إنهم يؤججون الساحة وأسيادهم في استراحة

إنهم يؤججون الساحة و أسيادهم في استراحة

ان المتابع لما ينشر في بعض المواقع الألكترونية و التي هي في تفاعل مع مجريات الأمور و المستجدات على الساحة السياسية و الثقافية ، سوف يلاحظ وجود بعض الإخوة و كأنهم متفرغون لتناول القومية الكلدانية في كتاباتهم ليطعنوها و يطعنوا بالمنادين بالحقوق القومية الكلدانية و بالحريصين على إحياء الوجود القومي الكلداني و العاملين على إزالة كل الشوائب و الإرهاصات و التحريف عنها.
و الأنكى من ذلك ، إن معظم من يتداولون هكذا مواضيع في هذه المرحلة هم من إخوتنا الكلدان الذين تنكروا لقوميتهم الأصلية و اختاروا الآشورية قومية بديلة عنها لسبب أو آخر ، أما الكتاب من الإخوة الآشوريين فهم على ما يبدو في مرحلة استراحة بعد ان ابلو بلاءاً حسناً ولم يقصّروا في الماضي القريب في الجعجعة و طعن و مسخ كل ما هو كلداني ، و خاصة بعد أن فلحوا في تجنيد هؤلاء الكلدان المتأشورين لتكملة المهمة المرسومة ، بعد التأكد من شدة ولائهم للأفكار الشوفينية للأحزاب و زعماء قوميتهم الجديدة ، و ربما أكثر من الإخوة الآشوريين أنفسهم في بعض الأحيان ، حتى إنهم (اي المتأشورون) قد ذهبوا بعيداً في الطعن و التشهير و التحريف و الإفتراء بحيث أصبح واضحاً لدى القاريء الكريم و المتلقي ، بأن هؤلاء سواءاً الذين يعلنون رسمياً انتمائاتهم الى الأحزاب الاشورية و قوميتها أم يخفونها توهيماً ، بإدعائهم بأنهم يؤيدون سياسة تلك الأحزاب فقط ، وفي كلتا الحالتين فهم بالتأكيد يحملون نفس آيدولوجية أحزابهم الشوفينية المبنية على الغاء الوجود القومي الكلداني ، و الطعن بكل مؤسسة كلدانية و كل شخصية كلدانية تعتز و تتفاخر بقوميتها.
ولو أعطيت لهؤلاء السلطة في بلدي لأيام ، لحطموا أسد بابل بالمطارق و الديناميت ، و لأحرقوا كل صفحات التاريخ التي فيها ذكر للكلدان ، و لشنقوا كل من يقول بأنه كلداني القومية قرباناً للإله الصنم آشور الذي يعلو رمزه في رايتهم.

و لرب سائل يسأل : اذا كان الكتاب الآشوريين في في الوقت الحالي شبه صامتين ، و في استراحة من تهجمهم على الكلدان و الكلدانية ، فهل الكلدان المتأشورون بالرغم من ولائهم المطلق للآيدولوجية الشوفينية الآشورية ، هم بهذه الدرجة من السذاجة و الغباء ليقبلوا بأن يصبحوا كرأس حربة في ضرب الكلدان دون مشاركة فعلية من الآشوريين؟؟.

و للإجابة على هذا السؤال نقول : كما اوضحنا سابقاً بأن الإخوة المتأشورين بعد أن تنكروا لقوميتهم الكلدانية الأصلية و تبنوا الآشورية كقومية جديدة لهم ، إنما تبنوا معها كل ملحقاتها ، و منها آيدولوجية الأحزاب الآشورية التي تستند قبل كل شيء على إلغاء الوجود القومي الكلداني ، وبذلك كان ظنهم بان الأحزاب الاشورية ستكون قادرة بما تملكه من أموال و إعلام و إسناد خارجي و بالدعم المطلق من قبلهم على القضاء على الوجود القومي الكلداني نهائياً خلال سنوات في ظل التغيرات السياسية في البلد ، و في غياب وجود المؤسسات السياسية و القومية الكلدانية ، و بذلك سيكونون هم أي (الكلدان المتأشورون) بمثابة أبطال و أصحاب مكانة مرموقة في ديوان قوميتهم الجديدة و مجالس أحزابها ، بإعتبارهم من الجنود الأوائل الذين خدموا الآشورية ، و هم في خط المواجهة الأول في هذه القضية ، وسيتم مكافئتهم على هذا الأساس بالأموال و المناصب الإدارية و السياسية وغيرها.
ولكن حساباتهم بائت بالفشل ، حيث انتبه الكلدان لهذه الخيانة و الهجمة الشرسة الهادفة الى انهاء وجودهم القومي في ارض آبائهم و أجدادهم و الذي تمتد جذوره الى أكثر من 7300 عام ، فأسس الكلدان لهم الأحزاب و المجالس و الجمعيات و الإتحادات الكلدانية ، وآخرها كان الإتحاد العالمي للكتاب و الأدباء الكلدان ، الدرع الواقي للأمة الكلدانية ، لكي تنهض بهذه الأمة من جديد ، و تفعل دورها بالرغم من إمكانياتها المتواضعة . و بالفعل فقد تمكن الكلدان بجهود المخلصين من أبنائه من درج التسمية القومية الكلدانية في الدستورين العراقي و الكوردستاني لتزينهما بما ترمز اليه القومية الكلدانية من تاريخ مشرف و حضارة عريقة .
نهضة الكلدان هذه على الرغم من ان البعض يعتبرها في مراحلها الأولية ، الاً انها قد أثبتت فاعليتها على الساحة السياسية و القومية ، وكانت بمثابة صفعة قوية على وجه أعداء القومية الكلدانية ، حيث أفقدت الأحزاب السياسية الآشورية صوابها و ظهر التخبط في بعض المفاهيم التي تبنتها منذ تأسيسها، فكانت التسمية هي شماعة فشل آيدولوجيتها ، التسمية التي تبنتها و غيرتها عدة مرات ، من الكلدوآشورية ،ثم الكلدآشورية ، ثم الكلدانية السريانية الآشورية ، ولا زال بعض أعضاء تلك الأحزاب تائها بين هذه التسميات اللاقومية بعد ان كانت الآشورية لديهم هي القومية الوحيدة و باقي التسميات مجرد طوائف لا غير ، ومن ثم وبدأوا يخلطون بين مفهوم الشعب و مفهوم القومية.
و هكذا فشلت الأحزاب الآشورية في جعل القومية الكلدانية طائفة تتبع قوميتهم ، وبفشلها هذا ربما وصلت الى قناعة ، ولو مؤقتاً ، بترك موضوع الغاء الوجود القومي الكلداني و التوجه الى ما يمكن الإستحواذ عليه من المناصب الإداريية و المقاعد البرلمانية عن طريق استغلال الإنتماء الديني المسيحي ، فنلاحظ تخلي الأحزاب الآشورية في السنوات الأخيرة عن مطالبتها بالحقوق القومية لأمتهم الآشورية ، و التي كان كل حزب يطبل و يتغنى بها و يؤطرها حسب أهوائه و أحلام زعيمه ، ليتحول نضالها الى المطالبة بالتمثيل المسيحي تحت قبب البرلمانات في عراقنا الجديد.

هذا التخبط و الفشل الآشوري في القضاء على القومية الكلدانية ، أحدث ارباكاً و قلقاً و أرقاً لدى الكلدان المتأشورين من المنتمين للأحزاب الآشورية و مؤيديها ، لأن حالهم أصبح كحال الغراب ( الذي ضيع المشيتين) ، فلا هم يستطيعون العودة الى أمتهم الكلدانية بسبب مواقفهم الخيانية تجاهها ، ولا هم يروق لهم ان تعترف الأحزاب الآشورية نفسها بالقومية الكلدانية ولو تكتيكياً. لذا بادرت هذه الفئة الظالة مؤخراَ الى استخدام كل قوتها و طاقاتها و امكانياتها في توجيه الإتهامات و الإفترائات و الإساءات الى كل ما يرمز للكلدان ، من مؤسسات سياسية و قومية ، وكذلك المثقفين و الكتاب و غيرهم ، وحتى الكنيسة الكلدانية لم تنجو من افترائاتهم و أحقادهم .
و في الحقيقة ، هذه الظاهرة كانت متوقعة من هؤلاء ، و تؤكد على انها صرخاتهم الأخيرة في منتدى الغدر الذي جبلوا بطينه ، و إن هذه الاسستنجادات سوف لن ترفع من مكانتهم لدى أسيادهم في قوميتهم الجديدة ، بل سيعتبرونهم مدى الدهر دخلاء عليها.

و بارك الرب بكل من يعتز و يتفاخر بقوميته و يدافع عنها ، اما من يخونها.. فلا .

سعد توما عليبك

saad_touma@hotmail.com

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *