أوروبا تواجه مأزقا أخلاقيا بسبب المهاجرين

يعرض الآلاف أرواحهم للخطر سعيا وراء الهجرة إلى أوربا

تركت سفينتا شحن محملتان بنحو 1200 مهاجر، لتصارعا أمواج البحر المتوسط قبالة السواحل الإيطالية خلال الأسبوع الجاري، وغادر أفراد طاقم القيادة السفينيتن، وذلك فيما يبدو تكتيكا جديدا يتبعه المهربون.

وتمكنت السلطات الإيطالية من قيادة السفينتين، وإحداهما سفينة شحن والأخرى مخصصة لنقل الماشية، وإنقاذ ركابهما.

لكن العديد من المهاجرين، الذين يخوضون هذه التجربة الخطيرة والمكلفة من أجل الوصول إلى أوربا بطريقة غير شرعية، ليسوا محظوظين ويلقون حتفهم خلال تلك الرحلة.

وكانت مجلة “تايم مغازين” قد اختارت صورة مدهشة، من بين أهم عشر صور لعام 2014.

وتبدو تلك الصورة عن بعد مثل سمكة ذات قشور ملونة، تبحر في المياه بواسطة زعانفها وذيلها.

لكن عند التحديق في الصورة، يتضح أنها سفينة مكتظة بالبشر، لدرجة أن رؤية السفينة ذاتها تصبح مستحيلة ولا يظهر سوى الركاب على شكل السفينة.

ويبدو ذلك الأمر كما لو أن طفلا رش مادة لامعة على قطعة من الكرتون، إذ لن ترى قطعة الكرتون التي أمامك، وإنما سترى فقط تلك المادة اللامعة.

وتلخص الصورة مأساة أكثر من 150 ألف مهاجر، معظمهم من أفريقيا، حاولوا عبور البحر المتوسط إلى أوروبا خلال عام 2014، وذلك مقارنة بنحو 60 ألف حاولوا ذلك خلال عام 2013.

ولقي نحو ثلاثة آلاف شخص حتفهم من بين هؤلاء المهاجرين.

مآسي شخصية

هذا عن الإحصاءات، لكن عند التدقيق في الصورة أكثر فأكثر سيظهر شيء آخر.

هؤلاء الأشخاص أشخاص حقيقيون، وليس مجرد إحصاءات.

سترى رجالا يلبسون قمصانا لفرق كرة قدم، مثل البرازيل وأسبانيا ونادي برشلونة، ونساء يحملن أطفالهن الرضع.

وأنهت إيطاليا مهمة الإنقاذ الوطنية “ماري نوستروم” Mare Nostrum، واستبدلتها بالعملية الأوروبية المسماة “تريتون”، وهي أقل تكلفة وتحرس الشواطئ من مكان أقرب.

لكن المدافعين عن اللاجئين يرون أن تقليص عمليات البحث والإنقاذ يعني ترك المهاجرين فريسة للموت.

وقال الأدميرال “فيليبو فوفي” من البحرية الإيطالية: “إذا كنا في مياهنا الإقليمية فقط فلن نرى الأشخاص المعرضين للخطر، وإذا غرقوا لن نعرف عنهم شيئا”.

هل تدير أوروبا ظهرها للمهاجرين؟

قالت وزارة الخارجية البريطانية في لندن إنها لن تدعم عمليات البحث والإنقاذ، لأن ذلك يشجع المزيد من المهاجرين المحتملين، الذين يأملون أن يتم إنقاذهم.

وتتشارك العديد من الدول الأوروبية مع لندن في نفس وجهة النظر.

مناصرة حقوق اللاجئين أمر صعب، في وقت يعاني فيه الاقتصاد من صعوبات وارتفاع معدلات البطالة في العديد من الدول الأوربية. هناك تراجع في التعاطف مع المهاجرين.

ويقول منتقدون إن المهمة الأوروبية الجديدة التابعة للاتحاد الأوربي، بنطاقها المحدود، ستشجع فقط المهربين.

صورة صادمة

وكانت هناك صورة أخرى صادمة هزت الصحف في عام 2014.

وأظهرت تلك الصورة شخصين يلعبان الغولف، وسط حديقة من أشجار النخيل ذات ممرات مضيئة وأرض خضراء متموجة.

لكن إذا تمعنت في أعلى الصورة ستجد شيئا مزعجا للغاية، ستجد نحو عشرة أشخاص يتسلقون سورا من السلك، يبلغ ارتفاعه نحو ستة أمتار.

إنهم مهاجرون أفارقة يحاولون التسلل إلى مقاطعة مليلية الإسبانية في المغرب.

مجرد النظر إلى هذه الصورة يجعلني أشعر بالذنب.

لقد كنت مراسلا في المغرب، واعتدت أن انقل الأخبار عن محاولات اللاجئين من منطقة جنوب الصحراء الكبرى الدخول إلى سبتة ومليلية، كما اعتدت أيضا لعب الغولف.

أوروبا واقعة الآن في مأزق أخلاقي كبير.

إنها لا ترغب في تشجيع المهاجرين، لكنها لا ترغب كذلك في أن تتركهم يموتون.

يبدو أن الحكومات الأوروبية ستواجه نقدا، إذا ما تدخلت أو لم تتدخل في هذه القضية.

لكن طالبي اللجوء أو الهجرة أيضا يواجهون مأزقا، فإما يعرضون حياتهم للخطر في عرض البحر، أو يقبلون بحياة الفقر أوالاضطهاد في أوطانهم.

الأشخاص اليائسون سيتخذون دائما قرارات يائسة، وكما يقول ويليام سبيندلر المسؤول بالمفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة: “إذا لم يستطع هؤلاء المهاجرون أن يدخلوا من الباب سيحاولون الدخول من النافذة”.

bbc العربية

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *