إلى مَن يهـمه الأمر: كـن حـكـيماً كالحـية البرية وحـذاري من حـركاتها الملتـوية

 

إنّ الأفاعي وإنْ لانـت ملامسها …. عـنـد الـتـقـلـّـب في أنيابها العـطـب

لا تـسأل مَن جـرّبها في الـبُـعـد …. إسأل مَن عاشـرها عـن قـرب

سعـيـدون حـين نكـتب عـن الإنـسان الـقـديم بحُـرّية ، حـتى وإنْ أخـطأنا بحـقـوقه الفـردية فلا أحـد يحاسِب تـصريحاتـنا العـلـنية …. كما يمكـنـنا أن نـرسم صورة إنـسان لا نـميّـزه وبكـل تأكـيـد سـوف لا تـنطبق عـليه فلا أحـد يُـسائـلـنا بشأنه …. ولكـنـنا حـريصون عـنـد التـكـلم عـن آخـر ، كالراهـب منـدل مثلاً وإنجازته العـلمية ، حـيث حـياته النـسكـية معـروفة وقـوانينه الوراثية مألـوفة . أما أن نـكـتب عـن شخـصية مشهـورة في الساحة الـدولية الحالية فـفـيها محاذيـر قـد لا تـغـفـر لـنا زلاتـنا حـتى إذا جاءت بصورة عـفـوية ….

وعـليه تجـنباً للقال والقـيل يكـون من الأذوَق أنْ نكـتب إلى مـديـر دائـرة لا إسم لها ، نـفـتح أمامه أبـواباً مغـطاة لا يراها ، نـسلط الضوء عـلى زوايا مظلمة لا يـلمحها ، نوضّح له أموراً ضبابـية ليس ملِماً بها ، قـد يهمه أمرَها في حـقـله ، مكـتبه ، أو صومعـته وما يحـيطها …. وطالما هـو مجهـول ! لـن نـتحـفـظ عـما يـرد في كـتاباتـنا مع مراعاة الأصول .

حـين نـقـرأ تأريخ الإنـسان منـذ أنْ بـدأ يـدوّن ثـقافـته نكـتـشف أنه نـفـس إنـسانـنا الـيوم في طبـيعـته البايولوجـية والوجـدانية ، فـكان يفـرح ويحـزن ويتألم ، يحـسـد ويغار ويعـتـدي ويُسالم … ولكـن المتغـيّـر فـيه هـو كـفاءته العـلمية ومهاراته الفـنية ، حـيث تـطـورتْ فـسَهَّـلت أعـماله وأسرعـتْ إنجازاته وإزداد معـدل إنـتاجه .

إنّ صفاتـنا الجـسـدية مطبوعة عـلى خارطتـنا الجـينية ، تأتينا ونـقـبلها لا إرادياً بالطريقة الوراثية دون إمكانية نـزعها أوإستـبـدالها بتكـنـولوجـيتـنا الحالية ، أما قِـيَمنا ومبادئـنا فإنها تـتـبـلـوَر عـنـدنا من بـيـئـتـنا ، ومعها أخلاقـنا ومعـنـوياتـنا تـتـشـكـل فـينا من إحـتـكاكـنا مع أفـراد أسرتـنا وأصدقاء صِبانا ورفاق دربنا في مـدرستـنا ومصنعـنا وحـقـل عـملـنا ، فـتـظهـر مترجَـمة مرتـسمة في ممارساتـنا …. ولا شك ، بأن ولـوجـنا ممرات غامضة تـضاريسها ، وأنـفاقاً مجهـولة منافـذها تـنعـكـس عـلينا نـتائجها بما يلاحَـظ في سـلـوكـياتـنا ، فـلنـكـن حـذرين لأنها سـتـصبح هـويتـنا عـنـد غـيرنا ، والتي نـطمح أن تبقى بـيضاء ناصعة عـنـد مَن يهـمنا ويهمه أمرنا .

إن المجـتمع الـبشري الـيـوم غابة تـسكـنها ذئاب خاطفة كاسـرة ، حـشرات ضارة ، أفاعي سامة شِـرّيـرة ، وثعالب ماكـرة …….. فالـذئاب تغـشُّـنا برداء الخـراف والحـشرات تخـتبىء تحـت اللحاف ، أفاعـينا تـرقـص أمامنا كأنها في حـفـل زفاف ثم تـدخل في سباتها لـفـتـرات عـجاف ولكـنها من خـلف ظهـرنا وفي الخـفـية تبث سموما زعاف …. أما الثعالب وما أدراك ما الثعالب ، كـن حـذراً من ودّها لا تـثـق بلسانها ، سلوكها لجاجة أفـكارها فـجاجة ، ذيـولها الهـزازة طويلة وعـودها الخادعة قـصيرة ، ناكـرة الجـميل ماكـرة مع الخـليل ، غـدارة في أمنها لا تـطمئـن لـكـَـشْـرِها  ….

ما العـمل ؟

إن ربنا يسوع المسيح إخـتـصر لـنا الطريق حـين حـذرنا من الـثعـلب والـذئب …. ولكـنه نـبَّه إلى ذكاء الحـية ، نـراقـبها عـن بُـعـد لـنـرصد فـنـونها ونحـتمي من مراوغاتها لأنها أم الشرور ، لـيّنة في ملمسها ولكـنها تعَـطـِّب بسمومها ، حـركاتها ملتـوية تعـرف كـيف تـنـصب فـخها ، حـتى تـوقِع الفـريسة في قـبضتها ، تـلـتـف حـولها ، تـوقـف نبضها فـتـلتهمها ، لـذا حـذاري حـذاري منها ….. وإسألـوا أهـل العِـلم إنْ كـنـتـم لا تعـلمون .

بقـلم : مايكـل سـيـﭘـي / سـدني

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *