ما نتوقَّعُه بل ما نتمنّاه من الرابطة الكلدانية / بقلم يوسف يوحانا

 

 

لا يخفى على أحدٍ أن شعبنا العراقي يمُرُّ بمُحنةٍ  قاسية جداً منذ سنتَين ولا زال  يخوض حرباً ضارية ليخرج  منها وينعم بحريتِه التي صادرها التنظيم الإسلامي البربري منذ احتلاله ما يقرب من ثلث الأراضي العراقية  بتشجيع  ودعم  الدول الإسلامية وأبرزها  تركيا  والسعودية  وقطر ودول خارجية  اخرى. وها هو الشعب العراقي اليوم يُحاول بكُلِّ قِواه لإخراج المُحتل الفاشي من المناطق المستولى عليها ليتفرَّغ بعد ذلك لوضع حَدٍّ للصراع الداخلي القائم بين مكوناته الكبرى المتمثلة بالعرب الشيعة والعرب السنة والأكراد والذي أخذ الطابع الطائفي والمذهبي والقومي، فكان من نتائجه تفشّي الفساد المالي في صفوف مسؤولي الدولة الكبار وحتى الصغار الى جانب سريان ظاهرة الرشوة بين الموظفين الحكوميين على اختلاف درجاتهم، ولنا الأمل بأنَّ هذا الوضع الغير الطبيعي السائد في العراق اليوم أن ينتهي قريباً، لكي يستعيد أبناؤه كرامتهم المهدورة، وينعموا بالأمان والإستقرار اللذين طال غيابهما .

 

بعد هذه المقدمة نعود الى موضوعنا الرئيسي وهو موضوع الرابطة الكلدانية، ولسنا نُبالغ إذا قلنا بأنَّ الشعب المسيحي العراقي قد ابتُليَ بالخلافات القومية والمذهبية التي برزت بين صفوفه بعد التغيير السياسي الذي حصل منذ نيسان عام 2003 وبدأت تتفاقم بسرعة، وراحت  كُلُّ فئة من فئاته تدعي أنها هي الأولى بتمثيل المسيحيين، فهناك مَن إدّعوا بأنهم آشوريون وآخرون نادوا بأنهم كلدان والبعض إدَّعوا بأنهم سريان، فقام مُدَّعو الآشورية بحبك المؤامرات وطرح تسميات غريبة وعجيبة لا صلة لها بالتاريخ منها على سبيل المثال ” كلدو آشور” وإذ رُفضت استبدلوها بتسمية هجينة مركبة لم يذكر التاريخ مثيلاً لها وهي ” كلدان أشوريون سريان” إنها تسمية مركبة سمجة لم يعترف بها الكلدان أصحاب الرقم الأصعب في المُعادلة القومية، وقوميتهم الكلدانية هي القومية الوحيدة التي تتمتع بمقومات القومية، أما الآشورية فهي تسمية مناطقية تبنتها الدولة الآشورية البائدة وأطلقتها على الأقوام الخاضعة لسلطتها، وقد تبناها الآشوريون المعاصرون زوراً وبهتاناً، إذ لا صلة لهم بها مِن أي نوع، لأنهم يعودون بجذورهم الى الكلدان الذين فضل أسلافهم الإنعزال عن قومهم والإنزواء في منطقة جبال هيكاري في تركيا وهضاب اورميا في ايران، فعرفوا بالكلدان النساطرة من قبل  الشعوب التي كانت تُجاورهم وهم الأكراد والإيرانيون والأتراك، ولم يمضِ على لجوئهم الى العراق إلا قرناً واحداً أي نهاية الحرب العالمية الأولى. أما السريان فهي تسمية دينية تعني المسيحيين.

 

وبالرغم من كُلِّ ما ذكرناه أعلاه، وبكُلِّ صلافة الشاعر بعقدة النقص، استمات دُعاة الآشورية المُعاصرون وتجاوزوا حقيقة واقعهم المُخزي ونسوا أنّهم جماعات قد طُردوا من مقرِّ سكناهم في تركيا وايران، و خشية أن يُقضى على بقاياهم بعد أن خسروا أكثر من نصف عددهم خلال الحرب العالمية الأولى التي خاضوها الى جانب أسيادهم الإنكليز ضِدَّ الدولة التركية التي كانوا يعيشون ضمن أراضيها، بادر الإنكليز فنقلوهم الى العراق المُنتدَب مِن قبلهم كلاجئين وقتيين، وأمام إصرار تركيا القاطع بعدم القبول بعودتهم الى ديارهم اضطرَّ الإنكليز لإجبار الحكومة العراقية الفتية آنذاك بأن تقبلهم في العراق، ففرح بهم إخوتهم الكلدان وبادروا الى الترحيب بهم وتقديم كُلِّ ما يستطيعون لمساعدتهم، ولم يخطر ببالهم إطلاقاً أن هؤلاء اللاجئين سينسوا فضلهم، ولكم كانت خيبة الكلدان كبيرة عندما اكتشفوا عنصر الخيانة المستحوذ على عقولهم بقوة ضِدَّهم وكأنَّ الكلدان هم الذين اعتدوا عليهم وأبادوا نصف عددهم وليس الأتراك والإيرانيون والأكراد بتخطيط انكليزي بحت.

 

وبعد التغيير السياسي الذي جرى في العراق عام 2003 رأى الكلدان تآمر هؤلاء الإخوة الأعداء واضحاً ضِدَّهم، مُستخدمين كُلَّ الوسائال الإفترائية الإلتوائية للإنتقاص من كرامتهم وإنكار قوميتهم بل ذهبوا الى أبعد من ذلك حيث بكُلِّ وقاحة أنكروا وجودهم وتاريخهم، وجعلوا منهم تابعين لهم، كاشفين عن حقدهم الدفين وتآمرهم المُهين، فانبرى لهم الكلدان وطرحوا الحقائق بشكل مُبين، إلا أنَّ الواقع العراقي الذي تمخض بعد التغيير بظهور الأحزاب الطائفية والمذهبية التابعة لمكونات الشعب العراقي الكبرى وبروز الصراع اعلاميا ودموياً من أجل الإستحواذ على السلطة، لم يُفسح مجالاً للإطلاع على ما يقوم به الآشوريون المزيفون ضِدَّ الكلدان، فتمادوا في غِيِّهم وحرموا الكلدان من حقوقهم القومية والوطنية، ولا زال مسعاهم التآمري مستمراً.

 

وفي عام 2013 تسلَّم الرئاسة الكنسية الكلدانية الأولى غبطة أبينا البطريرك مار لويس روفائيل الأول ساكو، فتناسى كُلَّ ما اقترفه دُعاة الآشورية من سوءٍ بحق الكلدان آملاً أن يفتح صفحة جديدة مع رئاستهم الدينية العليا بكُلِّ صفاء نية، فيبدأ معها مفاوضات الوحدة الكنسية من حيث انتهت في أواخر تسعينات القرن العشرين الماضي، وقد بذل في سبيل ذلك جهوداً كبيرة، ولكن للأسف الشديد جوبهت مبادرته برفضٍ صارم عن طريق وضعهم شروعاً تعجيزية لا يمكن قبولُها على الإطلاق، ومع ذلك كرَّر غبطته المحاولة ثانية وثالثة، وفي الأخير قطع الأمل، ولم يرَ مناصاً إلا بحصر اهتمامه بشعب امته الكلدانية الشعب الوحيد الذي يجب أن يعتمد عليه ويثق به، وبعد تفكير ودرس عميقين، عَنَّت له فكرة إنشاء مؤسسة قومية يكون من مهامها بناء البيت الكلداني من جديد على أسُسٍ قوية وثابتة، فكان أن اقترح قبل سنة تأسيس ” الرابطة الكلدانية” وتم ذلك في حينه، فانتخب لها رئيس ونائب الرئيس ورؤساء الفروع وتكون مدة خدمتهم لسنة واحدة وبعدها يُعقد مؤتمرها العام الأول، وقد تقرَّرَ أن يُعقد في شهر ايلول القادم لهذا العام2016 ، وسيكون بعون الله وهمة المُشاركين به ناجحاً ويجعل الرابطة الكلدانية مؤسسة كلدانية صرفة تعمل كوادرها المنتخبة بكُلِّ قوة واندفاع وفي كُلِّ الأصقاع التي يتواجد بها الكلدان مُحقِّقة كُلَّ ما يؤول لخير الكلدان وصون حقوقهم .

 ويُسعِدنا أن نسجِّل أدناه رأينا المتواضع بكُلَّ ما نتمناه أن تقوم به الرابطة الكلدانية متمتِّعة بصلاحيات العمل بالكامل:

 

1-أن تتمتَّع برأي مستقل غير خاضع للإملاءات وغير مُبال بالإنتقادات التي قد يشنُّها المُعادون للكلدان.

2-عدم الإعتراف بالتسمية المركبة الهجينة المخترعة “كلدان سريان آشوريون ” لطمس الهوية الكلدانية.

3-أن تعمل بقوة لتصعيد ما لا يقل عن ثلاثة نوابٍ في الإنتخابات القادمة الى البرلمانين الإتحادي والإقليمي.

4-العمل على استرداد موقع الكلدان بأنهم القومية الثالثة في العراق بعد القوميتين العربية والكردية.

5-عدم القبول بتمثيلنا في البرلمانَين من قبل أفراد غير الكلدان بل نُريدهم كلداناً مُخلصين لا مُزيَّفين.

6-الشعب الكلداني يعتبر كنيسته الكلدانية الكاثوليكية أماً ومعلِّمة، وأنها كلدانية القومية بكافة أفراد وكوادر إيكليروسها .

7-الشعب الكلداني لا يُطالب كنيسته أن تلعب دوراً سياسيا عن طريق تعيين أيٍّ من كادرها  في مؤسسات الدولة او البرلمان، بل لها أن تُمارس دوراً إرشادياً لأبنائها السياسيين.

8- على الرابطة أن تتبنّي العلم الكلداني والنشيد الوطني الكلداني، لأنهما ضروريان للشخصية المعنوية للرابطة الكلدانية.

9-السعي الى تكوين لوبي كلداني رفيع المستوى في كُلِّ دولة يكون فيها التواجد الكلداني كثيفاً ولا سيما في الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي.

10-المطالبة الجادة بتعويض المُهجرين من الموصل وقرى سهل نينوى من قبل التنظيم الإرهابي داعش.

 

في الختام نتمنّى للرابطة الكلدانية كُلَّ الموفقية في مهامها التي تأسَّست من اجلها، وهي خدمة الشعب الكلداني بتحقيق تطلُّعاته وطموحاته.

 

الناشط الكلداني

يوسف يوحانا

7 / 7 / 2016  

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *