ننتخب .. ثم ننتحب !!

 

قد يكون عنوان المقال غريبا ً بعض الشيء , وقد يراه البعض مبالغا ً فيه , ولكن بكل أسف هذه حقيقة نراها ونلمسها كل يوم وبالكثير من الأشكال في عراق ما بعد الأحتلال !

فعندما يكون التغيير هو الهدف .. والتخطيط نحو الأفضل هو المقصود .. والسير نحو الأحسن في كل المجالات هو غاية الجميع .. حينها فقط نستطيع القول بأننا أنتخبنا .. وسننتخب .. لأن أساس العملية سيكون مفهوما ً .. والقصد منها واضح ومعروف للأكثرية , ولأننا سنكون قد ألممنا بما يعني مرشح وناخب وقائمة أنتخابية وأصوات ألخ .. حينها ستكون العملية ناجحة وأن كانت بنسبة بسيطة لكنها ستكون تجربة مثمرة وخطوة أولى على الطريق الصحيح .

ففي كل دول العالم المتطورة ( ديمقراطية ) بالمعنى الصحيح وليس بالأسم فقط ! ونتيجة لتكرار التجربة وأزدياد الوعي بين الأفراد ومعرفتهم ما معنى أنتخابات , تكون العملية مدروسة بالشكل الصحيح ومهيء لها ومحسوب لها بدقة دون أي حواجز أو معوقات , وبكل بساطة وتواضع بين المرشحين والناخبين .. حيث تكون هناك لقاءات مباشرة بين الأثنين خلال الحملات الأنتخابية وتعريف وشرح للبرنامج الأنتخابي لكل مرشح وبمنتهى المصداقية والحس والضمير .. والفوز والخسارة في كل الأحوال مرجح للكل .. وصناديق الأقتراع هي التي تحدد في النهاية فوز المرشحين بعد فرز الأصوات وعدّها .. والعملية بسيطة وحتى غير مكلفة ! وبنتائج ملموسة ومحصلة تخدم الكل في النهاية , وهذا ما نسميه أنتخابات .

أما عندنا فحدّث ولا حرج ! لأن العملية عرجاء من الأساس لا بل كسيحة بكل المقاييس .. وبرأي الشخصي هناك عدة أسباب منها :

1- بين الناخب والمرشح فواصل وجدران لا يمكن تخطيها ! والمرشح أساسا ً غير معروف للناخبين ألا من خلال الصور المعلقة على الجدران والدعايات الأنتخابية .

2- لا يوجد برنامج واضح للتعريف بالمرشحين وخططهم وبرامجهم الأنتخابية .. عبر اللقاءات المباشرة والندوات .

3- الأكثرية من الناخبين ينتخبون دون وعي , وأقصد هنا الوعي الأنتخابي لترشيح الأكفأ والأصلح .. بعيدا ً عن الميل العشائري والطائفي والحزبي .

4- كثرة وعود المرشحين .. ضمن حملات الدعاية الأنتخابية .. وفي نهاية المطاف لا شيء منها على أرض الواقع !! والأدلة كثيرة جدا ً , حيث لم يحصد المواطن ألّا الخيبة والخذلان .

5- الجهات السياسية المتنفذة والأحزاب الكبيرة هي التي تحتل الصدارة في العملية الأنتخابية نظرا ً لما تمتلك من تمويل ضخم ودعاية وأعلام قويان , الى جانب شراء الذمم ! بالكثير من الأشكال وهذا غالبا ً ما يقع فيه السذج والبسطاء من المواطنين .

6- نسبة الناخبين غالبا ً ما تكون قليلة للمشمولين بالتصويت .. أي المشاركين في عملية الأنتخابات , لأنعدام الثقة بالعملية نفسها .. أو لأسباب أمنية .. وهذا يلعب دورا ً مهما ً في النتائج .

7- قد تكون هناك ضغوطات أو تهديدات على الناخبين من قبل الجهات المتنفذة للتصويت لصالحها .. ما يؤدي الى ردة فعل عكسية لدى الناخب .

8- مقاطعة الأنتخابات من قبل الكثير من الناخبين ولأسباب عديدة .. وهذا خاطيء جدا ً لأن كل صوت له تأثيره في عملية فرز الأصوات ككل .

9- الناخب أو المواطن مقتنع تماما ً أن العملية كلها مفبركة .. وأن القوي والمتنفذ هو الفائز في كل الأحوال فلا داعي من الأساس للأنتخاب .

10- التجربة ككل جديدة .. مع ذلك لابد من أخذ العبرة والدرس كي نتجنب الأخطاء قدر الأمكان .. ولا نكررها بل نستفيد منها للتجارب القادمة .

11- الترشيح للأنتخابات .. للأكثرية أصبح عملية جري وراء المصالح والمكاسب الشخصية

والأمتيازات لا بل والفوز فيها بكل الطرق ! أي أن الهدف أصبح شخصيا ً وليس خدمة

الوطن والمواطن ! والأدلة كثيرة وواضحة وملموسة .

وقد تكون هناك أسباب أخرى .. ما يجعل من عملية الأنتخابات , معقدة ومكلفة .. مهملة ومهمشة ! وفي النهاية دون أي نتائج ! وأن كانت هناك نتائج فهي بالتأكيد لصالح فئة قليلة جدا ُ . لذا لابد من التوعية ولابد من الحس الوطني ولابد من الضمائر الحية التي هدفها الخدمة الفعلية .. ولابد من تجنب الأخطاء ولابد من خطوات عملية لذلك مطلوبة من الكل ناخب ومرشح ومواطن .. كي لا تتكرر المأسي التي يعيشها الكل , لنقول فعلا ُ أننا أنتخبنا وسننتخب ولن ننتحب !

غسان حبيب الصفار

16 / 4 / 2013 / كندا

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *