القسم الأول من محاضرة المطران مار باوي سورو الكلي الوقار في كـنيسة مار توم الرسـول في سـدني بتأريخ 16 / 9 / 2012

نمشي وراء المسيح، وليس وراء مَن يغـير تعاليم المسيح!

لماذا إلتحقـتُ بالكنيسة الكاثوليكية للكلدان؟

بـدأ سـيادة المطـران باوي سـورو الموقـر بالتحـية والشكـر قائلاً: من المؤكـد أن هـذا الـيوم هـو خاص بالنسبة لي وأنا قادم عـنـدكم هـنا في كـنيسة مار توما الرسول في سـدني وعـنـد سـيدنا مار جـبرائيل كـساب أخ عـزيز لي وأشكـره عـلى إتاحة هـذه الفـرصة للـتـكـلم وأنا ألـتـقي مع جـميعـكم كإخـواني وأخـواتي من أبناء شعـبي وأشكـركم جـميعاً عـلى هـذه التـكـريم.

موضوع محاضرتي هـو أن أتـكـلم لمدة نـصف ساعة بمناسبة مرور خـمس سـنوات عـلى دخـول جـماعة منا في إتحاد مع الكـنيسة الكاثـوليكـية الـكـلـدانية، ويسرني أن أبـدأ بـموضوعي الأول (1)- هـل الإتحاد هـو تركٌ للأصالة أم تـدبـير لـبـيت الأب؟ والشيء الـثاني (2)- سيكـون عـن فـوائـد ومكافآت هـذا الإتحاد، ما هي التحـدّيات والعـوائق، لأنه بالفـعـل فـيه فـوائـد ومصاعـب! أما الفـقـرة الـثالـثة (3)- هي بعـض إقـتـراحاتي إلى الآثـوريّـين والـكـلـدانيّـين كإبن أو كـشخـص أو كـكاهـن أو كـشماس أو كـمطـران أو كـواحـد منكم وجـميعـنا لـنا الحـق في أن نـقـترح ونـناقـش في بـيت الأب وأنا أيضاً عـنـدي هـذه الفـرصة وهـذا الحـق.

(1)

هـل أنَّ فـكـرة الإتحاد مع الكـنيسة الكـلـدانية

هي تركٌ لأصالـتـنا أم هي تـدبـير لـبـيت الأب

وهـنا شرعَ سـيادته بتـقـديم محاضرته القـيِّمة والمركـَّـزة فـقال: دخـولـنا في الكـنيسة الكاثـولـيكـية الكـلـدانية هـل هـو تخلـّي عـن الأصالة أم هـو رجـوع إلى بـيت الأب والأم؟ يعـجـبني أن أعـلق وأبـيِّـن لكم ما هـو تـفـكـيرنا بهـذا الشأن.

أولاً إن كـنيسة المشرق قـبل المسيح هي مؤسّـسة أو جـماعة من الناس مهـمة جـداً في تأريخ الإنسانية خـرج منها أناسٌ تأريخـيّـون مهـمّون أولهم أبونا إبراهـيم ومنه خـرجـتْ الأسـباط والـديانات، جاء أبونا إبراهـيم من أور التي عُـرفـَـتْ بأور الـكـلـدانيّـين وذهـب إلى نهـر الـفـرات وجاء بعـده العـبرانيّـون، وإنَّ ثـقافـته نابعة من ثـقافـتـنا وتراثـنا ومن جـماعـتـنا أرض أجـدادنا ــ الكاتب).

ثانياً إنّ كـثيراً من أنبـياء وكـتبة العـهـد الـقـديم الـذين عاشـوا أو ذكِـروا في الكـتاب المقـدس كانوا في بابل ونينوى من عـنـدنا مثل دانيال عـزرا نحـميا يونان حـباقـوق ناحـوم والـذين دعاهم يسوع بنـفـسه ووجَّـههم وتـكـلم عـنهم، وأنا أذكـرهم لسبب معـين.

ثالثاً البابليون مرة، ومرة أخـرى الآثـوريـون ذهـبوا من بـيث نهـرين إلى فـلسطـين وأتـوا بعـشرة أسباط اليهـود إلى مناطـقـنا السبي البابلي) وفي فـتـرة ولعـدة قـرون كان عـدد الـيهـود في بـيث نهـرين أكـثـر من مجـموع الـيهـود المنـتـشرين في العالم أجـمع، في منـطـقة محـصورة بـين شمال وجـنوب بغـداد، ودجـلة والفـرات في منطقة تسمى بالإنـﮔـليزية (Pure Lineage = ذرّية نـقـية) ولمدة 500 سـنة قـبل المسيح وإلى 500 سـنة بعـد المسيح، صانـوا أصالـتهم الـنـقـية فـلم يتـزوّجـوا من غـير الـيهـود لمدة ألف عام ولهـذا فإن أمراضاً وراثية كـثـرتْ بـينهم لأن بعـض الـيهـود المتـزمتين لم يخالـطـوا دماء وجـينات شعـوب أخـرى.

رابعاً يسوع وتلامـذته أتـوا من هـذه الـثـقافة ومن هـذه الـتـوراة ومن اليهود ومن أبونا إبراهـيم، كانوا قـد خـرجـوا من عـنـدنا وهُم نماذج لـنا ونـفهم ما الـذي تكـلمـوا وبماذا عـلـَّـموا. ونحـن سـكان بـيث نهـرين نسمي أنـفـسـنا الـيوم آثـوريّـين وكـلـدانيّـين وارثـو هـذه الحـضارة ولهـذا فإن الجـماعة الأولى التي فـهـمَتْ إنجـيل الرب كانـوا شعـبنا، وإنّ أحـد الأسباب هـو أنَّ يسوع تـكـلم بلغـتـنا وحـين أتى تلامـذته مار توما ومار أدّاي ومار ماري صاروا يكـرزون بإنجـيل يسوع بذات المفـهـوم، وقام يسوع من بـين الأموات ونحـن فـهـمنا وقـبلنا وإحـتـضنا هـذه الكـرازة من كـل قـلبنا.

إنَّ فـهمَنا هـذا نجـده الـيوم في طخـسنا وقـوانينـنا وصلواتـنا وكـتبنا وحُـذرتـنا وآبائـنا وكـلما قـرأنا وبحـثـنا وتـفـحَّـصنا فإنه يظهر أمامنا جـلياً عـلى السطح أكـثر، وأريـد أن أعـطيكم مثالاً واحـداً عـلى هـذا الكلام وهـو الأساس الذي إتـخـذه مار توما وبنى عـليه هـذه الـبناية (الكـنيسة ـ الكاتب) وكـل ثـقـلها يستـنـد عـليه وهـو أحـد الأسس الرصينة لـلمسيحـية! إنه سـطـر واحـد قاله المسيح لـشمعـون كـيـﭙا، لـﭙـطـرس، مكـتوب في إنجـيل مار متى 16 : 18 (أنت الـصخـرة وعـلى هـذه الـصخـرة أبني بـيعـتي…).

إن يسوع بلغـته ولغـتـنا الآرامية دعى شمعـون صخـرة) وقال: وعـليكَ يا صخـرة أبني كـنيستي! ومثـلما كان هـذا الـتعـبـير يعـني في فـكـر يسوع هـكـذا فـهمها شمعـون، وفـهمها كل الذين وصل إليهم الإنجـيل بهـذه اللغة الآرامية، ولكـن حـينما تـُـرجـِمَ هـذا السطر إلى اللغة الـيونانية حـصل الـتحـريف!!! (ومع الأسف إنحـرف المعـنى ــ الكاتب) ومن بعـد ذلك تـُـرجـِمَـتْ هـذه العـبارة من اليونانية إلى لغات أخـرى فإن جـميع المفاهـيم بالتبعـية صارت محـرّفة ومغـلوطة ولهـذا يوجـد الـيوم سـوء فهم لهـذا السطر .

 

NOTE: in Greek ……….. Πέτρος = PETROS = (ﭙـطـرس)

فـقـول الرب: أنت ﭙـطرس! تـُـرجـِمَ إلى اللغة الـيونانية كـما يلي ( أنت ﭙـِتـروس وعـلى هـذا الـ ﭙـيتـرا أبني كـنيستي ! ) فـحـدث تميـيز بـين إسم ﭙـطرس الشخـصي ….. والصخـرة … وكأنهما شخـصان أو شيئان مختـلفان، وحـين تـُرجـِمَ من اللغة اليونانية إلى الإنـﮔـليـزية حـدث الشيء نـفـسه

(You are PETER and upon this ROCK I build my church)

ويـبـدو كأن ﭙـطـرس مفـصول عـن الصخـرة، ولـكـنـنا نحـن في كـنيسة المشرق مستحـيل!! نعـرف أن ﭙـطـرس والصخـرة شيء واحـد، شمعـون الصخـرة وعـلى الصخـرة ذاتها بُـنِـيتْ الكـنيسة.

تـذكـَّـروا أني أمضيتُ معـظم سنين حـياتي كـعـضو في كـنيسة هي اليوم خارج الكـنيسة الكاثـوليكـية، وبالضبط كـنيسة المشرق الآثـورية، وفي السنين الأخـيرة ما كانـوا يقـولون (أنت الـصخـرة وعـلى هـذه الـصخـرة أبني بـيعـتي) وتوقـفـوا عـن إستخـدام إسم ـ كـيـﭙا ـ فـكانـوا يستخـدمون كـلمة ــ شـوعا ــ والتي تعـني صخـرة، كي لا تكـون مرادفة للـتعـريف الوارد في اللغة الآرامية التي تكـلم بها المسيح لمّا عـيَّن شمعـون كـيـﭙا لهـذه المهمة، ولهـذا فإن أي واحـد حـين لم يفـهم ذلك، ذهـبَ إلى الإنعـزالية لأنه لا يمكـنه أن يقـول أنَّ شمعـون كـيـﭙا هـو نـفـس الـ كـيـﭙا الـذي عـليه أسّـس المسيح كـنيسته، وإذا قالها!! يتـطـلب منه أنْ يقـبل بشمعـون كـيـﭙا ومَن جاء بعـده، ويقـبل بالـﭙاﭙا ويكـون كاثـوليكـياً، لـذا فالآخـرون أصبحـوا هـكـذا رويـداً رويـداً يَحـيَون بالإنعـزالية.

ولسوء الحـظ فإني أنا وجـماعـتي الآثوريّـين كانـوا خارج هـذه الشراكة كـباقي400 مليون أورثـوذكس وقـرابة 500 مليون ﭙـروتستانـت موجـودين في العالم، وهـذا الشيء جـعـلني دائماً أفـكـر به إلى أنْ أتيتُ بنـفـسي وبحـثـتُ طخـسي وتراثي وآبائي والإنجـيل والسنهادس وكـل القـوانين الكـنسية إكـتشـفـتُ أكـثر من مائة !!! مائة وثيقة إثباتات لهـذا السطـر ويتـواجـد في كـل تراث آبائي. إنها حـقاً مسألة بـسيطة وصار الإحـتمال كـبـيراً ومباشـراً كي أرى وأفهم وأصل، لماذا؟ لأنَّ مار يابالاها ـ مار باوي ـ مار إيشوعـياب الصوباوي ـ مار طيماثيوس ـ مار يوحـنان سولاقا ـ وآباءاً كـثيرين لم تكـن لـديهم أية مشكـلة أن ينـطـقـوا ويقـولوا: ((حـين نـرى شمعـون كـيـﭙا أو أسقـف روما، نعـرف أنّ هـذا الشخـص ومنـذ بداية المسيحـية وإلى الآن هـو الصخـرة التي تكلم يسوع عـنه)) لماذا؟ لأنهم كانوا يـدركـون هـذه الـتعـاليم، ولأنـنا نحـن أصحاب تلك الحـضارة التي تكـلم بها المسيح.

لـذا فإن كـوني وقـبولي أن أكـون كاثـولـيكـياً! ومتى حـدث؟ حـدث حـين قـلتُ (أنت هـو الصخـرة وعـلى هـذه الصخـرة بنى المسيح كـنيسته) فحـين نعـترف هـذا الإعـتـراف، وأنا من جانبي قـبلتُ كـشخـص والمجـموعة التي جاءتْ معـنا إلى حـركة الإتحاد ودخـلـنا! لم نكـن نلغي أو نـتجـرّد عـن أصالـتـنا بل بالعـكس كـنا بعـيـدين عـن أصالة آبائـنا، وأن تلك الوثائق المائة التي شاهـدناها كـنا نعـرفـها ونرفـضها، أما الآن فـقـد قـبلـناها ورجـعـنا مرة أخـرى إلى الكـنيسة الأم وإشتـركـنا مع كـنيسة إخـوانـنا الكـلـدانيّـين.

تابعـوا الموضوع الـثاني من محاضرة سـيادته …..

كـتابة: مايكـل سـيـﭙـي

سـدني

 

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *