وهَوى نَجْمٌ آخرَ من سماءِ الكلدان الزميل بهنام جبّو / بقلم د. نزار عيسى مَلاخا

وهوى نجمٌ آخر من سماء الكلدان، تَرَجّلَ فارِسٌ كلدانيٌ آخر عن صهوةِ حِصانِهِ، توقف قِطارُ المسيرة الكلدانية ليتركه الزميل بهنام جبو معلناً بأنها محطته الأخيرة في ركب المسيرة، عمودٌ آخر من أعمدة الكلدان يختفي، الزميل بهنام جبّو (ابو جيم) يرحل بهدوء كما كان يعيش بهدوء، لقد أتسمت حياته كلها بالهدوء والسَّكينة، لم يزعج في حياته أحداً، وهكذا كان في رحيلهِ الأبدي، من شدّةِ حبّهِ للأمة الكلدانية التي نذر نفسه من أجلها فقد أبى أن يغادر هذه الدنيا إلا وفي رحيلهِ توافقٌ مع ذكريات الأمة، وهكذا تم له ما أراد، فقد توافق رحيله متزامناً مع ذكرى من ذكريات الأمة الكلدانية حيث يتزامن مع إنشغال الجميع بإحتفالات يوم العَلَم الكلداني الذي سيصادف في السابع عشر من الشهر الجاري، هذا العَلَمْ الذي كان الزميل الراحل بهنام يعشقه جداً، العَلَم الكلداني يا ابا جيم حزينُ جداً لأنه لن يراك في هذا العيد، لا بل من شدة حزنه أبى إلا أن يحزن لرحيلك فأُمِرَ بأن يُنَكّس في كل مقرات الحزب الديمقراطي الكلداني وفروعه إشارة إلى فقدان عزيز، وكيف لا وأنت مسؤول فرع أوربا للحزب لعدة سنوات، أيها العزيز ابا جيم لقد آلمتنا برحيلك المبكر، لقد كان في العمر بقية، فقد كنتَ في قمة عطائك، كنتَ جَبَلاً لا يلين، فلماذا أستعجلت الرحيل،

سألتُ الدّار تُخبِرُني عن الأحبابِ ما فعلوا،

 فقالت لي أناخ القوم أياماً وقد رحلوا،

في كل يوم كنتُ أمَنّي النفس بأن أتصل بكَ هاتفياً، ولكن مشاغل الحياة ومتطلباتها كانت دائماً تقف حجر عثرة أما ذلك، قبل أن تغدرنا بفترة قصيرة تحادثنا والأخ العميد وليم عندما أصدرتُ كتابي وقد وعدته بأن أأتي إلى السويد لتوقيع الكتاب هناك، وكان في ذهني أن أتصل بك ولكن تزامن ذلك مع موعد مناقشة أطروحة دكتوراه لأحد الزملاء الأعزاء فاضطررت للسفر إلى هولندا للمشاركة وحضور المناقشة.

كان الفقيد الراحل ابا جيم يعاتبني في كل مرة يراني فيها في السويد لزيارة إخوتي واولادي ويقول لي لماذا لم تخبرني بمجيئكَ على الأقل نخبر جماهيرنا لنعقد ندوة أو محاضرة تثقيفية، وفي كل مرة كنتُ أعده بذلك في المرة القادمة، وعند طبع كتابي قلت هذه مناسبة سوف أتصل بالأخ العزيز الستاذ أبو جيم ونرتب الأمور لنستغل المناسبات بفترة زمنية واحدة، وأنا في ترتيب ذلك ألمَّت بي حالة من إرتفاع ضغط الدم بشكل غير طبيعي بحيث تجاوز الحدود الطبيعية مما أضطرني للخلود إلى الراحة وما زلت أعاني من تأثيرات ذلك الصعود المفاجئ وتذبذب الإرتفاع والإنخفاض غير المنتظم، مما أضطرني للعدول عن السفر، وأنا في خضمّ ذلك اتفاجأ بالخبر المؤلم وهو الرحيل المبكر إلى حياة الخلود والبَقاء. فلم تدع لنا فرصة اللقاء الأخير ورؤيا محياك،

أيها الراحل الساكن في قلوبنا

أيها الغائب الحاضر بيننا

حتى في مرضك وآلامك لم تخبرنا.

الرفيق الفقيد بهنام جبو، كنتُ ألتقيه في كل زيارة أذهب بها إلى السويد، وآخر مرة ألتقيته مع السيدة عقيلته كانت في السويد بحضور الأخ الأستاذ فارس يوسف ججو وزير العلوم والتكنولوجيا السابق، والأخ الدكتور حكمت حيدو الوزير المفوض في سفارة العراق في السويد (سابقاً)، وأنا وولدي فادي،

بالمناسبة كان الفقيد يهتم بالشبيبة بشكل كبير جداً، وكان لأولادي وقع خاص في قلبه، ومحط محبته وإهتمامه، فقد كان يتابع أخبارهم (هو والعائلة الكريمة)، فكان بمثابة الأب الحنون يسال عنهم ويلتقيهم بشكل دائمي، وكانوا يعتبرونه الأب الثاني لهم في السويد،

ألتقيت الزميل بهنام جبو في مؤتمر النهضة القومية الكلدانية في سان دييگو في أمريكا عام 2011م،في مؤتمر النهضة الكلداني في السويد سنة 2012 التي رعاها أتحاد الأندية االكلدانية . كما ألتقيته مع السيدة أم جيم في المؤتمر الكلداني العالمي في أمريكا ـ مشيگن، وذلك في عام 2013م،

لقد رافَقَنا الزميل بهنام إلى النرويج عام 2015 عندما ترجّل الفارس الكلداني الدكتور حبيب تومي عن صهوة حصانه مغادراً إلى الأخدار السماوية .

للموت جلال ايها الراحلون، ولنا من بعدكم إنتظار في محطات قد تقصر وقد تطول.

لقد فقدنا برحيلك زميلاً عزيزاً، كما فقدتك الأمة الكلدانية كلها وخاصة مَنْ هُم في السويد.

نم قرير العين أيها العزيز ابا جيم لأنك قد أستودعت هموم الكلدان بأيدي أمينة.

تعازينا للسيدة الفاضلة أم جيم رفيقة دربه ومسيرته النضالية، تجلدي بالصبر يا أختاه، لأن ابا جيم لن يغيب عن بالنا وذكراه ستبقى عالقة في أذهاننا، لقد كانت لبصماته أثرا في كل مؤتمر كلداني.

كما نقدم تعازينا الحارة للعائلة وللأخ العزيز أبو نور .

اسكن الله الفقيد الغالي أبو جيم في ملكوته السماوي مع القديسين وألأبرار ,الهمكم جميعاً وأصدقائه ومحبيه جميل الصبر والعزاء والسلوان.

د. نزار عيسى مَلاخا

16/5/2019

You may also like...

1 Response

  1. عادل قاشات says:

    الدكتور المحترم نزار ملاخا،
    الموضوع شيق، ولكننا يجب ان نعلم انه نحن الكلدان الحاليون وكذلك الاشوريون الحاليون لا علاقة لنا بتاتاً بالكلدان والاشوريون الاوائل الاصليين. نحن سريان آراميين قومياً اصلاً وقد يكون بعض القليل عرب او غيرهم، واللغة التي نتكلمها هي السريانية (باللهجة الشرقية. اي يوجد السريانية اللهجة الغربية، حقيقةً لا فرق كبير بينهم) سمانا الانكليز هذه التسميات اي الكلدان والاشوريون آنذاك لمصالحهم الخاصة في ذلك الزمن. حتى في كنائسنا نصلي باللغة السريانية.
    فكما تعلم ان الكلدانية الاصلية والاشورية لغة اكدية وكتابة خط مسماري.
    للتاكد من المذكور اعلاه. اولاً ذكره عدة من يطاركنا المحترمين ولكننا لا نريد معرفة الحقيقة وقولها وخصوصاً الاخوة الاشوريون، صدقوا انهم الاشوريين القدامى.
    وايضاً مذكور في الرابط للكنسية الكلدانية ادناه ما اصلنا:

    الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية
    ‏https://ar.m.wikipedia.org/wiki/الكنيسة_الكلدانية_الكاثوليكية

    وايضاً ذكره كثير من المؤرخين المعتبرين امثال المرحوم الدكتور بهنام ابو الصوف (من ملتنا) والاستاذ موفق نيسكو وكثيرون غيرهم يمكنك البحث عن ما ذكروا في الانترنيت. علينا في رايي ان نعي الحقيقة علمياً وعملياً ونتوحد فنحن والسريان كلنا قومية واحدة. وما دمر المسيحية في العراق والشرق الاوسط الهلال الخصيب غير هذه التفرقة.
    يحفظك الرب.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *