ماذا بعد المؤتمر القومي الكلداني العام؟

بعد نجاح المؤتمر وتحقيقه لمعظم أهدافه التي جاءَت ثمرة الجهود الكبيرة التي بذلها الجميع، بدءاً باللجنة التحضيرية التي تشكَّلت من أعضاء ينتمون الى الأحزاب السياسية الكلدانية والمستقلين من المُهتمين بالشأن القومي الكلداني للإعداد له بشكل جدّي ومدروس. ولذلك اختاروا له وبالإجماع شعاراً اختزلوا فيه آمال شعبهم وتطلعاته، ألا وهو <وحدتنا ضمان لنيل حقوقنا القومية والوطنية> لم يأتِ ذلك اعتباطاً وإنما نتيجة عِبرٍ ودروس اختبرها مثقفو الكلدان وسياسيوه ومفكروه خلال مرحلة ما بعد التغيير السياسي الذي حصل في العراق في نيسان 2003 وتعرَّض الكلدان فيها لمقاومة شرسة من قبل فئات عديدة أبدت عداءً لهم غير مبرِّر على الإطلاق، متعمِّدة إبعادهم عن الساحة السياسية بكُلِّ الوسائل والسُّبُل الملتوية، فولَّدَ هذا الموقف العدائي ردَّ فِعلٍ مؤثِّر لدى الكلدان، فعقدوا العزم لعقد مؤتمرعام لبحث نقاط الضعف لديهم التي أدَّت بهم الى هذا الوضع الذي لا يليق بهم!

كانت الطروحات التي وضعت على طاولة المؤتمر تُناقش بحوار جادٍ وعميق، تجلَّت فيه الصراحة مشوبة برغبة شديدة وعزم أكيد لتجاوز الماضي الذي سادته الأنانية والإنفرادية بالعمل، والتوجُّه نحو العمل الجماعي الذي يتكامل بتوحيد الخطاب القومي والسعي المُثمِر بعيداً عن المصالح الحزبية الضيقة التي لا تُجدي نفعاً، فكان الإقبال على تبنّي هذه الأفكار والمُقترحات ذا صدىً واسعاً، تجاوب له أحزابنا السياسية الأربعة فانبثق <اتحاد القوى السياسية الكلدانية> وبقدر ما كنا نتصوَّره صعباً وبعيد المنال، جعلته النيات الصادقة والرغبة المتوقدة لدى ممثلي أحزابنا السياسية سهلاً ومتيسراً، فهنيئاً لأبناء الشعب الكلداني بهذا الإنجاز العظيم، ورغم أنَّ كافة المؤتمِرين دفعوا بجهودهم نحو هذا الإتجاه، إلا اننالا يمكننا إغفال جهود أعضاء المنبر الديمقراطي الكلداني الموحد راعي المؤتمر المُميَّزة للوصول الى هذه النتيجة المرضية!

إن انبثاق اتحاد القوى السياسية الكلدانية كان الهدف الأول من أهداف المؤتمر، وكما يُقال ليس الوصول الى القمة هو المهم ولكن الأهم هو الثبات في القمة! ولذلك نُهيب بشعبنا الكلداني الحبيب أن يمُدَّ اتحاده بكُلِّ أسباب الصمود والبقاء في القمة، حيث تنتظره مهام عسيرة وجسيمة عليه خوضَها بجدارة ليصل الى أهدافه المرجوّة، وأكبر تجربة له هي دخولُه الى الإنتخابات المقبلة بقائمة موحَّدة واحدة، وستكون هذه خطوة اولى إذا اجتازها بنجاح ستقوده الى خطوات اخرى ذات مفعول عملي هو القيام بدور مؤثر في توجيه القرار السياسي على صعيدَي الوطن والمهجر! وبذلك يُصبح الممثل الوحيد للكلدان والمعبر عن آمالهم وطموحاتهم في الوطن الأم وخارجه.

والإتحاد بحد ذاته كان مطلب الكلدان منذ زمن بعيد، لأنه الحجر الأساس في بناء البيت الكلداني، ومتى ما اكتمل البناء على ركائز ثابتة لن يعبأ بهبوب العواصف مهما كانت عاتية حيث يتحداها ولن تنال منه مأرباً ويكون بوسع أهله مساعدة إخوتهم في حالة احتياجهم إليهم، لأنّهم قد أصبحوا في وضع يؤهلهم لمَدِّ يد العون لهم، وبحسب أسُسٍ مدروسة وضمانات متبادلة ركيزتها العدالة والمصداقية. الكلدان هم الساعون الحقيقيون الى الوحدة والسلام، ولكنهم يمقتون الإستسلام فهم أحرار أصلاء أباة على مَرِّ الأيام! لنا يقين بأن اتحاد إخوتنا المسيحيين معنا يزيد من ثقلنا ويُعزز من دورنا، ولكن ما العمل والى متى يجب الإنتظار ليقوموا بتغيير المسار؟ لقد عمل الكلدان كثيراً وطويلاً في سبيل وحدة إخوتنا معنا ولم يبقَ في قوس الصبر والإنتظار منزع، ولا بدَّ لإتحادنا من الحراك الفوري وعدم إضاعة الفرصة في تقديم ذاته ممثلاً وحيداً للشعب الكلداني الحُر! عليه عدم التلكؤ في الدخول في تحالفات سياسية أينما تسنّى له ذلك، من أجل إبراز الهوية الكلدانية في الساحة السياسية على وسعها! عقد التحالفات الندية مع الأحزاب السياسية الوطنية العراقية.

بالرغم من أن الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية قد نأت بنفسها عن المساهمة في العمل القومي والسياسي من خلال رسائلها التوضيحية العديدة، فإني أرى من الضروي قيام الإتحاد بالتعبيرعن ثقته الكبيرة بكنيسته وإنه مهتم بالتنسيق معها ولا سيما في ظروف العراق الراهنة، وبالتأكيد أنها ستفي بوعدها بمساندة موقف السياسيين الكلدان من حيث مطالبهم المشروعة!

ليس مِن رَيبٍ بأن اتحاد القوى السياسية الكلدانية، تنتظره مهام كثيرة متشعبة وفي غاية الأهمية، ومن أهمِّها تأسيس لوبي كلداني في الولايات المتحدة أكثر منه في البلدان الأخرى التي على ممثليه في هذه البلدان السعي أيضاً بهذا المنحى، فعلى عاتقهم يتوقف التعريف بالقومية الكلدانية وأهدافها وحقوقها على النطاق العالَمي، وحينها ستستخدم المنظمات الدولية الضغط على حكومتي المركز والإقليم في العراق للتعامل مع الكلدان كمواطنين اصلاء في العراق ويتمتعون بنفس الحقوق والواجبات التي يتمتع بها مواطنو العراق الآخرون. ولذلك نرى بأن الإتحاد مُطالَبٌ بالتحرك سريعا وعلى كافة المستويات، وعلى الكلدان المستقلين مؤازرته بتقديم الدعم الممكن بكُلِّ اشكاله! الوقت يُداهمنا بسرعة فإن لم نقطعه قطعنا!

الشماس د. كوركيس مردو

في 4 تموز 2013

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *