ما الفرق بين القنصلية العراقية في طهران والقنصلية العراقية في استوكهولم يا سعادة القنصل في أرض لون القطن؟! بقلم محمد مندلاوي

بادئ ذي بدء دعونا نعرف باختصار ما هي واجبات القنصل, التي يجب عليه القيام بها على أكمل وجه. المعروف لدى غالبية المواطنين, أن القنصل هو شخص موظف في الدولة, تبعثه حكومة بلاده إلى دولة أخرى, لرعاية مصالحها ومصالح مواطني بلاده, وتقديم الخدمات لهم في الدولة المضيفة. إن واحدة من هذه الخدمات و الواجبات الأساسية التي تقع على عاتق القنصل والقنصلية والقيام بها دون تمييز بين مواطني بلده من أي جنس أو دين كانوا, هو قبول طلب المواطن للحصول على جنسية بلاده.

إن البيت القصيد في هذه المقالة, هو طلب إعادة جنسيتي العراقية التي أسقطت عني بقرار عنصري جائر حمل رقم 666؟ الصادر عام (1980) من قبل حزب البعث المجرم ورئيسه المقبور صدام حسين. وبعد تحرير العراق من براثن البعثيين الأوباش على يد الرئيس الأمريكي (جورج بوش) الابن, وتأسيس جمهورية العراق الاتحادي من إقليمين عربي وكوردي حيث أصدرت الحكومة العراقية عام (2003) مادة رقم (11) من قانون إدارة الدولة العراقية, التي منعت بموجبها إسقاط الجنسية العراقية عن أي مواطن عراقي, وأمرت بإعادة الجنسية العراقية تلقائياً لكل مواطن عراقي أسقطت عنه في زمن حكم حزب البعث العنصري المجرم, وهذا القرار ألغى قرار 666؟ التعسفي الظالم, الذي أصدره ما سمي بمجلس قيادة الثورة المنحل. للعلم, أن جميع القوانين والقرارات التي أصدرها مجلس الحكم في حينه انتقلت بصيغة وأخرى إلى الدستور الاتحادي الدائم الذي صوت عليه 85% من الشعب العراقي عام (2005) باستفتاء شعبي بنعم.

بناءاً على هذه المعطيات الأساسية وتشجيع ابن عمي الذي أعاد جنسيته العراقية من القنصلية العراقية في طهران وحديث لوزير الهجرة والمهجرين العراقي السابق عبد صمد سلطان مع ” راديو سوا” الذي قال فيه:” أن البرلمان العراقي ألغى القوانين والقرارات التي صادر النظام بموجبها الجنسية عن الكورد الفيليين, قائلاً: أنه ألغى القرار التعسفي 666 والآن بدأت الجنسية والدوائر التابعة بمنح الجنسية للكورد الفيلية, وعلى الكوردي أن يسارع في الحصول على الجنسية لكي يكون له الدور في الحياة السياسية” وكذلك التشريع الخاص الذي أصدره لإعادة الاعتبار إلى الكورد الفيلية استناداً إلى قرار المحكمة الجنائية العراقية العليا بتأريخ 29 11 2010 القاضي باعتبار قضية الكورد الفيلية من جرائم الإبادة الجماعية وقيام الحكومة العراقية بواجباتها القانونية والدستورية والدولية من أجل رفع جميع الآثار القمعية والأضرار الجسيمة عن هذا المكون العراقي الأصيل. وقال البرلمان في تشريعه: إعادة الجنسية العراقية إلى الكورد الفيليين وفق القانون دون أي تشكيك بهويتهم الوطنية, على أساس التبعية ورفع أي شارات فيها لأسباب سياسية أو قومية أو مذهبية أو عنصرية. بعد كل هذه القوانين والقرارات والكلام المعسول لسيد وزير الهجرة والمهجرين السابق, فلذا قلت في نفسي, لأراجع القنصلية العراقية في استوكهولم كي أعيد جنسيتي التي سلبت مني في دائرة الأمن العام في بغداد بالتهديد والوعيد, حين طلب مني ضابط الأمن التوقيع على كتاب رسمي صادر من الجهات الأمنية, وحين قرأته على وجه السرعة رأيت فيه نصاً مكتوباً بهذه الصيغة ” قبض عليه لكونه إيرانياً” فلذا امتنعت عن التوقيع, سألني لماذا لا تمضي, قلت له مكتوب هنا إيراني, وأنا لست إيرانياً, أنا كوردي من مدينة مندلي, وعراقي حسب الأوراق الرسمية التي أحملها والصادرة من السلطات العراقية, ثم سألني, لنفترض أنت لست إيرانياً كما تقول, ماذا تقول عن والدك, قلت له هو أيضاً عراقي الجنسية, قال جدك, قلت له هو أيضاً عراقي الجنسية, ثم قال بعصبية أبو جدك, قلت له أستاذ, أنت تريد توصلني لآدم أبو البشرية, حقيقة لا أعرف جنسية أبو جدي, قال إذاً تعال امضي, ولم يكن أمامي إلا تنفيذ ما طلب مني ذاك البعثي العنصري العاق. وبعد السين والجيم أعادوني إلى القاعة التي احتجزت فيها مع العشرات من الشباب الكورد في مديرية الأمن العامة سيئة السيط والسمعة, وبعد مرور فترة عصيبة على احتجازي عند الأوباش, وفي صبيحة يوم مشئوم ومنحوس مثل وجه قائد الضرورة, ابن قرية العوجة, تم تهجيري مع ثلة من شباب الكورد الغيارى إلى إيران, بعد أن جردونا من جميع الوثائق العراقية التي كانت بحوزتنا, كالجنسية العراقية والهوية الشخصية والدفتر الخدمة العسكرية, التي أعفيت منها ولم أخدم فيها يوماً واحداً بسبب العاهة التي في إحدى قدمَي. عزيزي القارئ, بما أنني قومي كوردي, لم تكن حياتي في إيران أفضل مما كانت عليها في العراق, حيث كانت مليئة بالمضايقات والاستجوابات والمراقبة, بسبب وجود عملائها الذين اندسوا بين المهجرين الكورد ولفقوا عني و عنهم لدى السلطات الإيرانية قصص كيدية من نسج الخيال, تماماً كما نسمع الآن عن تلفيق المخبر السري في المدن العراقية, لكن للحق أقول, رغم مضايقاتنا, ألا أن السلطات الإيرانية, لم تأخذ دائماً بوشاياتهم الكاذبة عنا وإلا كنا الآن في عالم اللا عودة.

كي لا نطيل على القارئ الكريم, دعونا ننقل لكم بكل صدق وأمانة ما جرى معي داخل القنصلية العراقية في استوكهولم في تاريخ 14 12 2015. مما لا شك فيه, أن جميع شعوب العالم لديها معلومات جمة عن التطور والتقدم الموجود في جميع مفاصل دولة السويد, وكذلك الرفاهية والسعادة التي ينعم بها شعبها الأبي, الذي حول أرض الصقيع إلى جنة النعيم, فلذا تلجأ إليها الناس من جهات العالم الأربع, ألا أنك حين تضع قدمك داخل القنصلية العراقية, تنسى إنك في دولة السويد وبين شعبها المتحضر, الذي ليس لديه أمي واحد, وعندهم التعليم إلزامي حتى الصف الثالث المتوسط, حيث يواجهك صخب و ضجيج ولا مبالاة لم ترى أو تسمع مثلها من قبل, إلا في دوائر جهورية العراق, أو في مقاهي بغداد الشعبية, أو في حمام النسوان عند انقطاع الماء. وعلى صعيد تصميم القنصلية من الداخل, لا يختلف قيد شعرة عن تصميم الدوائر العراقية البدائية للغاية, حين يواجهك الموظف وهو جالس خلف حاجز زجاجي وفيه ثقب بحجم الأذن, يصعب عليك أن تسمع جواب الموظف على سؤالك, من كثرة الضوضاء التي تعم المكان الضيق جداً. وفيما يتعلق بتعامل موظفي القنصلية مع المواطنين, لا يختلف شيئاً عن النمط البدائي لتعامل الدوائر العراقية مع المواطنين, حيث يفتقد موظف القنصلية إلى تعليمات إدارية تدخل في صلب وظيفته. مثلاً, حين جاء دوري وسألني الموظف عن طلبي, قلت له: أني مهجر من العراق سنة (1980) إلى إيران ونظام صدام حسين جردني من جميع وثائقي العراقية, الآن أريد إعادة الجنسية العراقية, قال: نحن لا نصدر جناسي, يجب عليك توكيل محامي لكي يدافع عنك. قلت له: أن ابن عمي أعاد جنسيته العراقية من القنصلية العراقية في طهران دون أي محامي. قال: هذا غير ممكن. قلت له: هذا ابن عمي وأنا واثق مما أقول. قال: انتظر لحظة سوف أسأل القنصل. ذهب إلى القنصل وسأله عن طلبي, ألا أن القنصل.. كرر نفس الكلام الذي سبق وقاله لي الموظف. تركت القنصلية وعدت إلى بيتي, قلت في نفسي, عسى أن أكون مخطئاً, وابن عمي لم يحصل من القنصلية العراقية في طهران على جنسيته العراقية, ولذا اتصلت به في المساء, واستفسرت منه مجدداً عن إعادته للجنسية العراقية, قال لي: أنا حصلت على جنسيتي العراقية من القنصلية في طهران, وإذا تريد أبعث لك نسخة مستنسخة منها بالبريد. يا ترى ماذا يقول سعادة القنصل العراقي في استوكهولم الآن؟. لماذا لا يتصل القنصل بالخارجية العراقية لكي تزوده بمعلومات صحيحة وسليمة عن أداء واجبه الوظيفي؟. يا ترى من المسئول عن هذا التسيب والإهمال وعدم الاهتمام بشؤون المواطنين!!, أ هو سعادة القنصل؟؟, أم من هو على رأس وزارة الخارجية العراقية؟؟, ألا وهو الدكتور إبراهيم الجعفري. إن المضحك المبكي في آن واحد, أثناء وجودي داخل القنصلية, سمعت رجلاً مُسناً بدا عليه الإعياء والتعب وهو يتكلم مع أحد موظفي القنصلية يقول له: أنا جئت من مدينة (لوند) في جنوب السويد حيث تبعد عن العاصمة استوكهولم (700) كيلو متر, قال له موظف القنصلية: لا أستطيع أن أعمل لك شيء, أن معاملتك ضاعت, لم نعثر عليها!!. عجبي, في السويد وفي عصر الكومبيوتر معاملة تضيع!!!.

نحن أبناء الجالية الكوردية في المهجر, نطلب من وزير خارجية العراق الدكتور (إبراهيم الجعفري) أن يعطي تعليمات صريحة وواضحة لموظفيه لكي يكونوا على قدر المسئولية التي يتبؤونها. كيف بقنصل… لا يعرف أن الجنسية تعاد للمهجر من القنصلية أم لا!!. نحن كمواطنين عراقيين رسمياً, وكوردستانيين انتماءاً, نقول لرئيس مجلس الوزراء العراقي الدكتور (حيدر العبادي) والمسئولين في الكيان العراقي الاتحادي, إذا تعدوننا نحن الكورد مواطنين من درجات دنيا,ولا تستسيغوا رؤيتنا,لأننا حسب اعتقاداتكم… من نسل غير بشري فلذا, الأفضل لكم ولنا, أن تفكوا الرابطة مع إقليمنا الكوردستاني لكي نكون على بينة من أمرنا, وحينها أما أن نقبل بعنجهيتكم ونبقى ضمن الاتحاد الذي ليس له وجود في ثقافتكم, وأما أن نعلن دولتنا الكوردستانية أسوة بدول العالم ونتحمل جميع تبعاتها. لأننا نرفض رفضاً باتاً أن نكون دون محيسن؟ كما رفضنا في زمن المقبور صدام حسين أن نكون دون أنس؟.    

           

   

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *