مأساة الكلدان في العراق , من المسؤول ؟؟

كان الزلزال الذي أحدثته أمريكا في العراق مخططا له قبل 20\3\2003 ومنذ أنتهاء الحرب الأيرانية العراقية في 8\8\1988 كما أكد ذلك قائد القوات الأمريكية في العراق الجنرال “شوارسكوف” الذي ذكر في كتابه : ان الجنرال كولن باول رئيس هيئة الاركان المشتركة في عهد الرئيس بوش الاب قد طلب منه وضع خطة في العام  1988 لاخراج القوات العراقية من الكويت !! ( وهذا دليل أن أمريكا كانت معنية بتوريط العراق في الكويت)  وذلك قبل عامين من 2آب 1990 لتحقيق المصالح الأمريكية ومصلحة البلدان المؤيدة لها , وأزالة التهديدات المتوقعة ضد أسرائيل التي لم تكن تقلّ حماسة في شن الحرب من الأدارة الأ
 مريكية ذاتها ( لذلك فلم يكن غريبا تصريح ” آفي ديختر ” وزير الأمن الأسرائيلي الأسبق عن الدور الأسرائيلي في العراق بعد أحتلال عام 2003, بأنهم حققوا في العراق أكثر مما خطّطوا له أو توقعوا!! مؤكدا على أن تحييد العراق عن طريق تكريس أوضاعه الحالية, تشكل أهميّة أستراتيجية للأمن الأسرائيلي ). فشنتها تحت تسمية ( أئتلاف الراغبين) حيث أنضمت أليها قلّة من الدول الذيلية لها كأنكلترا وأستراليا والدانمرك وكوريا الجنوبية وبولندا, بينما عارضتها معظم الدول المهمة الأخرى من بينها  , كندا, بلجيكا , روسيا , فرنسا , الصين , ألمانيا , سويسرا ,الهند , أندنوسيا , ماليزيا , ال
 رازيل , المكسيك , وفي مقدمتها دولة الفاتيكان ,وعمّت العالم بأجمعه تظاهرات وحتى في أمريكا ضد الحرب. دون أن تؤثر قيد شعرة على ما سبق وأن خطط له بوش ومستشاريه في الأمن القومي الذين كان معظمهم من الصهاينة أو لديهم ميول صهيونية, فلم يعيروا أية أهمية لنداء الدول والشعوب وحتى الأمم المتحدة لتجنب هذه الحرب الظالمة والتي شنّت دون أية مبررا ت قانونية .
كان المسيحيون في العراق والذين يشكل الكلدان عمودهم الفقري,  وعلى مرّ الحكومات منذ تشكيل الدولة العراقية الحديثة بعد الحرب العالمية الأولى, ولأسباب أيمانية ووطنية يرفضون أي ممارسة للعنف أو للتآمر لنيل حقوقهم السياسية والقومية, وكانوا صبورين في تحمل الصعاب, لذلك عندما بدت بوادر ظهور نيّات وأهداف أمريكا والصهيونية في العراق, لم يشتركوا مع أية جهة تهدف الى مساعدة أمريكا في أحتلال العراق( أن كلمة الأحتلال هو وصف الأمم المتحدة ) ,فكانت أن أختارت أمريكا في مؤتمرها التآمري ( وليسمح لي القارىء الكريم أن أستخدم هذه العبارة , لأنها تعتبر خيانة عظمى كل
  محاولة لمساعدة دولة أجنبية في أحتلال بلده )  فقد كانت الأحزاب الآثورية فقط هي من أشترك في مؤتمر التآمرعلى أحتلال العراق وكان آخره ما دعي بمؤتمر لندن للمعارضة , وهي ( حركة بيث نهرين , والحركة الديمقراطية الآشورية , وحزب الوطن الآشوري ) وهي جميعها ترعرعت أما في مناخ الأحزاب الكردية, أو الأستعمار البريطاني.لذلك فكان الحقد الأمريكي على معظم المسيحيين في العراق بأن أهملوا عن عمد ولا سيّما عندما طالب غبطة البطريرك عمانوئيل دلّي بمقعد المسيحيين في مجلس الحكم الذي أنشأه (بريمر) بأن منح هذا المقعد لأقليّة آثورية, التي رأت نفسها بين ليلة وضحاها في موق
  لم تكن تحلم به وبدلا من أن تكون فعلا ممثلة لجميع المسيحيين في العراق, أستغلت وضعها الجديد في محاولة لألغاء أكبر قومية مسيحية في العراق (الكلدان) لتكبير حجمها بأساليب غير نزيهة بأدعائها تارة أن الكلدانية هو مذهب ديني وليست قومية, متناسية أن الكلدان كانوا السكان الأصليين لهذا البلد حتى قبل الديانة المسيحية , وتارة يحاولون دمجهم بالأحزاب الآشورية بحجة الوحدة , ولم يكتفوا بالأستناد على المحتل فقط , بل حاولوا عن طريق الأحزاب الكردية وبالذات من السيد سركيس آغا جان القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي قدّم نفسه كمدافع عن حقوق المسيحيين ف
 ي العراق وقيامه ببعض مشاريع الأسكان وتعمير قسم من الكنائس لكسب ود بعض من رجال الدين المسيحيين الذين صدّقوه بحسن نيّة , سرعان ما ظهرت الأهداف الحقيقية من هذه المساعدات بتهميش القومية الكلدانية ولصهرها في بودقة الأحزاب الآشورية , مستغلا منصبه كوزير مالية الأقليم وصرفه  الأموال ببذخ ودون رقيب, سواء في أنشاء قناة عشتار التي حادت عن الأهداف التي أعلنتها في بداية تأسيسها لتصبح بوقا لتنفيذ خطط وأجندة الأحزاب الآشورية , أضافة الى ظهور مجموعة من الأنتهازيين والنفعيين الذين سال لعابهم للأموال الطائلة التي يجري صرفها دون رقابة مالية فأندفعت تقدم خ
 ماتها ضاربة عرض الحائط كل القيم والمبادىء التي هي عنوان شخصية الأنسان , وأن كانوا أساسا بلا مبادىء وقيم سابقا !! وكانت المؤامرة الكبيرة هي محاولته ألغاء القومية الكلدانية في دستور الأقليم , خلافا لما هو مثبّت في الدستور العراقي. ولكن المؤسف له هو موقف الأحزاب الكردية من الكلدان , فهم يعلمون جيّدا وزن الكلدان في دولة العراق منذ تأسيسها الحديث, ويعلمون أنهم كانوا في مختلف الحكومات المتعاقبة لهم مكانهم البارز ويحمّلون مسؤوليات هم أكفاء لها , ومخلصون في عملهم , وهم أبعد ما يكونون على خيانة الأمانة الملقاة على عاتقهم , فلماذا هذا الموقف الغير ودّ
 ي من الكلدان, وأنحيازهم الى جانب من يريد ألغاء قوميتهم, والعمل على تحجيمهم في مختلف المناسبات , كدعمهم ألغاء المادة (50) من قانون الأنتخابات والخاصة بكوتا الأقليات!! ودعمهم اللامحدود للمرشحين الآثوريين في الأنتخابات الأخيرة, ومنع مرشحوا القوائم الكلدانية حتى من نشر الأعلانات عن قوائمهم!!
في هذه الظروف رأت نخبة مثقفة من الكلدان في داخل العراق وخارجه أن ما يجري هو أعتداء صارخ على التاريخ والهوية القومية الكلدانية , فقامت بتأسيس الأتحاد العالمي للكتاب والأدباء  الكلدان من مجموعة من أبناء الكلدان يتشرفون بحمل تأييد ومحبة أخوتهم الكلدان في جميع أنحاء العالم لأنهم معروفون بين أوساط شعبهم المسيحي , ومشهود لهم بالتجرد والأبتعاد عن أية منافع مادية ومعروفون بحرصهم على تاريخ أمتهم وشعبهم الكلداني, وحبهم وأخلاصهم لوطنهم العراق ,  أضافة الى أنهم معروفون من قبل آباء كنائسهم  ولا يجمعهم الا أيمانهم بقوميتهم الكلدانية بعد أن لمسوا ما يخط
 ط له في سبيل ألغاء هذه القومية العريقة في عمق التاريخ, وبسبب ذلك قامت قيامة المطبلين والمزمرين الأنتهازيين من بعض الكلدان العاملين في خدمة أعداء القومية الكلدانية , والغريب أن هؤلاء هم أشد عداء لأبناء قوميتهم من زملائهم الآثوريين الذين في تلك الأحزاب , ولعل السبب هو شعورهم بالذنب مما يزيد أندفاعهم في العداء لأبناء قوميتهم – الكلدان .
أن الكلدان هم أصل العراق بشهادة التاريخ والجغرافيا والكتب المقدسة , وأن روحهم التسامحية تمنعهم من عدم الأعتراف أو تهميش غيرهم من القوميات , ويؤمنون أن الشعب العراقي هو شعب واحد بمختلف قومياته الكلدانية والآثورية والسريانية والتركمانية وغيرهم من مكونات العراق, وأنهم ومنذ الأزل , ولأنهم أصحاب هذه الأرض فأنهم كانوا السبّاقين في الدفاع عنها ضد أي طامع أو محتل, وبسبب مبادئهم هذه تعرّضوا في مختلف الأزمنة والعصور للأضطهادات والتهميش من قبل الطامعين الذين أستطاعوا في فترات من التاريخ من أحتلال العراق , ولكن العراق , ولأن جذوره تمتد الى أعماق التا
 ريخ , فكان ينهض مجددا , ليستعيد دوره كدولة عريقة بين الأمم, وما هذه الفترة التي يعيش فيها الا من الفترات الأستثنائية في تاريخ الأمم , لذلك فأن التطلع الى اليوم الذي يرى العراق نفسه حرا مستقلا في أرضه ومياهه وأقتصاده,  ليس ببعيد, وأن الذين يسيّرون دفّة الحكم فيه هم أبنائه المخلصين الحريصين على وحدة أراضيه , هدفهم الوحيد سيادة القانون والعدالة بين جميع أبنائه 
                       .
بطرس آدم
تورنتو- كندا

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *