البيان الختامي للسينودس الكلداني الذي أختتم أعماله في بغداد

 

بدعوةٍ من صاحب الغبطة مار لويس روفائيل الأول ساكو إنعقد في بغداد للفترة بين (5 – 11 حزيران) السينودس الكلداني في دير الراهبات الكلدانيّات بنات مريم، وهو الأول منذ انتخاب غبطته وتنصيبه ببغداد يوم (6 آذار 2013). شارك في السينودس فضلاً عن غبطته السادةالأساقفة الاجلاء:

حنا زورا مطران كندا

ابراهيم ابراهيم مطران ميشكن (الولايات المتحدة)

توماس ميرم مطران اورميا (ايران)

انطوان اودو مطران حلب (سوريا)

رمزي كرمو مطران طهران (ايران)

جبرائيل كساب مطران استراليا ونيوزلند

جاك اسحق المعاون البطريركي

شليمون وردوني المعاون البطريركي

ميشال قسارجي، مطران بيروت (لبنان)

ربان القس مطران العمادية

ميخائيل مقدسي مطران القوش

اميل نونا مطران الموصل

بشار وردة مطران اربيل

وغاب سرهد جمو مطران كاليفورنيا (الولايات المتحدة)

حضر جلسات السينودس الأبوان البير هشام (مسؤول اعلام البطريركية) وسكفان متي يونان (سكرتير البطريرك) لمساعدة امين عام السينودس المطران جاك اسحق في كتابة المحاضر بعد ان اديا القسم القانوني بحفظ السر.

بدأ الاباء سينودسهم بوقفة صمت وصلاة عن راحة نفس مثلث الرحمات المطران اندراوس صنا المتوفى حديثا، ثم بدأوا رياضتهم الروحية بالتماس أنوار الروح القدس في حملهم هموم شعبهم وتطلعاته. تخلل الرياضة تأمل عن الصلاة قدمه غبطة البطريرك بعنوان “عمل الأسقف الراعوي ونجاحه يتوقفان على روحانيّته وصلاته” جاء فيه:”لا يمكن أن يغلق الأسقف نفسه في الإداريّات ويقول إنه رسولٌ المسيح وشاهدٌ له. كيف يستطيع الاسقف ان يقود الكنيسة ويرعاها من دون صلاة يومية شخصية وأيضًا ليترجيّة ومع الكتاب المقدس؟ وفي المساء حضر سعادة السفير البابوي المطران جورجو لينكوا والقى كلمة مؤثرة حول: الشركة والجماعيّة الاسقفيّة في الكنيسة.

في اليوم التالي بدأت أعمال السينودس وتدارس الآباء المواضيع المثبتة على جدول الأعمال وناقشوها بجديّة دقيقة ومسؤوليّة. وبعد اختتام أعمال السينودس أصدروا البيان التالي:

أولا: يشكر آباء السينودس الرب على نعمه الغزيرة عليهم ومرافقته اياهم بانوار الروح القدس طيلة ايام السينودس، وعبروا لغبطة البطريرك الجديد عن تمنياتهم بتحقيق شعاره” الأصالة، الوحدة والتجدد”، وأن تترجم هذه الكلمات إلى الواقع من خلال إعادة هيكلية تنظيم البطريركية والأبرشيات والرهبانيات والمؤسسات الكنسية باحترام القوانين الكنسية. لقد كان هذا السينودس فرصةً مميزة للقاءاتٍ مهمة خصوصًا وأن انعقاده جاء بعد خمسة اشهر من انتخاب البطريرك الجديد. ورأى الآباء الأساقفة أن الكنيسة الكلدانية بتنوّع أعضائها أينما وجدت في الوطن وفي الشرق أم في بلاد الشتات، تمثل جسدًا واحدًا، وهي مدعوّة لأن تعكس حقيقة هذا الإيمان الواحد. فكنيستنا كنيسة الشهداء وقد ركز الآباء على العراق الوطن الأُم ومهد كنيستهم، وعلى دعمهم البطريركية لتحتل موقعها وتلعب دورها التاريخي.

ثانيا: بهذه المناسبة تجدد الكنيسة الكلدانية تعهّدها بالعمل الحثيث من أجل تنشيط الحركة المسكونية وتدعو الإخوة المسيحيين من كافة الطوائف إلى التوجه نحو ما أراده يسوع وان يحققوا رغبته بوحدة تلاميذه كلهم “ليكونوا واحدًا”، وذلك بوضع آليات حوار وتواصل لكي لا تتبعثر قوانا خصوصًا وأننا في تناقص مستمر. كما انهم اكدوا على رغبتهم في فتح حوار صريح وشجاع مع كنيسة المشرق الاشورية لاسترجاع وحدة كنيسة المشرق ومكانتها وهيبتها ومجدها.

ثالثا: كما لم ينس آباء السينودس العلاقات المسيحية-الإسلامية في شرقنا، وقد دعوا أبناءهم المسيحيين كي يصيروا جسورًا بين كلّ الجماعات، لوضع أسس حوارٍ صادق لتقوية العيش المشترك ورفع صوت الحق تجاه المتغيّرات والأحداث والتطورات، كما ثمّنوا عاليا حضور شخصيّات حكومية ورسمية يوم تنصيب البطريرك الجديد: دولة السيد نوري المالكي رئيس الوزراء، ودولة السيد أسامة النجيفي رئيس مجلس النواب، كما تبع ذلك ردٌّ للزيارة من قبل غبطته مع روؤساء طوائف المسيحية في العراق، الذين دعوا إلى المصالحة الوطنية، وأيد آباء السينودس هذه الخطوات من أجل استقرار بلدنا وتنعمه بسلام عادل وشامل، فنعيش تحت ظلِ نعمة الرب وكان مسك الختام عشاء المحبة الذي دعا اليه غبطته بمناسبة انعقاد السينودس الكلداني، مساء الأثنين 10/6/2013 في فندق الرشيد، وقد اشترك فيه المسؤولون الحكوميون والكتل السياسية وعلماء الدين وروؤساء الطوائف المسيحية وجاء اللقاء حقا لقاء مصالحة.

رابعا: رفع الآباء الأساقفة المجتمعون رسالة بواسطة سيادة السفير البابوي إلى قداسة البابا فرنسيس مؤكدين له محبتهم وتقديرهم لمواقفه المشجعة على الانفتاح والتقارب بين الناس، واكدوا على أهمية انتماء الكنيسة الكلدانية إلى الكنيسة الكاثوليكية.

خامسا: تداول الآباء أوضاع الأبرشية البطريركية في بغداد وتنظيم الدائرة البطريركية وأيضا الدوائر الاسقفية وخصوصا الدوائر المالية حسب نظم حسابية دقيقة وشفافة، كما تناقشوا حاجات الرعايا وكيفية تأمين الخدمة الكهنوتية حيثما دعت الحاجة، لشد أواصر التعاون والتواصل بين كافة الابرشيات، ووضعوا خطة من أجل أن تكون الرهبانيات السند القوي للكنيسة، داخل البلد وخارجه، كما تم انتخاب عدد من المطارنة للأبرشيات الشاغرة.

سادسا: تدارس آباء السينودس بصورة خاصة موضوع الدعوات الكهنوتية والرهبانية ودعوا إلى إعادة النظر في التنشئة التي تعطى لكهنة المستقبل من أجل لملمة الطاقات ووضع اسس تعاون أوثق بين مؤسستي معهد شمعون الصفا الكهنوتي البطريركي وكلية بابل الحبرية، كي يقوم هذان الصرحان ليس بتقوية التنشئة الملائمة لشبابنا الدارسين فحسب، بل لخدمة كل كنيسة العراق بكافة طوائفه وحتى لأبرشيات بلاد الانتشار، وأن تكرّس جميع الإمكانيات البشرية والمادية لخدمة غد أفضل. كما دعوا إلى عدم التسرع في قبول رسامة كهنة بغاية ملء الفراغات الرعوية، هناك ضرورة لحصولهم على تنشئة جيدة تجنب الكنيسة تصرفات سلبية. كذلك اكدوا على الحياة الديرية للرهبان والراهبات ودعوا الى ضرورة والالتزام بنذورهم التزاما رصيناً وتلبية حاجات الكنيسة وتطبيق قوانينها.

كما أولى آباء السينودس الأهميّة بمتابعة حياة كهنتهم روحيا ولاهوتيا وراعويا وضمان عيش كريم لهم. وناقشوا موضوع انتقال بعض الكهنة من أبرشية الى اخرى من دون موافقة مطرانهم مما يؤدي الى ضعف في الخدمة الكهنوتية . ودعوا كل الأبرشيات إلى عدم قبول أي كاهنٍ من دون رخصةِ مطرانه. كذلك نصحوا بخصوص الدراسات في الخارج أن يتم توخي العدالة في إرسال الدارسين للتخصص بشكل يضمن عدم خلق فراغ في خدمة الأبرشيات. واكدوا على احترام النظم الليترجية (الطقسية) في كافة الابرشيات.

سابعا: الشؤون الاجتماعية والهجرة. إن الأزمات التي مرّ ويمر فيها بلدنا منذ عدة سنوات خلخلت وزعزعت أسس الحياة لدى الكثير من المواطنين، ودفعتهم إلى الهجرة إما الى شمال العراق أو إلى البلدان المجاورة القريبة أو إلى البعيدة، لذا يدعو آباء السينودس إلى تشجيع هؤلاء على الإستقرار في البلد برغم كل الصعوبات. وطلب الآباء تأسيس لجنةٍ مكونة من إكليروس وعلمانيين لدراسة شاملة ووافية عن هذا الموضوع من خلال جمع معلومات لوضع الأسس الاقتصادية والاجتماعية ودعم ما من شأنه أن يثبت هؤلاء الأبناء في البلد وتوفير عملٍ للأجيال الصاعدة والتخفيف عن كاهل المواطنين بتوجيه دعوة إلى المستثمرين العراقيين الذين في الخارج إلى دعم هذا المشروع والعمل في العراق من أجل بقاءِ المسيحيين خميرة فيه.

تفتخر كنيستنا بهويتها الكلدانية بأنها تعود بتاريخها إلى زمن الرسل، إلى توما وأدي وماري، هؤلاء الذين جاءوا من بعيد ليشهدوا للمسيح ويحملوا بواسطتنا البشرى إلى أقطار العالم البعيد حتى الهند والتبت والصين، هؤلاء الآباء يقولون اليوم لأبنائهم وبناتهم، لقد عدتم الى الانتشار في أنحاء العالم الأربع، لا تنسوا أن كنيستكم رسولية. احملوا معكم ذاك الروح الذي حمله آباؤكم المبشرون فتشهدون مثلهم على غنى كنيستكم العريقة وعلى قيم تربيتكم عليها. كما يقول آباء السينودس للباقين لا تستسلموا للواقع الصعب، تعالوا نبني الإيمان على شعار “أصالة، تجدد ووحدة” فنجعل من هذا التعاون أنموذجًا يحتذى به في كل مكان.

ثامنا: يؤكد الآباء أن ما جاء في رسالة غبطة البطريرك بخصوص العمل القوميّ والسياسي هو للعلمانيين المقتدرين. ونحنُ نشجعهم على بناء مدارس لتعليم لغتنا وإنشاء مراكز ثقافيّة واجتماعية تعنى بالتراث والفن والثقافة، وتشكيل أحزاب سياسيّة تدافع عن كرامة الناس وحقوقهم، لكن لا يمكن لأفراد الاكليروس بجميع درجاتهم الانخراط فيها أو التحول الى دعاة لها. على اعضاء الاكليروس الالتزام الكامل بدعوتهم الكهنوتية وخدمة كلِّ الناس من دون تفريق.

تاسعا: كما يتطلع الآباء بأمل الى إجراء إصلاحاتٍ متنوّعة في الوطن وأعربوا عن أسفهم وحزنهم على العنف المستشري في المنطقة لاسيّما في سورية الشقيقة، وهم يتألمون لسقوط الضحايا ويرفعون صلاتهم إلى الله من أجل وقف العنف وإحلال السلام. ورفعوا صلاة خاصة من أجل سوريا ونداء لإطلاق سراح الأسقفين المخطوفين: المطران يوحنا ابراهيم وبولس اليازجي.

الخاتمة

صلينا معًا، وفكرنا سويّة واستلهمنا أنوار الروح القدس وأرواح آبائنا في هذه الكنيسة الممجدة. فنشكر الله على نعمه ونطلب بشفاعة أمنا العذراء مريم أن تأتي ثمار هذا السينودس مكللة للجهود التي بذلت وتبذل لتحل بركاتٍ الرب غزيرة على أبناء الوطن والمهجر فتحفظ جماعتنا بنعمة الإيمان والرجاء والمحبة. وبهذه المناسبة نشكر أخواتنا الراهبات بنات مريم على ضيافتهن ومحبتهن وصلاتهن المتواصلة من اجل نجاح السينودس.

آباء السينودس البطريركي المنعقد في بغداد بين 5 و11 حزيران 2013

 

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *