها تناقش موضوعات مختلفة ومتعددة سواء كانت سياسية أو أجتماعية ، مشاكل الشعوب ، كوارث البلدان ، تسونامي ، سقوط الأنظمة العربية ، التفجيرات ، حال العراق ، مشاكل العراق ، مآسي العراق ، الوضع القائم فيه …… الخ ولكن لم نسمع ولم نلاحظ في مثل جلسات السمر والنِّقاش هذه أن تم طرح موضوع أو مناقشة دَور التنظيمات القومية الكلدانية ، كيف يمكننا مساعدتها، أو الأخذ بيدها نحو ما نتمناه، أو كيف يمكننا دعم هذه التنظيمات لكي تقوى على السير في الطريق الذي رسمته لنفسها في نظامها الداخلي عدا الأتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان في هذه الأيام والمنبر الديمقراطي الكلداني الموحَد ومعه التجمع الوطني الكلداني.

إذن أيها الإخوة نحن أمام موضوع خطير وتَحَدٍ أخطر وأكبر ، ألا وهو اللامبالاة القومية ، وهذا منسحب على جيلنا والجيل القادم الذي ينشا حالياً ، حيث نرى ونلمس ونلاحظ أن أكثر شباب الكلدان سواء كانوا داخل العراق أم خارجه ، ليست لديهم أية معلومات عن أصولهم القومية ، لا بل لا يفهم ما معنى القومية ، ومَن هم الكلدان وما هو تاريخهم وتأخذهم اللامبالاة حول هذا الموضوع ، والدليل على ذلك أقول لقد ناشدنا إخوتنا الشباب والطلبة داخل العراق لتشكيل نواة إتحاد طلبة الكلدان أو إتحاد شباب الكلدان ولكن لم يستجب للنداء أحد ، بالحقيقة يتمكن عشرة طلاب من أخذ زمام المبادرة لتقديم طلب للجهات المختصة للموافقة على تأسيس أتحاد طلبة الكلدان على غِرار جميع الإتحادات الطلابية في المنطقة .

إن اللامبالاة التي يمر بها شعبنا الكلداني كانت في معظم حالاتها السبب في خسارة تنظيماتنا للكثير من المكاسب وحجر عثرة في تحقيق الأهداف القومية للأمة الكلدانية وتنفيذ المشاريع القومية الكلدانية وهذا ما سبب تأخير تحقيق الأهداف ، لا بل خسارتنا لجميع السبل المؤدية لتحقيق هذه الأهداف ،

إن اللامبالاة حالة خطرة تضرب مجتمعنا الكلداني ، بالحقيقة هي ليست فقط نتيجة عدم إهتمام أبناء الشعب بالحالة القومية الكلدانية بقدر ما هي عمل منظم يقوده تنظيم أو تنظيمات معادية للأمة الكلدانية يشمل الكثير من مناحي الحياة من ضمنها الحالة الأقتصادية والأجتماعية والثقافية ، حيث تقوم هذه التنظيمات المعادية بغية إبعاد الكلدان عن التفكير بهويتهم الحقيقة وتقريب الصورة المعيشية لهم وتصوير الهوية القومية إنها ليست بذات أهمية بقدر ما هو مهم الخام والطعام، وبذلك تغرقهم في مشاكل الحياة الشخصية والعائلية وتمّلهم هموم المعيشة مذكرة  إياهم بشظف العيش والأمن والأمان وماذا فعلت لهم تلك التنظيمات وماذا قدمت ، أو أن تفتري على قادة التنظيمات القومية الكلدانية كأن تهئ للمواطن البسيط أن فلان بنى داراً بكذا مليار دولار، والآخر سرق كذا مبلغ وهكذا .ولهذا تجعل من هذه الجماعات التي غالباً ما تفشل في تقديم الإستجابة الحقيقية للتحديات القومية التي تواجه الأمة الكلدانية فتبادر بالحكم على نفسها وعلى تنظيماتنا بالفشل قبل أن ينعتها الآخرون بالفشل ، وهذا ما حدث لأمتنا الكلدانية .

نحن لا نطالب بحرية تقرير المصير الذي يقول عنه لينين أنه الإنفصال بعينه، بل نحن نطالب لضمان العيش الكريم في موطن الاباء والأجداد، وبنيل حقوقنا كما هي كاملةً غير منقوصة

حالة الامبالاة القومية هي جزء منها حالة الوعي القومي ، حيث ما زلنا نحن الكلدان نفتقر إلى الوعي القومي الحقيقي ، فابان الإنتخابات أعطينا أصواتنا لقوائم أنتخابية لا تمت للكلدان بصلة ، بحجة أن الكلدان لن يستطيعوا أن يحققوا شيئاً لنا ، معتقدين بأن الخَلاص سوف يأتي عن طريق هذه القوائم التي لم يمر ببالها حتى أسم الكلدان ، وهذه هي اللامبالاة القومية

إلتحاق الأغلبية الساحقة من أبناء شعبنا الكلداني بالتنظيمات القومية الأخرى من غير الكلدانية وببعض الأحزاب الكوردية والآشورية ، من دون أن يدركوا مخاطر هذا الأنتماء إلى هذه الأحزاب  ،أو لربما كانوا يعتقدون بأن الإنتماء إلى هذه الأحزاب هو الخلاص أو للوصول ، في الوقت الذي كانوا فيه يضعون حجر عثرة في مسيرة النضال القومي الكلداني دون أن يدرون .

والبعض من الكلدان مَنْ خدم وساهم بشكل فعال في تأسيس التنظيمات الآشورية وما زال في غيّه سادراً، وعمل لها بالرغم من أن هذه التنظيمات تعلنها صراحةً بأنها ضد الكلدان وتوجهاتهم، وتعمل بكل جهدها من أجل القضاء على الأسم الكلداني وفي جميع المحافل والمناسبات، وهذه بنظري هي أدنى درجات التخلف السياسي واللاأبالية .

كما لا ننسى أن نلقي باللائمة على قادة التنظيمات القومية الكلدانية وذلك ما ظهر علناً وواضحاً من خلال سيطرة الأنانية الفردية حيث تحولت جهودهم وأستثمروا نضالهم بإتجاه المصالح الفردية الشخصية،دون الإنتباه أو الإلتفات إلى المصلحة القومية العليا ، وهذا ما ظهر بوضوح أثناء الإنتخابات وعدم تنازل أي من هؤلاء للآخر ضماناً لكسب مقعد في البرلمان، وبذلك خسرنا كل شئ وكما يقول المثل العراقي ” ضاع الطاس والحمّام ” .

جهل أغلبية الكلدان بتاريخهم وتراثهم وعدم الإهتمام بهذا الجانب ، بينما كان عليهم أن يظلوا ينادون ويصرخون ويقولون بأن هناك قومية خالدة عمرها آلاف السنين ولن تستطيع أية قوة من أن تطمس آثارها وتلغي وجودها  ألا وهي  :” الكلدانية ” .

على الكنيسة أيضاً أن تشجع الشباب وتُذكرهم بماضيهم التليد وحاضرهم المُشرّف ومستقبلهم الزاهر ، إن المستقبل لهم فقط ، وعليهم تقع مسؤولية حمل مشعل وراية الأمة الكلدانية في خضم هذه الصراعات المتناقضة واللامتناهية ، يجب عليهم حمل الراية بكل أمانة وإخلاص لكي يتم تسليمها للجيل الذي يليهم ، يجب أن يحفظوا الأمانة ويوفوا العهد ، عليهم واجب إعداد الجيل الصاعد إعداداً فكرياً وذهنياً وإيمانياً ، وتسليحه بالمبادئ القومية الكلدانية ، ونتمنى من شبابنا في الداخل أن لا يعملوا بالمثل القائل

” اللي عند أهلوا على مهلو ”

نزار ملاخا / عضو الهيئة التأسيسية للتجمع الوطني الكلداني

You may also like...