الآثوريّون أضلـّـوا المتأثـْـورين وأظلـّـوهم ليحجـبوا عـنهم نور شمس الكلدانيّـين ــ وأﭙـرم شـﭙّـيرا …. ماذا ؟

 

 
يسرني في كل مرة ويسعـدني أن أقـول عـبارة ( أبناء شعـبنا ) كـلما ذكـرتُ الآثوريّـين من أبناء شعـبنا درعاً للوقاية من سهام العـشوائيّـين المغـرضين ومع ذلك لا يسلم الشرف الرفـيع من الأذى ، وليفـسِّـرُ منها ما يريد المفـسِّـرُ . اليوم أرى الرفـيق الشاب أﭙـرم شـﭙّـيرا يمشي في كـتاباته بالإتجاه الذي يأتي به مزاجُه بدون بوصلة تـوَجّهه ، ويجُـرّ قـلمَه المسكـين وراءه بخـيط فـيطيعه شاء أم أبى بحُكم الخـيط الذي به يشـدّه ، فـتراه تارة يقـفـز هـنا وهـناك ، وتارة أخـرى يهوي في حـفـرة ويتوتــّر المَـشـَـد فـينقـذف عـشوائياً ، وأﭙـرم غـير مهتم بما يحـدث خـلفه وإنما الذي يهمّه هـو القلم الذي يتبعه عـمياوياً حـتى صَـيَّـرَه آثورياً ، وأخـونا لا يـبالي بتـضاريس الأرض تـحـت قـدَمَيه أو بالفـلك فـوق رأسه ولا بالمناخ حـوله . أﭙـرم شـﭙّـيرا نـموذج لآثوري قــُح ، لستُ أدري إن كان بصيراً أم مبصراً ولكـنـني عـلى يقـين أنّ نظارات عـينيه قاتمة يأبى أن يرفعها ليتـسنـّى له المناورة بها ويُـمَـوِّه عـلينا فـيرانا دون أن نرى بؤبؤ عـينيه ، ومَن يدري فـقـد تـكـون مرشـّحاتٍ لآثوريته فـقـط ( عـلى غـرار مرشحات ألوان الضوء في الفـيزياء ) . 
أﭙـرم شـﭙّـيرا يتجاهل ( لابل أعـتـقـد أنه يجهل فعلاً ) النهضة القومية للشعـب الكـلداني الأصيل حالـُه كـحال ( رَبْـعِه ) من جهة ، ومن جهة أخـرى نظاراته تحجـب عـنه رؤية الندم والحـسرة المخـتـفـيَـيْن في أعـماق المتأثـورين الذين لم يتـوقعـوا يوماً هـذه النهضة العـفـوية لقـوميتهم الأصيلة ، عـملوا بالأجـرة في قافلة تجارية وطـَـفـَّـحـوا خـُـرْجَهم الفارغ لنقـل منـتوج ليس لهم ، من أرض مُـنـهَـكـَة زراعـياً لولا السماد الكـيمياوي الذي يُـحـفـزها للإنـتاج مؤقـتاً ولكـنه يسلب مناعـتها دائمياً . إنّ الإخـوة المتأثورين يعـرفـون جـيداً أنهم إخـتاروا طريقاً غـير صائبة ولا حـصة لهم فـيها بل يعـملون بما نسمّيه في ألقـوش ( بـ لخـْما دْ كـَـسَـيه = بـ خـبز البطن ) إنهم بأيدي سادتهم مَهَـفـّاتٌ للتهوية صيفاً ، وجـمراتٌ متـقـدة للتدفـئة شتاءاً ، وفـوانيسٌ للإضاءة ليلاً ، ورصاصات من كاتمات الصوت في صدور أبناء أمتهم الكلدانية نهاراً . أنا واثـق أنّ تورّطـَهم صعْـبٌ عـلى شهامتهم ، ولكن في الوقـت نـفسه أصعَـبُ عـليهم تـفـريغ حـمولتهم في منـتـصف الطريق فـذلك يكـلفهم كـثيراً ، كما لا يقـبلون بـبداية جـديدة من نـقـطة الصفر ظـناً منهم أنهم سيكـونون في مؤخرة موكـب سبق وأن إنـطلق ، مما لا يرتـضون لأنـفـسهم حالة كهذه ، خاصة أولئك الذين كانوا يقـفـون عـلى سفـوح تـنظيمات سابقة أو يجـلسون اليوم عـلى وسادات خادعة ، ولكـني أقـول شهادة إنهم بهذا التـفكـير مخـطـئون ، وليعْـلموا أنّ أوراقهم لن تـوضع عـلى ( قــُـﭙرانا ) سقـيفة الآثوريّـين إلاّ لحـجـب نور الشمس الكـلدانية الساطع عـن عـيونهم ، والآثوريون من أبناء شعـبنا لا يستظلون بأوراقهم حـباً بأصالتهم ، بل ليضلـّـوهم عـن كـلدانيّـتهم .   
الكـلدانيّـون ليسوا إنشطاريّـين بل يرفـضون الإقـصائيّـين ، ليسوا فارزين بل يرفـضون الإنصهار ، ليسوا جارفـين بل يرفـضون الإنجـراف ، ليسوا مزوّرين بل يرفـضون المخادعـين . نعـم الكـلدانيّـون ليسوا ظالمين بل يرفـضون الخـنوع ، ليسوا ضعـفاء بل يرفـضون الإستـضعاف ، ليسوا أصحاب عـقـول متسلطة ولكـنهم يرفـضون التبعـيّة ، ليسوا رافـضين بل يرفـضون الرافـضين ، ولم يشعـروا بالنـقـص يوماً بل دائماً ممتـلئون تأريخاً وإيماناً وثـقافة وعِـلماً وأدباً وشجاعة وهـمّة ومقـدرة وإطمئـناناً من لدن السلطات عَـبر الزمن لأنهم مخلِـصون لبلدهم ولا يخـونوه ، ونـحـن محـظوظون بأن الآثوريّـين إخـوتـنا لا ينكـرون عـلينا ذلك ، هـؤلاء هم نـحـن الكـلدان ومَن لم يتـعَـرّف عـلينا إلى الآن فـليَعْـرفـنا اليوم .   
السيد أﭙـرم شـﭙّـيرا كـتبَ عـن التـحـجّـر الآشوري والتعـصّب الكـلداني ، نعم أصاب في الأولى حـيث هـو جـزء من شعـبه وأهـل البـيت أدرى بما فـيها ، ولكـنه أخـفـق في الثانية ، لماذا ؟ لأنـنا نـحـن الكـلدان وبكل عـلنية منفـتحـين عـلى الغـير وليست عـقـولـنا منغـلقة ولا تـفـكـيرُنا جامداً ، كما وليس لدينا قـوالب فـكـرية جاهـزة للتعـبئة ووضعها في المجـمّدة ( فـريـزر ) ولا تـقـبل التـغـيـير بل بالعـكس ، لدينا المرونة الكافـية للتـفاهم والتـفاوض مع الصغـير والكـبـير ومَن يريد التأكـّـد فـليُـجـرّب ، وهـل هـناك مَن يشك في ذلك طالما أنّ كتاباتـنا تـدل عـلى حـبنا لأبناء قـومنا أياً كانـت التسمية التي إخـتاروها لأنـفـسهم ؟ إنـنا مؤمنون بحـرية الشعـوب ومَن لا يؤمن بحـريّـتـنا كشعـب كـلداني أصيل فـليـبتعـد عـنا . وإذا شاء أحـد أن يسألنا مَن أنـتم ومَن تـمَـثــّـلون ، وبأيّ حـزب أو تـنـظيم أو جـمعـية أو مكـتب مرتبطون ؟ فـجـوابنا هـو : إنّ كل كـلداني هـو مرتبط بالأمة الكـلدانية وممثل لها برمّـتها ، جابـِهـوه أميّاً كان أو متعـلماً وستـرَون في عـيونه الشعـب الكـلداني بكامله مملوءاً ثـقة وشهامة وإخلاصاً وغـيرة وحـباً . وللتـذكـير إنْ نـفـعَـتْ الذكـرى نـحـن لم نـقل للغـير يوماً ، ما قـيل بحـقـنا من مصطلحات يَـقـْـشَعِـرّ لها البدن وتـَـشمَـئِـز منها النـفس مثل قـليـبايـيه كلبايـيه ﭙاﭙايـيه رومايـيه وتـنمّ عـن ( ؟؟ ) مدفـون تـحـت الثـلوج إنـكشف بعـد ذوبانها .
في الفـقـرة الأولى من مقال الكاتب أﭙـرم وردتْ العـبارة :
(( أكرر وأقول بعض الأفراد للتأكيد والانتباه ، خاصة الذين يدعون اشتغالهم بالسياسة ويبدون اهتماماً بالمسائل القومية ، فحالهم كحال هذا الفلاح مصابين بمرض أنيميـا ( فقر الدم ) الفكري في فهم تطور الحياة والتاريخ وإدراك تقدم الواقع الموضوعي السائر دوماً إلى الأمام على خلاف استاتيكيا الجمود والتحجر الذي يلف صندوق دماغهم ويسيطر على فهمهم وإدراكهم للواقع ،  ليس كما هو في الموضوع ، وإنما كما هو في ذاتهم العاجية )) .
يؤسفـنا قـولنا أنّه هـو أحـد أولئك الأفـراد ، إنه فـعلاً مصاب بما إصطلحه بأنيميا الفكـر ، إنه يفـتـقـر إلى متابعة التأريخ بأزمنـته ووقائعه ، وإذا إدّعى بمتابعـته له سيكـون كـمَن يقـرأ ولا يهـضم أو يعـجـز عـن الربط والإستـنـتاج ، والدليل هـو أنه لا يستـطيع إلى اليوم إستيعاب أو التميـيـز بـين ( المذهـب الكاثوليكي للشعـب الكـلداني ــ والهـوية القـومية للشعـب الكـلداني ) ويكمن السبـب في أحـد الإحـتمالين : إما أنّ مستـواه الثـقافي لم يصل به إلى إدراك ذلك ، أو أن حـجـيرات دماغه مقـنـنة ( ذات قـوالب جاهـزة ) لا تـمتلك المرونة الكافـية لإستـقبال فـكرة تحـتاج إلى هـضم وتفاعـل وتحـليل وتمثيل وخـزن ….  وإذا إعـترض عـلى كلامي هـذا فـعـليه أن يقـبل بالآتي : 
((  أخي أﭙـرم شـﭙّـيرا ، الآن إسمح لي أن أكـتب ، طالما ليس في اللسان عـظمٌ ـ يعـيق حـركـته ـ وأقـول : إن الآثورية والسريانية والآرامية والأكـدية والسومرية والشرقاطية والأربائيلوية وحـتى المدغـشقـرية كـلها تسميات مقـبولة لدينا نـحـن الكـلدان لأنهم جـميعهم كـلدانيّـون ، وكـنيستكم هي عـلى المذهـب الآثوري لأن إسمها الحـديث هـو الكـنيسة الشرقـية الآثورية ، إذاً الآثورية مذهـب ! هـل عـنـدك إعـتراض ؟ )) أكـتب إجابتك ولا تـكـن كـغـيرك الذين عـجـزوا عـن الإجابة عـلى أسئلتي المنطقـية ، بل تشبّـثوا بقـشة إكـليريكـية نوفـلية وخـيوط عـنكـبوتية أوشانية وسراب طريق إيشوية  ، لا تسعـف نملة في هـيجان الأمواج البحـرية .
 ومما قاله أيضاً : (( سبق وأن قـلنا أنه بسبب التحجر الفكري عند بعض الآشوريين خلق رداً فعليا عند بعض الكلدان أنعكس في إنعزاليتهم ودعوتهم في كون الكلدان قومية مستقلة منفصلة عن الآشوريين والسريان وبذلك يقلدون الجانب الآشوري المتحجر أحسن تقليد )) .
إن هـذا الكلام يـبدو منطقـياً للوهلة الأولى ولكـن الحـقـيقة ليست كـذلك ، فإعـتـزاز الكـلدان بقـوميتهم لم يأتِ كـ ردّ الفعـل عـلى التحـجّـر الآثوري لأن كـيانـنا ليس مبنياً عـلى الغـير بل آثارنا تـدل عـلينا ، و تأريخـنا توارثـناه من أجـدادنا ، بالإضافة إلى أصالة مشاعـرنا . فـفي إحـصاء 1967 كـنـت في ألقـوش وكـتبنا ( الكـلدانية ) إسم قـوميتـنا بدون إرشاد كـنيسة أو تـوعـية حـزب ، ولم يـجىءْ كـ ردّ فـعـل ضد تـنـظيم آثوري أو حـكـومي وإنما عـبَّـرنا عـن شعـورنا القـومي الطبـيعي ( بدون طموح حُـكـْـمَوي ذاتـَـوي ! ) . إن هـذه العِـبارة الأخـيرة هي التي تـجـعـل الآثوريّـين يـدّعـون أن الشعـور القـومي عـنـد الكـلـدانيّـين ضعـيفٌ ، فهذا التـفسير ليس صحـيحاً بل الأصح هـو أنـنا لا نـطمح بـبعـث إمبراطورية كـلدانية جـديدة وبالتالي سوف لن نـرجع إلى عام 625 ق . م لنمحيَ الإمبراطورية الآشورية مجـدّداً . أما الإحـصاءَين 1977 ، 1987 ( 1997 لم أكـن في العـراق ) فالجـميع يعـرف ظروف العـراق والسلطة وتعاملها مع القـوميات .
يقـول السيد أﭙـرم شـﭙّـيرا : (( أنا آشوري وأعتز بآشوريتي وأستمد إنتمائي إليها إلى الحضارة العظيمة للأمة الآشورية أساسها اللغة والثقافة والتراث والتاريخ والجغرافيا. وحق الإعتزاز هذا لا يمنعني إطلاقاً أن أقبل إعتزاز الكلداني بكلدانيته والسرياني بسريانته وأحترمها لأنهما جزء من الأمة التي أنتمي إليها رغم تعدد التسميات في المرحلة الحالي )) .
إنه صادق ( فـعـل و ﮔـول ) ، فـهـو يعـتـز بآشوريّـته وإنـتـمائه إلى أمته الآشورية ، ولا يمتـنع عـن قـبول إعـتـزاز الكـلـداني بكـلدانيته ( لماذا ؟ ) لأنها جـزء من آشوريّـته …. إنّ أﭙـرم شـﭙّـيرا صادق لأنه عـبَّـر عـما بداخـله ودواخله المنغـلقة ، إنه يرفـض الجـميع فلا وجـود لغـير الآثورية في مخازنه وخـرائـطه ، وإن وُجـدتْ فإنه يقـبلها (مَكـْـرَمة منه ) بإعـتبارها آثورية ! وبكل براعة يتهم غـيره بالإنغلاق ، هـذا هـو كاتبنا المثـقـف والمعـوّل عـليه ، فـكـيف بنا لو صار الموقـر أﭙـرم شـﭙّـيرا وزيراً للداخـلية يوماً أو مديراً للأمن العام في الجـمهورية الآثورية الديمقـراطية المنفـتحة للعـظم ، والكـلدان جالية فـيها ؟   
كما قال السيد أﭙـرم : (( أما الحقوق القومية فإن مسألة العدد والتركز الجغرافية يلعبان دوراً أساساً ومهما في الإقرار بمثل هذه الحقوق . فهل يوجد أكثرمن التسمية المركبة ضماناً لتوفير العدد والتركز الجغرافي لضمان حقوقنا القومية ؟ )) .
أية قـومية أنـتَ تـطالب بحـقـوقها يا أستاذ أﭙـرم ، ما هـو إسمها ؟ إذا سألونا عـنها وأجـبناهم بإسمَين أو ثلاثة وربما أربعة فإنهم سيستهـزئون بنا أتـدري ذلك ؟ وإذا سألوك عـن قـومية أخـرى عَـبر التأريخ ذات إسمَين فـماذا سيكـون جـوابك ؟ ثم عـن أية جـغـرافية تـتـكلم ؟ هـل ستـطالب بكـركـوك وأربـيل والشرقاط وتـكـريت والنجـف وكـربلاء والبصرة والعـراق كـله ، أليست هـذه كـلها مناطق جـغـرافـية لشعـبنا ؟ أم تريدنا محاصَرون في حـضيرة خـراف جاهـزة للذبح لـتــُعاد مأساة سمّـيل ثانية ؟ فـكـّر بالمنطق ولا تبتـذل الكـلمات .
أما رأيك القائل : (( فـزوعا مولود شرعي للأمة الآشورية بجميع تسمياتها المختلفة )) .
فـهـذا رأيك المنغـلق عـلى ذاتك ولا يقـبله منك الكـثيرون من شعـبك الآثوري فـكـيف بالأمة الكـلدانية ؟ وأنا بإنـتـظار مقالك .

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *