مقابلة مع الاب الدكتور بطرس يوسف راعي كنيسة سيدة كلدو الكلدانية في باريس

اجرى المقابلة يوحنا بيداويد

و سلام مرقس

29 تموز 2013 باريس/ فرنسا

الاب الدكتور بطرس يوسف هو راعي كنيسة كلدو الكلدانية في باريس، يحمل شهادتين دكتوراه الاولى  عن ” القربان المقدس في الطقس الكلداني” و الثانية  عن “تاريخ الاباء/ مار افرام ” . استاذ بدرجة بروفيسور في معهد الدراسات الشرقية في روما / الجامعة الاوربانية واستاذ سابق في المعهد الكاثوليكي في فرنسا.

 الاب بطرس يوسف اشرف على عديد من الاطروحات الطلبة لنيل شهادة الدكتوراه والماجستير في الجامعة الاوربانية- نشر الايمان  المعروف عنه رجل ايمان، يعمل في سكوت وخفاء. وافق على  إجراء هذه المقابلة مشكوراً على الرغم من التزاماته الكثيرة وصعوبة اوضاعه الصحية .

ابونا بطرس هل لنا نعرف شيئاً عن سيرتك الذاتية؟ مثلاً محل الولادة والتحصيل الدراسي الاولي والدراسات العليا؟ اعني الشهادات التي تحملها واماكن خدمتك ككاهن؟

الجواب:

حسب شهادة العماذ التي احملها، ولدتُ في 4 تموز سنة 1936م، في قرية كرمليس، دخلتُ مدرسة الراهبات الابتدائية للتنشئة وتعليم الصلوات ،حينما اصبح عمري سبع سنوات اُدخِلتُ مرحلة الابتدائية، سبع سنوات على اساس سيكون عمر كافي للاستفادة اوالاستعاب اكثر، كنتُ دائما  متوفق بين زملائي في المدرسة .

في ايلول 1949 دخلت السيمنير، بعدما نجحت بتفوق في بكلوريا الابتدائية، قدمني الى السينمير المرحوم الخوري يوسف بابكا راعي كنيستنا في كرمليس، حينها كان المثلث الرحمة مطران كوركيس كرمو رئيس المعهد الكهنوتي في الموصل.

في السنوات الاربعة الاولى والتي تقابل الثانوية العامة، تطورت عندي العلوم واللغات لا سيما العربية والكلدانية. في بداية السنة الرابعة اخبرنا رئيس السيمنير المثلث الرحمة المطران كرمو بأن الثلاثة الاوائل من طلبة السينمير سوف يتم ارسالهم الى روما لتكملة الدراسات العليا بكالوريوس وماجستير ودكتوراه

وضعت كل جهدي في الدراسة في هذه السنة ، كنت الثاني من حيث الترتيب  بعد امتحانات نصف السنة وقريب جداً من الاول على المرحلة، لكن اعطاء بعض المدرسين درجات لطلاب اخرين في دروس غير اساسية  مثل الرياضة، تراجع ترتيبي و اصبحت الرابع على المرحلة في نهاية السنة ، فلم يكن لي امل في الدراسات العليا في حينها، لكنني لم افقد الامل ابدا، فقلت في نفسي سأعتمد على ذاتي كما فعل المثلث الرحمة المطران موسيس.

هل لك تذكر لنا بعض اهم محطات حياتك في الدير؟.

الجواب:

كنت مولعاً بالتراتيل ولما سافر الاب بولص بشي  الذي يعيش الان في مرسيليا- فرنسا ، الذي كان مشرف على الجوقة في السينمير، كلفني سيدنا كرمو للاشراف على الالحان والتراتيل والمقامات اي الاهتمام بالجوقة لكن طلب مني ان لا احمل رئيس لقب الجوقة لصغر عمري مقارنة لاقراني واحتراما لهم. كنت اكتب الشعر ولا زالت اذكر بعض الابيات من قصائدي.

اتذكر ايضا على اثر حادثة معينة  حصلت مع المطران اسطيفان كجو (الاول) (يطول الحديث عن الحادثة) اختارني المثلث الرحمة اسطيفان كجو راعي ابرشية مدينة الموصل من بعدها ان اقوم بخدمة قداسه كل يوم احد طول ايام السنة، لان احبني من بعد ذلك الموقف كثيرا

قلت كنت غير مرشح للدراسة في روما، كيف انتهى المطاف بك ان تحمل شهادتين دكتوراه اليوم؟

 نعم لم اكن من المختارين لارسالهم الى روما في حينها كما اشرت قبل قلي، لانني لم اعد من الاوائل بعدما حدث ما حدث!، لكن ارادة الله احيانا  تأتي بما لا يتوقعه الانسان لخيره،  فأصبحتُ احد المرشحين انذاك باشهر، بعد ان تغير مجرى حياة احد المرشحين الثلاثة فأصبحت المرشح الثالث للذهاب، لهذا انا ارى ارادة الله تظهر في حياتنا احيانا رغماً عن رغبة الانسان نفسه. سنة 1954م دخلت المعهد الشرقي لنشر الايمان (معهد الاربانية) في  روما، كان المرشحون معي في حينها الاب يعقوب يسو الموجود الان في امريكا الان، والمثلث الرحمة يوسف توماس.

كم سنة بقيت في روما ؟ ماذا درستم خلال هذه السنوات؟ هل درستم مثلا الفلسفة؟ ماذا كانت المواضيع التي كنتم تدرسونها قبل خمسين سنة او اكثر في الجامعة الاوربانية؟

الجواب:

انا بقيت ثمان سنوات في روما ، لان السنة الاولى كانت تمهيدية وتعلم اللغات، ثم ثلاث سنوات في الليسانس في الفلسفة حيث تخرجت الاول على المرحلة بتفوق بمعدل 49/50 وهذا نادرا ما يحصل، كان بحثي او رسالتي في الليسانس عن كيفية تطابق الحقيقة مع الواقعية او ” واقعية الحقيقة”، نعم درسنا مواضيع اخرى كثيرة .

ثم دخلت مرحلة الدراسات العليا فقضيت اربع سنوات في دراسة اللاهوت، وكان الموضوع الذي تناولته في اطروحتي هو عن “القربان المقدس في الطقس الكلداني”. لا انسى ان اقدم شكري للابوين بولص بشي والاب بطرس ججو اللذين ساعدونا كثيرا في حينها في نهاية سنة 1962 تخرجنا.

متى رسمت كاهناً و اين كان اول تعين لك؟

الجواب:

رسامتي كانت في نهاية21 كانون الاول سنة 1962 في روما نحن الثلاثة الذين ذهبنا الى روما. اول تعين  لي كان في ابرشية الموصل في عهد المثلث الرحمة المطران عمانوئيل ددي في كنيسة المسكنتة  في سنة 21/ كانون الثاني 1963 ، كذلك كنت ادرس التعليم المسيحي في مدرسة الراهبات الكلدان في الموصل. لان السينمير كان انتقل الى بغداد، فلم يكن مجال لي ان ادرس فيه وانا في الموصل.

لكن بعد سنيتن اي في  سنة 1965 كلفوني الاباء الدمنيكان تدريس اللاهوت الليتروجي واللاهوت العقائدي  في معهد مار يوحنا الحبيب للاباء الدمنيكان.

سنة 1973 دعاني المطران عمانوئيل ددي الى تأسيس خورنة جديدة في وادي العين كنيسة مار افرام.

ماذا حدث بعد سنة 1973؟

الجواب:

كان المثلث الرحمة المطران ددي كان متسامحاَ معي لانني كنت مشغول في التدريس ايضاَ، فكانت دائما تأتيه الشكاوي من المطارنة و الاكليروس الاخرين لماذا “لا تعينه في الخورنة معينة؟!”.  في ايار سنة 1973م فاتحني  المثلث الرحمة عمانوئيل ددي لتاسيس خورنة جديدة في وادي العين بإسم كنيسة مار افرام ، فعلا حينما كان سيدنا ددي في سفرة الى روما وجدنا ارض اشترينا قطعة ارض هناك، الحقيقة الناس الذين كانوا حاضرين المزاد  من المسحيين و المسلمين و من اغوات المنطقة كلهم تراجعوا عن المزائدة لصالح الكنيسة وهم فرحين لاقامة هذا المشروع في المنطقة!! .خلال ثلاث ايام تم تسجيل قطعة الارض المخصصة لبناء الكنيسة بإسمي،  لما رجع سيدنا ددي من روما كان قد جلب بعض النقود استطعنا بدء المشروع فوراً.

متى اكتمل المشروع؟

الجواب:

الحقيقة انا تركت الموصل بعدما جاءتني بعثة من السفارة الفرنسية سنة 1974م. ذهبت الى السفارة الفرنسية كان هناك رجل اسمه شمار (اذا ما كنت نيست اسمه)  والسيد يعقوب اوغانا الذي كان تلميذ سابق في معهد ما يوحنا الحبيب،هو من عنكاوا كان يعمل كمترجم في السفارة، ابلغوني بوجود بعثة لي الى فرنسا ، سألته عن الخيارات المتاحة . اجابوني : ” تستطيع تاخذها وتستطيع ترفضها).

 قبلتها بعدما اخذت موافقة المطران عمانوئيل ددي، قلت له انا لم ارى فرنسا ، على اساس ان البعثة هي لفترة قصيرة وارجع وان الكنيسة ( التي كنا نقوم ببنائها)  كانت على وشك انتهاء وحينها كان الاب يوسف حبي معي واخذ محلي فوافق المطران ددي.

لما وصلت باريس دخلت الى كورس تعلم اللغة الفرنسية،لانه كان ضروريا لاكمال دراسة البعثة، لان دراستي كانت في نطاق جامعة جامعة السوبرون ، لما وجدت المشرفة الخاصة على الكورس من ناحية اللغة، بان  لدي معلومات كثيرة عن اللغة الفرنسية فعملت لي استثناء  كثيرا، فأصبح لي وقت فراغ  كثير، لكن المشكلة التي وقعت فيها كانت المكان، لما جئت الى البعثة ، على اساس المؤسسة المسؤولة عن البعثة ستوفر المكان لي ، لكن ذلك لم يحدث فإضطرت ان ابقى عند الاباء الدومنيكان في باريس. لكن فيما بعد وجدنا انا وكاهن اخر كنيسة كنا نساعدهم في الخدمة يومم الاحاد و كذلك توفر لنا المكان وفي نفس الوقت تعطينا الفرصة لاكمال الدراسات العليا.

الان عرفنا من خلال سردك لسيرتك انت حاصل على دكتوراه في القربان المقدس في الطقس الكلداني سنة 1962 ودكتوراه اخرى بعد اكثر من اربع وثلاثين سنة في تاريخ الاباء- الملفان مار افرام. هل لديك مؤهلات اخرى او شهادات خرى؟

الجواب:

عندي شهادة  اخرى في الكتاب المقدس تعادل الليسانس، لان الحصول على هذه الشهادة كان يتوجب ان يكون لي شهادة في العبراني التي درستها لمدة ثلاث سنوات فحصلت على دبلوم في العبراني، وحصلت  ايضا َعلى دبلوم في اليوناني ودرست سنة اللغة الارامية لكن هذه الاخيرة كانت سهلة لي . يعني جعلتني ان احصل على دبلومين في العبراني واليوناني ومن ثم حصلت على شهادة في الكتاب المقدس التي اهلتني للتدريس في المعهد الكاثوليكي في باريس.

انت احد رعاة كنيسة الكلدان في باريس منذ زمن لا باس فيها. هل تستطيع ان تعطينا نبذة عن تاريخ هذه الرعية او الرعايا؟

الجواب:

ان تاريخ تاسيس هذه الرعية  يرجع الى سنة 1934م وكان الخوري دومنيك دهان راعي الاول لرسالة الكلدان في فرنسا لها لحد 1974. ومن بعده جاء سنة1974 م الاب فرنسيس يوسف اليشوران الذي توفي سنة 1987م  الله يرحمه  . حينها دعاني البطريرك المتقاعد مارعمانوئيل دلي الذي كان معاوناً لبطريرك مار شيخو للقيام بمهمة راعي الخورنة ، قبلت على الرغم من عدم وجود لي طلب في ذلك بسبب انشغالي في التدريس في جامعتين كبيرتين روما وباريس   فمنذ سنة 1987م ولحد الان اعمل في خدمة هذه الرعية (كنيسة سيدة كلدو)،  لا انسى ايضا تم تعين الاب صبري انار في سنة 1981م للخدمة هنا في باريس وقدم فيما بعد  بعض الاباء الكهنة المتزوجين من تركيا بعد هجرة اهالينا الكلدان من مناطقها الحدودية مع العراق مثل هربول واشي وباز وكزنخ و هوز و مير وغيرها الى باريس.

ماذا عن المشاريع التي قمتم بها  للكلدان في فرنسا؟

الجواب:

ارادت جماعة  الكنيسة ، وانا معهم  شراء كنيسة وتاسيس مركز للكلدان في باريس،  كان هناك احد الشباب يعمل في مجال بيع العقارات اسمه على ما اتذكر لوسيان من كرمليس. يعمل في مجال العقارات.  الحقيقة هذا الشاب ساعدنا في ايجاد المكان الجديد الذي هو هذا الموقع بسعر مناسب، عندما عرضت الامر على مطرانية باريس، قبلت بالفكرة ، فبعد مشاورات أتخِذ القرار في اختيار هذا الموقع الحالي لاسباب كثيرة ، من اهمها  قربه من محطات القطار في باريس ، خاصة خط الشمال حيث تعيش اغلبية جماعتنا الكلدان وكذلك للذين يعيشون في المركز .

في النهاية كما قلت ، وافقت المطرانية على خطة بيع البناية القديمة  التي كانت تمتلكها الكنيسة في مركز المدينة وشراء هذه الارض . بدأنا نبني لكن انا بقيت مع الراهبات اثناء فترة شراء واكمال مشروع بناء الارض. بعد ان اكمل المشروع تم افتتاحه من قبل المثلث الرحمات البطريرك روفائيل بيداويد سنة 1991.

هل كلدان باريس هم سخيون بدعم الكنيسة؟

الجواب:

نعم بالعموم، في حينها كان معظمهم يشتغل  الذي كان يحتاج الى جهد كبير في معامل الخياطة . لكنهم كانوا يقومون بالواجب المطلوب ولحد الان، لكن جاءتنا مساعدات من محسنيين اخرين وعن طريق علاقاتي الشخصية مع اناس متمكنين، كذلك استخدمت الاموال التي جاءت من البيت القديم (البناية القديمة) الذي تم بيعه في دعم بناء كنيستنا سيدة كلدو التي نحن الان فيها. ثم زادت بعض النقود التي استخدمناها في شراء وبناء كنيسة مار توما في منطقة ساغسيل في شمال باريس التي لها قصة طويلة اخرى نتركها الان.

دكتور بطرس يوسف،انت استاذ في الجامعة الاوربانية المعهد الشرقي – الدراسات الشرقية في روما واشرفت على العديد من شهادات الدكتوراه والماجستير. واستاذ في معهد الكاثوليكي في باريس وكاهن رعية خورنة كلدوا في باريس.  يعني كان لديك ثلاث وظائف كيف كنت او لازلت توفق بينهم؟ هل تستطيع ان تعطينا المزيد من المعلومات عن طبيعة عملك؟ وكيف توفق بين العملين الاشراف على الشهادات العليا وخدمتك؟

الجواب:

الجماعة  هنا في باريس تفهمت الوضعية، حيث كنتُ اذهب الى روما اربعة اسابيع قبل وقت الميلاد ومن بعد ذلك  اسبوعين بعد الميلاد. فاعطي محاضرات مكثفة في الاسبوع الواحد ضعف المحاضرات التي تعطى في الوقت العادي، يعني اعطي محاضراتي بصورة مكثفة  واخلص مادتي وارجع الى مهمتي في خدمة الرعية ، والجماعة ابدا لم تتشكك او تتذمر، بالعكس تفهمت الوضعية بصورة عادية ، بل كان فخر لهم كاهن كلداني يقوم بهذا العمل. مشى الحال على هذا التنظيم الى سنين اخيرة. لا انسى ان اذكر إن اخواني الكهنة ايضا لم يقصروا معي في تغطية واجباتي اثناء فترة غيابي.

السؤال التالي هو عن ثروتك ، اعني مكتبتك، حقيقة انا معجب بها كثيرا ، لانها مكتبة كبيرة، فيها كتب قديمة معاجم اللغات، انسكلوبيديا، اطروحات جامعية، حقيقة تضاهي مكتبة جامعة كاملة لان فيها مصادر كثيرة.
السؤال هو كيف جمعت هذا العدد من الكتب من المصادر.  وهل لديك رؤية او فكرة ماذا ستفعل بها في المستقبل؟، لا نريد احراجك الان بقدر ما هي دعوة للتفكير بها ؟ كيف سوف يتم استثمارها؟ لانها تحمل اسمك وجهودك وسنين تعبك ؟

الجواب:

المكتبة مفتوحة لكل الناس الذين يريدون  يأتون يراجعون او يبحثون عن المصادر. هذه المكتبة قسم كبير من كتبها انا اشتريتها من حسابي الخاص ، وقسم اخر من الكنيسة وقسم اخر كانت هدايا لي يعني خاطر ابو خواطر يعني تعود له. انا مرتب الامر  بحيث تصان المكتبة ، لا شك المكتبة ستبقى في خدمة الجماعة،  ولكن لا اريد اعطي معلومات اضافية اكثر الان والجواب سيكون في حينه.

عرفنا من خلال حديثك انك متذوق للموسيقى،  تعزف وتلحن وتكتب الشعر وتؤلف التراتيل.  تحدث لنا عن ابداعك في هذا المجال؟.

الجواب:

نعم  كنت مولع بالموسيقى من صغري كان الاب بولص بشي هو معلمي وهو يقول لحد الان انا علمت القس بطرس، حقيقة انا استفدت من الاب بشي. انا لحنت كثير من التراتيل بألحان شرقية و اخرى بألحان غربية و تعزف وترتل هذه التراتيل الان في الكنيسة حسب مناسباتها.

عن الطقس الكلداني ، ابونا تحدث لنا شيئا عن تاريخ هذا الطقس؟ كذلك نعرف انت احد اعضاء اللجنة المكلف في اعادة كتابة الطقس الكلداني. الى اي درجة وصل عمل بهذه اللجنة؟ هل سيحصل تطور في طريقة التعبير واداء الصلوات مثلا؟ الى اي مرحلة وصلتم في المشروع؟

الجواب:

منذ البداية بإعتباري حامل دكتوراه في القربان المقدس في الطقس الكلداني، و كمدرس للطقس، تعينت في اللجنة المكلفة لاعادة كتابة الطقس التي تألفت منذ السبعينات برئاسة المطران عمانوئيل دلي (البطريرك فيما بعد) في حينها و المطران سرهد جمو والمطران جاك اسحق. وقد جاؤوا الى هنا مرتين وعملنا نسخة جديدة من الطقس اعتقد كانت جيدة، كانت تحتاج فقط الرتوشات والاضافات الاخيرة،إلا ان المشروع لم يكتمل.

المشكلة التي نواجهها في هذه الموضوع ، اعني تواجها اللجنة هي ان الشعب لا يقبل بفكرة التغير بصورة سريعة على الرغم من تناقضها من خط التوحيد الليتورجي لدى الكاثوليك.، حيث البطريرك (السابق) لم يرى  قبول تام من قبل الشعب او استجابة للتغير تامة الذي اجريناه، اعني لم يكن هناك تقبل من جميع الكنائس الكلدانية في العالم لهذه التغيرات، التي كانت مساوية في جوهرها الصيغة القديمة، طبعا بسبب الثقافة والحياة الاجتماعية واللهجة وغيرها.

سيدنا البطريرك الجديد مار لويس ساكو من خلال شعاراته ( الاصالة والوحدة والتجدد) اعتقد هذا التجدد سيشمل الطقس الكلداني والصلوات ايضاً؟

الجواب:

بالنسبة لي شخصيا هناك تواصل لي مع غبطة البطريرك ساكو منذ ايام دراسته كطالب في الدير مار يوحنا الحبيب الى اليوم. اذا قدم اشياء عملي في هذا الصدد سوف يكون لنا راي اذا طلب منا، من ناحية القانون نحن نلتزم بالقانون الكنسي اذا كان الامر ضمن القانون.

الان يعيش حوال عشرين الف كلداني في كنيستكم في فرنسا حسب ما سمعت هنا ، تحدث لنا قليلاً عن مستقبل الكنيسة الكلدانية في فرنسا واللغة والهوية والشبيبة كيف سيتم ربطهم بجذورهم التي تعود الى الكنيسة الشرقية؟

الجواب:

مسألة اللغة، نظريا هناك مشكلة، لكن عمليا لا توجد مشكلة.  نحن اثناء القداس نحاول نسهل ايصال الايمان للمؤمن، فإذا كان المؤمنون الحاضرون هم فرنسيون  نقيم القداس  بالفرنسي واذا كان هناك حاجة الى ادخال اللغة العربية ندخلها حسب الوقت والضرورة. لكن حقيقة معظم الاوقات يكون القداس باللغة الكلدانية في كنيسة مار توما التي يحضرها اغلب الناس.

لكن ابونا الا تلاحظون اجلاً ام عاجلاً ستظهر مشكلة كبيرة للكنيسة هي ان الشبيبة ان لم يتعلموا اللغة الكلدانية او السورث سوف لا يفهمون مفردات او عبارات التي تستخدم في القداس الالهي ، اعني لن يفهموا معانيها، لذلك سوف يبتعدون من الكنيسة، وان عملية الاندماج في الكنيسة اللاتينية فيها صعوبات، لان اصلا حضور الشبيبة فيها قليل جدا. أليس من المفروض ان تفكر الكنيسة  او تعطي القليل من الاهتمام لهذه اللغة كي تحافظ على استمرارها على الاقل؟

الجواب:

نعم  هذا صحيح ، ونحن ندرس اللغة الكلدانية هنا في كنيسة مار توما ، فرقة التراتيل ترتل بالكلداني، معظم نشاطاتنا بالكلدانية ، هنا في المركز معظم الذين  يحضرون يتحدثون بالعربي لا يعرفون السورث ونحن لا نحرمهم من القداس لهذا هناك بعض القراءات بالعربي او فرنسي.

مونسيور بطرس متى ستبدأون ببناء الكنيسة الثالثة التي تحمل اسم ما يوحنا الحبيب في شمال باريس- ساغسيل؟ ماذا عن دار العجزة ؟ عن المكتبة؟ وماذا عن المدرسة؟ هل انتم مفكرون بها؟

الجواب:

نعم نحن مفكرون بهذه المشاريع، هذه المشاريع الثلاثة مهمة لكن مشروع المدرسة معقد واصعب من دار العجزة. لانه يفترض ان يكون لنا الامكانيات للإدارة و التدريس اي يكون لنا مدرسين يحملون مؤهلات والوثائق والايجازات.


ابونا انت احد الخبراء المتمكنين في مجال اللغة والتاريخ هل تستطيع
تسمعنا رؤيتك التي من خلالها ربما نجد مخرجاً لوحدة هذا الشعب؟ ما هو رائيك كيف نتوحد؟ كيف ننقذ انفسنا من الزوال ؟ ما هو الطريق الامثل اوالاصح الذي يجب نتبعه كي نتخلص من المشكلة؟ كيف نتوحد؟

الجواب:

تحدثنا في اللقاء السابق بعض الشيء عن هذا الموضوع. الهوية هو الشيء الذي يربطنا بالماضي، مبدئيا لدينا اسماء كثيرة ، لا نستطيع الغائها، فلم يبقى امامنا اذا اردنا ايجاد حل، الا ايجاد تسمية مركبة تحتوينا كلنا اذا كنا مخلصون ومؤمنون نحن واحد. مثلا كلدو اثورية Assyro- Chldeadn مستخدمة هنا في الدولة الفرنسية منذ البداية، لانه من الصعب الاتفاق على تسمية واحدة وترك بقية التسميات.

يعني انت تفضل التسمية المركبة كي تحوي كل الاطراف كي تحل المشكلة؟

الجواب:

 اظن الشيء هذا كان موجوداً منذ البداية ، منذ السبعينات حينما كنت هناك يعني كان هناك تفكير بهذا الاتجاه ، بما ان نحن تاريخيا مكونين من شعوب مختلفة او على الاقل حاليا نحن لدينا ذاتية مركبة اي هوية مركبة من كلدان واشورين او من بقايا تلك الشعوب، لا اشوري يتنازل من اسمه ولا الكلداني يريد ان يتنازل عن اسمه، مع العلم نحن شعب مختلط معا الان ، الخطا الاكبر الذي قد نقع فيه، هو اذا ظن البعض منا نحن شعبين  منفصلين تماما، لكن حقيقة نحن مختلطين منذ زمن طويل. وعبر تاريخ حدث ان مجموعة معينة رأت نفسها قريبة من الاشورية فإدعت انها اشورية ونفس الشيء حدث للكلدان، وجود انهم قريبين من الكلدان فاصبحوا كلداناً، لكن حقيقة نحن شعب واحد مختلط ممتزجا امتزاج تام ولا يمكن لاي شخص ان يميز بعضنا عن بعض الاخر ولا لايستطيع اي واحد منا يثبت انه كلداني ام اشوري او سرياني، لكن انا شخصيا افضل كلدواشوريةAssyro-chaldean  ( كما هو الاسم المستخدم من قبل الدولة الفرنسية رسميا من زمن طويل)  لانه يجمع ويحل المشكلة.

هناك صراع فكري قديم ومرير مستمرعبر عصور طويلة  الى حد اليوم بين الفكر الميتافيريكي اللاهوتي وبين الفكر المادي، و اصبحت المشكلة اكثر واضحة بعد ظهور العلوم التكنولوجية والازمة الاخلاقية؟ فالمسيحة وبقية الاديان تعاني من هذه المفاهيم، خاصة قضية ازمة الايمان وازمة في الاخلاق. فما هو مطلوب من رجال الاكليروس، منكم ابونا، من ابنائنا الكهنة؟ ما هو السلاح الجديد الذي يجب ان يتسلحوا به، او ما هي الطريقة الجديدة التي يجب ان يخاطبوا بها المؤمنيين لاسيما الجيل الجديد حتى تجذب انظارهم كي يتم ارجاعهم الى الايمان المسيحي مرة اخرى؟.

الجواب:

انت تقول هناك صراع بين الميتافيرقيك وعالم المادي، نحن درسنا هذا الموضوع طويلا اكثر من سنتين. بإختصار هناك افكار او مباديء ميتافيزيكية عالية وهناك عالم الواقع الذي نعيش فيه، الذي يجب ان نأخذه دائما في الحساب دائما ، ان نُقيمَه، يجب ان يكون هناك تناغم وتناسق بين الاثنين، او  تكون هذه المباديء  المثالية متجسدة على الواقع.

اما الازمة الاخلاقية فهي موجودة فعلا ، وعلى الكنيسة ان تكون تدرك خطورة هذا الموضوع وايجاد الحلول المطلوبة لها.

مع الاسف ان المسيحية في هذا الزمن  اصبحت مضطهدة جداً، المثالية العالية الموجودة في المسيحية التي هي غير موجودة في اي من الديانات او الفلسفات اصبحت مضطهدة في العالم، هناك اعداء ولوبيات كثيرة ضدها في العالم. توجه العالم يسير بإتجاه عالم الماديات، فلوس و فلوس ، فلوس في النهاية ضد من ستكون هذه الفكرة؟ هي ضد المسيح والمسيحية التي بعكسها لان تماماً من اولويات المسيحية هي نشر المحبة وازالة الفوارق المادية.

لكن ابونا انتم الاكليروس او اي كاهن حينما يقف على منبر وعظ ويريد جلب انظار الف شخص حاضرون في القداس مثلا ، أليس من الضروري ان يكون لهذا الكاهن الكارزما والامكانية  في الخطابة مثلما كان مار بولص يخطب؟ ما هي الخبرة و النصيحة التي تريد نقلها للجيل الجديد من الكهنة؟

الجواب:

يجب على الكاروز يؤمن بما يقوله اولاً ، لان عندما يتكلم هو يزرع ،خطأنا هو نظن كأننا نحن الذين نقوم بكل عمليات انبات البذرة، وننىسى من  نحن؟  نحن فقط نضع البذرة لا غير، الروح القدس او الكنيسة هي الزارع الحقيقي للنبتة، يعني نحن نركز على انفسنا كثيرا، المفروض ان نكون مثالين في حياتنا في تطبيق التعاليم المسيحية واولهم انا، نعم انا شخصيا احيانا اشعر ما هو ذلك المثال الذي كنت اتمنى ان اكون، يجب عدم الانشغاف او الانجراف وراء  الايدلوجيات الاخرى كنتيجة لقلة الثقافة او البحث او تطويرها. مثلا حينما قام الرئيس الصيني السابق ماو تيسنوك  بالثورة الثقافية التي ادت الى قتل 20 مليون نسمة ثم يأتي بعض كهنة يمدحونه  كيف لا يدخل الخراب الى الكنيسة؟! . المشكلة  التي تحصل هي حينما يتم البحث عن الحل او التقارب في افكار او الفلسفات الاخرى مثل النظرية الاقتصادية او نظرية تايلر  دائما النتيجة تكون ابتعادهم عن الانجيل و رسالتهم الاصلية.

ابونا احد الاشخاص المهتم بهذه القضية، اعني مصير الكنيسة، انا اشعر الكنيسة متأخرة، لا تقوم بتهئية كوادر و لا علماء لمحاججة افكار الفلسفات الجديدة مثلا حينما تظهر فلسفة مثل الشيوعية، يجب ان يكون للكنيسة المقدرة والامكانية صد هذا الفكر بنفس المستوي، اي تعطي الجواب اللازم للمؤمن لحل هذه المشكلة وتنشر هذه الافكار بين مؤمنيينها، بينما حقيقة كهنتنا لا يمتلكون الثقافة الكافية في هذا المجال او بهذا المستوى  لهذا يكون من السهل سقوط او تغير المؤمن المسيحي ويصبح من اتباع هذه الايدلوجيات كما الحال في المدنية الغربية؟

منذ سنة 1962، كان هناك كاهن اعتقد اسمه (فضل) يرحمه  في الجامعة الاوربانية، اسس معهد عن دراسة الالحاد فقال: ” اذا نريد نوصل المسيحية للاخرين، يجب نعرف مع من نتكلم!” . لكن الخطر  هو حينما يتوجه شخص ما لدراسة هذه المواضيع شيئا فشيئا تراه  ينطمس ويضيع او يتيه في هذه الايدلوجيات مع الاسف عوض عن يتعلمها ويكتشف عيوبها .

ابونا ارجو هذه مجموعة اسئلة قصيرة قد تحتاج الى كلمة او سطر او جملة منك.

•   ما هو الشيء الذي كنت تتمنى ان يحصل ولم يحصل؟

الجواب:

لم اطلب شيء من الرب ولم يعطيني اياه ، وان كان هناك شيء لم اناله لحد الان، لي الرجاء بأنه سيعطيه فيما بعد لان لدي ثقة مطلقة بالله، لان في الظروف الصعبة التي مريت والتي احتجت اليه فيها كان الرب دائما هناك.  حدثت اشياء كثيرة احزنتني، لكن الله عوضني عنها بكثير لو كنتَ هنا في قداس يوم الامس لَرأيت الناس الذين في الكنيسة، انهم جميعا قطعة مني وهذا ما يفرحني.

•   ما هي الاطروحة عجبتك والتي كتبها احد تلاميذتك وانت كنت مشرف عليها؟

الجواب:

لقد تخرج من تحت يدي حوالي اربعين او خمس اربعين  دكتوراه وستين شهادة ماجستير. اما الرسالة او الاطروحة التي عجبتني هي للاخت سناء حنا تحت عنوان : ” لاهوت وروحية واصالة الصلاة في الطقس الكلداني سنة 2003م”

•   اللون الذي يعجبك؟

الجواب:

ليس لدي لون معين “لكن بعد توقف وتامل” قال: ” ابيض مذهب”.

•   الكتاب الذي لن تنساه ما عدى كتاب المقدس؟

الجواب:

شرح الانجيل المقدس لمار افرام.

•   الانشودة الترتيلة التي تعجبك؟

الجواب:

ترتيلة كتبتها ولحنتها تبدا : ” ادي تيي بين ايداتخ يا ماري……الخ”

•   مثالك من القديسيين والفلاسفة واباء  الكنيسة؟

الجواب:

بالنسبة للقديس فهي مريم العذراء، مار افرام ، لويس غونزارا

بالنسبة للفلاسفة هما ارسطو، وتوما الاكويني.

من اباء الكنيسة مار نرسايي و عبديشوع الصوباوي الذي كان شاعرا وفيلسوفاً

•   -امنية تتمنى ان تحصل؟

الجواب:

اكمال مشروع كنيسة مار يوحنا الحبيب في باريس

•   احدى الشخصيات التي لها الفضل عليك؟

الجواب:

اشكر كل من قدم لي اي خدمة بغض النظر عن كبرها او صغرها ولا اود ذكر اسم احد كي لا اظلم احد.

•   شخصية سواء كانت حية ام ميتة كنت  تتمنى اللقاء بها ؟

الجواب:

توما الاكويني

ان كنت تريد ان تفتخر بشيء او بإنجاز ما من اعمالك ، فما هو هذا الانجاز او هذا الشيء؟

افتخر بمؤلفاتي التي تتجاوز 150 عنوان ومشاركتي في بناء الكنائس ولكن يريد يفتخر ليفتخر بالرب كما قال القديس بولص.

ابونا الان هل من كلمة اخيرة لقراء موقع عنكاوا كوم.؟

فقط اود ان اذكر القراء الاعزاء ، ان الانسانية والمسيحية لا تتناقضان، ولتحقيقهما نحتاج الى بذل الجهود من قبل الكل ، بالتفاني والتسامح . ولكن اخر كلمتي  هي محبتي وصلاتي  لكم ومن اجلكم  وشكرا.

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *