القوش والمنطقة والأحداث المقلقة تجري بسرعة وتحطم الأعصاب – بقلم: د. حبيب تومي

قلما اجلس امام شاشة التلفزيون لمتابعة برنامج او فلم او مسلسل ، والأخبار افضّل ان استقيها من الوكالات مباشرة ومن المواقع عبر الأنترنيت ، إن كان عبر مواقع شعبنا او من المواقع الأخرى ، وفي هذه الأثناء يستقر رأيي على موضوع ما ، لكي اكتب عنه مقال وفعلاً ابدأ الموضوع وأضع له عنواناً ، ويحدث اثناء الأسترسال في الكتابة ان اجد فسحة لمتابعة اخر الأخبار، إذ بسيل الأخبار الجارف يأخذني واجعل من الموضوع الذي استقر رأيي للكتابة عليه اراه ليس بالأهمية التي تستوجب الكتابة ، فأنتقل للكتابة عن الحدث الفلاني فهو يحمل اهمية اكبر وهكذا انا في دوامة في هذا الزمن الردئ ..

بالأمس واليوم كان الحدث الخبري يجري بسرعة وكلها تبعث على الأنزعاج والقلق الذي يقبض الصدر ويحطم الأعصاب ..  نقرأ على المواقع عناوين :

ــ مسيحيو الموصل يطالبون بترحيلهم إلى الخارج والهجرة توزع 275 حصة غذائية لهم في أربيل

ــ البطريرك مار ساكو : ندعو فرنسا الى ارسال مساعدات عاجلة لنازحي الموصل لضمان معيشتهم وبناء وحدات سكنية لهم في المناطق الآمنة .

ــ ازدياد الهجرة من بلدات سهل نينوى بعد حوادث الموصل الاخيرة .

ــ أمير الايزيدية يناشد أوباما وبارزاني لإغاثة سكان سنجار:

 نحن مسالمون ونحترم كل الأديان .

ــ داعش يفجر مرقدا مقدسا لدى الايزيدية بُني قبل 700 عام في سنجار

ــ نجل بارزاني يقود معركة لاستعادة السيطرة على سنجار من “داعش”

ــ ائتلاف علاوي: المالكي فشل فشلا ذريعا في حماية العراق .

 ــ شنكال.. البيشمركة تشن هجوما على عناصر “داعش” من اربعة محاور .

ــ داعش يمهل البيشمركة ساعتين للانسحاب من سد الموصل .

ــ  الامم المتحدة تدعو لتعاون عاجل بين بغداد واربيل:

 داعش فجر ازمة انسانية في سنجار

قائمة الأخبار المقلقة طويلة قبل ان ننتقل الى المحافظات العراقية الأخرى والى احداث سوريا وليبيا وغزة واسرائيل ….

في هذه الدوامة كان التلفون ايضاً واسطة الأتصال المباشر مع الأهل والأصدقاء والأقارب ، ففي اتصالي مع اقاربي من بغداد افادوا : ان الوضع طبيعي ( اليوم ) ولكن لا ندري ماذا يضم لنا الغد ، وبعد ذلك كان الأستفسار عن الصحة والأحوال وهذه لا تحمل اهمية في هذا الوقت ، الذي اصبح فيه المحافظة على الحياة يأتي في المقام الأول ، الذي من اركانه الدفاع عن العرض والمال والدين . ولذلك اصبح السؤال عن الصحة والمعيشة من الأسئلة التافهة ، وليس من الضروري صرف الوقت عليها .

في معرض استرسال الحديث مع اقاربي في بغداد افادوا بأنهم سمعوا ان نقطة السيطرة في قرية بدرية القريبة من القوش ، والمؤدية نحو دهوك وزاخو قد تركها البيشمركة ، وإن داعش قد امهلتهم لترك الشيخان .

لكن في حديثي مع اقاربي في القوش وهم اقرب الى الحدث ، افاد احدهم ان الوضع طبيعي ، وحينما حدثته عن نقطة تفتيش البدرية فكذب الخبر بدليل ان السيارات والشاحنات الناقلة تسير بشكل طبيعي ولا يوجد شئ غير طبيعي على الطريق ، وقال انا الآن اتابع لعبة كرة قدم تجري على ملعب القوش .

 ولدى اتصالي بالقريب الآخر افاد ايضاً بأن الوضع طبيعي في القوش ، وإنه خابر اقاربنا في تلكيف وأفادوا بان الوضع طبيعي هناك ايضاً ، واستطرد : وإن حدث شئ فسوف اخذ العائلة الى دهوك .

الأحداث المقلقة تتسارع ولا مجال للتفكير ، وأنا شخصياً اريد ان اكون في قلب الحدث ، ولا افكر ، ولم افكر في حياتي في شئ اسمه الخوف ، لكن هناك مثل يقول : لا حاكم ولا حكيم ، فليس لك خيار إذ يجب إطاعة الحكيم ( الطبيب ) الذي ادخلني في هذه الفترة ثلأثة مرات الى المستشفى ، وأخبرته انني في القوش رغم دخان السكائر والنركيلة في النادي ، كانت صحتي عال العال ، وهنا في اوسلو في الهواء النقي والأهتمام الصحي ، إلا انني دائم المراجعة للطبيب والمستشفى .

المهم ، حينما اجلس لوحدي وأفكر في هذا الزمن الردئ حيث القوة الجسمية في تراجع مع مرور الوقت ، وهذا ناموس الحياة لا اعتراض عليه ، لكن الأعتراض هو على احوال الوطن الذي لا نقرأ فيه خبر مفرح عن بناء مدرسة او تبليط شارع او بناء جسر او مستشفى او افتتاح مسرح او .. او .. إنما معظم او جميع اخباره ، هي : المصادمات بين الجيش والمسلحين ، تصادم بين قوة من البيشمركة والدواعش ، تهجير المسيحيين ، خطف الشبك ، تفجير مرقد الإزيدية في سنجار . قتل .. تهجير ،، تفجير ، اختطاف ،، معارك طاحنة  .. مصادمات .. قصف .. سقوط قذائف هاون .. استيلاء .. انسحاب .. إنذار .. تفخيخ … اختفاء … نازحون .. مأساة انسانية …الخ

هل نقرأ عن اخبار العراق غير تلك الأخبار ؟

هل هناك خبر يسر ويفرح المواطن العراقي ؟

كل العالم لهم اخبار عن البناء والأنجازات والمخترعات والأبداعات والسياحة والمهرجانات ، ونحن لنا اخبار الفساد والعنف والتشبث بالكرسي وسرقات المال العام ، الأصطفاف الطائفي … كل فريق هو صاحب المقاييس والحقائق المطلقة ، كل فريق يريد إقصاء الفريق الآخر ، والقضاء عليه بالضربة القاضية . إنه عراق غريب عجيب ، بل انه عراق مجنون . وبعد كل ذلك ، الا تريد عزيزي القارئ ان نصاب بالسكر والضغط  وتحطم الأعصاب والقلق النفسي وانقباض الصدر والكآبة ؟ إن كان هذا حالي انا البعيد ، فما هو حال من يعيش الحدث وسط العاصفة ؟

دمتم بخير

د. حبيب تومي / اوسلو في 04 / 08 / 2014

 

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *