ما هكذا تورد الإبل يا قناة الحياة 1-2 / محمد مندلاوي

 

 

قبل أن أبدأ بكتابة هذا المقال, أود أن يعرف القارئ العزيز, وعلى الأخص الأشخاص الأفاضل, مقدمي وضيفي برنامجي (الدليل), و(سؤال جريء) في قناة (الحياة) التبشيرية, أنني إنسان قومي كوردي, تحتم علي القيم القومية الكوردية النبيلة, أن أحترم الجميع, أفراداً وجماعات وأديان, بقدر احترامها للآخر قولاً وفعلاً. هنا وفي هذه الوريقات المقسمة إلى حلقتين, سأناقش الجزئية التي تتعلق بالشعب الكوردي, الذي لم يُنصف في البرنامجين المذكورين أعلاه, وتحديداً في الحلقات التي قدمت بمناسبة مرور مائة عام على قتل شرائح من الأرمن على أيدي الأتراك, أحفاد هولاكو و تيمورلنگ مدمري الحضارة.

بهذه المناسبة الأليمة التي جرت وقائعها في الدولة العثمانية وبقرار جائر منها, وبمشاركة جزئية أو كلية من بعض الدول الغربية, وعلى رأسها ألمانيا القيصرية. قدمت قناة الحياة التبشيرية, ثلاث حلقات عن المذبحة, واحدة في برنامج (سؤال جرئ) الذي يقدمه الأخ (رشيد) وكان ضيفه الأستاذ (مجدي خليل) في سياق كلامه زعم مجدي خليل أن الكثير من الأكراد شاركوا في القتل الأرمن, وصحح له مقدم البرنامج الأستاذ رشيد “لا مش كلهم بعضهم” ويصر مجدي خليل على تضخيم الموضوع, لا كثير منهم مش بعضهم. إن حلقة الأستاذ رشيد لا تستحق أن نقف عليه كثيراً, لأنها كانت مليئة بالمغالطات المتعمدة من قبل ضيفه وبعض المتصلين النكرين, منهم أحد الملفقين, حين زعم أو بالأحرى كذب, أن الأتراك قدموا أراضي للكورد مقابل قتل المسيحيين. والحلقتين الأخرييتين أعدتهما و قدمتهما أيضاً قناة الحياة في برنامج (الدليل) الذي تقدمها الأستاذة (فدوى) وكالعادة مع ضيفها الدائم الأستاذ (وحيد), وهذه المرة كان الأستاذ وحيد انتقائياً في اختياره لجانب كبير من مواد الموضوع الذي قدمه للمشاهدين. وبما أن الكلام… الذي طرح في البرنامج المذكور يخصني كمواطن كوردستاني, اتصلت بهم أثناء بث الحي لإحدى الحلقتين, وانتظرت (41) دقيقة على الخط ولم يتم إيصالي بالأستوديو لكي أشارك في البرنامج وأقول الذي عندي في هذا المضمار. لكن, بعد أسبوع قدمت المحاورة (فدوى) في ذات البرنامج حلقة بعنوان ” الاستشهاد بين المسيحية والإسلام” واتصلت بالبرنامج وفي الدقيقة (50) حالفني الحظ؟ وتم إيصالي بالأستوديو, وطلبت من السيدة مقدمة البرنامج (فدوى)أن أتطرق لموضوع الحلقتين السابقتين اللتين ذكرتهما أعلاه, ورُحب بي من قبل مقدمة البرنامج والضيف, وقلت جزءاً يسيراً من الذي في جعبتي, حيث طرحت نقطتان من مجموع عدة نقاط كنت قد حضرتها للمشاركة في البرنامج المذكور, لكنهم لم يجعلوني أكمل حديثي, حيث قام أحدهم من داخل القناة بقطع الخط عني. أما النقطتان اللتان طرحتهما على ضيف البرنامج كانتا كلتاي, النقطة الأول, انتقدت فيها الأستاذ (وحيد) لأنه والسيدة المحاورة ما اهتما بصياغة اللغة التي تكلما بها حين سموا الجزء باسم الكل, لا أدري عن قصد… أم عن جهل؟, وحشرا اسم الشعب الكوردي فيما جرى للأرمن, بينما فئة أو مجموعة قليلة من أبناء الشعب الكوردي هي التي غرها الأتراك وبعض الدول الغربية, للاشتراك معهم في تلك الأحداث المأساوية التي جرت للأرمن, وهذه الفئة الكوردية المغرر بها قامت فيما بعد بقتل مئات الآلاف من أبناء جلدتهم, من الشعب الكوردي في شمال كوردستان (تركيا). أستسمح الأستاذ وحيد وأقرب له الفكرة لكي يفهم مضمون ما قلته بصورة سليمة, لا شك أن أستاذ وحيد من جمهورية (مصر), نستفسر منه, لو قامت فئة صغيرة من المصريين بقتل مجموعة من الأقباط المسيحيين وهذا ما يحدث في تلك البلاد بين فترة وأخرى, هل يجوز أن يتهم الأستاذ وحيد عموم الشعب المصري, أو الأمة العربية بتدبير وتنفيذ تلك الحادثة؟. تماماً هذا ما حدث في حادثة الأرمن, حيث اشترك فيها قلة قليلة من الشعب الكوردي, ولم تشترك فيها أبناء وقبائل الأجزاء الأخرى من كوردستان, بل لم تشترك فيها الغالبية العظمى من الشعب الكوردي في شمال كوردستان (تركيا) ذاته. أما النقطة الثانية التي قلتها عند مشاركتي في البرنامج كنت قد اقتبستها من (الكتاب المقدس) وهي نبوءة ربانية صدرت من أحد أنبياء اليهود في نينوى وهو (ناحوم الالقوشي) حين قال: يقول الرب: مع إنكم أقوياء وكثيرون فإنكم تستأصلون وتفنون. ويضيف الرب على لسان نبيه (ناحوم): وها الرب قد أصدر قضاءه بشأنك يا آشور لن تبقى لك ذرية تحمل اسمك وأستأصل من هيكل آلهتك منحوتاتك ومسبوكاتك وأجعله قبرك لأنك صرت نجساً. كما أسلفت, بعد أن قطعوا عني الخط التليفوني, لقد بدى الأستاذ وحيد في هذه الجزئية متوتراً, وأجاب على كلامي بجمل سريعة وغير مفهومة, كأنه يهرب من الموضوع, خاصة بعد أن زعم بشيء من التهكم, بأني أخلط الأمور, من المعروف, أن التهكم والهروب إلى الأمام, هو سلاح من لا يوجد في جعبته شيء ما يرد به على الذي يناظره. أنا أدعوه من هنا, ليكن لديه الشجاعة الكافية, ويقول لنا ما معنى كلمة ” الذرية” التي جاءت في سياق نبوءة النبي ناحوم, الذي قال:” يا آشور لن تبقى لك ذرية تحمل اسمك” هل أن مصطلح الذرية يقال عن بلد؟ أم عن نسل الإنسان؟. إن اسم الذرية جاء مئات المرات في الكتاب المقدس. عنى به الكتاب نسل البشر. ثم قال الكتاب المقدس بصفة الجمع ” تُستأصلون وتفنون” فليتكرم الأستاذ ويفسر لنا هذين الكلمتين, ماذا عنى بهما الرب على لسان نبيه؟. أليس معنى الآية واضحة وضوح الشمس في كبد السماء, بأن أولئك الآشوريون سوف يفنون ويستأصلون من الوجود, ولن تبقى لهم ذرية تحمل اسمهم, أي ينتهون إلى الأبد, وهذا ما حدث فعلاً, حين نُفذ أمر الرب, وأبيد من الوجود دولة آشور الظالمة, وناسها الذين حملوا هذا الاسم, على أيدي الميديون الكورد, وليس البابليون كما زعم الأستاذ وحيد, بل أن البابليين كانوا متحالفين مع الميديين, إلا أنهم حين وصلوا متأخرين إلى عاصمة آشور, كان الميديون قد أزالوا دولة آشور الباغية من الوجود. أنصح الأستاذ, أن يراجع كتب التاريخ المعتبرة, سوف يجد أن الميدين والبابليين احتفاءاً وتتويجاً لهذا النصر الكبير, تم تزويج أمير بابل (نبوخذ نصر) من كريمة ملك ميديا وكانت اسمها (أميد), وبنى لها فيما بعد نبوخذ نصر, الجنائن المعلقة الشهيرة في التاريخ, حتى تشعر (أميد) وكأنها في وطنها كوردستان, حيث الجبال الشاهقة و الأنهار المتدفقة والشلالات المنهمرة والمراعي الخضراء والأشجار الباسقات. وفي نهاية رد الأستاذ وحيد على مكالمتي التي قُطعت عمداً, أصر على الخطأ وتسمية الجزء باسم الكل, حين قال أن الحزب الفلاني اعتذر عن دور الكورد في ذلك الجزء الكوردستاني المحتل. يا أستاذ, منذ متى أن حزباً واحداً يمثل عموم الشعب! أ وهل أن شخصية واحدة تمثل غالبية الأمة؟. أو برلمان في المنفى وهو لا شك فيه يمثل جزءاً من كوردستان, ولكن ليس كل كوردستان وعموم الشعب الكوردي. رغم أني من مناصري تلك الشخصية وذلك الحزب والبرلمان المذكورين. كان على الأستاذ (وحيد) قبل أن يتحدث عن ملابسات ما حدث للأرمن, أن يبحث في ثنايا الكتب التاريخ, عن تاريخ الشعب الكوردي و وطنه كوردستان, لكي لا يقع في مثل هذه المطبات التي لا تليق به ولا بقناته. حين يتهم زوراً عموم الشعب الكوردي, ويزعم أن الكورد اعترفوا بمشاركتهم في المذبحة. هل اعتراف حزب واحد من بين عشرات الأحزاب يمثل كافة الشعب؟. نحن نسأله, ألم يسمع الأستاذ, بسكرتير حزب الاتحاد الوطني الكوردستاني, الأستاذ (جلال الطالباني) الذي كان رئيساً لجمهورية العراق الاتحادي؟, هل قدم اعتذاراً حول مشاركة جزء يسير من الكورد في تلك الأحداث المذكورة ؟. هل فعل الشيء ذاته الأستاذ (مسعود البارزاني) رئيس إقليم كوردستان؟. وفي غربي كوردستان (سوريا) هل قدم حزب الاتحاد الديمقراطي الكوردي والمتحدث باسمه الأستاذ (صالح مسلم) اعتذاراً؟ أو في شرقي كوردستان هل قدم الحزب الديمقراطي الكوردستان بجناحيه اعتذاراً؟. بالطبع لا, لأن أبناء هذه الأجزاء الكوردستانية بعيدون عن منطقة الحدث و لم يشاركوا فيه. والجزء الذي شارك في تلك الأحداث كبقية أجزاء كوردستان الأخرى, لم يكن سيد نفسه, بعبارة أدق, أنه لم يكن يملك قراره السيادي, حتى يكون عموم الشعب الكوردي مسئولاً عن القرارات التي يتخذها, ولو فئة من هذا الشعب, لأن هذا الشعب كان وما يزال واقعاً تحت الاحتلال التركي البغيض, فدولة الاحتلال التركي, هي التي تتحمل كامل مسئولية ما حدث للأرمن, ولذا ترى, أن دول العالم حين تناقش المذبحة في برلماناتها لاتخاذ القرار النهائي عنها, يتهمون الأتراك الأوباش مباشرة بتنفيذ هذه الجريمة, ولا يتطرقوا لاسم الكورد لا من قريب ولا من بعيد. تماماً كما حدثت في عمليات الأنفال سيئة الصيت التي قام بها الجيش العراقي… بأمر مباشر من رئيسه المقبور صدام حسين ضد الشعب الكوردي المسالم, التي حصدت أرواح (182) ألف إنسام كوردي بين طفل رضيع وامرأة عجوز وشيخ طاعن في السن. السؤال هنا, لو استثنينا المجرم المسيحي طارق عزيز, الذي كان أحد أزلام الديكتاتور صدام حسين, وهو الذي كان يحثه ويدفعه بتنفيذ جرائمه البشعة ضد الشعب الكوردي, ألم يكن في الجيش العراقي الذي نفذ تلك الجريمة التي يندى لها جبين البشرية مسيحيون؟ بالطبع نعم, أ و هل يجوز لنا نحن الكورد أن نتهم  الآن جميع المسيحيين بقتل الكورد في تلك الجريمة الشنعاء؟. يا أستاذ وحيد, إذا ننظر إلى الأمور وفقاً لتصوراتك غير البريئة, يجب على العراقيين أن يدينوا الهند باحتلال العراق وليست بريطانيا, لأن غالبية الجيش البريطاني الذي احتل العراق كانوا من الهنود المجندين في صفوف الجيش البريطاني؟. في نهاية هذه الجزئية, أقول للأستاذ وحيد, أنا أعرف لماذا قمتم بقطع الخط التلفون عني وأنهيت المكالمة على وجه السرعة, لأني وضعتك أمام خيارين لا ثالث لهما وأحلاهما مر, وهو, أما أن تقول أن التنبؤ الرباني كما جاء في الآية صحيح لا غبار عليه, وهؤلاء انتهوا من الوجود عام (612) ق.م. على يد الميديون الكورد ويذكرون اليوم في بواطن كتب التاريخ كما تذكر الديناصورات المنقرضة, أو تقول أن هؤلاء هم امتداد لأولئك الآشوريين الأوائل وبه يكون مضمون التنبؤ الرباني الذي ورد في الكتاب المقدس خطأ, ولم يحدث شيء من ذلك التنبؤ الذي جاء على لسان النبي (ناحوم), وبهذا تكون ضربت الكتاب المقدس بمقتل. أنا شخصياً, لا أعتقد أن الرب أخطأ في تنبؤه؟.

دعونا الآن نناقش موضوع الحلقات الثلاث التي أشرت لها أعلاه. أستسمح القارئ العزيز من تكرار بعض الفقرات التي كنت قد قلتها في مقالات سابقة, وأكرر بعضها مجدداً, لكي يعرف الأستاذ وحيد والقائمون على قناة الحياة حقيقة وجود بعض الطوائف المسيحية وعلى الأخص النساطرة الذين يزعمون أنهم من بقايا الآشوريين القدماء في كوردستان. والنقاط الأخرى التي طرحناها في سياق الحلقة الثانية من هذا المقال اقتبسنا جانباً كبيراً منها من كتابي(كوردستان في سنوات الحرب العالمية الأولى) تأليف الدكتور(كمال مظهر أحمد) و        (علاقة الأكراد بمذابح الأرمن) للأستاذ (محمد خليل أمير).                                                                            في بداية الحلقة وقبل أن يتحدث الاستاذ عن الأرمن الذين عنون الحلقة الأولى باسمهم, تطرق لأسماء  بعض الطوائف المسيحية التي تقيم في كوردستان, وعلى وجه الخصوص ما أطلق عليهم اسم الآشوريون من قبل بعض الدول الاستعمارية, وعلى رأسها بريطانيا. وزعم الأستاذ وحيد, أن هؤلاء (الآشوريون) كالأرامنة تعرضوا للقتل أبان تلك الحادثة المذكورة. بما أن هؤلاء بخلاف الغالبية العظمى  في كوردستان لهم هوية دينية خاصة, وهي الهوية المسيحية, حاول الأستاذ وحيد, كما الآخرون من أبناء هذا الدين, قبل وحيد بسنوات ولا شك في ذلك سيستمر بعد وحيد لسنوات يسبغوا عليهم مع الهوية الدينية, تلك الهوية القومية المزيفة, التي أسبغتها عليهم لأول مرة في قرن التاسع عشر البريطانيون, وقبل هذا التاريخ لم ولن تحمل هذه الطائفة الدينية هذا الاسم (الآشوريون) الذي كما قلنا في سياق المقال, إن حامله الحقيقي انقرض من الوجود عام  (612) ق.م. أما هؤلاء المتقمصون لهذا الاسم في كوردستان, ما هم إلا شريحة من بقايا الكورد المسيحيون, الذين اعتنقوا الدين المسيحي قبل مجيء الإسلام إلى كوردستان واعتناق الشعب الكوردي له بحد السيف على أيدي الأعراب القادمون من شبه الجزيرة العربية. من المؤرخين البارزين والرحالة المعروفون الذين كتبوا عن هؤلاء في كوردستان في صدر الإسلام, وذكروهم قبل أن يوسموا باسم الآشوريون, المؤرخ العربي الشهير (أبو الحسن علي بن الحسين المسعودي) المتوفى عام (346) للهجرة, أي قبل أكثر من (1100) عام حيث ذكر النصارى الكورد, وقال أن هؤلاء الكورد المسيحيين اليعاقبة والجورقان, أن ديارهم تقع مما يلي الموصل وجبل جودي يسمون بالأكراد بعضهم مسيحيون من النساطرة واليعاقبة وبعضهم الآخر من المسلمين. وجاء في الكتاب التاريخي الشهير (وفيات الأعيان) ل(ابن خلكان) المجلد الثالث ص (348), ما يلي: “هكاري موطن النساطرة, هم قبيلة من الأكراد, لها معاقل و حصون و قرى في منطقة الموصل. وذكر المؤرخ واللغوي البريطاني (وليم مارسدن) (1754 – 1836) في كتابه (رحلات ماركو بولو) ص (37) عن الرحالة الإيطالي الشهير (ماركو بولو) حيث قال عنهم: ” إن هناك شعباً كوردياً مسيحياً يسكن في جبال الموصل”. وفي العصر الحديث أكد علماء كثيرون أن الكثير من الكورد كانوا مسيحيون قبل الإسلام منهم (دافير) و (مينورسكي) و (ليرخ). تأكيداً على الانتماء القومي الكوردي لهؤلاء النساطرة, هناك بعض الأشياء المتداولة عندهم إلى اليوم تؤكد على كورديتهم, على سبيل المثال وليس الحصر, حين يحسبون الأشياء, يعدون على الطريقة الكوردية, يقولون عشرون وواحد. عشرون واثنان الخ, بينما العنصر السامي يحسب بخلاف الكورد, كالعربي الذي يقول واحد وعشرون اثنان وعشرون الخ. الشيء الآخر, إن الآشوريين القدامى تكلموا اللغة الأكدية, بينما هؤلاء النساطرة يتكلمون الكلدانية؟. والشيء الثالث, أن الزي الذي يرتدونه في كوردستان هو الزي الكوردي, لا يوجد عندهم زياً خاصاً بهم. بهذا الصدد, جاء في كتاب (طريق في كوردستان) للمهندس الإنكليزي (أي.ام. هاملتون) ص (248): ” دخل علي زعيم التياريين مالك إسماعيل وهو رجل عجوز متكئاً على ذراع ابنه وقوراً مهيب الطلعة يرتدي كعادته زيه القومي وهو الزي الكوردي؟؟؟”. و جاء في كتاب (كوردستان أو الموت في حاشية ص (91) للمؤلف (رينيه مورييس) ترجمة وتعليق (جرجيس فتح الله المحامي) المترجم من الكلدان يقول: في أبحاث انثروبولوجية أجراها الأستاذ (هنري فليدنگ) و نشرها في كتابه (انثروبوجية العراق. إقليم كوردستان) عام (1952) بمجلدين طبع جامعة هارفرد. الولايات المتحدة وهو ثمرة دراسة انثروبولوجية للمعهد الخاص التابع لجامعة هارفرد بوفد علمي قام بأبحاثه في المنطقة نفسها و يستفاد من تلك الدراسة و بنتيجة فحص وأخذ مقاسات مئات من الآثوريين تبين أن الصفات الجسمية و العرقية لهم هي عين الصفات التي لوحظت عند الكرد الباقين. وقال عنهم الأكاديمي المعروف الدكتور(أحمد سوسة) في كتابه (ملامح التاريخ القديم ليهود العراق) ص (70) ما يلي: ” إن ادعاء انحدار أصل النساطرة القاطنين في جبال كوردستان من الآشوريين القدماء ما هي إلا بدعة اخترعها الإنكليز وعلى رأسهم (ويگرام) في أواخر قرن التاسع عشر وتحديداً عام (1866) لأغراض سياسية. وكذلك يقول المؤرخ العراقي الكبير(عبد الرزاق الحسيني) في كتابه المعروف ( تاريخ الوزارات العراقية/ المجلد الثالث ص 254- 255): ” إن الإنكليز وحدهم فقط يطلقون على النساطرة اسم الآثوريين بينما الجميع يدعونهم تيارية. ويضيف الحسني: ولا علاقة عرقية لهؤلاء النساطرة بآشوريي نينوى, وإنما هم نساطرة مسيحيون. ووفق الديانة المسيحية أن هؤلاء النساطرة غير مؤمنين بل كفرة يدخلون النار. وقال عنهم اللاهوتي الكبير (البابا شنودة الثالث) (1923- 2012):” إن النساطرة الذين يتبعون نسطورس الذي حرم في مجمع أفسس لن يدخلوا الملكوت”. ويقول المؤرخ (جيمس موريس) فقد أشفـق عليهـم الإنكلـيز, بعـد انتهـاء الحرب العالمية الأولى (1914- 1918) وجلبوهـم إلى مملكة العـراق, التي تأسست من قبل بريطانيا العظمى سنة (1920). وتؤكد المصادر العديدة, أن أصل تسميتهم ب(الآثوريين) ليست لها علاقة ب(الآشوريين) الذين حكموا في العصور الغابرة, بل هي مشتقة من (الثورانيين), بالسريانية تعني (الجبليين). ويزودنا المؤرخ (عبد الرزاق الحسني) في صفحة (256) من كتابه (تاريخ الوزارات العراقية) المجلد الثالث: “إن الكولونيل الإنكليزي (ليچمان) جاءت له فكرة إسكان هؤلاء النساطرة في القرى الكوردية الواقعة على الشريط الحدودي ل(تركيا) عقاباً للأكراد الذين أعلنوا العصيان عليهم مرتين, وقد نال الاقتراح تأييد (ولسن) الحاكم البريطاني في شهر آب سنة (1920) وقد تم تكليف المبشر (وليم ويگرام) ذي الخبرة الواسعة بشؤون هؤلاء النساطرة للإشراف على تنفيذ هذه الخطة”. وجاء في المصدر المذكور في حاشية الصفحة (257) المجلد الثالث نقلاً عن التقرير البريطاني ما يلي: “قام الإنكليز بتجنيد ما يقارب ألفي فرد من هؤلاء النساطرة, استعانوا بهم في قمع ثورة العشرين (1920) في العراق وأطلقوا عليهم ( اللیڤي الآثوري- Fibrous Assyrian army )”. إن عقدة الأستاذ وحيد, هي, الإسلام والمسلمين, ولا يهم عنده أن يكون هذا المسلم ملتزم بمفردات العقيدة الإسلامية, أم مجرد مذكور في هويته مسلم, وليس له أي ارتباط عقائدي بالإسلام, ولا يؤدي فرائضه كغالبية الشعب الكوردي. لكن الأستاذ المحترم بسبب تلك العقدة التي أشرنا لها أعلاه, حشر بعض الأحداث التي وقعت في المنطقة وليس لها علاقة بما جرى للأرمن وقدمها بعنوان واحد كأنها امتداد لما حدث للأرمن, ومنها حادثة مار بنيامين شمعون وما جرى له على يد قائد الثورة الكوردستانية في شرقي كوردستان (سمكو), لم يقل الأستاذ في برنامجه للمشاهدين ماذا فعل مار بنيامين شمعون حتى أقدم قائد الثورة على تنفيذ حكم الشعب به؟ الأستاذ مثل بعض المسيحيين المقيمون في كوردستان لا يريدوا أن يفهموا, أن هذا الوطن اسمه كوردستان ومن يعيش فيه في كنف الشعب الكوردي عليه أن يحترم إرادة شعبه وحرمة وطنه, للأسف أن هؤلاء المغرر بهم لا يريدوا يعرفوا هذا, ومن هو مار بنيامين شمعون, الذي تخابر مع جهات أجنبية ضد الكورد وكوردستان حين حاول بإيعاز من مخابرات الدول الغربية بتأسيس جيش خاص بالنساطرة لكي يحارب الكورد بجانب جيوش الدول الاستعمارية, ومن أجل هذا عقد اجتماعاً سرياً في مدينة (أورومية) في قلب كوردستان مع ممثلي الأجهزة الاستخباراتية للدول الاستعمارية بالضد من تطلعات الشعب الكوردي التحررية. لكي لا يقال أننا نتهم النساطرة اتهامات باطلة, دعونا نلقي نظرة على ما قاله شاهد من أهلها وهو المهندس النسطوري (خوشابا سولوقا), في مقالاً له بعنوان ” خيانة بريطانيا للآشوريين ونكثها لوعودها لهم” هنا نتساءل, يا ترى أية وعود أعطتها بريطانيا للنساطرة في كوردستان؟. في هذا المضمار, يقول خوشابا :” وصل بلاد فارس – إيران- في 25 كانون الأول 1917 العقيد الفرنسي ” كاز فيلد” حاملاً أوامر صريحة من حكومته لتشكيل أفواج آشورية جديدة” – هذا يؤكد أن هناك أفواج آشورية, – أي نسطورية قديمة تعمل لصالح الدول الغربية بالضد من مصالح الشعب الكوردي- ويضيف خوشابا:” قام الإنكليز أيضاً بدورهم بإرسال مبعوثهم الخاص في كانون الأول من عام 1917 إلى أورميا. كان هذا المبعوث ضابط في المخابرات البريطانية ألا وهو العقيد الشهير “ف.د.غريسي. (Gracey)” وصل غريسي ومعه كما قلنا سابقاً أوامر صريحة تقضي بتشكيل فرق عسكرية آشورية مسلحة وبأسرع ما يمكن من الوقت للتعويض عن القوات الروسية المنسحبة. وعلى أثر وصول العقيد غريسي إلى أورميا عقد اجتماع موسع في بناية البعثة الأمريكية في أورميا في بداية كانون الثاني من عام 1918 وحضره كل من-: 1- ممثل أمريكا الملازم مكدافيل والدكتور شيد وزوجته رئيس البعثة الأمريكية كرئيس لجلسة الاجتماع. 2- سيادة المطران سونتاك رئيس البعثة اللعازرية. 3- السيد باسيل نيكيتين – نائب القنصل الروسي, ممثل روسيا. 4- الملازم الفرنسي كاز فيلد ممثل فرنسا. 5- الدكتور بول كوجول – رئيس البعثة الطبية والإسعاف الفوري الفرنسية في أورميا. 6- البطريرك الآشوري مار بنيامين شمعون ممثل الآشوريين .7- سورما خانم شقيقة البطريرك الآشوري عن الجانب الآشوري. 8- مبعوث حكومة بريطانيا العقيد ف.د. غريسي ممثل بريطانيا العظمى”. كانت هذه خلاصة المؤامرة قبل أن يأمر زعيم الثورة الكوردية (سمكو شكاك) (1895 – 1930), صاحب الشرعية الثورية بتنفيذ الحكم العادل بمار بنيامين شمعون عام (1918) بسبب تخابره مع جهات خارجية وعقد اجتماعات مشبوه على أرض كوردستان الطاهرة, وفي عقر دار الكورد, لكي يجلب عليهم جيوش أعدائهم من المحتلين, ماذا تريدون أن يفعل قائد ثورة تقع على عاتقه مسئولية صيانة وحفظ شعب و وطن من براثن المحتلين وأذنابهم؟.                                                                      دعونا نلقي نظرة سريعة على حياة المدعو “مار بنيامين شمعون” التاسع عشر, الذي أصبح بطريركا للنساطرة قبل أن يبلغ الحلم, في سن السادسة عشر, أي أنه حين تبوأ المنصب الكهنوتي لم يبلغ سن الرشد؟, لم يبلغ مبلغ الرجال, لكن تنصيبه بهذا المنصب الخطير, وإسباغ هالة القدسية عليه, جاء بمؤامرة خبيثة دبرها البريطانيون, وبصورة خاصة رئيس بعثة الكنيسة الإنگليكانية والتي تعرف باسم “كنيسة كانتربري” التبشيرية, الخبيث (ويگرام) مؤلف كتاب (مهد البشرية الحياة في شرقي كوردستان) الذي حاك خطة جهنمية بعد وفاة (مار روئيل شمعون) حيث رغبت الطائفة النسطورية بتنصيب المطران إبراهيم شقيق المتوفى, إلا أن الإنكليز دفعوا بابن شقيق الثاني للمتوفى الذي لم يتجاوز السادسة عشر من عمره و جعلوه زعيماً دينياً ودنيوياً للنساطرة, لأن البريطانيين أرادوا منه أن يعمل وفق ما يملون عليه, وهذا ما صار, حيث أصبح الطفل اليافع بقدرة بريطانيا العظمى السيد الديني والدنيوي للنساطرة. أدناه صورة لمار بنيامين شمعون حيث توشح صدره النياشين والأوسمة التي منحته إياه الدول الاستعمارية؟؟.

كالعادة تكلم الأستاذ وحيد بطريقة مريبة عن ما جرى بين النساطرة وحكومة الأمير بدرخان باشا (1802-1868) أمير إمارة بوتان, بينما الحقائق التاريخية لا تقول هكذا. إن إمارة بوتان كانت دولة, مثل إمارة الكويت, والإمارات العربية, وكانت قائمة منذ العهد الأموي, وكانت لها عملتها الخاصة بها, وسياستها المحايدة. إن العديد من الأرمن حازوا على ثقة بدرخان باشا وكانوا مستشارين في إمارته منهم (ستيبان مانوغليان) و (أرغانيس جالكزبان) وكان (مير مارتو) الأرمني قائداً لإحدى فصاء جيش الإمارة. إلا أن النساطرة وبتحريض من البريطانيين الخبثاء امتنعوا عن دفع الضرائب للإمارة, فما كان من أمير البلاد إلا أن يخضعهم لحكم القانون. حتى أن الدولة العثمانية كانت تعرف هذا جيداً. لقد نشرت في حينه جريدة (التلغراف) التركية الصادرة بتاريخ (22) تشرين الأول عام (1340) هجرية المصادف ليوم الأربعاء تحت رقم (128) مقالاً بعنوان (النسطوريون) باسم الأديب (سليمان نظيف بك) قال فيه: “النسطوريون قوم سكنوا حتى آخر خلافة السلطان عبد المجيد في جزيرة بوتان تحت رعاية بگوات الأكراد. امتنعوا عن دفع الضريبة المتفق عليها منذ القديم للأكراد بتشويق من الإنكليز, وكان رئيس البكوات حينذاك الأمير بدرخان”. وجاء في كتاب للمؤلف ك.م. ماتفيف (بارماتاي) بعنوان المسألة الآثورية خلال الحرب العالمية الأولى وبعدها, طبع موسكو ص (62) يقول:” وحتى الروس والإنكليز استغلوا المسيحية وخاصة الآثوريين ضد العشائر الكوردية.. .                            عزيزي القارئ, أعلاه ومن خلال المصادر بينا, أن هؤلاء المسيحيون في كوردستان باستثناء الأرمن هم شرائح كوردية, إلا أن الاستاذ وحيد بدافع النعرة الدينية حاول أن يجعلهم قومية قائمة بذاتها, وحتى في هذا أخطأ خطأ كبيراً حين جعل السريان والآشوريين حسب تسميته لهذه الأخيرة قومية واحد, أنا ومن هنا اتحداه, ليذهب إلى أية كنيسة سريانية ويقول لهم أنكم آشوريون, أنا واثق كل الثقة, أنه سوف يلاقي منهم ما لا يرضيه. وأيضاً بدافع التعصب الديني, وصف بعض المناطق في نينوى على إنها مناطق مسيحية, ثم زعم ,إنها الآن مناطق كوردية بعد المذابح. لا تعليق, لأني أثبت له ولغيره في سياق المقال, أن هؤلاء المسيحيون ما هم إلا شرائح كوردية وتحديداً في المناطق التي ذكرها. وزعم الأستاذ وحيد: قام الأمير الكوردي محمد راوندوزي بعدة مجازر استهدفت المسيحيين واليزيديين – الإيزديين- في برواري وسنجار – معرب شنگال – وهكاري وبوهتان – بوتان – أولاً أن جميع أسماء هذه المدن والمناطق التي ذكرها كوردية 100% ثانياً أن الأمير أراد بسط نفوذ حكومته على أراضي كوردية بقوة السلاح. لو نفرض جدلاً أن المسيحيين كما تزعم ليسوا كورداً ألا أن الإيزديين كورد أصلاء, رغم هذا قام الأمير بقتل المئات منهم, ونحن ندينه لأنه أراد فرض عقيدة ما عليهم بالقوة. بما أن الاستاذ وحيد يجهل الخصوصية الكوردية, وقع في هفوة معيبة حين عرض في الحلقة الثانية في دقيقة (33) صورة فوتوغرافية على إنها للمسيحيين وخلفهم جنوداً من الأتراك يستعدون لقتلهم, لا يعرف الأستاذ أن الأزياء الكوردية حسب القبائل وتضاريس مناطق كوردستان تختلف من منطقة إلى أخرى, وهذه الصورة هي لأناس من الكورد في جنوب كوردستان (العراق) التقطت اثناء الاجتياحات التركية المتكررة لأراضي كوردستان. وعن إقامة الكثير من النساطرة في كوردستان, يقول الأب (اغناطيوس ديك) في كتابه الشرق المسيحي, طبع بيروت سنة (1975) ما يلي:” إن النساطرة الذين نجوا من مذابح السفاح تيمور لنگ سنة (1336-1405) ميلادية الذي قضى على جماعاتهم في إيران و العراق لاذوا بالفرار إلى الجبال في مناطق كوردستان وقرب بحيرتي أرومية و وان.. . لاحظ عزيزي القارئ, أن هذا العالم الدين المسيحي, يقول أنهم بعد المذبحة هربوا إلى المناطق الوعرة في جبال كوردستان, وهذه طريقة كوردية منذ الأزمنة الغابرة, حين يتلقوا الضربات من أعدائهم يلجئون إلى جبالهم للنجاة من الموت, وقيل قديماً, ليس للكورد صديق غير الجبل.                                                                               في هذه الحلقة اكتفي بهذا القدر, للزيادة راجع مقالاتنا التالية: 1- إنه الثائر الكوردستاني (سمكو شكاك) يا سيد تيري بطرس. 2- سمكو شكاك، ثائر كوردستاني أرعب محتلي كوردستان وأذنابهم في حياته ومماته. 3- الطائفة النسطورية.. من الهرطقة الدينية إلى الهرطقة التاريخية.4- قصة (الوثيقة) الدونية التي يرويها المدعو البرت ناصر. 5-  ادعاءات النساطرة (الآثوريون) بين الانتساب إلى الآشوريين وخيال الانتماء إلى العراق. ومقالات أخرى في هذا المضمار.

محمد مندلاوي

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *