مسيحيون سوريون يطالبون بتحييد منطقة الجزيرة عن النزاع وإبقائها ملاذات آمنة

روما (3 كانون الأول/ديسمبر) وكالة (آكي) الإيطالية للأنباء


رحّبت أوساط مسيحية سورية بوقف المعارك في منطقة الجزيرة السورية بين الأكراد وكتائب ثورية مسلحة، وطالبوا بتحييد المنطقة عن المعارك الدائرة لتستطيع أن تبقى ملاذاً آمناً لمئات آلاف النازحين من المدن الأخرى
وقالت أوساط مسيحية سورية من محافظة الحسكة شمال شرق البلاد إن المسيحيون يرحّبون بوقف المعارك في بلدة (رأس العين) الحدودية مع تركيا بين مقاتلي مجموعات إسلامية معارضة (جبهة نصرة الإسلام وغرباء الشام) وبين مقاتلين أكراد تابعين لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، الطامح لملء الفراغ الأمني والسياسي في مدن وبلدات منطقة الجزيرة التي سحب النظام أجهزته الأمنية والعسكرية منها.

وتمنّت الأوساط المسيحية في تصريح لوكالة (آكي) الإيطالية للأنباء على جميع أطراف النزاع “احترام بنود اتفاق الهدنة” الذي يقضي بإخلاء المدينة من المظاهر المسلحة، وترك مهمة إدارة المدينة لمجلس محلي يمثّل كافة مكونات المدينة الكرد والعرب والآشوريين، وتوفير الظروف الأمنية والخدمية المناسبة لعودة أبناءها المشردين والنازحين وإنهاء مأساتهم الإنسانية

وقالت المصادر “بعد أن توقفت المعارك في رأس العين وتوقف قصف قوات النظام لها عاد الهدوء الحذر الذي يخيم على باقي مدن وبلدات منطقة الجزيرة، وتتوجه الأنظار الآن إلى مدينة القامشلي الاستراتيجية وعاصمة الجزيرة السورية التي مازالت تحت سيطرة الحكومة حيث مطار القامشلي الدولي وحيث المعبر الحدودي الوحيد مع تركيا المتبقي بيد السلطة، الذي كان يشكل (قبل أن يقفل أمام حركة العبور بالاتجاهين بسبب الأزمة الراهنة) شريان الحياة التجارية والاقتصادية والاجتماعية لسكان منطقة الجزيرة السورية مع تركيا”.

وأضافت “حتى الآن، كل شيء يبدو هادئاً على معبر القامشلي وفي محيطه، إذ لا يوجد مظاهر وتحركات عسكرية توحي بأن ثمة معركة قريبة ووشيكة ستحصل على هذا المعبر، لكن ثمة مخاوف حقيقة لدى أبناء القامشلي من أن يكون هذا السكون هو الهدوء الذي يسبق العاصفة. ففي ظل انعدام الثقة بين طرفي النزاع (مسلحي المعارضة والمسلحين الأكراد) واختلاف الأجندات السياسية بينهما من المتوقع أن تتجدد المعارك بينهما وأن تنتقل المعركة الى مدينة القامشلي، وثمة معلومات تفيد بقيام الطرفين بتعزيز قواتهما في محيط رأس العين، البعيدة عن القامشلي غرباً نحو مائة كيلو متراً”

وللوقوف على آخر المستجدات الأمنية والسياسية في منطقة الجزيرة (شمال ـ شرق) سورية، قال سليمان يوسف، الباحث المعارض المهتم بقضايا الأقليات، لوكالة (آكي) الإيطالية للأنباء “لا ريب في أن منطقة الجزيرة، بعربها وأكرادها وآشورييها وباقي مكوناتها الإثنية والدينية، تتعاطف مع الثورة وأهدافها، لكن نظراً لخصوصية هذه المنطقة لجهة موقعها الجيوسياسي الحدودي مع تركيا والعراق والخليط السكاني لمجتمعها الفسيفسائي، حيث تشكل المخزون التاريخي لمختلف القوميات والإثنيات السورية، يفضّلون تحييدها عن معارك الثوار مع جيش الطاغية وعدم دخول مقاتلي الجيش الحر والمجموعات الإسلامية المعارضة إلى مدنهم وبلداتهم حتى لا يأخذ النظام الفاشي منها ذريعة لقصفها وتدميرها وتشريد أهلها، مثلما فعل مع باقي المدن والبلدات السورية” على حد تعبيره

وأضاف يوسف “هم يرون أن سقوط النظام بدمشق غير متوقف على نقل المعارك إلى مدن الجزيرة السورية، كما أنهم يريدون أن تبقى هذه المدن ملاذاً آمناً ليس لأهلها فحسب وإنما لمئات آلاف النازحين إليها من مختلف المدن السورية” حسب تأكيده

وتابع “ناهيك عن أن الخشية من أن يفجّر نقل المعركة إلى هذه المنطقة نزاعاً عرقياً كارثياً بين مكوناتها التي تنام على بركان من الحساسيات السياسية والعرقية والطائفية ومن التراكمات السلبية التاريخية، يكون آشوريو ومسيحيو الجزيرة أبرز ضحاياه لأنهم الأضعف، وتزداد احتمالات حصول نزاع عرقي مع حصول فراغ سياسي وأمني وإداري في منطقة الجزيرة عموماً بعد سقوط النظام وانهيار مؤسساته”

وأكّد يوسف “في إطار المساعي الأهلية والمجتمعية المبذولة لإقناع قادة الجيش الحر والمجموعات الإسلامية المسلحة المعارضة لسحب مقاتليهم من مدينة رأس العين وتحييد باقي مدن وبلدات محافظة الحسكة التقى بعض شيوخ القبائل العربية ووجهاء من الطوائف الأخرى قيادات الجيش الحر والمجموعات المسلحة في مدينة رأس العين، وتمنى الجميع أن يستجيب قادة الجيش الحر لمطالبهم

وفيما يخص مطلب الأكراد السوريين بالفدرالية في تلك المنطقة، قال المعارض “هذا المطلب لا يبدو واقعياً وهو غير ممكن في الحالة السورية حيث الأكراد ينتشرون على طول الشريط الحدودي مع تركيا في تجمعات سكانية غير متواصلة ديموغرافياً، بمعنى لا يوجد إقليم كردي في سورية حتى يتم الحديث عن فدرالية له مع حكومة مركزية، حتى في محافظة الجزيرة حيث التجمع الأكبر لأكراد سورية لا يشكلون غالبية سكانها (تقدر نسبتهم بـ 35%)، وقد تكون بعض أشكال أو نماذج الفدرالية بين الأقاليم مناسبة للحالة السورية، لكن ليس على أساس عرقي أو طائفي أو مذهبي كما تطرحها بعض القوى الكردية” حسب تأكيده

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *