استسلام القوات العراقية يتواصل والوزراء وكبار المسؤولين الأمنيين ممنوعون من السفر

 

 

بغداد، العراق (CNN)

لا اتزال المزيد من المدن والمناطق العراقية تخرج عن سيطرة السلطات العراقية المركزية في شمال بلاد الرافدين، على يد مجموعة من القوى العشائرية والجهادية، ليس تنظيم “دولة الاسلام في العراق والشام” (داعش) سوى عنوانها الظاهر.

واستمرّ مشهد “الاستسلام” الذي يرى كثيرون أنه “غير بريء” للقوات الأمنية الحكومية، من جيش وشرطة في محافظات كركوك وصلاح الدين ونينوى، على الرغم من دفع رئيس الحكومة المنتهية ولايته، نوري المالكي، بثلاث فرق عسكرية من الجنوب، البصرة وذي قار والنجف تحديداً، إلى المناطق الساخنة. لكن كل ذلك لم يحل دون سقوط الحويجة في محافظة كركوك بالكامل، تلتها مدينة بيجي شرق تكريت، التي تضم أكبر مصفى نفطي عراقي، والمسؤولة عن امدادات البنزين وزيت الغاز المشغِّل لمحطات الطاقة، على وقع انسحاب ما تبقى من قوات حكومية من مناطق الفلوجة وأرجاء أخرى من الأنبار، غربي البلاد. كل ذلك وسط “تحوّل سياسي” ظهر على خطاب محافظ نينوى، أثيل النجيفي، الذي تبنّى يوم أمس الثلاثاء، عند سقوط نينوى بيد المسلحين، خطاباً يتبنّى الرواية الحكومية عن تنظيم “داعش”، قبل أن يعود، اليوم الأربعاء، ليشكك بدور حكومي ما في ما حصل ولا يزال، لناحية “تبخُّر” القوات الأمنية من المحافظة من دون مقاومة.

وكشف ضابط في قيادة شرطة صلاح الدين، أن “مسلحين هاجموا بأعداد كبيرة قضاء بيجي (40 كيلومتراً شرق تكريت)، آتين من ثلاثة محاور مختلفة، وتمكّنوا من إحكام سيطرتهم على المدينة، وحرق مبنى جهاز مكافحة الارهاب، ومراكز الشرطة. كما تمكنوا من السيطرة على السجن المركزي في المدينة، وإطلاق سراح أكثر من 70 نزيلاً منه، إضافة الى الافراج عن عشرات الموقوفين في مبنى الشرطة الرئيسي”. وأفاد المقدم خميس الدوري، أن “كل ذلك تم في غضون ساعة واحدة، ولم تكن هناك مقاومة تذكر من قبل قوات الأمن، باستثناء وحدة صغيرة من الجيش لم تصمد كثيراً”.

وأضاف “تمكّن المسلحون من الاستيلاء على مخازن السلاح الواقعة خارج المدينة، داخل قاعدة للجيش، وتضم أسلحة متوسطة وخفيفة وذخائر مختلفة، قبل أن يدخلوا بيجي من ثلاث محاور مختلفة وبأعداد كبيرة، بشكل أفقد قوات الأمن القدرة على التصدّي لهم”. ولفت إلى أن “مصفى بيجي لا يزال تحت سيطرة قوات الجيش التي تحصنت حوله”. بدوره، أشار مصدر رفيع في وزارة الداخلية العراقية، رفض الكشف عن اسمه، لـ”العربي الجديد”، إلى أن “قضاء الحويجة وناحية الرياض المتجاورتين، سقطتا بالكامل بيد المسلحين في الثالثة من فجر صباح اليوم الأربعاء (بالتوقيت المحلّي)، بعد اشتباكات متقطعة مع الفرقة العاشرة بالجيش وقوات الشرطة”.

وأوضح أن “قضاء الحويجة (55 كيلومتراً جنوب غرب كركوك)، يخضع في هذه الأثناء لسيطرة مسلحين عشائريين واسلاميين، بدعم العشائر الموجودة في المدينة، وكذلك ناحية الرياض المجاورة لها”. وكشف أن “قطعات عسكرية عراقية انسحبت إلى كركوك، واتحدت مع قوات البشمركة الكردية، التي وصلت من كردستان في ساعة متأخرة من ليلة أمس الثلاثاء، لمنع سقوط كركوك”.

وفي مدن محافظة نينوى الست، لا تزال الفصائل المسلحة تسيطر على المحافظة بشكل كامل، باستثناء مدينة تلعفر ذات الغالبية التركمانية. وتتركز قوات المسلحين بشكل أكبر في مدينة الموصل، وقامت بتحصين المدينة واغلاق الجسور المؤدية إليها، بواسطة كتل اسمنتية، مع نصب كمائن وزرع الغام أرضية، في الطرق المؤدية اليها، لمنع أي تقدم عسكري محتمل لقوات الجيش من أجل استعادتها”.

سياسياً، كان لافتاً الخطاب الجديد الذي تبنّاه محافظ نينوى، أثيل النجيفي، في تحميل المالكي وحكومته مسؤولية سقوط الموصل، ووضع ما جرى ويجري في إطار “انهيار حكومة المالكي”، معتبراً أن “انهيار المنظومة الأمنية في الموصل، ساهم في ظهور وتحرّك كل الجماعات الرافضة لسياسة المالكي، ووجود الجيش”.

ونقلت وكالة “الأناضول” عن النجيفي، في مؤتمر صحافي عقده في أربيل، أن “القادة العسكريين والجيش العراقي تبخّروا في الموصل، وقدّموا معلومات مختلفة قبل ساعات من الانهيار، ونحن نطالب بمحكمة عسكرية لقادة العمليات”، ولفت الى أن “داعش (تنظيم دولة العراق والشام الاسلامية)، لم يسيطر وحده على المدينة، بل شاركت مجموعات مسلحة أخرى”.

واعتبر أن “الوضع في الموصل ينذر بانهيار المنظومة الأمنية في البلاد”، لكنه رفض “فرض حالة الطوارئ، لأنها ستزيد الأمور تعقيداً”. وشدّد على عدم قبوله بالتفاهم مع “داعش”، مشيراً الى “أننا لن نرضى سوى بطردهم من الموصل”، موضحاً أنه سيعمل على “تشكيل لجان شعبية في الموصل، ولن نعود في ذلك إلى بغداد”. وكشف عن امتلاكه “تقارير تفيد بوجود تعاون وتنسيق بين داعش والنظام السوري”. وأكد النجيفي أن “عشرات الآلاف نزحوا من الموصل ولا يوجد إحصائية دقيقة لأعدادهم حتى الآن، والعمل جارٍ على مساعدتهم”.

في السياق، كشف مصدر في سلطة الطيران المدني في مطار بغداد الدولي، رفض أن “المالكي أعطى توجيهاته بمنع سفر الوزراء وكبار المسؤولين الأمنيين من البلاد”. وأوضح أن “عددا من المسؤولين بوزارة الداخلية والدفاع، منعوا من السفر، ولكن سُمح لعائلاتهم بمغادرة البلاد إلى وجهات مختلفة، وذلك بناءً على كتاب رسمي وصل من مكتب المالكي”.

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *