الكلدان من رد الفعل الى تأسيس الفعل مساهمة في تأثيث البيت الكلداني/ سمير خوراني

                                                                                                                 منطلقات:
 1- بداية اود القول ان كلامي ليس موجها الى الاخوة الآثوريين لا من بعيد ولا من قريب، لذا اتمنى ان لا يتجشّموا عناء الرد عليّ، فلا وقت لي للدخول في مساجلات ومهاترات وردود، فخطابي موجه الى الكلدان( ابناء قومي) مساهمة مني في تأسيس البيت الكلداني وتأثيثه.
  2- لا أود الحديث عما حدث بين غبطة البطريرك عمانوئيل دلي والسيد يونادم كنا من شد وجذب حول منصب رئيس الوقف المسيحي وتفاصيل ذلك، فالاخوة الاعزاء أفاضوا الحديث عن ذلك بالارقام والادلة والشواهد، ولا اريد أن اضيف، كما أنني شخصيا ومع احترامي الشديد، لا يهمني أي( الرعدين) سيكون رئيسا للوقف المسيحي، فليس هذا جوهر القضية، بل هو مظهر من مظاهرها وتراكماتها الكثيرة. لذا سأتكلم عما قبل الحدث وما يمكن ان يتمخض عنه مستقبلاً.
 3- افضل طريقة نصل فيها الى ايجاد الحلول لمشاكلنا هي ان نواجهها، وان نقوم بتشخيص  اخطائنا وهفواتنا، ونمارس نقداً ذاتيا صارما على انفسنا. فالمشكلة ليست دائماً في الاخر، انما المشكلة تكمن فينا. فنحن لا نعرف اين نتجه؟

رد الفعل
ما حدث ويحدث اليوم هو نتيجة طبيعية ومتوقعة لما كان يحدث من التعامل مع الكلدان بتعالٍ واستكبار وغش وخداع.
ما حدث ويحدث حذَّرنا منه كثيراً كثيراً منذ عقدين من الزمن، بالكلام والصراخ والمقالات والندوات والملتقيات، ودخلنا في جدالات وسجالات ومناقشات حادة مع هذا وذاك، وهذه وتلك: وهو ان الكلدان يتعرضون لهجمة شرسة منظمة تهدف الى الغاء وجودهم وطمس اسمهم وهويتهم وقوميتهم وفي وضح النهار، وعلى أكثر من صعيد: سياسي كنسي لغوي ثقافي، وبمشاركة الكلدان انفسهم، سواء بسكوتهم عما كان يحدث، ام بانخراطهم في تلك الهجمة بوعي منهم( طمعا في مصالح شخصية) أم بدون وعي. أما الكلدان الذين يؤمنون بكونهم اشوريين فهم احرار، ولكن اتمنى ان يقرؤوا التاريخ جيداً، كي يصلوا الى شاطىء الحقيقة، ولا يقعوا ضحية الاعلام المغرض والبروباغندا المضللة، التي اظهرت الباطل في صورة الحق، والحق في صورة الباطل، كما وقع الكثيرون، او الذين صدقوا الاكاذيب بحسن نية وبحكم عاطفتهم المسيحية وانا كنت منهم، فناصروا هذا التنظيم او ذاك لا نفراده بالساحة السياسية للمسيحيين، وليس لأنه يملك الحقيقة التاريخية كما يزعم.
اَسمَعنا صوتنا المعارض لما يجري للجميع، وفي مقدمتهم رئاسة كنيستنا الكاثوليكية الكلدانية واساقفتها الاجلاء( تحريرياً وشفاهياً)، ولكن من دون جدوى، فلم نُعطَ آذانا صاغية واتُهمنا –وقتئذٍ- باننا سبب للفرقة والبحث عن المشاكل، والابتعاد عن روح المسيحية وهلمجرا، فأطرقنا رؤوسنا، ونكصنا راجعين بخٌفي حنين، لا نلوي على شىء.
سكتنا دهراُ، نطقنا ولكن ليس كفراً، وبقى بعيرنا على التلّ، تراجعنا في الوقت الذي كان فيه الاخرون يتقدمون، احجمنا في الوقت الذي كان فيه الاخرون يخططون ويتآمرون، نكرنا مصالحنا في الوقت الذي كان فيه الاخرون يبنون مصالحهم، مددنا ايدينا لهم فلم يمدوا اصبعاً. صبرنا حتى ملّ الصبر منا.
منذ عام انتفاضة اذار في كوردستان 1991 والكلدان يعانون ايما معاناة من محاولات أشورتهم بالقوة، ولقد مورست ضدهم اساليب شتى في الترهيب والترغيب، وتشويه التاريخ وتزييف الحقائق والدعاية الاعلامية المغرضة والاستفزاز وتكللت هذه الممارسات بعناوين بارزة من قبيل:
-الكلدان طائفة وليسوا قومية
-الكلدان هم اشوريون تكثلكوا
-القومية الحقيقية للمسيحيين هي الاشورية والبقية هم مذاهب وكنائس
-الكلدان منجمون سحرة مشعوذون
-الكلدان خونة تحالفوا مع الاعداء لاسقاط الدولة الاشورية وسيظلون خونة
– الكلدان بائعو بصل
– لا كلدايي ولا سورايي كلّن ايوخ اتورايي
-كل مسيحي في العراق اشوري وإن لم ينتمِ!! بعضهم يبالغ ويقول حتى الله اشوري(هذا اذا كان يقصد الاله اشور!)
هل نتعظ، أم نحتاج الى وقت أطول كي نصدق نوايا من يدعي الاخوة والوحدة وهو يعمل على محو الكلدان؟ هل نكِّذب انفسنا كي نصدِّق ما يقولون، ام حان الوقت لكي نقول: كفى .. كفى.. كفى؟
ألا تكفي 21 سنة من الممارسات والسلوكيات والاقوال والتصريحات؟ ألا يكفي هذا الخداع المستمر باسم الوحدة؟ إلى متى سكوت الكلدان،؟ الى متى التراخي؟
ليس مجانبةً للحقيقة اذا ما قلنا ان الكنيسة الكاثوليكية الكلدانية ممثلة برأسها سيدنا البطريرك وبعض المطارين الاجلاء يتحملون جزءاً كبيراً من مسؤولية ما حدث ويحدث اليوم للكلدان. فهي التي سمحت لفلان وعلان بأن يمثلوا الكلدان، وهي التي فتحت احضانها لهم (بمحبة مسيحية طبعا) وتركت لهم الجمل بما حمل، وتركت الحبل على الغارب، ولم تكن تعلم بعواقب ونتائج هذا الفعل لأنها ليست مؤسسة سياسية، ولكنها لم تستشر سياسييها ومثقفيها من العارفين بخفايا الامور، وهي التي ساعدت وباركت شخصيات ووزراء(استلموا حقائبهم الوزارية والادارية على حساب الكلدان) ومؤتمرات حيكت لأجل طمس اسم الكلدان، أو على الاقل سكتت عن كل ما كان يحدث، من باب ان هؤلاء مسيحيون!! كما انها اقامت علاقات وثيقة وقوية جدا مع شخصيات اثورية بارزة تستنكف من الاسم الكلداني جهاراً نهاراً.
حقيقة لم تكن كنيستنا بمستوى المرحلة الصعبة التي مرّ بها الكلدان من 1991 مرورا بـ 2003 وانتهاء باليوم، فوقعت في طسات ومطبات وتخبطات وتناقضات كثيرة، أثرت على سمعتها وعلى مصداقيتها، حتى ان الناس كانوا يتندرون حينما تصدر الكنيسة تصريحا او بيانا، فيقولون غدا ستصدر بيانا مخالفا لما اصدرته! فتارة تقرر تسمية الكلدو اشورية، وتارة الكلدان والاشوريين، وتارة اخرى الكلداني السرياني الاشوري، واليوم الكلدان لوحدهم!!
في كل ما كان يحدث، لم يكن للكلدان الا ردود افعال خجولة منفردة متفرقة هنا وهناك، على شكل مقالات او بيانات لاحزابنا( لاتصل الى اهدافها ولا يسمعها احد). لا اريد ان انكر ما قامت به احزابنا ومنظماتنا، ولكن الحق يقال ان ردود افعالنا لم تكن بمستوى الهجمة الشرسة ضد الكلدان، فالاخرون ما برحوا يلغون الكلدان ويعملون على اقصائهم وتهميشهم في وضح النهار.

حلال لهم حرام علينا:
– فحين يقول بطريرك الاثوريين: امتنا الاثورية(اومتا اتوريتا)(ويضم الكلدان والسريان اليها غصباً عنهم) فهذا حلال لأنه وعي قومي، بينما حين يقول بطريرك الكلدان نحن امة كلدانية(ويقصد رعيته فقط) فهذا حرام، لأنه تدخل في السياسة وتمزيق لوحدة شعبنا؟!!
– وحين يقول الاثوري انا اثوري، يجب تحيته، وحين يقول الكلداني انا كلداني تقوم القيامة.
-وحين يقول زعيم سياسي اثوري في برنامج تلفزيوني: ان الكلداني هو كل اثوري تحول الى الكثلكة، فالامر طبيعي وعادي جداً، وهوحلال. ماذا لوقلت انا أو غيري من الكلدان: إن الاثوري هو كلداني نسطوري تأشور في القرن التاسع عشر، أو أُوهِم بانه سليل الاشوريين القدماء؟ بالتأكيد حرام.
– وحين يفشل الكلدان تقولون ليس لهم شعور قومي، وحين يبدؤون –ولو متاخرين- بتأسيس فكرهم القومي ونهضتهم القومية، تصفونهم بالتشدد والتعصب والتطرف وتمزيق وحدة شعبنا!!
–  حين يقوم حزب اثوري باحتفالية ما  تنقلب الامة عاليها سافلها وينخبص الناس والقنوات الاعلامية بهذا الحدث القومي العظيم ، بينما حين يقوم حزب كلداني بمؤتمره التاسيسي، لا يحضره احد من الاخوة الاثوريين، وتختفي قناتا عشتار واشور!!
– حين يتأسس مركز ثقافي اثوري فهو انجاز قومي عظيم يجب ان يباركه الجميع، وحين يروم الكلدان تأسيس جمعية ثقافية كلدانية، يشترط المحافظ الاثوري( رحمه الرب) لمنح اجازة العمل حذف الاسم الكلداني!!

الحل هو: الانتقال الى الفعل
 يجب الانتقال من مبدأ رد الفعل الى الفعل، فكفانا ان نكون في موضع الدفاع عن النفس وموضع الرد على كل من حاول النيل منا، فتثور ثائرتنا وينتفض حماسنا ثم بعد برهة يصيبنا الفتور وكان شيئاً لم يكن. علينا المبادرة الى الفعل وتأسيس نظرية قومية كلدانية واضحة. إن  البيانات والتصريحات –على اهميتها- لا تجدي نفعا، علينا القيام بفعل ملموس ذي صدى قوي، فعل يثبت قوتنا ومكانتنا الحقيقية ووزننا في الساحة، لأن الاعمال اعلى صوتا من الاقوال. من ذلك:
1-   قيام مؤتمر كلداني عام تشارك فيه الكنيسة جنبا الى جنب  التنظيمات السياسية والفعاليات الاجتماعية والثقافية ومنظمات المجتمع المدني والشخصيات البارزة المستقلة. أن مؤتمراً كهذا كفيل بوضع الحجر الاساس لميثاق شرف كلداني وتأسيس لجبهة كلدانية موحدة تنظر في القضايا المصيرية الكلدانية، كما تؤسس لنظرية قومية كلدانية وتصبح من الثوابت القومية
2-   توقيع الكنيسة على ميثاق شرف تعترف من خلاله بالكلدانية تسمية قومية للكنيسة الكاثوليكة في العراق. لا يضر رجال الدين الافاضل شيئاً  ان يقولوا على الملأ نحن كلدانيو القومية، فهم بهذا لا يتركون دين المسيح، والمسيح لم ينادِ بترك القومية( ما جئت الا للخراف الضالة من بني اسرائيل)
3-   ضرورة قيام الاحزاب والتنظيمات السياسية والجمعيات والمراكز الثقافية بدورها التوعوي القومي، والا تكون مجرد اماكن لاقامة الحفلات والمناسبات الترفيهية واللهو الاجتماعي.
4-   اقامة تحالفات سياسية كلدانية-كلدانية، والقضاء على حالة التشرذم والتشتت والتبعثر التي نعانيها والتي تصل ذروتها في موعد الانتخابات. فالمنطقي والطبيعي ان يتجاذب الكلدان الى بعضهم بعضا خصوصا في ظل تهافت الاخرين على اقصائهم بشتى الطرق والألاعيب والاساليب الملتوية، وغير المنطقي ان تتسابق بعض احزابنا ومؤسساتنا الثقافية على الدخول في تجمعات سياسية او مجالس شعبية(كلدانية وسريانية واثورية)، فهذه مرحلة ثانية لاحقة. ومن الافضل في رأيي ان يدخل الكلدان في اي تجمع او تحالف(كلداني وسرياني واثوري) تحت جبهة واحدة لا منقسمين او منفردين.
5-   إطلاق فضائية كلدانية ولو ببث محدود زمنياً
6-   استثمار رؤوس الاموال الكلدانية في المهجر لدعم المؤسسات الكلدانية في ارض الوطن كي لا تقع في احضان غيرها فتصبح مسلوبة الارادة مشلولة القرار لا تعرف اين تتجه، فتراها (داخلة خارجة داخلة خارجة) على قولة الفنان عادل إمام.
7-   تغيير يافطة كنيستنا من الكنيسة الكلدانية الى الكنيسة الكاثوليكية الكلدانية، كي يتم الجمع بين التسميتين المذهبية(الكاثوليكية) والقومية(الكلدانية)
8-   على الكلدان ان يستثمروا مواقعهم في الاحزاب العراقية والكوردستانية المتنفذة لخدمة مصالح الكلدان فضلا عن مصالح احزابهم التي ينتمون اليها، كما يفعل الاخرون
9-   على الكلدان ان يقيموا تحالفات حقيقية مع احزاب صديقة تدعم قضايا ومطالب شعبنا، وعليهم ان يعيدوا حساباتهم مع من لا يتحرك صوبهم، ولا يكونوا مجرد تابعين لهذا الحزب او ذاك. باختصار عليهم ان يلعبوا لعبة المصالح التي يلعبها الجميع الا نحن.
10-   عدم التنازل عن الثوابت القومية: الاسم القومي- العَلَم الكلداني-اللغة- الارض، ولتكن القومية الكلدانية خطاً احمر، وكل من ينكر وجود الكلدان يجب ان يحاسب قانونياً وبحسب الدستور.
11-   عدم مطالبة الاخرين بالاعتراف بقوميتنا، لأننا لا نستجدي ذلك منهم، ولأن اسم الكلدان اثبته الدستور العراقي الدائم، كقومية اصيلة من قوميات العراق.
12-   عدم الاقرار بمن يمثل الكلدان من غير الكلدان، حتى لو كانوا كلدانا لكن في قوائم اخرى تحمل يافطات غير كلدانية، فلا يمثل الكلداني الا المؤمن بكلدانيته. فأن يدّعي شخص ما – منتمٍ الى تنظيم سياسي اثوري ولا يؤمن بكلدانيته-  تمثيل الكلدان لهو أمر مضحك وفرية كبرى!! فاذا كان من رابع المستحيلات ان يمثل الاثوريين كلداني منتمٍ الى تنظيم سياسي كلداني( لا يؤمن بالتطبيع)، فلماذا يبدو العكس مقبولا بالمقابل. ويجب ان يسري الامر على كل المناصب الوزارية والنيابية والادارية في مفاصل الدولة، فكم من المناصب المهمة-اقتضت الضرورات أن تعطى للكلدان- اعطيت لأناس يُظهرون الكلدانية ويُضمرون الاثورية، فتظاهروا بانهم كلدان، ولكنهم لا يؤمنون قيد انملة بالكلدانية، كل هذا من اجل تفويت الفرصة على الكلدان الحقيقيين وسحب البساط من تحت اقدامهم بهذه الالاعيب المكشوفة التي يتقنها سياسيون اثوريون متنفذون سواء في احزابهم ام في احزاب السلطة.
13-   تأسيس منظمات او مؤسسات اجتماعية وثقافية وتعليمية ورياضية وشبابية وادبية تحمل الاسم الكلداني
نتمنى ان لا يكون ما يحدث اليوم للكلدان  طسة آنية مثل بقية الطسات، او زوبعة في فنجان، نتمنى ان تكون صحوة حقيقية، تؤسس فعلاً لتوجه كلداني حقيقي من موقع القوة والمسؤولية التاريخية، بغية نيل حقوقنا في ارض اجدادنا مؤسسي بابل العظيمة.
ستقولون: ما هذا التزمت والتعصب والانغلاق واللغة المتشددة، ونحن في زمن احوج ما نكون فيه الى التكاتف والتعاضد والتقارب؟ حسناً، نحن ايضا سنقول مع القائلين اننا مع الوحدة، واننا شعب واحد وقضيتنا واحدة ومصيرنا واحد …الخ(من الشعارات والكلمات الرنانة) ولكن قبل ان نكون طرفا في الوحدة يجب علينا نحن الكلدان ترتيب اوضاع بيتنا، ونوحد قوانا الداخلية، ونلم شتاتنا، ونعدل مسارنا المعوج، ونصحو على ما يحدث لنا، حينها فقط نستطيع ان نذهب الى الوحدة بكل قوة. حينها فقط ستكون الوحدة اصيلة صادقة متوازنة منصفة متكافئة، لأن الكلدان منفتحون اصلاء اوفياء متسامحون لا يؤذون احداً بل يحتضنونهم ويحوونهم، وحينها فقط سيتبين حقا من يريد الوحدة ومن لا يريدها. لا وحدة ما لم يكن الكلدان بصحة وسلام، لا وحدة ما لم يكونوا اقوياء. ونقاط قوة الكلدان كثيرة ولكن الاداء الضعيف وقلة الوعي، ونقص الخبرة في العمل السياسي والقومي، وتبعثر الجهود والفردية في العمل وتغليب المصالح الشخصية على القومية، وفقدان الثقة بالنفس هي التي تجعلهم ضعفاء.

نقاط قوة
أما نقاط قوتنا التي يجب أن نعرفها ونعرِّف بها كل متشكك في قوميته واصله، وبالتالي نعمل على أساسها فهي:
1-   إن الكلدانية هي القومية الوحيدة في المنطقة تقريبا التي لم يتعرض اسمها للتحوير والتغيير والتعديل والتبديل والتقليب والتصحيف والتزوير، فهي (كلدو-كلدايا-كلدايي) وبالعربية(كلداني –كلدانيين-كلدان) وبالانكليزية Chaldeanفي كل مراحل التاريخ، فلم تكن( قلدايا) او(خلدايا) وتحورت الى(حلدايا) ثم انقلبت (الحاء) الى (الكاف) لأن اليونانيين لم يكونوا يلفظوا صوت(الحاء)، فصارت من اجل عيونهم(كلدايا)!!.
2-   مذهب الكلدان الديني هو الكاثوليكية، وليس الكلدان كما يروّج (ادعياء الوحدة)، فالكلدانية قومية( رغم انف الحاقدين) والكاثوليكية مذهب. صحيح ان اكثرية الكلدان تحولوا من  النسطرة الى الكثلكة في القرن السادس عشر وبقى القليل منهم على نسطوريته، ولكن الذي تبدل هو مذهبهم الديني وليست قوميتهم، فهم بقوا على كلدانيتهم، كل الذي حصل انهم كانوا كلداناً نساطرة فاصبحوا كلداناً كاثوليك. فهم لم يكونوا قبل ذلك اشوريين حتى يصيروا كلدانا بمجرد تحولهم من النسطرة الى الكثلكة. فهم كانوا كلدانا وسيبقوا كلدانا حتى تقوم الساعة. واذا كان البابا اوجين قد سماهم كلدانا بعد اتحادهم مع كنيسة روما فهو لم يمد يده الى صندوق العجائب واليانصيب  واختار لهم اسم الكلدان، ولم يخترع لهم بنفسه هذا الاسم، ولم تأته رؤيا في المنام كي يسمي هؤلاء باسم الكلدان، بل اعاد لهم (كما ارادوا هم) اسمهم القومي الاصيل الذي كان لهم والذي تركوه حين اعتنقوا المسيحية لصلته بالوثنية ، فسماهم كلداناً فانطبق عليهم قول القائل:(هذه بضاعتنا رُدّدت الينا) ليميزهم عن بني قومهم الذين بقوا على نسطوريتهم. إن قوميتنا اصيلة لم يخترعها البابوات ولم  تأتي بها الارساليات التبشيرية في القرن التاسع عشر.
3-   الكلدانية قومية، والكلدان شعب متميز اصيل عريق، وليسوا اتباع ديانة، فهم لم يتسموا بالكلدان لأن الههم اسمه(كلدو)، فاله الكلدان القديم في الوثنية هو(مردوخ)، واذا كنا فعلا ديانة لكان اسمنا مردوخيين او المرادخة!! ولكن اسمنا كلدان. أفليس هذا دليلا ساطعا على اننا قومية اصيلة. من له عقل فليفهم.
4-    يبدو للعيان وبشكل لا يقبل الجدل إن القومية الكلدانية قومية منفتحة وليست منغلقة، فهي وطنية- لا تتناسى في غمرة الدفاع عن نفسها- التاكيد على وحدة العراق والحفاظ على ترابه( وهذا ما قد لا نجده عند غيرنا من الأقوام التي تنتصر لقوميتها أو دينها أو طائفتها أو مذهبها على حساب مصلحة الوطن العليا. فاذا كان هناك من يتهمنا بضعف الشعور القومي، فلا احد يجارينا في شعورنا الوطني، وما انخراط معظم الكلدان في الاحزاب الوطنية، ومشاركتهم الفاعلة في نهضة العراق الحديثة ابتداءاً من القرن التاسع عشر  الا دليلا على وطنيتهم العالية.
5-    القومية الكلدانية انسانية تقبل بالحوار والمناقشة، وتمد يدها للآخرين طمعاً في الوحدة ( وهي وحدة تنبع من صميم أعماقها، سواء أكانت وحدة قومية أم دينية ام وطنية)، القومية الكلدانية لا تقوم بإلغاء الآخر وإقصائه وتهميشه أو محاولة نفيه من الوجود(مع معرفتها بأصل ذلك الاخر)، كما تفعل بعض القوميات مع الكلدان تحديداً.
6-    الكلدان ليسوا متعصبين تعصباً أعمى لقوميتهم، كما تفعل بعض القوميات التي ترفع شعار ( انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً)، ولا نجانب الصواب إذا قلنا إن الكلدان في العراق من أكثر المجموعات البشرية تحضرأ وتمدناً وثقافةً وانفتاحاً، والثقافة عندهم ليست إطاراً فكرياً أو نظرياً يدّعون به أو يتغنون به، وانما هي سلوك يومي معاش يمارسونه كل يوم. وأسطع دليل على تحضرهم وتمدنهم: إنهم الشعب الوحيد في العراق الذي تجاوز العشائرية منذ زمن بعيد، فليس للكلدان عشائر أو قبائل!!
7-    القومية الكلدانية لا تعاني من ( تضخم الأنا)، فهي ليست انانية، ولا تريد أن تحوز كل شيء أو تجيِّره لمصلحتها مهما كان الثمن أو بأية وسيلةٍ كانت كما تفعل بعض القوميات حين تزور التاريخ وتتلاعب بالأسماء كي تبرهن أحقيتها واحتواءها  للكلدان.
8-   الكلدان أكثر نظراً – من غيرهم- إلى الأمام من النظر إلى الوراء، فهم أبناء  اليوم والغد، وليسوا أبناء البارحة، وإن كانت البارحة تنطق بتاريخهم الزاهر وحضارتهم المجيدة وانجازاتهم الباهرة.
9-   يكفي الكلداني فخراً أنه سليل واحدة من اعرق القوميات واغناها في التاريخ
10-   يكفيه فخراً إن ابراهيم (ابو الانبياء) كلداني خرج لتبليغ رسالته السماوية من اور الكلدانيين. فهو مؤسس الديانات الابراهيمية الثلاث.

في الختام، أن تاتي صحوة الكلدان متاخرة افضل من ألا تاتي، وليس عيباً ان تتأخر، المهم ان تصل على اي حال، ليس عيباُ ان تتقهقر او تسقط، المهم ان تنهض وتكمل المسير، ولنتفاءل هنا قليلاً،(رغم كم التشاؤم النابع من الظلم المزمن)؛ لأنه بمجرد المقارنة بين واقعنا قبل عشر سنوات او يزيد، وواقعنا الحالي سنجد ان تطورا نوعياً وكمياً قد حدث لوعي الكلدان لقوميتهم، ومنها تثبيت اسمهم في الدستور العراقي الدائم، وقيام احزاب سياسية كلدانية وتجمعات ثقافية واجتماعية في الوطن وخارجه، وتردد اسم الكلدان في المحافل السياسية والثقافية، وقيام المثقفين بمهامهم القومية وعدم سكوتهم(نسبياً) عمن يحاول النيل منهم ومن اسمهم، والاجمل من ذلك بعض الشباب الناهض الواعد المتحمس وهو يتزين بوعي قومي كلداني. إن هذا الوعي المتصاعد، والإباء والمنعة لكل ما هو ضد الكلدان، سيشكل عما قريب موروثا متراكما وقاعدة ننطلق منها لبناء وعينا القومي. ليست الانتخابات هي مقياس فشلنا(كما يظن بعضهم)، فلنخسر دورة انتخابية او اثنتين وحتى اربع، ولكن القادم هو افضل لا محالة، ولكن ينبغي السير على هذا الطريق وبذل المزيد من الجهود والعمل فالحصاد كثير ونحتاج الى عمال اكثر واكثر.
نتمنى ان لا تتراجع كنيستنا الموقرة بشخص سيدنا  غبطة البطريرك والكاردينال عمانوئيل دلي عن موقفها من التسمية القومية، ونتمنى ان تكون هذه الخطوة حركة تصحيحية في مسار كنيستنا (فيما يتعلق بالقضية القومية تحديداً)، نعم الكنيسة يمكن ان تغفر، ولكن لا يجب ان تنسى او تتناسى، الكنيسة يمكن ان تخطأ ولكن الاهم من ذلك ان تصحح خطأها، ولا بد ان تتعلم من تجاربها الكثيرة والمريرة، كي لا تُلدغ من جحرٍ مرتين. يكفي تساهلاً وتراخياً، يكفي حسن النيات الذي يعتبره الاخر ضعفاً، يكفي التنازل الذي يعتبره الاخر خوفاً، يكفي التفريط بحقوقنا القومية، يكفي السكوت عن الغبن والظلم، يكفي ان يمثل غير الكلداني الكلداني ما دام لا يعترف به اصلاً ويتعالى عليه وينعته بابشع الصفات.
  نتمنى ان لا ينتهي الامر بتبويس اللحى والربت على الاكتاف، وكان شيئا لم يكن، لأنه- إن حدث ذلك لا سمح الرب- ستكون ضربة موجعة ومحبطة لآمال جميع الكلدان الذين يودون البناء على هذه الحركة التصحيحية. يجب ان ينهض الكلدان بقوة ويقفوا على قدميهم، وبعدها يمدوا يد الوحدة لاخوتهم الاثوريين، حينها فقط ستكون وحدة اصيلة وحقيقية.
آخر الكلام:

أول الغيث قطرة، واول الحصاد سنبلة، ولا يصح الا الصحيح، وإن غداً لناظره لقريب

You may also like...