هل سيختفي دجلة والفرات بعد عشر سنوات ؟





بغداد – بابنيوز:

قال نائب رئيس الوزراء العراقي روز نوري شاويس خلال ترؤسه اجتماعاً مشتركاً بين وفد متخصص من الأمم المتحدة بدأ زيارة الى بغداد بطلب من حكومتها وممثلين عن برنامج الأمم المتحدة الانمائي في العراق وممثلين عن وزارات الزراعة والخارجية والموارد المالية وحكومة كردستان: إن معظم المياه الواردة إلى العراق تصله عن طريق الأنهر المشتركة مع الدول المتشاطئة، إذ ان حوالي 68% من إيرادات حوض نهر دجلة و 97% من إيراد نهر الفرات تصل من تركيا و سوريا وإيران.
وأضاف أنه نتيجة لتوسع استخدامات المياه في تلك الدول، وغياب الاتفاقيات التي تحدد حصة كل بلد من تلك المياه، وكون العراق دولة المصب، فقد تأثر بإجراءات الدول الواقعة في أعلى المجرى. واشار الى انه قد نتج عن ذلك نقص في إمدادات المياه الواصلة إلى العراق حيث سيكون المتاح من المياه في عام 2015 كمية (44) مليار متر مكعب فقط، وهي تمثل نسبة 55% من الإيراد الطبيعي، وسوف لن تغطي الاحتياج المائي المطلوب عندئذ والبالغ بحدود (70) مليار متر مكعب.
وأكد المسؤول العراقي ان بلاده حاولت ومنذ اوائل الستينات من القرن الماضي الدخول مع الدول المتشاطئة (تركيا وسوريا) في مفاوضات ثلاثية بغية التوصل الى اتفاق يضمن حصص البلدان الثلاث في مياه النهرين المشتركين طبقا لقواعد القانون الدولي والاتفاقيات الثنائية إلا إنها لم تثمر ولحد الآن بالتوصل إلى اتفاق يحدد حصة كل دولة.
وقال إن هناك أكثر من 300 اتفاقية دولية حول اقتسام المياه في العالم حيث توفر هذه الاتفاقيات أساسا متينا لأي اتفاقيات أخرى بما في ذلك المتعلقة بنهري دجلة والفرات وتؤكد هذه الاتفاقيات عدم جواز إلحاق الضرر بالدول المتشاطئة الأخرى سواء من حيث كمية المياه أو نوعيتها.
وأوضح أن حوضي دجلة والفرات يشكلان جزءا لا يتجزأ من البيئة والنظام الإيكولوجي في تركيا وسوريا والعراق وكان أساس لحضارة وادي الرافدين، وقال ان المعلومات المتوفرة تبين بان الأنشطة المتعلقة بالمياه والزراعة لها نتائج تمتد اثارها على نطاق حوضي النهرين حيث أن مشاريع البنية التحتية الكبرى وتغيير استخدامات الأراضي والفيضانات والجفاف والتآكل والتلوث واستصلاح الأراضي وتصريف المياه واستخراج المياه وغيرها، قضايا متداخلة وهي جميعاً ذات أثر مباشر على سلامة و سلوك النهر.
وأشار إلى أن منهج حوض النهر في إدارة المياه يعتبر أحد السبل التي يمكن من خلالها تحقيق المنافع الاقتصادية وإتاحة الفرص الإنمائية للجميع مع الحفاظ في الوقت نفسه على سلامة البيئة والخصائص الاجتماعية الثقافية لسكان الحوض ومن شأن ذلك أن يجمع بين الشعوب ويوحدها حول ما يصب في مصالحها المشتركة ويلزم كل دولة بتبني برامج متكاملة لإدارة المياه على المستوى الوطني ويجعل من ملف المياه جسرا للسلام والتعاون بين الدول المتشاطئة.
وأشار شاويس الى ان الحكومة العراقية قد طلبت من الأمم المتحدة توفير الدعم في بناء قدرة تفاوضية وطنية في مجال المياه الدولية المشتركة عن طريق ممثل العراق الدائم في الأمم المتحدة وقد تمت الاستجابة لهذا الطلب عندما قام برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بتنظيم ورشة عمل في أربيل للفترة مطلع نيسان (ابريل) الماضي. وقال إن تلك الورشة قد تمخضت عن توصيات بضرورة الاستمرار بالاستعانة ببرنامج الأمم المتحدة الإنمائي لغرض توفير الدعم الدولي للموقف التفاوضي وبناء مهارات التفاوض مع تأسيس إطار للمؤسسات الفاعلة واللازمة لعملية التفاوض.. والإسراع بتشكيل المجلس الوطني للمياه لما له من أهمية بالغة في دفع عملية التفاوض واتخاذ القرارات المهمة في قضية المياه.. وتسمية الفريق التفاوضي وإعداده والعمل على تدريبه وتطوير مهاراته وقابليته من خلال الإطلاع على تجارب الدول المتقدمة في هذا المجال.. إضافة الى إعداد آلية فنية وقانونية لجمع المعلومات حول المياه المشتركة في دول المتشاطئة لضمان وصول المعلومات الصحيحة إلى متخذي القرار.
وشدد على أن الحكومة العراقية تولي بالغ الاهتمام الى موضوع المياه وهي تضع جميع الإمكانيات لرعاية هذا النشاط من خلال لجنة الشراكة مع المجتمع الدولي وبالتعاون مع جميع ذوي العلاقة من الجانبين العراقي والدولي.
ومن جهته، قال عز الدين الدولة وزير الزراعة العراقي إن دراسات لحكومة بلاده تتوقع أن لا يجد سكان المحافظات مياها صالحة للشرب أو الزراعة في دجلة والفرات بعد 15 إلى 20 عاما، واشار الى إن العراق يحاول إدخال وسائل حديثة في الزراعة والري لترشيد استهلاك المياه والتغلب على النقص.
ويؤكد مسؤولون عراقيون أن نقص المياه يشكل تحديا كبيرا للعراق بسبب زيادة السكان ونضوب الموارد وشح الأمطار وازدياد التصحر. وواجه إنتاج القمح والأرز صعوبات في العامين السابقين بسبب ارتفاع درجات الحرارة، إضافة إلى قلة المياه في نهري دجلة والفرات. وبدأ العراق معاناته مع الجفاف قبل عقدين تقريبا وكان أسوأ الأعوام في 2008، ويحذر مسؤولون أن البلاد قد تواجه ثلاث سنوات أخرى من الجفاف بسبب ارتفاع درجات الحرارة في العالم.
يذكر أن مشكلة المياه بين الدول الثلاث قد بدأت حين باشرت تركيا ثم سوريا وضع الخطط لاستغلال مياه نهر الفرات، ففي عام 1966 قامت تركيا ببناء سد كيبان الذي بلغ حينه سعة الخزن فيه الى 30,5 مليار متر مكعب، وإنشاء محطة كهربائية قوتها خمسة مليارات كيلو واط.. اما سوريا فقد قامت ببناء سد كبير على نهر الفرات يسمح بتخزين المياه بحجم إجمالي قدره 11,9مليار متر مكعب ومحطة كهربائية بقوة 800 ألف كيلو واط.
وبذلك بدأت كل من تركيا وسوريا بتنفيذ مشاريعها باستغلال مياه الفرات دون مراعاة لحقوق العراق المكتسبة في مياه النهر والتي قدرها الخبراء حينها ب 18 مليار متر مكعب من المياه، مما دفع العراق إلى السعي لإجراء مفاوضات وعقد اتفاقيات لتحديد الانتفاع بمياه النهر بين الدول الثلاث، الا ان جميع اللقاءات والمحاولات قد باءت بالفشل.

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *