ويسألونني هل كان الدم المسفوك على الصليب كلدانياً ؟

خاهه عَمّا كَلْذايا

نزار ملاخا

كثيراً ما يسالونني الشباب كيف نعتبر يسوع المسيح كلدانياً، هل من ناحية أبيه أم أمه ؟ وكيف يكون ذلك، نقول لشبابنا الأعزاء كتبنا في مقال سابق بعنوان ” هل كان يسوع المسيح كلدانياً ” نعيد هذا اليوم إلى الأذهان ما كتبناه سابقاً، إن يسوع المسيح من جهة الأب ينتسب إلى العزة الإلهية لكونه كلمة الله ألقاها الملاك جبرائيل إلى مريم ” والكلمة صار جسداً ” والعهد القديم في إشعيا 7: 14 يذكر ذلك، والملاك يقول لمريم العذاراء : المولود منكِ قدوس الله وأبن العلي يدعى ” فلا تبحثي عن نسب أبيه، فهو ابن العلي، ونسبه نسب إلهي، وبولس الرسول في كلامه عن يسوع يقول بأنه من ذرية داود بحسب الجسد” رو1 : 3 “، وإنه من نسل داود ( 2تيمو 2 : 8) وحسب قول القديس أوغسطينوس فإن جسد يسوع هو جسد العذراء وقد تجسد منه/ كتاب حياة مريم أم يسوع/ المطبعة الكاثوليكية/بيروت 1949/ ص 43 ) وسنعود لنتكلم عن هذا الموضوع بالتفصيل، في أغلب دول العالم المولود يأخذ نَسَبَينِ أما نَسَب ابيه وهو الدارج والشائع والمتعارف عليه، أو نَسَب أمّه وهو النادر أو قليل الحدوث ولحالات معينة، وفي العراق كنا نعرف أشخاصاً تلقبوا بلقب أمهاتهم أو أنتسبوا لعشيرة أمهم، وفي حديثنا اليوم عن نسب السيد المسيح له المجد من ناحية مربيه يوسف فهو يعود بأصوله إلى سلالة داود الملك حيث يذكر البشير متى في إنجيله ذلك، كما يذكر نسب يسوع بإعتباره إبناً لإبراهيم وداود، وهو من نسب الملوك ( متى 1 : 1 هذا سجل نسب يسوع المسيح ابن داود أبن إبراهيم ) وإبراهيم هذا كلدانياً من أور الكلدانيين، هكذا يقول الكتاب المقدس والتاريخ والمؤرخين، فلا مجال للنقاش في هذا الموضوع،

جاء في كتاب ” طفولة يسوع ” بقلم الخوري ألياس فرحات/ الجزء الأول / طبع سنة 1960/ ص 22 ما يلي : ــ دعا الله سنة ثلثمائة وخمسين للطوفان على ايام سام ابن نوح، إبراهيم بن تارح بن سام بعد أن أصبح والده من عبدة الأوثان والكواكب في أور الكلدانيين، وأنتشله من بيئته وعشيرته وأختاره ليكون اباً لنسلٍ مباركٍ . ” تك 12 : 1-2 .”

نذكر شيئاً عن نسب مريم العذراء، كان ماتان كاهن الله من سبط لاوي من آل هارون تزوج من إمرأة تدعى مريم من سبط يهوذا أيضاً، وكان لهما ثلاث بنات وهن على التوالي : ــ

أ‌- مريم بأسم أمها وتزوجت كلاوبا ، وهي التي رافقت يسوع إلى تحت الصليب، وهي والدة الرسولين يعقوب الصغير وسمعان، ووالدة سالومي أم الرسولين يعقوب ويوحنا .

ب‌- والثانية كانت تدعى مريم وتلقب بسوبا، وهي والدة القديسة أليصابات والدة القديس يوحنا المعمذان .

ت‌- الثالثة حنّة والدة مريم العذراء أم يسوع المسيح، وقد اقترنت حنّه بالرجل البار يواقيم وهذا القديس كان ناصرياً من ذرية داود من نسل أبونا إبراهيم الكلداني. ويروي القديس بوسيتينيوس الشهيد وأوريجانوس وغيرهما أن كيرينوس الوالي سجّل أسم يسوع في ولايته بعد إتمام الإكتتاب ,ارسل صورته ( صورة الإكتتاب ) إلى أوغوسطوس قيصر حرفياً ” يسوع بن مريم ، المولود في بيت لحم ، من نسل داود . المصدر السابق ص 117. هذه هي صورة تسجيل يسوع، حيث أن المسؤولين في ذلك الزمان عن سجل الأحوال المدنية قد سجلوه بإسم أمه ولكن مع تثبيت النسل والسلالة، فهو من سلالة دواد من سلالة إبراهيم الكلداني. يقول الكتاب ” وسيعطيه الرب الإله عرش داود أبيه : إذن هو أبن داود الملك، وقد ولدت مريم العذراء في فلسطين ، وعاشت أكثر سني حياتها في الجليل، وهناك سكنت في الناصرة مدينة العائلة المقدسة، تنتسب مريم إلى سبط يهوذا ومن نسل داود الملك،

وبالنسبة ليسوع المسيح من اين يأخذنَسَبَهُ كإنسان ؟ نحن نؤمن بأن سيدنا يسوع المسيح له طبيعة إلهية وطبيعة إنسانية، وكإنسان فهو إنسان كامل، حُبِلَ به تسعة أشهر، وولد، ورَضَع من ثدي أمّهِ كما يرضع جميع صِغار البشر، اي جميع الأطفال، وكان يجوع ويتألم ، يلبس ويمشي ويجلس، يتعب ويستريح، يتكلم ويسمع ويرى، يجوع ويعطش، وغيرها من الطبائع البشرية، فكيف لا وهو إنسان كامل، يحمل كل الصفات الإنسانية، فلماذا نسقط عنه هويته القومية وإنتسابه القومي؟ ألم يذكر الكتاب المقدس ويسميه بلقبه حينما قال الكتاب : يسوع الناصري ؟ ” لأنه من الناصرة، وهذا مشابه لإنتساب أي من البشر لقريته أو مدينته أو وطنه، فمثلاً نقول نزار الألقوشي وعامر التلكيفي وعثمان الموصلي وعمر التكريتي، وعباس البصري وغيرها، ولكن هل نسقط عن كل هؤلاء إنتسابهم القومي بحجة الإنتساب القروي ؟ أليس نزار الألقوشي هو كلداني القومية، وعثمان الموصلي هو عربي القومية وآخر كردي القومية وآخر تركماني أو غيره …. الخ وهكذا ، بما أن سيدنا يسوع المسيح له المجد هو ناصري لأنه من مدينة الناصرة ولكن هذا لايسقط حقه القومي فهو من سلالة داود من سلالة إبراهيم الكلداني أبو الأنبياء، فهو من سلالة الكلدانيين، أو لنقل بشكل أوضح هو من أصول كلدانية، وذلك لكون أمه من أصول كلدانية، وأجداده كذلك، ويخاطب الملاك يوسف فيقول له ” يا يوسف أبن داود ” أليس داود النبي من سلالة إبراهيم الكلداني ؟ أم إنه ينتسب لسلالة أخرى ؟ البشير متي يقول في متى 1 : 1 هذا سجل نسب يسوع المسيح أبن داود أبن إبراهيم ” أليس هذا واضحاً ، وكان واضحاً منذ العهد القديم الذي تنبأ بذلك حينما قال في 2صم 7 : 12، وكذلك تنبأ إشعيا في 11 : 1 ” ويفرخ برعم من جذع يسي وينبت غصن من جذوره ويستقر روح الرب عليه” يسي أليس من سلالة إبراهيم أبو الأنبياء ؟ في المزمور 89 : 3 يقول ” اقسم الرب لداود، ” وهو من نسب إبراهيم الكلداني، وكذلك في المزمور 132: 11 من ثمرة بطنك أقيم ملكا على عرشك ” وفي لو 3 : 23 – 28، وأع 2: 30، و رو 1: 3 و غل 3: 16 و رؤ 22 : 16 كل هذه الآيات تثبت نسب يسوع إلى الملك داود، والملك داود بدوره ينتسب إلى أبونا إبراهيم الكلداني من خلال شجرة النسب التي هي يسي – يهوذا – يعقوب – إسحق – إبراهيم الكلداني أبو الأنبياء .

نعود لمريم العذراء عندما جاءها ملاك الرب، وقبل أن يجتمع بها يوسف كانت حبلى من الروح القدس ( متى 1 : 18 – 20) لقد كانت مريم مخطوبة لمار يوسف البتول، ( لو 1 : 26 – 38) وسلّم عليها، وكلمة الملاك في ( لو 1 : 35) هي التي أثمرت جنيناً، هذه الكلمة فعلت فعلها، حيث أن الكلمة دخلت في أحشاء مريم وبقدرة إلهية صارت جنيناً حياً، أكتمل كأي إنسان في تسعة أشهر في أحشاء مريم، هذا الجنين منذ لحظة سلام الملاك لمريم العذراء ومروراً بتسعة أشهر ولحين الولادة، على ماذا كان يتغذى ؟ ألم يتغذ من دماء مريم العذراء البشرية الكلدانية الأصل ؟ وعندما ولد، ألم يرضع حليباً من ثدي أمه ؟ أليس هذا الحليب كلدانياً نقياً ؟ ومن يشكك في ذلك الا يرتكب معصية بحق ربنا يسوع المسيح ؟ ” القدوس المولود منكِ يدعى أبن الله ” هذا ما قاله الملاك لمريم ، وملاك الله في الكتاب المقدس يعني الله نفسه، الأمومة إمتياز كله ألم، وقد نالت مريم العذراء إمتيازاً فريداً بامومتها لأبن الله، لقد كانت مريم وحيدة عندما جاءتها آلام المخاض، وكانت وحيدة عندما ولدت يسوع، كما شاهدت موته أيضاً، وربّته إبناَ رضيعاً وشاباً يافعاً، ثم مخلصّاً إلهياَ “. ” هل يمكننا القول بأن التجسد هذا السر الإلهي العظيم، كما يقول بولس الرسول في رسالته إلى تيموثاوس 3 : 16 ” الله ظهر في الجسد ” هذه الكلمة التي أرسلها الله لتستقر في أحشاء مريم بعد موافقتها ” ها أنذا أمَة الرب فليكن لي كقولك ” وتكوّن الجنين وولادة الطفل ، ألا يمكننا أن ننسب هذا الجسد الإنساني إلى أصوله القومية ؟ الا يحق لنا نحن الكلدان أن نفخر بذلك لكوننا من ناحية شاركنا الخالق عز وجل في هذا السر العظيم سر التجسد ؟ ألم تتخذ كلمة الله جسداً وهو كلداني، ” والكلمة صار جسداً وحل بيننا ” هذه الشركة الإلهية البشرية العظيمة الفريدة الوحيدة التي ليس لها شبيه ( الله يظهر في الجسد ) ألم يلقي الله كلمته في هذا الجسد الكلداني الأصول ؟ ومن دماء هذا الجسد صار جنيناً واعتاش طيلة تسعة أشهر،( وبينما كانا هناك تم زمانها لتلد ) إذن الدماء التي جرت في عروق يسوع كانت دماء كلدانية الأصول، ونفسها هي تلك الدماء البريئة الزكية التي سُفكت على الصليب، ومن هنا نتوصل إلى أن الدم المسفوك على الصليب كان دماً كلدانياً .إن الله يمنح يسوع عرش أبيه داود، ويسوع يملك على بيت يعقوب إلى الأبد وهو أبن العلي يدعى، ( 1 لو 32 ) وكل هؤلاء سواء كان داؤد أو يعقوب فهم من سلالة الكلدانيين وذلك لكونهم من سلالة أبونا إبراهيم الكلداني .وفي رو 1 : 3 يقول بولس الرسول ” وهو يختص بإبنه الذي جاء من نسل داود من الناحية البشرية . لقد أشترك الله مع الكلدانيين بالتجسد بجسم بشري من لحم ودم كلدانيين، يقول الطب بأن الدم والأوكسجين يمران من دم الأم خلال الجدران الضعيفة للزغابات ويدخل إلى دم الجنين، وهذا الدم الغني بالغذاء والأوكسجين يصل الجنين خلال وريد الحبل السري.

هناك جسدان لم يمسهما الفساد وهما كلدانيان الأصل ، جسد يسوع وجسد مريم العذراء .

لا تزأروا حولها فالله حاميها ,,,,,,,,,, ولا تقولوا خِرافٌ مات راعيها

المصادر

حياة مريم العذراء / الخوري شرنسال/مطبعة الآباء الفرنسيسيين/1913

العذراء مريم/تعريب الأب ألبير أبونا/ يغداد 1985

طفولة يسوع / ج1/ الخوري ألياس فرحات / 1960

حياة مريم أم يسوع / الأب فرنسيس قندلا اليسوعي / المطبعة الكاثوليكية بيروت – 1949

مريم العذراء في حياة المؤمنين /الأب باسل يلدو / أمريكا 2007

التفسير التطبيقي للكتاب المقدس

الكلدان منذ بدء الزمان/عامر حنا فتوحي 2004

الأربعاء / ثالث يوم من صوم الباعوثا / 23/1/2013

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *