مهما قيل ومهما يقال .. إنهم مميزون

 

عندما يتتبع الإنسان سيرة حياة الكلدانيين يجد أنهم وطنيين قاتلوا وضحوا من اجل الوطن “العراق” ، يستوطنوا مكانا ويهيئوا أنفسهم للتكيف معه ولمغادرته إن لزم الأمر ، كادحون يقبلون على العمل بكل همة ونشاط ، يعملون بشكل متواصل بلا كلل أو ملل ، يستطيعون التكيف مع التغيرات والظروف التي تحيط بهم ، الطبيعية والبشرية إلى حد الاندماج ، بل أنهم يرحلون بصمت لكن تبقى ذكراهم. انتشروا في ربوع بلاد الرافدين في مدينة ومدينة وقرية و قرية ، فحينما يكون أبويه يعيشان ويعملان في سهل نينوى لا يمنعه ذلك من مغادرته والعيش في أقصى مناطق جنوب العراق ، لهذا فقد عاش أبناء الكلدان في كل المدن والقرى العراقية في البصرة والعمارة والديوانية والرمادي ، في بغداد وتكريت وكركوك وموصل ، في اربيل ودهوك والسليمانية ، في زاخوا وفي شقلاوة ، في السهول وفي الجبال ، وأينما استقروا وعاشوا ، تكيفوا مع لهجة مدينتهم وتكيفوا للإقامة أو المغادرة ، فلا توجد مدينة من مدن العراق إلا وبها أسرة كلدانية مستعدة أن تعيش بها إلى يوم الدينونة.

أينما حل الكلداني تكيف واندمج في المجتمع منذ الوهلة الأولى ، وكأن الروح كانت هناك قبل الجسم منذ زمن بعيد ، يحس كل الناس أحبابه وأصدقائه ، يتكيف مع مجتمعه الجديد ويرغب في معرفة ماضيه وتقاليد حاضره. يصنع واقعه ومستقبله بيديه ، وينتزع لنفسه مكانا في ذاكرة وقلوب السكان. ليس على مستوى العراق فحسب بل على مستوى الشرق الأوسط بل وفي كل قارات العالم على وجه هذه البسيطة. لم يتمسك الكلدان بحصر أنفسهم بمسقط رأس جدهم حيث مهبط الوحي في مدينة أور الكلدانية ، ولا في مدفن جدهم الأول في بابل أو أجدادهم من الجيل الأول والجيل الثاني والثالث وعلى مر العصور في سهل شنعار أو سهل نينوى ، بل انتشروا في كل أرجاء المعمورة ، هجرة تختلف عن هجرة غيرهم ، فالمهاجر الكلداني هو صاحب القبول الذي يسهل له الأمر في مهجره ، ابتداء من هجرة جده أبو ألأنبياء  “إبراهيم الخليل ” الأولى إلى مصر والى ارض كنعان وحتى اليوم.

 

الكلدان مميزون بحق وحقيقة ، نجدهم قادة تنوير ورواد تغيير. أنهم صانعوا ثورات العراق الثقافية والتحررية ، ارجعوا إلى تاريخ العراق القديم ستجدون الثوار كانوا كلدانيين من مردوك بلادان شيخ قبيلة بيت ياقين الكلدانية إلى نابوبلاصر وابنه نبوخذنصر. وأن الأدباء والشعراء والعلماء والأطباء منهم وفي علوم الفلك والحساب والهندسة هم. راجعوا مواقفهم في العصر الحديث ستجدونهم مناضلين من نوع لا تعرفونه ، مناضلين يسيرون وفق ما يؤمنون بصحته ، من اجل الحق بضرورة الحفاظ على كينونتهم وتاريخهم القديم والحديث. وعندما يعجز الآخرون عن محاورتهم ومناقشتهم أو مقارعتهم الحجة بالحجة ، يلجئون إلى الذم والتهم الجاهزة. فكلما وجدوا من يدافع عن نفسه ولا يقبل أن تمس هويته قالوا : انقسامي ، وكلما شاهدوا قبول المجتمع بهم قالوا : مشعوذين وسحرة ، وكلما شاهدوا نجاحهم قالوا : دجالين منافقين ، فما من وسيلة الازدراء والذم إلا وقد شتموا بها ، ولا من وسيلة التهميش وإلغاء الآخر إلا وقد استخدموها ضدهم في مواقفهم هذا الذي لا يزال قائما.

أصبح القلم الكلداني سلاحه الحاسم الذي ينتصر به للحق والكلمة الحرة في مقالاته وشعره ، وموقف النخبة المثقفة” الاتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان” اليوم على صعيد الإعلام المقروء محل إعجاب الآخرين!! خلقوا لهم أنصار ومؤيدين من العدم. وفاجئوا الآخرين بصمودهم أمام الإغراءات المادية والمعنوية وأمام الضغوطات التي يتعرضون لها … بأقلامهم فقط كان صوتهم مرتفعا على المنابر يشهدون بالحق ولا يخافون لومه لائم ، يسطرون عل صفحات المنتديات ثقافة المحبة والتعايش والتسامح والاعتراف بالآخر ، يناضلون في سبيل نصرة حقوق الإنسان ، ينشدون الوحدة الحقيقية ، يدافعون عن الحق ضد الباطل. هم عازمون بكل إصرار على المضي قدما ، قادرون على تحقيق تطلعات وطموحات شعب الكلدان المعطاء ، وتجاوز التحديات والصعاب التي تعيق مسيرة تحقيق أهدافهم المشروعة العادلة ، لا اقل أو أكثر.

 

wadizora@yahoo.com

 

2010 06 08  

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *