واجـب كـنيستـنا في توجـيه شعـبنا الكـلـداني خارج العـراق

إنَّ العالم الغـربي المعاصر سـبق بقـية الـدول وخاصة الشرقـية منها في مجالات إجـتماعـية كالـديمقـراطـية والحـقـوق الشخـصية ومعالجة الفـوارق بـين الرجـل والمرأة والحـرية وإمتـداداتها بالإضافة إلى الحـقـول العـلمية والتـكـنولـوجـية ، وهـذا يلاحـظه أبناء شعـبنا الـذين هاجـروا وإستـقـروا في هـذه الـبلـدان وصاروا يـدركـون مـدى الـتباين في تركـيـبة وقـوانين المجـتمع الجـديـد الـذي إنـتـقلوا إليه ، وتغـيراته المفاجـئة والحادة ومستـلزمات حـياته الـيومية ، مقارنة مع مجـتمعـنا داخـل العـراق .

في هـذا المقال لسـنا في موقع المعارضة للسـلطة ونحـترم حـرية الفـرد في إخـتياراته التي تـصونها القـوانين ، ولكـن ذلك لا يعـني أن نـنجـرف وراء كـل جـديـد ، ولا أن نـنحـرف بإتجاه يعاكـس مبادئـنا الـتي لا تـقـبل المساومة ، بل بالعـكس نـستـخـدم الحـرية التي وفـرتها لـنا أنـظمة الحـكـم هـذه بما لا يتعارض مع القـوانين الأساسية للـدولة في إخـتيار القـبول أو الرفـض ، وفي ذات الوقـت محافـظين عـلى قـيمنا دون السماح للمنافـع الشخـصية أن تسبِّـب خـللاً في هـذه المعادلة المتـوازنة .

إن هـذه الحـرية أتاحـتْ للـناس إمكانية إبتـكار أفـكار غـريـبة وممارسة أعـمال شاذة بعـيـدة عـن تـقالـيـدنا كـشعـب شـرقي وتـتعارض مع مبادىء إيمانـنا السامية ، حـيث نرى ظـواهـر مرفـوضة بمقايـيسنا الأخلاقـية الموروثة عـن آجـدادنا أو التي يـدعـو إليها دينـنا ونـنادي بها من عـلى منبر كـنيستـنا للإلـتـزام بها ونـشـرها .

وقـبل أنْ أضع الـنـقاط عـلى الحـروف أدرج مثالاً إفـتـراضياً بسيطاً وأقـول لو أن هـناك ثـلة من الشباب تجـوب الشوارع مستـغـلة الحـرية وتـصرخ بأصوات عالية مـثيرة الفـوضى والإزعاج بـين الناس ولا يمكـنـنا منعـها من ممارستـها لحـريتها ، فـما العـمل ؟ عـلينا بأولادنا عـلى الأقـل ، نوجِّـههم لـتجَـنـب مثل هـذا السـلوك المنافي للكـياسة والـذوق العام حـفاظاً عـلى إسـتـقامة سـلوكـهم ودماثة أخلاقـهم ، ومن جانب ثاني عـلينا أن لا نؤيـد بلسانـنا مَن يدعـم تلك الأعـمال المرفـوضة ، ولا نشجع بأقلامنا مَن يغـض الطـرف عـنها من المسؤولـين أثـناء حـملاتهم الإنـتخابـية .

ولـنأتِ إلى جانب الكـنيسة ، فإن قـول الرب يسوع : ( أنت الصخـرة وعـلى هـذه الصخـرة أبني كـنيستي وأبواب الجحـيم لن تـقـوى عـليها ) … هي مسؤولية ملـقاة عـلى عاتق مار ﭘـطرس رئيس التلامـيـذ إستـناداً إلى إيمانه الـذي لم يتردد في قـبوله الإستـشهاد في سـبـيله ، وكـل كاهـن في كـنيستـنا هـو الرسـول ﭘـطرس بعـينه يستعـد لحـمل الصلـيـب عـلى ظهـره ، ومَن لا يستـطـيع …. ليس أهلاً لـتحَـمّل مسؤوليته .

الـيوم تـتـفـشى في هـذا العالم ظواهـر وسـلوكـيات يقـشـعـرّ لها الـبـدن وتـشـمئـز منها الـنـفـوس أشبه ما تكـون بأمراض مُعـدية ، تـقـودها قـوى عالمية هـدّامة غـير منـظـورة تؤدي في نهاية المطاف إلى تمزّق الـقـيم الإنسانية وتـفـتـيتْ المجـتمع وضياع الأجـيال ….. ومن بـين هـذه السـلوكـيات الزائغة ( المَـثـلية ــ زواج المَثـليّـين !!! ) والتي أعـلـنـتْ كـنيستـنا الكاثـولـيكـية رأيها القاطع فـيها والرافـض لها لكـونها ضد الطـبـيعة والمنـطق ومنافـية لكـرامة الإنسان المكـلف بالحـفاظ عـلى الجـنس الـبـشري ، إضافة إلى أنها ضـد إرادة الله ، فـما هـو المطـلوب من كـنيستـنا الكاثـولـيكـية الكـلـدانية !!! ونحـن أعـضاء فـيها ؟

1- أنْ تـنـظـِّـم محاضرات دورية موجَّـهة ومركـزة لكِلا الجـنسَـين ( وبأساليـب تربـوية وذكـية مدعـومة بوسائل الإيضاح ! ) حـول هـذا الموضوع مستـغـلة يوم التعـليم المسيحي ــ السبت أو أية أمسية ــ مبتـدئة بأطـفال ما قـبل المرحـلة الإبتـداية ، وتلامـيـذ المرحـلة الإبتـدائية وكـذلك المراهـقـين ، ومن المؤكـد لسنا خائـفـين كـثيراً عـلى شـبابنا الناضج . إنَّ محاضرات كـهـذه يلقـيها أناس داركـون ذوو خـبرة تربـوية وليس أولـئك الأميّـون الـذين نراهم في الواجـهات !!!!! .

2- يمكـن للإكـليروس أن يؤدّوا واجـبهم الـتربـوي في تـوجـيه أبناء الرعـية في كـرازاتهم ونـدواتهم نحـو الإتجاه الصحـيح ، ويؤكـدوا عـلى الأسس الأخلاقـية التي نستـنـد عـليها ، وأنْ يـرفـضوا دعـمهم لأي مرشح في الإنـتخابات بكل مراحـلها ومستـوياتها ( دون ذكـر إسمه ! ) وتجـنب نشر أي لـقاء معه دعاية له إذا تضمَّـنـتْ حـملته الإنـتخابـية تأيـيـد ومسانـدة المثـلـيّـين ، غـير مكـتـرث للقـيم المسيحـية وضارباً إيّاها عـرض الحائـط ، بُـغـية كـسب بضعة أصوات إنـتخابـية إضافـية لمصلحـته الشخـصية .

وقـد يقـول قائل : ما علاقة الكـنيسة بهـكـذا موضوع ؟ الجـواب : إن الكـنيسة هي راعي لـقـطيع المسيح ، وليس هـناك حاجة للإسترسال بالكلام في هـذه الـقـضية إلاّ لمَن لا يفـقهها ، ومع ذلك نقـول : إنَّ الناس وبصورة عـمياوية وأكـثرهم بُـسـطاء ، يسمعـون خـطاب رجـل الـدين ويـتـشـبَّـثون بأقـواله معـتمـدين عـلى الثـقة به ، ومن هـذا المنـطـلق فإن كـل رجـل دين مدعـوٌ إلى متابعة كلام مار ﭘـولس : (( فَانْظُـرُوا كَـيْفَ تَسْلُكُـونَ بِالتَّـدْقِـيقِ ، لاَ كَجُهَلاَءَ بَلْ كَحُكَمَاءَ، مُفْـتَـدِينَ الْوَقْـتَ لأَنَّ الأَيَّامَ شِرِّيرَةٌ . مِنْ أَجْلِ ذلِكَ لاَ تَكُـونُوا أَغْـبـِيَاءَ بَلْ فَاهِـمِينَ مَا هِيَ مَشِيئَةُ الرَّبّ )) .

وقـد يقـول آخـر : أليس لـهـذه المحاضرات مردود أخلاقي سـلبي عـلى الأطـفال !! فـنـقـول لهم : أنتـم نائمون وأرجـلكم تحـت الشمس ولا تعـرفـون أن تـوجـيهاً هـدّاماً بهـذا الإتجاه يتـلقاه أطـفالكم خارج المنـزل ( !!! وفي مرحـلة الطـفـولة دون عـلمكـم ) وبطرق شيطانية تـزرع بـذور هـذه الإنحـرافات في أذهانهم بغـيابكم ! فـتـكـبر مع كـبرهم ويصبحـون مؤهـلين لـتـقـبُّـلها في المستـقـبل فـيتهـرّأ الـبنيان من أساساته دون أن تـدرون ، وبإهـمالـنا نكـون قـد ساهـمنا جـميعـنا في نـشر هـذه السموم المنافـية لقـيمنا والتي ستخـرب كـل ما نبنيه لأولادنا في البـيت وفي التعـليم المسيحي .

ورغـم أن المشاركة في الإنـتخابات الأسترالية هي إلـزامية ( لا أدري في الـدول الأخـرى ) ولكـن يجـب ممارستها بتحَـسُّـب وإنـتباه وبكامل حـريتـنا القانـونية ! وحـين نـنـتخـب لا نـكـون كالسُـكارى ، ولا نـطـبقـها كـعـملية ميكانيكـية إعـجاباً بتسريحة المرشح أو عـيونه الزرقاء أو طوله وعـرضه ، ولا إكـراماً لزيارة قام بها المرشح الفـلاني إلى دارنا أو مؤسـستـنا ، ولا وفاءاً لتسهـيله حـصولـنا عـلى إجازة بناء أو قـرض من المصرف أو منحة مالية من جهة معـينة ، أو أي إمتياز آخـر !! بل نـنـظـر إلى ستراتيجـيته وأفـكاره المستـقـبلية وتأثيرها عـلى أخلاق أولادنا ومدى هـمته للحـفاظ عـلى نوعـية مبادئـنا وما سـيؤول إليه الجـنس البشري ، وإحـتـرامه لخـصائص الإنسان الأساسية ، وإلتـزامه بقـيمنا العائـلية والـدينية ، إن المرشح للإنـتخابات بحاجة فـعـلية إلى أصواتـنا فـعـليه أن يلبي طلـباتـنا ، وإلاّ كـيف يريـد أن يربح أصواتـنا وفي ذات الـوقـت يعـمل عـلى هـدم بُـنيانـنا ؟؟ الرسـول ﭘـولس يقـول لـنا : إفـحـصوا الأرواح …………………. .

وخـتاماً نقـول : إذا كان للإكـلـيروس علاقات شخـصية فـردية ودّية مع أي كان من الناس ! فـذلك شأن شخـصي ولـيس للجالية أي تـدَخـل فـيه بشرط أن لا تـتـداخـل أو تـؤثـر عـلى المستـقـبل الروحي والإنساني لأبناء الكـنيسة عاجلاً أم آجلاً . أما عـملية بناء الإيمان في قـلوب الناس وتـقـديسهم وخلاص نـفـوس الأجـيال وبالأخـص أطفالـنا وشبابنا ، أقـول إن هـذا الـبناء ليس شـاناً شخـصياً لرجـل الـدين وحـده أياً كانـت رتبته ، بل هـو مسؤولـية جـماعـية للإكـليروس والعـلمانيّـين القادرين الكـفـوئين من أبناء الرعـية مسترشـدين بمبادىء الإنجـيل دستـورنا .

نعـيـد الـقـول إن لرجـل الـدين تأثيراً أكـثر من العـلماني عـلى ــ شعـبنا الـبسيط ــ بكافة مستـوياته الـثـقافـية ، لـذا كان لـزاماً عـلى كـليهـما الحـرص والسهـر عـلى مستـقـبل أبناء الكـنيسة وتحَـمُّـلهما هـذه المسؤولية اليوم وغـداً ، ولكـن حـذاري حـذاري من أولـئـك الـذين تهمهم مصالحهم الـيومية الآنية والأنانية ويقـولون : ( منـو أبـو باﭼـر ، دَ أنـعـل أبـو الـباﭼـر !! ) .

بقـلم : مايكـل سـيـﭘـي / سـدني

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *