العراقيون يضعون مفهوماً جديداً للديمقراطية


يمرالنظام الديمقراطي الذي صدرته امريكا وحلفائها الى العراق بأزمة سياسية حادة بين طرفي معادلة غير متعادلة لا بالقوة ولا بالعدد ولا بالمنطق ولا بالقيم . الطرف الاول هو الطرف المتسلط المتمثل بالكتل السياسية الكبيرة المسيطرة على جميع مواقع السلطات الاربعة حتى جمعيات ومؤسسات المراة التي تمثل 25 % من برلمان اللواتي اصبحن صمم، بكم، والطرف الاخر المتمثل بالنرجسيين او الحالمين، الذين كانوا يحلمون بقبول كل عراقي شروط الديمقراطية بمجرد دخول اول دبابة امريكية حدود العراقية او يشاهدونها ، جبهة فقيرة معدومة من ناحية الامكانية المالية والنفوذ السياسي وقسم منها يعيش في المنفى الاوربي او امريكا او قرب جزر واق واق في استراليا بصورة قسرية بسبب الوضع الامني.

مرة اخرى نود نشير ان النظام الديمقراطي ظهر لاول عند الاغريق في القرن الخامس قبل الميلاد حينما كانوا يظنون ان الوجود اصله من العناصر الاربعة (التراب والماء والهواء والنار)، ومعناه حكم الشعب، اي ان الحاكم او الملك ينتخب من قبل الشعب والبرلمان (ممثلي الشعب) ايضا ينتخبون من سكان المحليين كي يمثلونهم وهكذا تسهل عملية اتخاذ القرار المعبر عن اراء جميع فئات المجتمع من ناحية الجغرافية والسياسية والدينية.

لكن في العراق وبعد عشرة سنوات من ارهاصات ومجادلات ونظريات واطروحات فلسفية وسياسية ودينية ومذهبية في مؤتمرات اقليمة ووطنية ودولية ، وجدنا ان النظام الديمقراطي الذي صدرته امريكا لنا والذي تصدره الان لسوريا وبعض بلدان العربية تحت تسمية ثورات الربيع العربي، ما هو الا كعملية الزواج من امراة عاقرة فلا اولاد ولا امل بولادة ابن صالح ، او تشبه عملية زرع شجرة نخلة على قمة جبل جودي التي لن تعطي تمر حتى بعد مليون سنة او نفي طيور القبج من الجبال الشمالية الى صحاري الرطبة ودير الزور او اعطاء قيادة المكوك الفضائي ديسكفري لبدو في صحراء السعودية فنجاح الديمقراطية على يد السياسيين الحالين هو امر مستحيل.

نعم النظام الديمقراطي ومفهومه يحتاج الى انسلاخ من ثوبه القديم بمعنى اخر يحتاج الى تجديد لانه لا يلائم السسياسيين العراقيين الحاليين. لكن اغرب ما في ديمقراطية العراقيين هو ان اعضاء الحكم قرروا بل شرعوا ان السرقة عملية قانونية حسب مفهوم الجديد الذي ابتكره اصحاب السلطات، اي سرق الشعب علنية، وان اخوتنا اعضاء البرلمان العراقي المنتخبين ديمقراطيا نكثوا بالمبداء الذي على اساسه انتخبوا، اي انقلبلوا على الديمقراطية التي اتوا بموجبها والتي قالوا انهم مؤمنين بها مثلما انقلب غيرهم قبل نصف قرن على الشعب العراقي.

احي اخوتي من ممثلي التيار الديمقراطي الذي تأسس قبل بضعة اشهر في استراليا ونيوزلنده على ادانتهم لقرار الاخير للبرلمان العراقي على خلفية قرار المحكمة العليا بعدم احقية احتساب اصوات المنتخبين للكتل الكبيرة بعد اقصاء الاحزاب الصغيرة.

بل اتمنى كل عراقي ان يدين هذا النموذج من العمل السياسي والساسيين الذين هم بالحق ليسوا سوى اسوء من صدام ورجال حكمه، وان يفكر كل عراقي جيدا بل يتهيؤوا جيدا للانتخابات القادمة بأن لا يضحك على ذقونهم مرة اخرى بحمل الاحزاب الحالية لا سيما الكبيرة شعارات وعنوانين جديدة بثوب وطني مزيف ، بينما في حقيقتهم اغلبهم سراق ومرتزقي على اموال الفقراء والشهداء والمهجرين (استثني منهم ما امثال مهدي الحافظ وعادل مهدي وغيرهم). لان الصراع الطائفي والمذهبي على اعضاء مفوضية الانتخابات تعطي بلا شك اشارات وعلامات تشاؤومية، بأنه سيتم سرقت وحذف اصوات الناخبين ( كما حصل في ملبورن في المرة الماضية ) وسرقت اموال باسم انتخابات ديمقراطية مرة اخرى كما فعلت الاخت حمدية في اردن فالحليم تكفيه الاشارة.!!!

يوحنا بيداويد

15 ايلول 2012

ملبورن/ استراليا


You may also like...