يوم بكـيت عـلى العـراق  !

 

 

كـتب خالـد الـقـشـطـيني مقاله هـذا في مواقع إلكـتـرونية عـديـدة .

************

لا أدري ما الذي أعـطى العـراقـيـين هذه الروح المتطـرفة ! هل التربة الغـرينية ؟ هل النفط الذي تسبح فـيه ؟ هل مياه دجلة والفرات ؟ هل الـتـفاوت الشديد في الحـرارة بـين الصيف والشتاء .. الليل والنهار؟ فـلهـذا التطرف جـذور قـديمة ..!

سمعـنا أنه عـندما بنى عـبد الملك بن مروان المسجـد الأموي ، جاء بعـمال سُخـرة للعـمل فـيه . أمَرهم بأن ينـقـل كل واحد منهم قـطعة حجـر للبناء . لاحـظ أن واحدا منهم يقوم بنـقـل حجـرَين إثـنين . تعجّـب من أمره فإستوقـفه وسأله : من أي بلد أنت ؟ قال أنا من العـراق .. قال : يا سبحان الله ! أنـتم يا أهل العـراق تـتطرفـون حـتى في عـمل السخـرة !

شكّل اليهـود الجـناح اليساري المتطرف في أيام العـهـد الملكي ، أصبح الكـثير منهم شيوعـيـين وماركسيـين ، تولى إثـنان منهم قـيادة الحـزب الشيوعي ، ودفعا الثمن بحـياتهما … يهـودا  و ساسون دلال ….. آل دلال من العـوائل الغـنية .

لاحـظ شرطيّ أنّ ساسون وهـو في طريقه إلى المشنـقة كان يلبس حـذاءا إسفـنجـيا غاليا .. قال له :

( تـدّعي بالشيوعـية ولابس قـندرة إسفـنج ) ؟ !

أجابه : ليش ؟ هي الشيوعـية بالقـندرة أو بالرأس ؟

أعـدموه ، ورحـلت أسرته مع بقـية اليهـود إلى إسرائيل ..!

 أصبح الأمر بـيدهم هـناك ، فإذا بهم ينـقـلبون من التطرف اليساري إلى التطرف اليميني … إنهم يشكـلون الآن عـمدة حـزب الليكـود ، حـتى ذلك الماركسي القـديم ، ساسون صوميخ ، وقـف يدافع عـن مجـزرة غـزة ويـبررها …!

كـذا هو الأمر مع شيعة العـراق ، كانوا في أيام الخـير يشكـلون مع اليهـود والكـرد ، لحمة العـمل اليساري ، منهم تحَـدّر جعـفـر الشبـيـبي ومحمد صالح بحـر العـلوم وجعـفـر أبو التمن ومحمد مهدي والجواهـري ، الذي كان يقسم بالثورة الحمراء والثوار (الثورة البلشفـية) … وتولى حسين الشبـيـبي سكرتارية الحـزب الشيوعي وشنـقـوه …!

آل الأمر إلى أيديهم اليوم ، وإذا بكل ذلك التطرف اليساري ينقـلب إلى تطرف يميني … أصبحَـت الفـتاوى الدينية مصدر السلطات ، يستـشيرها أولـو الأمر في الصغـيرة والكـبـيرة …!

ترى عـلى شاشات التلفـزيون كل أولئك اللبراليـين والماركسيـين والوجـوديـين والملحـدين يرفـعـون أذرعهم عاليا ويلطمون عـلى صدورهم بحـرقة وحماس … حـتى سمعـتُ أن أحـد قادة الحـزب الشيوعي ذهب إلى حج بـيت الله الحـرام … أين ذهـبَـتْ كلمات كارل ماركس عـن أفـيون الشعـوب ؟

هنا في لندن ، ذهـبْـتُ لحـضور حـفـلة للترحـيـب بفـريق كـرة القـدم الفائز بـبطولة آسيا … ذهـبنا لنـفـرح بهم ، وما أقل ما يفرحـنا في العـراق اليوم أي شيء … وقـف اللاعـبون عـلى المنصة وأخذ الميكـروفـون أحـد الشعـراء وإنطلق ينـشد بُكائية عـن شهـداء آل البـيت .

دعاني أحـد الأصدقاء لوليمة عشاء في بـيته بأحد أحـياء لندن .. عـرفـته في القـديم يساريا متطرفا غارقا في الديالكـتيكـية والبروليتارية والداروينية … تـناولنا العـشاء وأكـلنا التمن والتبسي وشربنا اللبن الشنينة .. وإذا بأحـد الحاضرين ، أساتـذة وأطباء وأكاديميـين ، يقـف بـينـنا ويـبدأ بصوت رخـيم يرتل التعازي والمَقاتل … لم تمضِ غـير دقائق قـليلة حـتى وجـدتُ سائر الحاضرين يطأطـئون رؤوسهم ويدفـنون وجوههم في أيديهم ويـبدأون في البكاء … ولم تمر دقـيقة أخـرى حـتى تـدفـقـت الدموع من عـيني أنا أيضا ، ورحـتُ أشاركهم في البكاء ..!

بكـيت وبكـيت … بكـيت عـلى العـراق ..!!

http://archive.aawsat.com/leader.asp?section=3&issueno=11405&article=557742#.WAvLEvRq3dM

و

http://www.alkutnet.com/vb/showthread.php/56152-%D9%8A%D9%88%D9%85-%D8%A8%D9%83%D9%8A%D8%AA-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A7%D9%82

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *