أفهم انفعال طفلك، لتعرف كيف تتعامل معهُ؟ بقلم/ سهى بطرس هرمز

عندما تسأل شخص ما، كيف تشعر حينما يكون غاضبًا، قلقًا، مُنزعجًا، خائفًا، مسروراً؟ فأنك بهذا

السؤال تسألهُ عن الانفعال. انفعالات تتولد داخل الإنسان استجابة لموقف يعيشهُ، أو نتيجة لتفاعلهِ

مع الخبرات التي يتعرضون لها، فتنشأ الانفعالات فجأة.

فالانفعال هوحالات داخلية، وحالة توتر أو حالة وجدانية عنيفة تصحبها اضطرابات وردود أفعال فسيولوجية

وتعبيرات سلوكية حركية، وهي حالة تأتي الفرد بصورة مُفاجئة وعابرة ولا تدوم طويلا.

وتلعب الانفعالات دوراً هامًا في حياة الإنسان وفي شخصيتهِ، ويعدها علماء النفس

دافعًا للسلوك الإنساني. ويفترض جيلفورد إن هنالك عدداً من المواقف التي يصبح فيها

الإنسان مُنفعل، واصفاً إياها وقائلا: تتطور انفعالاتنا عندما تكون الدافعية قوية،

كما تتطور انفعالاتنا عندما نصل إلى حالة تحقيق الهدف أو فقدان الأمل في تحقيقهِ،

وأيضا تتطور عندما نواجهُ إحباطًا لدوافعنا.

والانفعالات تشبه الدوافع في كونها حالات داخلية لا يمكن ملاحظتها أو قياسها مباشرة. وبينهما

ارتباط وثيق، فمثلا عند ولادة الأطفال حديثي الولادة يبدو عليهم القلق والانزعاج

والبكاء عندما تتولد لديهِ حاجة الجوع وكذلك نفس الشيء عندما تنبعث ردود أفعال

موجبة كالسرور عند إشباع حاجتهم وتغذيتهم، كما أنهُ عند تعرضهم لصوت عالي يجفلون،

وهذه علامة مُبكرة على الخوف.

انفعالات الأطفال:

الأطفال في أثناء مرحلة تكوينهم يتعرضون لنوبات من الانفعالات والغضب المصحوب بالاحتجاج

اللفظي، واختلال في معايير السلوك، مُشكلاً ضرراً عليهم وعلى أسرهم والمجتمع في حالة عدم

تداركها مبكراً. والأسباب المؤدية إلى هذه الاضطرابات كثيرة منها:  عند حرمانهِ من إشباع حاجاتهِ،

وما يتعرض إليهِ وهو جنين في بطن أمهِ من أمراض تتعرض إليها والدتهِ، وأيضا سوء التغذية وتناول

المُنشطات والمُهدئات.

وقد تكون الأسباب مُرتبطة بالبيئة والمجتمع المُحيط به، سواء كان أثناء تواجده مع أسرتهِ أو

في المدرسة واختلاطهِ بالمجتمع. فعند خروجهِ إلى خضم الحياة والاختلاط بفئات أخرى،

يجد الفوارق في الطبقات والمستويات، هذا أبوه مهندس، أما هو فوالده عامل، فتثور

كرامتهِ وتتجسم المشاعر التي غرستْ فيهِ في طفولتهِ، فإذا به انقلب على مُجتمعهِ

وانفعل دون أن يشعر أو يحس، مُكبتًا بين جنبيهِ الحسد والضغينة والبغضاء لهذا

الواقع الذي هو بنفسه صُدم به، مع أنهُ هذه هي الحياة.

كما إن التدليل المُفرط من قبل الوالدين بحيث يتم الاستجابة لجميع طلباتهِ ورغباتهِ بمُجرد أن

يطلبها، والتربية المُتشددة والفوضوية والقسوة والضغوطات تؤدي بالطفل إلى صراع

داخلي ونوبات من الغضب والصراخ كوسيلة للاحتجاج، أو اختلاطه بفئات عمرية في

المدرسة، أو تكون بسبب المشاكل التي تتعرض إليها الأسر سواء كانت مادية أو

اجتماعية أو اقتصادية، مما يدفع بالبعض للعمل والنزول إلى الشوارع لجني لقمة

العيش، فيتذبذب تكوينهُ وشخصيتهِ ما بين ما يكتسبهُ من الشارع وما يكتسبهُ من

المنزل.

أو قد تكون سبب بعض الانفعالات، الغيرة والحب عند ميلاد طفل جديد، فيظن إن اهتمام والدتهِ

وحبها سيؤول جميعهُ إلى المُولود القادم، أو بسبب الخوف من الظلام أو كسر لعبة أو

هواجس تنتابهُ أحيانا، نتيجة تخيلهِ لسماع أصوات أو رؤية خيالات!

مثل هذه الأسباب وغيرها تؤدي إلى تولد حالات اضطرابية انفعالية عند الطفل ورفضه لواقع أرغم

عليهِ أو وجدَ نفسهُ فيهِ، فينفعل ويتعصب، ويُعاند، ويُقاوم، فيصبح غير مُطيع،

أناني، قلق، حزين، مُكتئب، عدواني، مُقاوم، كسول، مُشتت الذهن، انطوائي، سريع

الغضب، مُؤذي لنفسهِ وللآخرين، يميل للكذب والاحتلام. هذه الحالات النسبية المُتولدة

في كل طفل، إن تركت بدون إن يتم تحجيمها وتداركها، تكبر معهُ تدريجياً. فمثلا إذا

أرغم من قبل الأم أو الأب على فعل شيء ليس لديهِ رغبة في إن يقوم به أو لا يُطيقه،

أو ربما يعاقب بدنيًا كوسيلة للرضوخ إلى أوامرهم وطلباتهم، هذه تؤدي إلى تراكم

الضغوط وبالتالي تجعلهُ ينفجر غضبًا ويُصاب بنوبات عصبية وهستيرية، فتجعلهُ يثور

على واقعهِ ويرفضهُ.

فالانفعالات إذا لم تضبط فأنها تخلف تأثيرات سلبية وآثار جانبية تبرز بصورة أكبر على الصحة النفسية

والجسمية وفي السلوك والتفكير وفي التعامل مع الغير، وضبطها ضرورة ومطلب حياتي للإنسان

ككل، لأنها على صّلة مباشرة بحياة الفرد. لأنهُ كثيراً ما تسبب الكلمات التي يتلفظ

بها بعض الأطفال لوالديهم أو بعض الأفعال والحركات الخاطئة حرجًا كبيراً، لأنها أشارة

إلى ضعف الوالدين في تربية أبنائهم وتوجيه سلوكهم التوجيه الصائب.

لذا ننصح :

في السن المُبكرة للطفولة، للأم الأولوية في إن تحيط طفلها بالدفء والحنان، وأن تعلمه كيفية

ضبط انفعالاتهِ والسيطرة عليها من خلال إلهائهِ بلعبهِ وتفريغ كل طاقاته في اللعب، وأن لا ترغمهُ

على فعل شيء هو لا يريدهُ. فإذا غضب، فعلى الأم أن تكون هادئة تمامًا وصابرة، وتقابلهُ

بابتسامة خفيفة، وأن لا تشعرهُ بانفعالهِ ولا تُعطيهِ أهمية أكبر من حجمهِ، وتصرخ

هي من جانبها وتثور عليه، مما يزيد من ثورتهِ، ويتعود على هذا ويصبح طبع فيه يكبر

معهُ. وبعدها يتطور الأمر معهُ ويصعّب تداركهُ وتحجيمهِ.

ولكننا نرى، بلْ يكون من الأفضل أن توجه انتباههُ إلى أشياء أخرى يشغل نفسهُ بها، تعينهُ على

الهدوء ونسيان انفعالهِ وتساعده على التنفيس عن الطاقة الانفعالية الكامنة فيهِ،

وتحاول دائما أن تطرب مسامعهُ بموسيقى هادئة تهدئ من أعصابهُ أو تروي لهُ قصص

تُخصب من خيالهِ. كما تحاول قدر المُستطاع أن تراقب جميع انفعالاتهِ ونفسيتهِ حين

يبدأ بالخروج من محيط العائلة والاختلاط بالمجتمع

سهى بطرس هرمز/ بكالوريوس قانون

You may also like...