ألقوش ، وهل ينهارُ الجَّبَلُ ؟ – بقلم: نزار ملاخا

هل يصحُّ الرثاء لألقوش ؟ وكيف أرثيكِ يا ألقوش ؟ وهل يحقُّ فيكِ الرثاءُ ؟
ألقوش يا عَبَق التأريخ ( تأسست ألقوش قبل الميلاد بعدة مئات من السنين )
ألقوش يا رجولة الزمان
ألقوش يا مجد الخلود
ألقوش يا نسمة الهواء العليل
ألقوش دير الربّان هرمز مشفى للسقيم ( أسس هذا الدير الربان هرمزفي حوالي 621 م )
أين أنت أيها النسر الأشم، وأين قوّتك ؟ أين سيفك وأين شجاعتك، فاليوم يوم النخوة، اليوم يوم من ليس لديه سيف ليبع رداءه ويشتري سيفاً، لقد طالب يسوع تلاميذه بحمل السيوف في يومٍ ما ، فما بالك أنت نائم ولم تشهر سيفك لحد الآن ؟
ألقوش يا منارة العلم والعلماء ورجال الدين والأولياء الصالحين ( حيث بقيت ألقوش ولمدة ثلاثة قرون مدرسة لتثقيف الرهبان )
ألقوش يا مركز المسيحية الأول ( بقيت ألقوش أكثر من ثلثمائة سنة مقراً للكرسي البطريركي للكنيسة المشرقية النسطورية الكلدانية ولعلمائها وأساقفتها وكهنتها وشمامستها وخطّاطيها ومدارسها وأديرتها البابلية )
لقد وطئت أقدام النبي ناحوم نبي العهد القديم ترابَكِ يا ألقوش، وبين ثنايا ذالك التراب يرقد وما زال لحد الآن ولا ندري ماذا عن الغد.
أيها النبي ناحوم، يا مَن تنبأتَ بخراب نينوى ووصَفتَ هرب جنودها كما تهرب الجراد وتساقط قلاعها كما يتساقط التين، اليوم تتحق نبوءتك، وها هم جنود نينوى قد هربوا كما هرب الجراد وتساقطت قلاعها بيد داعش كما تساقط التين .
أيها النبي ناحوم أظهِر قوّتك الآنـ فاليوم الألاقشة بحاجة إليك، ألا يكفيك فخراً بأنك تنتمي إلى ألقوش ومن ألقوش أتَّخذت لك لقباً ( سفر ناحوم الألقوشي ) ألا يكفيك فخراً إنك نمتَ في ذرى تراب ألقوش لأكثر من ألفي عام ؟ أنهض اليوم فألقوش بحاجة إليك .
القوش ، هل يحق لهذا العالَم الأعمى والمكمم الأفواه أن يتجاهلكِ وجذوركِ تمتد في عمق التأريخ،
ألقوش يا ريحَة هَلي
ألقوش يا كَسْرَة الخُبز الماتنتهي
ألقوش طيبة وحنيّة،
ألقوش الحنونة ،
القوش العزّة والكرامة،
ألقوش المَرجَلَة،
فهل يمكن لمن تتصف بكل هذه الصفات أن تنهار ؟ كلا وألف كلا، فما تزال ألقوش جبل شامخ لا تهزه الريح، لقد هبّت على ألقوش رياح الحقد المغولي الأسود ومن بعده تيمورلنگ ونادر شاه ومحمد باشا وغيرهم واليوم تتكرر مأساة المغول ومن جاء بعده بشخص داعش، فهل ستصمد ألقوش بوجه أقوى وأشد غزوة عرفها التاريخ ؟ فهل ستصمد ألقوش بوجه داعش ( أمريكا وإسرائيل ) وهل سيتشتت أهل ألقوش في بقاع الدنيا ليسكن اليهود ألقوش ويقيموا ناحوماً جديداً نبيّاً لهم ؟ لا أعتقد ذلك، لأنه من المستحيل، فالرب يحمي ألقوش ومريم العذراء لن تتخلى عن ألقوش مطلقاً . والنسر ( ربّان هرمز ) سيعاود التحليق ثانيةً ليحمي وكره، والأسود لتحمي عرينها ، ألقوش محمية بعون الله .
نعم ترك الألاقشة ألقوش الآرض ولكن قلوبهم بقيت هناك وألقوش تعيش في قلوبهم كل لحظة وثانية ودقيقة تمر عليهم وهم بعيدون عن ألقوش بمثابة عدة سنين ،
تحرّك الجسد من ألقوش وبقيت الروح متلازمة في ألقوش، وبقي الفكر يسجل أفلاماً عن ذكريات ألقوش في العقل تدور الخطط للعودة السريعة إلى ألقوش، فالعقل بقي معلّقاً في ألقوش، وفي جبالها وكهوفها ووديانها وأديرتها وكنائسها وحتى قبورها .
إنها ألقوش الوعد ، ألقوش الخير والعطاء، ألقوش الأم الحنون ليس لأولادها فقط بل لكل مَن قصدها أيضاً .
ألقوش مقر البطريركية، ألقوش بطاركة آل أبونا الكِرام، ألقوش المطارنة ورجال الدين والكنائس والأديرة
ديرا إعلايا بقرايا ( الدير العالي ينادي )
أللّوخ يا ألقوشنايا ( النداء لك أيها الألقوشي )
بَسّا بيشت أبغربوثا ( يكفي أن تبقى في الغربة )
لا شوقّتي نخرايا ( لا تتركني كالغريب )
فهل يمكن لمثل ألقوش أن تنهار ؟ حاشا أن نقول ذلك عن ألقوش، فألقوش هي بوابة التأريخ،
اليوم ألقوش غدرها الزمان،
ولكن لم يتخلى عنها الشجعان،
ألقوش تفتقد اليوم إلى الأمان
وهي دائماً تعاني من الحرمان
ولكنها دوماً في قلب الأحبة والإخوان
ألقوش وقفتْ وقفة الشجعان، حينما تطلب الأمر وعلى مر الزمان،

ألقوش الحنونة، فتحت ذراعيها وأستقبلت الجميع من نينوى عندما ترجّل الشرف عن صهوة جواده وغادر عقول الناس الذين خانوا العهد والأمانة وغدروا برفاق دربهم في نينوى، فهرب مَن هرب تخلصاً من سيف الدولة الإسلامية، وتم تهجير أهلها الأصلاء منها، فالتجأوا إلى ملاذهم ، إلى الأم الحنون ألقوش، التي أستقبلتهم بفرح كبير وفتح أبناء ألقوش قلوبهم قبل أن يفتحوا أبواب دورهم، شاركوا الوافدين المهجّرين بكسرة الخبز، تقاسموا اللقمة ولم ولن يفكروا بالغد، فلكل يومٍ رزقه، ( أعطنا خبزنا كفاف يومنا ) فقلب أبناء ألقوش أكبر حجماً من ألقوش وأكثر مساحةً من أراضي ألقوش بمئات الأضعاف،
ألقوش التي قال عنها الكتاب المقدس ( وحي على ألقوش )
نعم يا ألقوش إن دموع الرجالِ عزيزةٌ، ولكنها ليست أعزُّ من ترابكِ، وهل يحق للرجل أن يعزَّ دموعه على ألقوش؟ سنكفكف الدَّمْعَ في يوم العَودة السريعة لكِ وإليكِ،
ألقوش يا مضيف العشائر،
يا ألقوش أيتها النار الدائمة ( نارج ما تنطفي ) وخبز تنوّرچ حار دوماً ، أكتب عن ألقوش وقلبي ممتلئ قَيحاً ويعتصرني الألم والدموع تملا المآقي، ولكن ليس لدينا سوى الإلتجاء إلى رب الرحمة والمغفرة أن يترحم على ألقوش وينظر بعين الرحمة لأهل ألقوش والعراقيين جميعاً ويحميهم بحمايته ويبعد هذا الكابوس الذي جثم على صدورهم وينهي عذابهم ويمن عليهم بالأمن والأمان والراحة والإطمئنان ولعراقنا العظيم العزة والكرامة .
إنه السميع المجيب
08/08/2014

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *