البروفسور عبدالله رابي والكلدان المعاصرون 1

                                      

   خاهه عما كلذايا 

 

في إحدى لقاءاتنا في أمريكا أهداني البروفسور الدكتور عبدالله رابي مشكوراً كتابه المعنون ( الكلدان المعاصرون والبحث عن الهوية القومية ) وبما أننا في مرحلة حرجة، هي مرحلة الخريف وتساقط الأوراق عن بعض قيادات التنظيمات، وكشف هوية البعض، والإحباط لدى البعض الذين خدموا إحدى التنظيمات ومن ثم يرون أنفسهم خارج اللعبة فجأة، فيثوبوا إلى رشدهم، ويعرفوا أن مَن يتنكر لهويته، أو مَن يلبس ملابس غيره، لا بد وأن يأتي اليوم الذي يقولون له الجميع هذه ليست ملابسك، وأهل الملابس سيقولون أنزع عنك ملابسنا فنحن لسنا بحاجة لك بعد اليوم، حينذاك ينكشف عريهم وتظهر حقيقتهم أمام الجميع. هذا الخريف الزوعاوي الذي شمل سقوط العديد من قادة الزوعا ، ويبقى مصير الكلدان المكتسبين هوية الزوعا والذين يدّعون زوراً وبهتاناً ( أو لأجل مصلحة شخصية ) بأن هويتهم آشورية وهم يعرفون حق المعرفة أن التسمية الآشورية هي تسمية جغرافية مناطقية لم ترد بأي شكل على انها هوية قوم، بل حالها كحال الهوية البابلية او العراقية أو المصرية وغير ذلك، وشتان ما بين الهوية القومية والهوية الوطنية ، لذلك يشعر هؤلاء الذين سقطوا عن المكتب السياسي للزوعا من الكلدان بأنهم أصبحوا بين نارين، أما العودة إلى هوية آبائهم وأجدادهم وهي الكلدانية  بعد أن تنكروا لها طيلة هذه السنين الطويلة وخدموا غيرها ولكن بخجل كبير جداً، أو أن يبلعوا السم الذي أهدتهم إيّاه الزوعا كهدية نهاية الخدمة وسيبقون خارج اللعبة وكأن كل هذه السنين ذهبت هدراً وخوفهم أن لا يحافظوا على مناصبهم التي حصلوا عليها من جراء الخدمة، فلكل أجير حقه، فمنهم من يشغل منصب قائم مقام ومنهم من هو مستشار ومنهم من وعدوه بمنصب مستشار رئيس الجمهورية وغير ذلك .

إهداء البروفسور عبدالله رابي كان لكل من يعتز بقوميته.الكتاب قليل بصفحاته حيث لا تتجاوز المائة والعشرين صفحة، ولكنه غزير بمعلوماته، وهو بعيد عن الحشو والكلام الفارغ، بل هو غني بالمعلومات، ويجب على كل كلداني إقتناؤه للإستفادة من كم المعلومات التي فيه وكذلك من تجربة ومعلومات وخبرة البروفسور رابي في هذا المجال، حيث أستند البروفسور رابي في تأليف كتابه إلى منهجية علم الإجتماع ( علم إجتماع القوميات ) والأنثروبولوجية،  ولم يستند كما يستند غيره إلى فرضيات الباحثين .

وما أثار إنتباه الباحث البروفسور رابي أن بعضاً من الكتب التي كتبها أصحابها تستند لمبادئ أيديولوجية سياسية وفيها محاولات كثيرة لتشويه وطمس هوية الشعب الكلداني بتبريرات وهمية لا تستند إلى الموضوعية والأمانة العلمية ، بل جميعها تستند إلى تخمينات وفرضيات علماء الآثار والتي ما تزال بحاجة إلى الدليل القاطع بإعتراف الباحثين أنفسهم، وغالباً ما يتأثر أحد العلماء أو الباحثين بمغريات حياتية تجعله يكتب موضوعاً أو يطرح مادة لا تستند إلى أي تبرير علمي كما فعل الدكتور دوني جورج في أواخر أيام حياته ( رحمه الله ) . حيث جانب الحقيقة كثيراً في موضوع الهوية القومية للكلدان وآخرين غيره،

في كتابه يؤكد البروفسور رابي على أن الكلدان هم للعراق كله، وكل العراق للكلدان، هكذا كانوا وهكذا يستمرون، وكل من يدعي بمحافظة مسيحية فهو ليس من الكلدان، يقول البروفسور عبدالله رابي ( يعيش الغالبية من الكلدان المعاصرين في العراق، يشاركون كل من فئاته في بناء الوطن، ويقاسمونهم في السراء والضراء، وبالرغم من هجرة بعضهم إلى جميع أنحاء العالم إنما تترسخ في أذهانهم محبة الوطن والإعتزاز به والشعور بالإنتماء إليه) . وهذا كله جزء مما جاء في المقدمة ، نستنتج من ذلك أن الكلدان : ــ

1 – يرفضون تقسيم الوطن على أي اساسً كان .

2 – يرفضون أن يُحصرون في زاوية واحدة، كأن تكون محافظة، إقليم، منطقة آمنة ، إلى غير ذلك لأنهم مؤمنين بأن العراق كله لهم وكلهم للعراق، سواء كانوا مسيحيين أم مسلمين أم صابئة أم إيزيدية وغيرهم.

3 – هم شركاء في هذا الوطن وليسوا أجراء، ويقاسمون ابناء الشعب بمختلف فئاته أفراحهم وأحزانهم ( ابعد الله عنكم كل حزن ) .

4 – لا حدود جغرافية تفصل بين مناطق تواجد الكلدان وبقية أبناء العراق العظيم، فالكلدان عراقيين أصلاء وتترسخ في أذهانهم محبة العراق ، ويفتخرون بالإنتماء للعراق ويعتزّون بهذا الشعور وبهذه المحبة.

لقد قسّم البروفسور رابي بلاد النهرين إلى ثلاث مناطق جغرافية، قسمها الجنوبي يدعى بلاد بابل وهو على قسمين ايضاً، سومر وأكد، وسومر تطل على الخليج العربي بينما تقع أكد شمال المنطقة وتمتد إلى جنوب بغداد.

أما القسم الشمالي فيسمى بلاد آشور، وسكنه الآشوريون الذين تعود تسميتهم إلى إلههم آشور، ولكن البابليون كانوا يسمونهم سوبارتيين، وكان الآشوريين يتحاشون هذه التسمية لما فيها من مدلول شائن ، حيث ترادف معنى ( العبد أو العبيد ) وقد استطاع الآشوريون فرض سيطرتهم على شعوب المنطقة التي ذاقت مر العذاب على أيديهم .

لقد أستمر الحال هكذا إلى أن نجحت قبيلة آرامية تدعى كلدو من القضاء على الدولة الآشورية عام 612 ق . م وقد ساعد الكلدانيين الميديين الذين دمروّا مدينة نينوى و ذلك إنتقاماً من الشعب الآشوري الظالم ، فدمروا معابدهم وحطموا مدنهم، ولم ينج من الآشوريين إلا القليل القليل كما تذكر المصادر اليونانية .

نلتقيكم في الحلقة الثانية .

نزار ملاخا

12/9/2013


You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *