من نواقيس كنائسنا نداء… ومن المؤمنين صرخة رجاء … لتكن بداية عام 2015 بشرى مصالحة مخلصة بين غبطة البطريرك مار لويس ساكو الموقر وسيادة المطران سرهد جمو الجزيل الإحترام

 

 

ليكن عام صفاء قلوب ومصافحة وعناق الشقيق الكبير مع شقيقه بروح التسامح والتواضع والإيمان لإزالة ما علق بكنيستنا من أدران الحياة المعاصرة وما أصاب شعبنا من إفرازات سياسة المصالح الإقليمية ، فنستلهم من ذكرى ولادة السيد المسيح الذي تجسد لخلاص البشرية جمعاء وأعطى درساً بليغاً في التضحية والمغفرة ونكران الذات سراجاً ينير دربنا ويطهٍر نفوسنا وينقٍي قلوبنا، سيما وأن المسألة تتعلق بمصير بقايا شعب متحضرعريق أوشك على الرحيل عن أخر بقعة من أرض أبائه أجداده  .

” أحبوا أعداءكم ، باركوا لاعنيكم ، أحسنوا إلى مبغضيكم وصلُوا من أجل مضطهديكم والذين يسيؤون إليكم” … كانت هذه الحِكم الربانية ترسم العلاقة ما بين المسيحيين وأعدائهم ، فكيف الحال إذا كانت بين رؤوسائنا الموقرين وداخل كنيسة مباركة شيدها مار بطرس الرسول على صخرة صلبة لا يمكن أن تزحزحها العواصف ولا تؤثر فيها تقلبات الأزمان… !

كلما تمعنت في جوهر الخلاف لم أجد أمامي باباً مغلقة بوجه مساعٍ أخوية نزيهة لحل الأزمة الراهنة التي تمر كغمامة صيف سوداء عابرة أثرت في نفسية وروابط أبناء شعبنا المسيحي في الوطن والمهجر بشكل عام وأبناء جاليتنا في سان دييكو بشكل خاص، لما لهذا الخلاف من تأثيرعلى إلتزاماتهم الدينية وحضور قداديسهم وإقامة مناسباتهم وحتى علاقاتهم مع بعضهم ومع كهنتهم، والذي أمسى ألماً موجعاً في قلوبهم خلال أحاديثهم وفي كافة لقاءاتهم .

لقد كان لبعض الأقلام التي تناولت الخلاف على صفحات  مواقع الإنترنيت ومعظمها من منطلق الحرص والإخلاص، دوراً سلبياً في تاجيج الأزمة وتفاقمها والتي بدت وكأنها وصلت إلى طريق مسدود… ولكنها لم تك كذلك في واقع الحال لأن مشيئة الرب لا تسمح لكنيسته أن تحيد عن مسارها أو تتسلل بين أروقتها أفات العصر وأمراض المجتمع ، سيما وقد مرت بها عبر التاريخ نكبات موجعة ومحن قاسية، بيد أنها تعافت ونهضت أشد تماسكاً وأرسخ إيماناً …

ومن هذا المنطلق كُلفت بكتابة هذه الرسالة وطرح مبادرة تصالح مخلصة بين غبطة رئيس كنيستنا وبين راعي أبرشية مار بطرس الموقرين، اللذان كرّسا نفسيهما ليبشرا برسالة الرب ويخدما المؤمنين كل من موقعه، لتكتمل فرحة الميلاد في هذه الأيام المباركة ولتنصب وتتوحد بعدها كافة الجهود لمساعدة أبناء شعبنا المشردين من بلداتهم وبيوتهم من أجل تخفيف معاناتهم وإيجاد حلول لمأساتهم التي تُنذر بإنقراضنا من وطننا وطي صفحة تاريخنا وإلغاء هويتنا وإنهاء وجودنا، ما لم نتكاتف مع بعضنا وبكل مسمياتنا وبكافة طوائفنا لأن النار المشتعلة حولنا ستحرقنا جميعاً دون تمييز وتفريق بين من يؤمن بأنه كلداني أو سرياني أو أشوري لأننا جميعاً مستهدفون طالما علامة الصليب مطرزة على جباهنا ونسير على هدى الإنجيل المقدس ومبادئه الإنسانية العظيمة .

لذا أقترحت تأليف وفد مصغر لمساعي الخير من بعض الشخصيات الأكاديمية المثقفة الحريصة على وحدة وكيان كنيستنا من أجل إزاحة هذا المشهد المحزن الذي أخذ يتندر به الأصدقاء قبل الأعداء، للعمل على تقريب وجهات النظر وعقد لقاء أخوي بين غبطة البطريرك الموقر مار لويس ساكو الاول وسيادة المطران سرهد جمو المحترم ، وأن يتألف أعضاء الوفد من الدكتور عبد الله رابي لما يمتلك من خبرة متراكمة ومكانة مرموقة وموقع اكاديمي وكلمة مؤثرة مسموعة، والدكتور نوري بركة الشخصية الإجتماعية المثقفة المخلصة، ولما له من مكانة بارزة ونشاط مشهود وعلاقات وطيدة، والدكتور غازي رحو الأستاذ في جامعة عمان وأمين عام إتحاد الإحصائيين العرب التابع للجامعة العربية، إضافة إلى موقعه الاكاديمي الرفيع وتاريخ عائلته المشرف، والأستاذ الكاتب المتميز جاك يوسف الهوزي والشخصية الإجتماعية المثقفة المهندس نامق ناظم جرجيس ال خريفا، مع الترحيب بمشاركة كافة الجهود المؤمنة بوحدة الكنيسة وتسعى إلى عودة العلاقات الطبيعية بين الشقيقين، إضافة إلى إنتظار موافقة عدد من رجال الكنيسة الكرام .

كما أنحني وألتمس كافة إخوتي الكتاب الأفاضل وكل مثقف حريص على سمعة كنيستنا أن يُلزموا أقلامهم الصمت ويوقفوا الحملات الأنترنيتية والإنتقادات والتراشق على أي منبر حر وخاصة في موقع عنكاوا كوم ، وبذات الوقت أناشد مسؤولي كافة المواقع بعدم نشر أية مقالة تعكر صفو هذه الجهود الخيرة لفسح المجال أمام أصحاب الشأن في رئاسة  البطريركية والأبرشية ليقولوا كلمتهم ويسدلوا الستار على مشهد درامي محزن من حياتنا بعد فتح صفحة جديدة في علاقات رؤوسائنا في مناقشة قضاياهم داخل أروقة الكنسية بعيداً عن تدخل حتى المقربين ودون ضجيج الأخرين، وعلى الجانب الأخر يؤدي المؤمنون واجباتهم الدينية وينصرف المثقفون إلى إهتماماتهم الأدبية ويمارس القوميون نشاطاتهم اليومية ويواصل السياسيون مناظراتهم الساخنة…

وإني على ثقة تامة بأن الشعور بالمسؤولية التاريخية والدينية والإجتماعية لغبطة البطريرك الجليل مار لويس ساكو وهو رئيس كنيستنا وبمثابة أبانا جميعاً، وبنظرته الثاقبة لما يدور حولنا من أحداث خطيرة مبهمة، ستتفاعل مع حكمة وإيمان وحرص سيادة المطران مار سرهد جمو الجزيل الإحترام، فيزفا  لنا بشرى عظيمة تغمر قلوبنا وتسعد نفوسنا في هذه السنة المباركة بنشر المبادرة في موقعي البطريريكية وكلدايا نت في آن واحد حال إستلامها وقبل نشرها في بقية المواقع، وهي بداية طيبة لقبولهما هذه المساعي الخيرة، ثم الإلتقاء في موعد لاحق كشقيقين لتجاوز خلافتهما وتبديد همومهما ورسم خارطة طريق مع بقية الأساقفة الأجلاء لتوحيد الموقف من كافة القضايا المصيرية ومنها إيجاد حلول عاجلة لأبناء شعبنا المنسيين داخل خيامهم في هذا الظرف التاريخي الدقيق الذي نترقب مخاضه بخشية وقلق بالغ على مستقبلهم وهم يعيشون فاجعتهم المبكية بعيداً عن أطلال بلداتهم المهجورة وعلى ما تبقى من الحافات الأخيرة لوطنهم .

وسنكون في غاية السعادة لو أكمل سيدنا غبطة البطريرك الموقر فرحتنا وهو بمثابة أبانا جميعاً وشرَفنا بزيارة رسمية إلى سان دييكو بدعوة من سيادة الأسقف راعي الأبرشية الكلي الإحترام ، لنستقبله بحفاوة بالغة تليق بمقامه الكبير بعد إذابة جليد الأزمة الذي تراكم على جسر العلاقة بينهما بقوة الإيمان ونورالصليب، فيكون عام 2015 النجم المضئ الذي بزغ ليرشد الملوك والرعاة إلى المغارة المتواضعة ليسوع الطفل، ولينيراليوم دروب ويطمئن نفوس المؤمنين ويعيد المسرة إلى قلوب كافة أبناء شعبنا الطيبين  .  

والرب يسوع المسيح وكنيسته المقدسة من وراء القصد .

                                                       9 /1/ 2015

ملاحظة: أتفهم موقف موقعي البطريركية وأبرشية سان دييكو لعدم نشرهما هذه المبادرة

صباح دمّان

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *