وردوني في سان ديـيـﮔـو : أعـدّوا طريق الـفاتح ساكـو ، قـوّموا سـبُـله ، إنـتـظِـروه بأجـنحة كالـنـسور ــ الحـلـقة الثانية

 

ليس موضوعـنا لماذا أو كـيف يكـون قـداسة الـﭘاﭘا ( مُخـولاً في أمر أو غـير مخـوّل في آخـر ) ولكـن المهم إنه ليس إلهاً بل يعـبـد الإله الـواحـد ، كما ليست المسألة حـقـوق الحـل والربط ، فـكـم من تـوصيات وأوامر كان قـد إتخـذها وقـررها خـطأ في عـصور سابقة (( وإعـتـرفَ بها الـﭘاﭘا اللاحـق نـدماً عـلى ما فات وتعـويضاً عـما حـصل ــ ما تـْـبَـرّد الـﮔـلـب لتأخـرها ــ ولكـن أحـسن من ماكـو !!)) وعـلى ذات المنـوال نـقـيس المدبّـر الرسولي والـﭘـطـريرك والمطران والكاهـن والشماس وأي مؤمن من شعـب الله ، فالجـميع أخـطأوا ، وغـداً أيضاً يخـطأون ويعـوزهم مجـد الله .. ولكـن ما فائـدة الإعـتـراف بالخـطأ بعـد فـوات الأوان ؟.

في ألـقـوش ( فـتـرة الخـمسينات ) كان هـناك صاحـب دكان محـروم مِن قِـبَل الكـنيسة التي بـيـدها حـبال الربـط والحـل ، ليش يابا محـروم ؟ لأنه كان يـفـتـتح دكانه في يوم الأحـد من أجـل زيادة مبـيعاته طمعاً في جـمع الـفـلـوس !!! إنها جـريمة ، طيب ولكـن عـملية جـمع الـفـلـوس في صينية قـداس يوم الأحـد نـفـسه ، مسموحة !! وهـكـذا الـيـوم ربما يـذهـب البطريرك أو المطران في يوم الأحـد ــ مثلاً ــ ليستـلم الفـلـوس من متبرّع أو يسحـبها من المصرف لحاجـته … أو يشـتـري من الأسـواق في يوم الأحـد ( وربما من ذلك الـدكان ) ! فـهـذه مقـبـولة … إذن سالفة الحـل والربـط هي مزاجـية ، فـما بالكم إذا كان الخـصم هـو الحَـكـم صاحـب الـقـضية .. لا وﭼْـمالة في محـكـمة كـنسية …؟       

في يوم ما ، تـطلـَّـب موقـف من أحـد أعـضاء لجـنة ، في كـنيسة مار تـوما الرسول / سـدني أن يقـول لسعـيـد الـذكـر سيادة المطران جـبرائيل كـساب : ( هل ﭘـشـلـوخ آلاها = هل أصبحـتَ ألله ) ! لماذا قال ذلك ؟ لأن المطران أراد أن يفـرض ، بل فـرض نـفـسه في أمر أخـطأ فـيه … وعـلى ذات المسار تجـرّأ أحـد الشمامسة بشجاعة فـوصفه بالـدكـتاتـور ( أمام البطريرك ساكـو ومجـموعة مطارنة وجـمع غـفـير من المؤمنين داخـل الكـنيسة ) ….

أنا حـين أذكـر هـذا ، ليست غايتي إدانـته بقـدر ما هي تأكـيـدي عـلى أن هـذه الصفة ــ فـرض الرأي الفـردي ــ تلازم إكـلـيروسـنا ، ولن ينـفـضوها عـنهم أبـداً ظـناً منهم أنهم سيفـقـدون هـيـبتهم ، والأكـثر ، إعـتـقادهم بأنه حـرام عـليهم الإعـتـراف بالخـطأ والتـنازل للصح أمام المؤمنين !!!

ولأمانة التوثيق أقـول : كم من مرة كان يُحـرَج فـيها سيادته أثـناء إجـتماعات الشمامسة في سـدني ، فـكان دفاعه الـوحـيـد والمخـجـل هـو قـوله (( أنا المطران أقـول ذلك !! )) …. يا أخي ، أنت مطران أضعـك عـلى رأسي ولكـن طالما تريـد في الأخـير فـرض كلامك ! فـلماذا تجـتمع وتـطرح الأفـكار وتـبادِل الآراء وتـناقـش الإقـتـراحات ؟ فـبدلاً من كـل ذلك ، قـل ما تـشاء وما يجـول في خاطـرك مكـتـوباً عـلى ورقة منـذ الـبـداية ــ كأمر عـسـكـري ــ والجـميع يستعـدّون لك بالـﭘُـسطال الأيسر ويقـولـون : نعـم سـيـدي مع التحـية ! فلا إجـتماع ولا مضيعة وقـت وأبـوك ألله يـرحـمه .

في الحـقـيقة هـذه إحـدى نـقاط الضعـف عـنـد بعـض القادة الكـنسيّـيـن ، يتـصوّرون أنهم يعـرفـون كـل شيء ، وكلامهم يجـب أن لا يقع عـلى الأرض بتاتاً ، متـناسين أن قـداسة الـﭘاﭘا فـرانـسيس نـفـسه قالها لهم بالخـط العـريض : إنكم الأساقـفة لا تعـرفـون كـل شيء ….. بالإضافة إلى أقـوال أخـرى منـبّهة لهم إنْ لم نـقـل مؤنّـبة ، مثل أساقـفة المطارات وغـيرها .

الـيـوم إذا نسأل غـبطة لـويس ساكـو سؤالاً مباشـراً بسيطاً جـداً … لن يجـيـب عـليه حـتماً ! وهـو :

إذا كـنـت تـنادي بشعار الأصالة هـدفاً للـوصول إليه . فهل تـتـمثـل الأصالة فـيك أم أنت تبحـث عـنها ؟ …… طبعاً هـذا سـؤال سهـل له لكـنه خـطيـر عـليه .

أكـيـد الآن ــ بعـض ــ المنافـقـين الفارغـين والبارعـين باللـواﮔـة الـذين أرثي عـلى حالهم بسبـب تـدَنّي مستـوياتهم ، سيـقـولـون عـني أني تجاوزتُ عـلى هـذا ، وتماديتُ في ذاك … أما أنا من جانبي في الحـقـيقة ، أتـوَنـس لتعـليقاتهم .

**********

المسيح لم يعارض قانـوناً ولم ينـقـض عـهـداً ولم ينبـذ شريعة ، بل ولم ينـتـفـض عـلى ظلم … إلى أنْ إعـتمـذ ورفـرف الروح الـقـدس عـليه وبعـدها نـزل إلى الساحة عـلـناً ونـشر تعاليمه ، وعـنـدها بـدأ معارضاً وناقـضاً ونابـذاً ومنـتـفـضاً دون أن يكـون متمرداً ولا مخالـفاً ولا متجاوزاً ولا معـتـدياً ، ولكـن كـيف كـل ذلك ؟

عـمل كـل هـذا بسلاح أقـوى من الـقـوانين والشرائع والعهـود والسلطة ، وذلك عـنـدما إنـطلق من منطق المحـبة التي تـنبع من قـلبه أولاً والـذي لم يُـبكــّـته أحـد عـلى خـطيئة ! فأحـبّ الـبـشر قـبل أن يقـول أحِـبّـوني ! مارس الرحـمة دون أن يطلب الرحمة لـذاته ، أشبع الجـياع ولم يـبحـث عـن خـبـز لـنـفـسه ، حاورَ بعـيـداً عـن الـتـشـدّق بلقاءاته ، عـرف كـثيرين ولم يتباهى بمعارفه ، كـلـّم الناس بتعابـيـر بسيطة ذات معاني عـميقة دون أن يتـكـبّـر بـدكـتـوراهه أو ماجـستيره ……. هل تريـدون المزيـد ؟ كان محاطاً بأعـدائه ولم يقـف حارسٌ بالكلاشينـكـوف خـلـف ظهـره .

أما تلاميـذه ! فـمنهم مَن خان الخـبز والملح معه ، وآخـر نـكـث بـوعـد الشرف له ، وثالث شـكَّ به بعـد سنين من مرافـقـته ، ورابع إنـتهازي ساذج يـبحـث عـن منـصب له حـتى في ملكـوته ، والآخـرون جـبناء هـربـوا فـتـركـوه  ………….. ولم يـبـقَ أميناً معه وقـت الـشـدة إلاّ واحـداً ، أصغـرهم عـمراً وأقـلهم خـبرة ! لم يفارقه حـتى وقـف عـلى الجـلجـلة معه فإئـتمنه عـلى أمه ….

حـقاً قال المطران مار باوَي سـورو في حـفـل تـوديعه عام 2006 من سـدني ( إن الصديق وقـت الضيق ) …. فأين أصدقاؤه وقـت ضيقه الـيـوم ؟ يا عـيـب عـلى الـبعـض الـذين لا يعـرفـون معـنى العـيـب .

*************

حـين تـنـبّأنا منـذ زمن … ليس لأنـنا أنبـياء ولكـن لأنـنا نـقـرأ الشـفاه المرتجـفة والأصابع المتهـفـهـفة والعـيـون المنحـرفة … فـنعـرف ما تخـفـيه الـقـلـوب من عـجـرفة مزخـرفة ، تغـدر بأصحاب الـنيات الشفافة وتـظلم مَن كانت يـديه نـظيفة ….. لكـنها تغـض الطرفَ عـن الأفعال المخالِفة والممارسات في الزوايا المنخـسفة .

كم مرة ومرات كـتبنا أن غـبطة البطريرك ساكـو لن ولن يسافـر إلى سان ديـيـﮔـو زائـراً رغـم الـدعـوات المقـدمة له ــ إلاّ فاتحاً ــ وذلك حـين يضمن هـناك تـراخي الحـبال المشـدودة ، وتـتهاوى أبراج الإنـضباط المعهـودة ، فـتحـل بعـضاً من عـقـدِه الموجـودة التي كانت تـؤرقه ليل نهار بساعاتها المعـدودة .

فها هـو المطران مار سـرهـد جـمو قـد تـقاعـد وفـقاً للقانـون العام ، إذن ، قـد غاب أسـد بابل فـصارت الجـنائن مرتعاً مُـعَـداً وطريقاً سـلساً لموكـب نـصرة القادم ، والملائكة تـرفـرف أجـنحـتها بإنـتـظار الغانم ، ولكـن تعالـوا معي نـتساءل : ينـتـصر عـلى مَن ؟ هـل عـلى جـيـوش جـبارة ؟ عـلى أسلحة فـتاكة ، أم عـلى أعـداء الأمة ؟  

وقـبل أن يحـزم غـبطته حـقـيـبة سفـره ، أوصى بحَـل ثاني عـقـدِه ، التي تـستـثير أعـصابه كـلما تخـيّـلها أمامه ، والمتمثـلة في الأب نـوئيل ﮔـورﮔـيس فأخـرجه من كـنيسته .

 

فإلى الحـلـقة الثالثة . … كـيـف مهَّـد وردوني الطريق في سان ديـيـﮔـو للـفاتح ساكـو ــ الحـلـقة الثالثة

بـقـلم : مايكـل سـيـﭘـي / سـدني

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *