القومية الكلدانية أشمل من حاجز اللغة

      كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن حاجز اللغة والمحافظة عليها كإحدى أهم مقومات المحافظة على القومية أية قومية ومنها قوميتنا الكلدانية خاصة بعد مؤتمري النهضة الكلدانية الناجحين في سان دييغو والسويد، ورغم منطقية الطرح إلا ان الأمر ليس كما يُنَظِرْ له البعض ويصر عليه أما جهلاً أو تعمداً لخلق مناخ من الشك والريبة بين أبناء الكلدان سيما بعد أن بدأت المؤتمرات الكلدانية المتوالية تعطي ثمارها في الشد بقوة بإتجاه الأفكار القومية الشفافة المُحبة والتي تربطها بوثاق لاينفصم مع الآصرة الوطنية وتجعلها تسمو فوق كل الروابط الخالية من التعصب والحقد كما الآخرين الذين لايعترفون إلا بقوميتهم وإن الآخرين إما تابعين لهم أو هم أدنى درجة منهم وهلم جرا.

     القومية الكلدانية سادتي الأكارم هي فعل ماضي تليد يشار اليه بالبنان،وفعل ٌحاضرٌ يأخذ مكانه بثبات  بين الأمم والقوميات المميزة بجدارة وَبِحَقٍ مُستحق لها مُثبتٌ في قلوب وأفئدة الكلدان مابقي منهم نفس على قيد الحياة،وفعل مستقبل مشرق تلوح حناياه بالأفق بفضل النهضة الكلدانية المعاصرة التي أعادت الوهج والألق لإسمنا الكلداني الخالد.

   نعود لما يسمى حاجز اللغة وهذه امثلة تدحض زعم البعض الذين نوهنا عنهم أعلاه،وأهالي الموصل من الكلدان الذين أغلبهم لايتكلمون الكلدانية بل العربية ولكنهم كلدان أباً عن آخر جد،ومثال آخر عن أهالي كركوك المسيحيين الكلدان الساكنين في قلعتها والذين يطلق عليهم قلعة كاور أي قلعة الكفار وهم يتكلمون التركمانية فقط وحتى إنجيلهم وقداديسهم وصلواتهم هي بالتركمانية ولكنهم كلدان كاثوليك،ومثال آخر إخوتنا العراقيون المسلمون الشيعة في جنوب العراق وفي الناصرية تحديداً هم عرب وقوميتهم كلدانية ولايفقهون التكلم بها مطلقاً لكنه شعورهم القومي الطاغي،ومثال آخر طائفة الملبار في الهند هم أيضاُ كلدان رُغْمَ لغتهم ووطنهم،والأمثلة كثيرة..

    إذن الشعور القومي هو الأساس وهو الرابط بين جموع  مختلفة من البشر تعتقد جازمة لإنتمائها الى قومية واحدة ولا يُلغي ذلك حاجز اللغة بالمطلق…نعم يُحبذ لو أن الجميع يتكلم لغة واحدة ولكن تشتت بعض المجموعات في الوطن الأم أو في الشتات بحثاً عن الرزق أوتلافياُ لإضطهاد وغيرها من مسببات الهجرة إلا أن القومية تظل تسري في العروق كما تسري الدماء في الأوردة والشرايين..

    نحن اليوم غادرنا بلدنا العراق كل منا لسببه الخاص وحافظنا قدر إستطاعتناعلى لغتنا الكلدانية الجميلة بعضُنا تكلماً والأخر تكلماً وكتابةً وقراءة وأوصلناها لأبنائنا وهم يتكلمون بها كما الآباء والأجداد وبعض أولادنا تعلم اللغة الكلدانية كتابة وقراءة هنا في المهاجر حيث أتاحت لهم حرية المعتقد والدين في بلدانهم الجديدة التي لا تقمع الأثنيات المختلفة ولا تحارب اللغات الأخرى بل إنها تشجع على التمسك بالتراث الأصلي للمهاجر وتحث على ذلك بمختلف السبل لإعتقادها وهو صحيح فعلاً أن التنوع الثقافي والأثني هو إضافة نوعية لتراثها وإغناءاً لحضارتها،وعليه هي تُدخِل في مناهجها التدريسية درس تعليم اللغة الكلدانية وأنا أتكلم من واقع ملموس حيث تقدم إحدى الكليات الأمريكية هنا في سان دييغو معونات للطلبة الأجانب لدراسة اللغة الإنكليزية وفروع العلوم الأخرى الى جانب اللغة الأم الكلدانية كما أسلفنا،إضافة الى دور الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية ورجالها في تعليم اللغة الكلدانية كتابة وقراءة لمختلف شرائح المجتمع أينما تواجدت كنيسة كلدانية وقد تزايد عدد الدراسين والمتعلمين الى أرقام تبعث على  البهجة والسرور والسنوات القادمة ستشهد نقلة نوعية في هذا الشأن والمجال مفتوح مجاناً للراغبين والذين تسمح أوقاتهم بتلقي تلكم الدروس وفي أوقات مناسبة لهم..

وهنا حيث يفخر الأمريكان الكلدان المتكلمين بالإنكليزية أي فخر بتأريخهم وقوميتهم الكلدانية وكثير منهم بدأ بتعلمها محبةً بها وبعراقتها وجمالها..

     وبعد عقود عدة قد يتناسى البعض من النشء في ذلك الزمن لغته الأصلية ويتكلم بالإنكليزية أو الفرنسية أو الألمانية أو السويدية إلخ…ولكنهم  سيحتفظون بإصولهم الكلدانية وسيشار اليهم دائماً الى أن إصولهم ألأصلية وهي كلدانية  كما يُشار هنا الى اصول المشهورين من الأفراد فالرئيس الامريكي الراحل جون كندي دائماً يعرف باصوله الإرلندية وكذا داعية الحقوق المدنية الأمريكية الراحل مارتن لوثر كنك باصوله الأفريقية وحاكم ولاية كاليفورنيا السابق شوارسنيغر بإصوله النمساوية والممثلة جنيفر لوبيز باصولها اللاتينية وهكذا بقية الأفراد المنتمين الى أثنيات وقوميات مختلفة هم ايضاً يتشبثون باصولهم ومشاربهم الحقيقية رغم أنهم لايقيمون وزناً كبيراً أو أهمية قصوى للقومية بمنظورنا نحن أبناء الشرق..

   عليه فالقومية الكلدانية أشمل من الحواجز التي يريد البعض وضعها في طريقها المتصاعد بل هي الخيمة الكبرى  التي تحضن أبنائها البررة بأية لغة تكلموا وبأي لسان نطقوا وليذهب مبدأ الشك والريبة ويحل بدلاً عنه مبدأ اليقين الصادق بإنتمائنا جميعاً الى قوميتنا العريقة المباركة من السماء قبل الأرض (القومية الكلدانية)…

مؤيد هيلو…3/11/2011       

You may also like...