ليلة بيضاء في باريس متألقة…

كل عام وفي أول أسبوع من تشرين الأول ترتدي باريس أحلى حلة وتبهر الباريسيين والسياح بما تمتلك من مجوهراتها الرائعة، ففي هذا الأسبوع تبدأ فعاليات الليلة البيضاء التي تصادف أول ليلة من عطلة نهاية الأسبوع وهي تسمى بالبيضاء لأن كل المعالم والمتاحف والمعارض تبقى مفتوحة طوال الليل للعامة مجانا.

هذه الليلة تقام على غرار الليالي البيضاء التي تقام في الدول الأسكندنافية التي يصادف أن تستمر فيها فترة الشفق الليلة كلها، لذا وللتمتع بهذه الأجواء، تقام إحتفالات وفعاليات فنية وحفلات موسيقية. أما عن باريس فيعود أصل هذه الليلة الى تولي رئاسة البلدية ولأول مرة في تأريخ باريس من قبل عمدة من الحزب الإشتراكي هو برنارد ديلانوي الذي حاول أن يترك بصماته الشخصية على العاصمة بإعلانه هذه الليلة على غرار المدن الأوربية الأخرى.

ألا أن باريس وكعادتها تحاول أن تكون الأولى في هذا المضمار لجمال بناياتها وطرقها وجسورها وما تمتلك من مقومات فنية وكوادر وقدرات هائلة في هذا المجال. ناهيك عن التعددية الثقافية التي تتمتع بها، وهي في الأصل مدينة فنية يتلاقى فيها الواقع مع الحلم، لذا فهي تحاول أيضا أن تستخدم كل زاوية من زواياها للعروض الفنية.

ففي كل نسخة من الليلة البيضاء يستدعي عمدة أو محافظ باريس فنانين مشهورين في مجال الإضاءة والعروض الفنية كي يمنحوا العاصمة ألقاً خاصا ومختلفا كل عام. أما هذا العام عهد لانارة الليلة البيضاء الى إمرأتين رائدتين في مجال الإدارة الضوئية: كيارا باريسي و جولي بيلغران. حيث بدأت الليلة بقرع الأجراس على طول العاصمة في جميع دوائر العاصمة الفرنسية. على أنغام موسيقى ستوكهاوسن الشهيرة التي يعزف فيها الموسيقيون ألحانهم داخل الطائرات المروحية مندمجة مع الضجيج الذي تحدثه هذه الطائرات على نهر السين، أقيمت الألعاب النارية بإشراف كاي كو كوانك مصمم الألعاب النارية في الألعاب الأولمبية في بكين.

أما حسن خان رائد الموسيقى الألكترونية في مصر فقد أبهج الباريسيين بمقطوعاته الموسيقية تحت تأثيرات ضوئية في العاصمة. الفعاليات كثيرة لا تعد ولاتحصى، يذكر أن الأعمال التي قدمت في هذه الليلة هي أعمال أصلية لفنانيها والتي أضفت طابعا جديدا على هذه الليلة. حتى الأطفال كان لهم نصيبهم من هذه الفعاليات ولأول مرة منذ إنطلاق الليلة البيضاء عام 2002.

تسهر باريس في ليلتها البيضاء حتى الفجر وتبقى أبواب المطاعم والمقاهي مفتوحة وحتى وسائط النقل التي تودع الشوارع عادة في الواحدة في الأيام الاعتيادية تستمر في العمل طوال الليل، ليلة جميلة تمر دون مشاكل وبطرق مدنية وثقافية، يتوق اليها الجميع عاما بعد عام لمشاهدة ما يسر الأعين ويبهج القلوب..

 

د. تارا ابراهيم- باريس

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *