الأثوريون وتمرداتهم والهدف الكبير / بقلم: حسيب عم بولص

في عام 1884م استطاع الانكليز استغلال الأوضاع المأساوية التي كان يعيشها الاثوريون النساطرة ( اليهود والكلدان ) في جنوب تركيا بسبب تعرضهم للاضطهاد الديني من قبل الاكراد والاتراك، وان يزرعوا فكرة الاشورية المزيفة في عقولهم، هذه الفكرة التي اراد الانكليز جلب هؤلاء الاثوريين الى العراق وتحقيق اهدافهم بها وبهم، والتي جعلت اليهود النساطرة من مجموعة الاثوريين يتحمسون للقيام بالتمرد على الحكومة التركية في جنوب تركيا ابان الحرب العالمية الاولى، والذي تسبب ليس فقط في سقوط آلاف القتلى من جنسهم بل ايضاً سقوط عدد مماثل من القتلى من الجنس الكلداني من جراء تعرضهم للابادة الجماعية من قبل الدولة العثمانية، المهم في الامر ان الانكليز تمكنوا في هذه الاثناء من جلب الناجين منهم كلاجئين الى العراق الذي كان يخضع لسيطرتهم، لكي يحققوا بهم اهدافهم كما ذكرنا، ولم تدم فترة تواجد الاثوريين في العراق سوى 15 سنة حتى قاموا بعدها بالتمرد على الحكومة العراقية في بلدة سميل في شمال العراق عام 1933 والذي تسبب ايضاً في قتل الآلاف منهم بحسب ادعائهم، مما حدا بهم الى الفرار الى بلدة القوش الكلدانية، حيث دافع عنهم الكلدان من ابناءها الشجعان الاصلاء والبطريرك الكلداني عمانوئيل تومكا دفاعاً مستميتاً، وانقذوهم من ابادة جماعية مؤكدة كانت سترتكب ضدهم على يد الجيش العراقي، اي انه لولا قيام الكلدان بحمايتهم والدفاع عنهم لما كان قد بقي على قيد الحياة آثورياً واحداً على ارض العراق.

ان تمردات اليهود النساطرة هذه لم تجلب لهم سوى الخراب والدمار والآلام والكوارث والمآسي، الا انهم مع ذلك لم يستفيدوا من دروس وتجارب الماضي، ولم يبتعدوا عن العنف وعن لغة الدم والدمار، وعن الذي شوه فكرهم وكان السبب في مقتل الكثير منهم سواءاً كان في ارض تركيا او في ارض العراق، ولم يغيروا شيئاً من مسار حياتهم ويبحثوا عن الامن والاستقرار والعيش بسلام، حفاظاً على مستقبلهم ومستقبل اجيالهم خصوصاً بعد ان سنحت لهم الفرصة واستقروا في العراق، بل استمروا في تكبرهم وعنادهم وفي سيرهم في طريق الضلال، وتنكروا لفضل اللـه وفضل الكلدان، وانضموا في اللحظات الاخيرة الى المعارضة العراقية، واشتركوا في نظام الحكم الجديد بعد سقوط العراق وسقوط نظامه عام 2003، بعد ان قامت قوات التحالف بدعمهم مادياً ومعنوياً لكي يفرضوا وجودهم، ويعدوا عدتهم للقيام بتنفيذ مخططاتهم وتحقيق حلمهم الكبير، فشنوا حملة اعلامية شعواء ضد الشعب الكلداني وضد كنيستهم الكاثوليكية ( الفاتيكان )، وللتشهير بكل من يقف ضدهم او يعارض طروحاتهم وافكارهم المزيفة، وبشكل خاص التشهير برجال الدين الكلدان ممن رفضوا التعاون معهم، لكي يتم اخضاعهم والسيطرة على كنيسة الكلدان وبالتالي السيطرة على الشعب الكلداني، فقاموا بأختلاق الاكاذيب المضللة، وتشويه جميع الحقائق والقضايا التي تخص الكلدان ووجودهم وتاريخهم وحضارتهم وهويتهم القومية ولغتهم الكلدانية وثقافتهم وكنيستهم، واستغلال العواطف الدينية للكلدان والسريان البسطاء والتلاعب بعقولهم وغسل ادمغتهم وتضليلهم وخداعهم في اعلامهم المزيف، لكي يتمكنوا من اشورتهم واستعبادهم والحصول على الكثرة العددية التي تشجعهم على مطالبة المجتمع الدولي او اجراء مباحثات مع الحكومة العراقية والمطالبة بحقوق المسيحيين او المتأشورين قسراً، في اقامة محافظة اشورية مزيفة او حكم ذاتي للمتأشورين في شمال العراق، مع ان خطتهم كانت ايضاً تتضمن قيامهم بفرض سيطرتهم بالقوة على مجتمعات المسيحيين من الكلدان والسريان بحيث يتولى اليهود النساطرة المناصب العليا والقيادية فيه، والقيام بتأسيس ميليشيات مسيحية موالية لهم والاشراف عليها، بالاضافة الى قيامهم بادارة المناطق التي يسكنها الكلدان والسريان في سهل نينوى وفي الشمال العراقي واخضاعها لسيطرتهم، لأنه بحسب فكرهم المزيف يجب ان يتم اعادتها الى حظيرة الامبراطورية الآشورية التي يحاولون بمباركة ربهم الاله الصنم آشور، تأسيسها واعادة هيبتها من جديد.

وهم اعطوا هذا الحق والدور القيادي لأنفسهم لانهم يحملون الريش على رؤوسهم، ولانهم اكتشفوا (عن طريق الانكليز ) بأن جدهم الكبير وألههم هو اشور، وانهم ( بأستثناء الكلدان ) من احفاد الاسباط العشرة المفقودة من السلالة الاشورية وليس من السلالة اليهودية، ولأنهم يطمحون ان يحققوا اهدافهم في اقامة دولة اشور الكبرى تبدأ حدودها من ارض الكلدان في شمال العراق ( التي كانت اشورية في يوم ما، ثم اصبحت كلدانية بعد قيام الكلدان بابادة الاشوريين القدماء عن بكرة ابيهم عام 612 ق.م، والسيطرة على الاقليم الاشوري وضمه الى الدولة الكلدانية، والسكن والعيش فيه بجانب اخوتهم الكلدان الأسرى الذين سباهم الملوك الاشوريين على اثر غزواتهم المتكررة على بلاد بابل ). ان جميع هذه التصرفات والممارسات التي قام بها هؤلاء اليهود النساطرة بعد سقوط العراق جاءت تمهيداً للقيام بحماقة اخرى او بتمرد جديد على الحكومة العراقية في حال رفضها الانصياع لمطاليبهم، ولكن هذه المرة بتوريط الكلدان والسريان فيه، ( اي ان الابادة الجماعية سترتكب بحق الكلدان والسريان المسيحيين فقط ).

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *