الصفـقات المالية خـلف اللقاءات المَخـفـيّة


ليس كـل واحـد يـقـبل الولـوج في دروب الـقـذارة المخـفـية مثـلما الـكـثيـرون لا يحـبِّـذون الجـلوس فـوق أبراج نـتـنة شـكـلية بل يراقـبون الساحة والـطرق تحـت أشـعة الشـمس القـوية، يجـمعـون الـنفايات الـمتـطايـرة من هـبوب الـرياح العاتية لـتـنظيف البـلـدة دون أن يتـقاضوا أجـرة يومية ولا مكافأة تشجـيعـية، ويمـدّون مجـسّاتهم إلى الزوايا المظلمة فـيسـلطون عـليها أشـعة ضوئية لـيَـروا ما يـدور فـيها (بالهـمس باللمس بالآهات بالنـظرات بالصمت الرهـيب) من سيناريوهات سينمائية ويرسمونها صـوَراً كاريكاتيرية بألـوانها الـطـبـيعـية، ويعـملون بإستـقلالية بعـيدين عـن قـبب السارقـين ويتجـنـبـون منابـرَ المصالح الشخـصية فلا يشاركـوا قـيصر روما والزائغـين في تحـرير صكـوك من بـيت المال لحـساب الحـرامية، أما صاحـب الضمير الميت والمستـتـر بقـلـنـسـوة كاوبـويّة ينـدب حـظه حـين يُـفـضح أمـره فـيَـلـطم عـلى رأسه لـطـمة الـتعازي الكلاسيكـية، فـيـبـدأ يسحـب أمواجاً خارجـية ويَـنـثـَـول أمام العارفـين بالأسرار الجهـنمية، فـيـرفع مجـروراً تائهاً لا يمـيِّـز الناقة عـن الجـمل مستعـيناً بحـروف نـصب تـعـويـذية!! وينـصب أصناماً عـلى حـروف جـرِّ لا محـل لها من الإعـراب النحـوية، فـتراها أجساماً حجـرية تـتوشـَّـح حُـلـَّة فارسٍ ملوكـية لا تـفـقه الشمال عـن الشرقـية، يجـرّها تارة إلى دهاليـز شيطانية وطـوراً إلى شـواطىء خاوية مستعـيناً بإمضاء الـبعـيـد بديلاً عـن القـريـب لـيُـمَـرِّر صفـقات إنحـرافات سـرية، متجاهلاً المبتـدَأ مرفـوع الرأس في جـملة خـبَرية، وما يـدري بـينا إحـنا نـقـرأ الخـطـوط الممحـية لا يستـطيع هـو قـراءتها ولا شـلـَّـته الشـطـرنجـية.

إنَّ الأوكار المظـلمة عَـلتْ جـدرانها نهاراً وخـفـتـتْ أضـواؤها مساءاً وكـتـمَـتْ أبـواقها ليلاً، وعـرّابها بلغ من سنين العـمر عـتـيَّاً وما زال يوَسِّـع جـيـوباً تحـت جُـبَّة السـلطان غـطاءاً، وهـو يـدري أن براقِـشَ يكـفـيها عَـظـْـماً من أرذل ما في الفـريسة لحـماً.

يـرى أفلاطـون أنَّ للإنسان ثلاثية الرأس والبـطـن والقـلب ولم يـذكـر رباعـية الجـيـب! فإذا قـفـل الرأس الـرائغ وغـلق القـلب الزائغ وشـبع البـطـن الفارغ، ماذا يفـعـل الجـشع الصارخ! هـنا يأتي الجـيـب وما أدراك ما الجـيـب السابغ؟ إنَّ مَن لا تشبعـْه قـفـّات الـتِـبْـر ولا يستمتع بـبخات الـعـطـر، يعاني من عِـلة في نـفـسه ممتـدّة حـتى الـجـذر، سـتــُـشـبعه بكـل تأكـيـد حـفـنة من تـراب القـبر تحـت أكـوام الـصخـر، وليقـل هـناك إنـني أنا الآمِـر حـين يُـشبَعَ من ضربات الإبليس ليس له منها مفـرّ ولا ينـفعه مال هـذا الـدهـر.

 بقـلـم: مايكـل سـيـﭙـي
2012

You may also like...